المكتب الإعلاميالمكتب العلميدراساتدراسات إعلاميةفريق بحث المكتب الإعلاميقسم البحوث و الدراسات

الاعلام التنموي السوري، واقعٌ وتحديات

مقدمة:

نظرية الإعلام التنموي هي إطار نظري يركز على دور وسائل الإعلام في تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المجتمعات، فقد نشأت هذه النظرية في منتصف القرن العشرين، حيث بدأت الدول النامية في البحث عن طرق لاستخدام الإعلام كأداة لتحقيق التنمية المستدامة.
وتعتبر نظرية الإعلام التنموي من النظريات التي تسعى إلى توظيف وسائل الإعلام لتحقيق أهداف التنمية، وتعتمد هذه النظرية على فكرة أن الإعلام يمكن أن يكون قوة دافعة للتغيير الإيجابي من خلال نشر المعلومات، وتعزيز الحوار المجتمعي، ودعم المبادرات المحلية.

عن الأهداف والمنشأ:

تبرز أهم أهداف نظرية الإعلام التنموي بما يلي:

  1. زيادة الوعي حول القضايا التنموية مثل الصحة، والتعليم، وحقوق الإنسان.
  2. تشجع على مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار من خلال توفير منصات للحوار والنقاش.
  3. تغيير السلوكيات والمواقف من خلال حملات إعلامية موجهة.
  4. تقديم معلومات حول الفرص الاقتصادية وبرامج الدعم الاجتماعي.

هذه الدراسات المذكورة بروابطها في المراجع تسلط الضوء على كيفية استخدام الإعلام كأداة لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التغيير الاجتماعي في مختلف السياقات.

لهذا تعتبر هذه النظرية مهمة بشكل خاص في السياقات التي تعاني من النزاعات أو الأزمات، حيث يمكن للإعلام أن يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز السلام والاستقرار.
ولعل من أبرز المفكرين والرموز في نظرية الإعلام التنموي، “ويليبر شرام” والذي يُعتبر من الرواد في مجال الإعلام التنموي، حيث أبرز دور الإعلام في إحداث التغيير الاجتماعي والتطوير، وكما قدم “دانيال ليرنر” إسهامات كبيرة في فهم دور الإعلام في التنمية، خاصة في كتابه “مرور التقليدية: التحديث في الشرق الأوسط” الذي يناقش كيف يمكن للإعلام أن يسهم في التحديث والتنمية.
هؤلاء المفكرون وغيرهم ساهموا بشكل كبير في تطوير نظرية الإعلام التنموي وتطبيقاتها في مختلف السياقات التنموية. وذلك عبر التأسيس للعديد من الدراسات التطبيقية التي تناولت نظرية الإعلام التنموي وكيفية تطبيقها في مختلف السياقات. بعض الأمثلة البارزة:

  1. دراسة الإعلام التنموي في سلطنة عمان: ناولت هذه الدراسة دور الإعلام في التوعية بخطط التنمية وإنجازها وأولوياتها، بالإضافة إلى دور وسائل الإعلام في التوعية البيئية ونشر المعلومات السكانية. كما ركزت على الاحتياجات الإعلامية التنموية للمرأة العمانية الريفية.
  2. دراسة الإعلام التنموي في مصر: حثت هذه الدراسة في واقع بعض فئات الأطفال المهمشين في مصر واحتياجاتهم الإعلامية لدمجهم في التنمية. كما تناولت دور الراديو في تغيير النظرة التقليدية إلى المرأة المصرية الريفية من خلال دراسة ميدانية.
  3. دراسة الإعلام التنموي في الهند: كزت هذه الدراسة على دور وسائل الإعلام في تعزيز التعليم والصحة العامة في المناطق الريفية. تم استخدام الإعلام لنشر الوعي حول أهمية التعليم والصحة، مما ساهم في تحسين معدلات الالتحاق بالمدارس وزيادة الوعي الصحي بين السكان.
  4. دراسة الإعلام التنموي في نيجيريا: ناولت هذه الدراسة دور الإعلام في مكافحة الفقر وتعزيز التنمية الاقتصادية من خلال تقديم معلومات حول الفرص الاقتصادية وبرامج الدعم الاجتماعي. كما ركزت على كيفية استخدام الإعلام لتعزيز المشاركة المجتمعية في عملية صنع القرار.

الاعلام التنموي في سورية وتحدياته:

هناك بعض الأمثلة الناجحة لوسائل الإعلام التنموي في سورية، مثل (شبكة شام) والتي تأسست في بداية الثورة السورية كاستجابة للحظر الذي فرضه النظام السوري على وسائل الإعلام، وقد لعبت الشبكة دورًا مهمًا في توثيق الأحداث ونقل الأخبار من داخل سوريا إلى العالم الخارجي، مما ساهم في زيادة الوعي الدولي حول الوضع في سورية.
وأيضا هناك صفحة الثورة السورية، والتي كانت قد بدأت كصفحة على وسائل التواصل الاجتماعي لنقل أخبار الثورة السورية، وسرعان ما أصبحت مصدرًا رئيسيًا للمعلومات حول الأحداث في سورية، ساهمت الصفحة في نشر الوعي حول القضايا التنموية والإنسانية في سورية، ودعمت جهود الإغاثة والمساعدات الإنسانية.
من خلال هذان المثالان تظهر كيف يمكن لوسائل الإعلام التنموي أن تلعب دورًا حيويًا في توثيق الأحداث، نشر الوعي، وتعزيز الحوار الوطني والدولي، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها.
هذا والإعلام التنموي يلعب دورًا حيويًا في سورية، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد.

بعض النقاط التي توضح أهمية الإعلام التنموي في سورية تتجلى بـ:

  1. تعزيز الحوار الوطني: يمكن للإعلام التنموي أن يسهم في فتح قنوات للحوار بين مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية، مما يساعد في بناء الثقة وتعزيز التفاهم المتبادل، وهو أمر ضروري لتحقيق الحلول السياسية السلمية.
  2. التوعية والتثقيف: يساهم الإعلام التنموي في نشر الوعي حول القضايا التنموية مثل الصحة، والتعليم، وحقوق الإنسان. هذا يساعد المواطنين على فهم حقوقهم وواجباتهم والمشاركة بفعالية في عملية التنمية.
  3. دعم المبادرات المحلية: يمكن للإعلام أن يسلط الضوء على المبادرات المحلية التي تهدف إلى إعادة بناء المجتمع وتعزيز التماسك الاجتماعي. هذا يشجع على المشاركة المجتمعية ويعزز من جهود التنمية المحلية.
  4. مكافحة الأخبار الزائفة: يلعب الإعلام التنموي دورًا مهمًا في مكافحة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة التي قد تعرقل عملية السلام والتنمية. من خلال تقديم معلومات دقيقة وموثوقة، يمكن للإعلام أن يعزز من مصداقيته ويساهم في استقرار المجتمع.
  5. تعزيز التنمية المستدامة: يساهم الإعلام التنموي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال نشر الوعي حول أهمية الاستدامة وتشجيع الممارسات البيئية والاجتماعية والاقتصادية المستدامة.
  6. تمكين الفئات المهمشة: يمكن للإعلام التنموي أن يلعب دورًا في تمكين الفئات المهمشة من خلال تسليط الضوء على قضاياهم واحتياجاتهم، مما يساهم في دمجهم في عملية التنمية وتحسين ظروفهم المعيشية.

إن هذه التحديات تتطلب جهودًا مشتركة من العقلاء من أصحاب السلطة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية لتعزيز دور الإعلام التنموي في سورية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

من خلال ما سبق يتبين أن الإعلام التنموي يمكن أن يكون أداة قوية لتحقيق التغيير الإيجابي في سورية، من خلال تعزيز الحوار، نشر الوعي، ودعم المبادرات المحلية.

على أنه تواجه الاستفادة من الإعلام التنموي في سورية عدة تحديات، منها:

  1. القيود السياسية: مثل سيطرة النظام السوري أو سلطات الأمر الواقع أو الدول المتدخلة على وسائل الإعلام واستخدامها كأداة للدعاية السياسية يحد من حرية التعبير ويعوق نشر المعلومات التنموية بشكل مستقل وموضوعي.
  2. الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة: انتشار الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة يعرقل جهود الإعلام التنموي في نشر الوعي والتثقيف، مما يؤدي إلى فقدان الثقة في وسائل الإعلام، خصوصا عبر الغرف الاخبارية ببرنامج تلجرام التي تنتنشر بشكل واسع وكبير في سورية.
  3. نقص التمويل والدعم: تعاني العديد من وسائل الإعلام التنموية من نقص التمويل والدعم، مما يؤثر على قدرتها على تنفيذ برامجها ومشاريعها بفعالية، مما جعلها بعضها يغلق نهائيا.
  4. التحديات الأمنية: الوضع الأمني غير المستقر في بعض المناطق يجعل من الصعب على الصحفيين والإعلاميين الوصول إلى تلك المناطق وتغطية الأحداث بشكل دقيق وآمن.
  5. نقص التدريب والتأهيل: قلة البرامج التدريبية والتأهيلية للإعلاميين في مجال الإعلام التنموي تؤدي إلى نقص الكفاءات المتخصصة في هذا المجال، مما يؤثر على جودة المحتوى الإعلامي.
  6. البنية التحتية التكنولوجية: ضعف البنية التحتية التكنولوجية في بعض المناطق يحد من قدرة وسائل الإعلام على الوصول إلى جمهور واسع واستخدام التقنيات الحديثة في نشر المعلومات.

خاتمة:

لاشك أن الاعلام اليوم بات متنوعا ومتعددا وسائلا، وباتت ضرورة أن يكون تنمويا أمرٌ ضروري، ولهذا فإننا في المكتب الإعلامي لـ تيار المستقبل السوري ولتفعيل دور الإعلام التنموي في سورية، نقترح اتباع التوصيات التالية:

  1. تعزيز حرية الإعلام: يجب العمل على تقليل القيود السياسية على وسائل الإعلام لضمان حرية التعبير ونشر المعلومات بشكل مستقل وموضوعي.
  2. مكافحة الأخبار الزائفة: تعزيز الجهود لمكافحة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة من خلال تطوير آليات للتحقق من المعلومات وتوعية الجمهور بأهمية الاعتماد على مصادر موثوقة.
  3. توفير التمويل والدعم: تقديم الدعم المالي والتقني لوسائل الإعلام التنموية لضمان قدرتها على تنفيذ برامجها ومشاريعها بفعالية.
  4. تحسين البنية التحتية التكنولوجية: تطوير البنية التحتية التكنولوجية في المناطق النائية لضمان وصول المعلومات إلى جميع فئات المجتمع، مما يعزز من تأثير الإعلام التنموي.
  5. .تدريب وتأهيل الإعلاميين: تنظيم برامج تدريبية للإعلاميين في مجال الإعلام التنموي لرفع كفاءاتهم وتمكينهم من إنتاج محتوى إعلامي عالي الجودة يساهم في تحقيق التنمية المستدامة.
  6. .تشجيع المشاركة المجتمعية: إشراك المجتمع المحلي في عملية صنع القرار الإعلامي من خلال إنشاء منصات للحوار والنقاش، مما يعزز من دور الإعلام في تحقيق التنمية المحلية.
  7. .التعاون مع المنظمات الدولية: تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية المتخصصة في الإعلام والتنمية للاستفادة من خبراتها ودعم جهود الإعلام التنموي في سورية.

وإننا نرى أن تطبيق هذه التوصيات يمكن أن يسهم بشكل كبير في تعزيز دور الإعلام التنموي في سورية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

المكتب الإعلامي
فريق البحث
قسم البحوث والدراسات
دراسات
تيار المستقبل السوري

المراجع:

  1. الإعلام في سورية.. تحديات الواقع والمستقبل.
  2. فرص وتحديات الإعلام الاقتصادي في مرحلة ما بعد الأزمة.
  3. مستقبل الإعلام في سوريا (الواقع والتحديات)].
  4. الإعلام التنموي والتخطيط الإعلامي: آليات ضرورية لتحديث المجتمع.
  5. دور الإعلام في تحقيق التنمية | ASJP.
  6. undefined.
  7. أهمية الإعلام في تسليط الضوء على القضايا التنموية.
  8. دور الإعلام التنموي في تحقيق التنمية المستدامة : دراسة جانب التنمية …..
  9. الإعلام والتنمية: الواقع والتحديات في عصر العولمة.
  10. الإعلام التنموي والتغير الاجتماعي: الأسس النظرية والنماذج التطبيقية.
  11. النظريات المفسرة لحرية الاعلام: النظرية التنموية.
  12. e3arabi – إي عربي – ‏ما هي نظريات الإعلام التنموي؟.
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى