تيار المستقبل السوري وانطلاقًا من التزامه بمبدأ بناء دولة القانون والمؤسسات، يرفض رفضًا قاطعًا استمرار العمل بـ"رتب ظلّية" غير منصوص عليها في النظام القانوني السوري، وعلى رأسها ما يُعرف بين عناصر بعض الأجهزة الأمنية بـ"الشيخ"، إذ هذه التسمية، التي تُستدعى في حالات الضغط أو التهذيب العقائدي داخل الأجهزة، تفتقر إلى أي تعريف قانوني أو مؤسساتي، وتمثل انحرافًا عن الأسس المهنية للدولة.
تيار المستقبل السوري يرى أن الاعتماد على هذه الرتبة "الشبحية" يُشكل تراجعاً خطيراً نحو أساليب ما قبل الدولة، حيث كانت السلطة تُمارس عبر الزعامات الدينية أو الطائفية، وليس عبر مؤسسات تدار وفق معايير واضحة من الكفاءة والمساءلة، فإن الأمن لا يُبنى بالعقيدة الغامضة أو بالانضباط المستند إلى الولاء الشخصي، بل بمنظومة قيمية مدنية يمكن تسميتها بـ"المناقبية الدولاتية"، منظومة ترتكز على سلوك مؤسساتي نابع من الدستور والقانون، لا من الإيحاءات العقائدية أو التهديدات الرمزية.
تيار المستقبل السوري يستشهد هنا بحادثة الصحفي أمجد الساري التي وقعت قبل اسبوع من إصدار هذا البيان أمام مبنى السفارة الإيرانية بدمشق، حيث تم تهديده بأن "الشيخ" سيتولى أمره، في واقعة تعكس توظيف هذه الرتبة كأداة ترهيب خارج الإطار القانوني، وتعيد للأذهان نموذج "رجل الظل" غير الخاضع لأي رقابة أو مساءلة.
كما وردت حالات أخرى مماثلة أُشير فيها إلى تدخل "الشيخ" لإعادة توجيه سلوك بعض العناصر، مما يجعل من وجوده مؤسسة ضمنية خطيرة على مفهوم الدولة الوطنية.
تيار المستقبل السوري يعتبر أن هذا الاستخدام الممنهج لما يُسمّى بـ"الشيخ" لا يخدم إصلاح الأجهزة الأمنية ولا يعزز ثقة المواطن بها، بل يُكرّس منطق السلطة الموازية الذي يقوض فكرة الأمن الوطني الجامع، فإن مكافحة هذا النمط تبدأ بوضع إطار قانوني واضح للمسؤولية داخل المؤسسات، وترسيخ قيم المناقبية القائمة على الشفافية والانضباط المهني المدني، وليس الانقياد لشخصيات غير محددة الصفة أو الصلاحية.
تيار المستقبل السوري يطالب بفتح تحقيق مستقل حول ظاهرة "الشيخ" ضمن الأجهزة، والعمل على تفكيك أي بنى عقائدية تُمارس السلطة خارج القانون، كما ندعو لإطلاق ورشة وطنية لتعزيز "المناقبية الدولاتية" كمدخل لبناء مؤسسات أمنية جمهورية، يكون ولاؤها الوحيد للدستور السوري لا لأي ولاء طائفي أو عقائدي أو جغرافي.
تيار المستقبل السوري يرى في هذه الدعوة جزءً من معركة أوسع من أجل استعادة الدولة من منطق الشُعَب المغلقة إلى منطق الجمهورية المنفتحة، حيث المواطن هو مصدر السلطة، والمؤسسة هي الحاضنة الوحيدة للقانون.