حول قرار رفع العقوبات الأمريكية عن سورية

يُثمن المنبر السوري الديمقراطي القرار الصادر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 13 أيار 2025م من عاصمة المملكة العربية السعودية، والذي قضى برفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سورية منذ 3 آب 1978م.

إن هذا القرار يمثل تحولاً سياسياً مهماً يعكس الاعتراف الدولي بالدور الذي تلعبه القيادة السورية في إعادة تشكيل مستقبل البلاد، ويؤكد انفتاحاً عربياً وإقليمياً ودولياً على سورية الجديدة.

يأتي هذا الإنجاز تتويجاً لنضالات الشعب السوري الذي تحمل المعاناة والألم على مدى عقود، وعمل بإصرارٍ لتحقيق هذه المرحلة المفصلية. ونوجه في هذا اليوم التاريخي الشكر إلى الثوار وكل ناشط وقف في وجه النظام البائد، كما ونعبر عن امتناننا العميق للدول الصديقة التي عملت على إقناع الإدارة الأمريكية بضرورة رفع العقوبات، إضافةً إلى أصدقاء القضية السورية من السياسيين والنشطاء في أمريكا وأوروبا وتركيا والوطن العربي، الذين دعموا مسيرة التحول السوري وساهموا في تحقيق هذا الإنجاز.

وإذ نهنئ القيادة السورية الجديدة على نجاحها في هذا المسار، فإننا ندعوها إلى مواصلة نهجها القائم على ترسيخ العدالة الانتقالية، وتعزيز الحوار الوطني، وحماية النسيج السوري، مؤكدين أن رفع العقوبات يحمل بعداً سياسياً يعكس الاعتراف الدولي بهذه القيادة واحتضانها عربياً وإقليمياً ودولياً.

إن هذا التحول التاريخي ينبغي أن يكون دافعاً لجعل سورية ورشة عمل اقتصادية دائمة، فبناء الهوية الوطنية السورية منطلقه ومنتهاه من قوة الاقتصاد، فهو ليس مجرد وسيلة للرفاه المادي، بل عنصراً مركزياً في تشكيل الهويات السياسية، فالنمو الاقتصادي المستقل شرطٌ لتكريس السيادة الوطنية الحقيقية، وإخراج سورية من دوائر التبعية السياسية التي فُرضت عليها لعقود.

وفي هذا الإطار، نُشدد على ضرورة أن يكون للممارسة الديمقراطية دورٌ جوهريٌ في سورية، فهي الضامن الوحيد لعدم تكرار تجربة حكم الحزب الواحد الذي فرضه حزب البعث ونظام الأسد الأب والابن، وهي الكفيلة بتأمين مستقبلٍ سياسيٍ تعددي يُكرس دولة المواطنة ويرسخ الحريات العامة.

كما نُؤكد أن رفع العقوبات يُمثل فرصةً لسورية لتحقيق تنمية اقتصادية متوازنة ونهضة شاملة، دون أن يكون الثمن تنازلاً عن السيادة الوطنية السورية، مع ضرورة تعزيز دور المجتمع المدني السوري في صياغة مستقبل البلاد.

وفي هذا السياق، فإننا في المنبر السوري الديمقراطي نطالب بالإسراع في بسط سلطة الدولة على كامل الخريطة السورية، والعمل الجاد على ولادة برلمان جديد يُمثل إرادة الشعب ويحمل مشروعاً وطنياً شاملاً.

وفي الوقت نفسه، نُحذر من أن يستفيد رجالات النظام البائد من قرار رفع العقوبات، حيث لا يجوز أن يكون هذا القرار بوابةً لإعادة تدوير الفاسدين الذين عاثوا في البلاد فساداً لسنواتٍ طويلة.

إننا في المنبر السوري الديمقراطي نرى أن لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع يوم 13 أيار 2025م لم يكن مجرد حدثٍ دبلوماسي عابر، بل هو بدايةُ حقبةٍ جديدة قد تُعيد تعريف موقع سورية في النظام الدولي، وأن النجاح لن يكون مضموناً إن لم تُقابل الإدارة السورية هذا الانفتاح الدولي بانفتاح داخلي، عبر تقديم تطمينات سياسية بقرارات سيادية شجاعة.

وعليه، فإننا في المنبر السوري الديمقراطي نرى أن أمام الرئيس أحمد الشرع فرصةً تاريخيةً لقيادة مرحلة التحوّل الكبير، ليس بصفته رئيساً للدولة فقط، بل بصفته ضميراً لشعب يستحق الحياة بعد سنواتٍ من الألم، وقائداً لمسيرةٍ طال انتظارها، عنوانها:

  1. إطلاق مبادرات داخلية غير مسبوقة تشمل تعزيز الحريات، والمصالحات الوطنية، والإصلاح الإداري والاقتصادي.
  2. ضمان استقلالية القرار الوطني مع الحفاظ على توازن العلاقات الدولية دون الانحياز لأي محور.
  3. تشكيل لجنة وطنية لإعادة الإعمار تحت إشراف جهات نزيهة ووفق أسسٍ شفافة.
  4. إعادة بناء الخطاب الرسمي السوري ليكون خطاب مصالحة وشراكة، لا خطاب نصرٍ واستئثارٍ بالسلطة.
  5. التوجه إلى الشعب بخطاب وجداني عقلاني يشعره بأنه شريكٌ في القرار وليس مجرد متلقٍ له.

في هذا السياق، يدعو المنبر السوري الديمقراطي القيادة السورية إلى استثمار هذه المرحلة التاريخية لإرساء قواعد العدالة والديمقراطية والتشارك السياسي، بما يُحقق الاستقرار ويؤسس لنهضةٍ وطنيةٍ حقيقية، تكون فيها السيادة الوطنية وقوة المجتمع المدني حجر الأساس لسورية المستقبل.

صدر عن المنبر السوري الديمقراطي
بتاريخ: 2025/05/17م.

شاركها على:

اقرأ أيضا

تفعيل دعم الاتحاد الأوروبي لمكافحة حرائق اللاذقية ومسارات التعافي البيئي والسيادي

دور الاتحاد الأوروبي في مكافحة حرائق اللاذقية وأثره على البيئة والمجتمعات المحلية.

10 يوليو 2025

إدارة الموقع

التحقيق في أحداث الساحل السوري ومطالبة منظمة العفو الدولية نشر التقرير الكامل

أحداث الساحل السوري موضوع مهم يتطلب تحقيق العدالة والمساءلة

10 يوليو 2025

إدارة الموقع