انفصام النظام السوري إنسانياً!
- مقال رأي | الدكتور زاهر بعدراني
بعد مجزرة مشفى المعمداني في غزة يوم الثلاثاء 17- 10 – 2023م، صدر عن النظام السوري إعلانٌ للحداد العام في البلاد، وتنكيس للأعلام تضامناً مع الشهداء جراء الإستهداف الاسرائيلي.
يعمل المشفى منذ عام 1904، وقد تأسس بواسطة جمعية “رسالة الكنيسة” التابعة لكنيسة إنجلترا، لاحقًا أدار المشفى بين عامي 1954 و1982 البعثة الطبية التابعة لكنيسة المذهب المعمداني الجنوبي. ومنذ عقد 1980 يُدير المشفى الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس.
يمكن اعتبار موقف النظام إنسانياً أو عروبياً فيما لو لم يكن مسؤولاً عن القضاء على ما يربو عن نصف القطاع الطبي في سورية! ففي تقرير للأمم المتحدة 2021م قُدّمت فيه سلسلة من الأرقام الموثقة لجرد حصيلة الحرب في سورية، حيث ذكر التقرير أن سبعين في المئة من العاملين في مجال الرعاية الصحية فروا خلال سنوات النزاع، بينما دُمّر أو تضرر أكثر من خمسين في المئة من البنى التحتية الصحية.
ويمكن هنا تذكر مجزرة مروّعة عبر قصف جوي لطيران النظام السوري والذي استهدف في حلب مشفى “القدس” ليلة الـ 27 من نيسان/ ابريل 2016، وأسفر عن مقتل أكثر 40 مدنيا، بينهم طبيبين و4 ممرضات.
وخلال عام 2022، وصل عدد المشافي إلى 113 في عموم سورية، 26% منها تعمل بشكل جزئي و27% منها خارج الخدمة.
انفصام الشخصية أو مرض الفصام والذي يعرف باسم الشيزوفرينيا (Schizophrenia) هو مرض نفسي شديد ومزمن، يؤثر على تفكير الشخص، وإدراكه، وسلوكه، فيبدو كأنه منفصل عن الواقع، حيث يعاني من أوهام، وهلاوس، واضطراب في التفكير والسلوك يعوق قدرته على القيام بالمهام اليومية، ويؤثر كذلك على علاقاته الاجتماعية.
يمكن أيضاً أن تواجه الدول ما يمكن وصفه بـ “الانفصام السياسي”. هذا الانفصام قد يحدث عندما تكون هناك توترات أو صراعات داخلية.
الانفصام السياسي قد يكون نتيجة للعديد من العوامل، بما في ذلك الفساد السياسي، حيث يتم إساءة استخدام السلطة العامة لأهداف غير مشروعة لتحقيق مكاسب شخصية, وهذا بالضبط هو التوصيف الدقيق للنظام السوري!
حيث أن التضارب في موقف النظام السوري يبرز انفصامًا واضحًا في سلوكه، فبالرغم من دعواته لحقوق الإنسان والأخلاق، إلا أن تصرفاته تظهر صورة مختلفة تمامًا.
تيار المستقبل السوري هنا يطرح تساؤلاً: هل يمكن للنظام السوري أن يُدين قصف المشفى في غزة، بالرغم من قصفه للمستشفيات الواحدة تلو الأخرى في سورية؟ هذا التضارب في موقف النظام السوري يبرز انعدام الثقة في دوره كحامٍ لحقوق الإنسان، أو ضامن لحماية شعبه.