الديبلوماسيون، دورٌ وأهميّة

استهلال:
الدبلوماسية مفهوم متعدد الأوجه، يتداخل فيه القانون والفلسفة والتاريخ بشكل عام.
وعلى ضوء ذلك يمكن تعريفها على أنها “الوسيلة السلمية لحل الخلافات بين الدول والأفراد”، حيث تعتمد على الحوار والتفاوض، لفض النزاعات، وحل الخصومات، وتجنب الصراعات.
كما وأن مصطلح “الدبلوماسيين” يطلق على ممثلي دولهم في دول أخرى، فيعملون على حماية مصالح بلدانهم، وتعزيز العلاقات بين الدول، وكل ذلك بما ينظمه القانون الدولي الدبلوماسي من حقوق وواجبات للدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية، وتُعتبر اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية المرجع الأساسي للقانون الدبلوماسي الحديث، وتحدد قواعد الحصانة الدبلوماسية، وامتيازات البعثات الدبلوماسية، وأشكال الدبلوماسية، وملامح العلاقات الدولية.
وبذلك تكون صفات الدبلوماسيين ما يلي:
- ممثل الدولة: فالدبلوماسي شخص يمثل دولته في دولة أخرى، ومهمته تنفيذ السياسة الخارجية لدولته.
- حصانة دبلوماسية: يتمتع الدبلوماسيون بحصانة دبلوماسية تحميهم من الاعتقال والملاحقة القضائية في الدولة التي يعملون بها، وذلك لضمان حرية أداء مهامهم.
لاشك أن الدبلوماسية تلعب دوراً حيوياً في منع الحروب، وحل النزاعات بالوسائل السلمية، وتساعد على بناء الثقة والتعاون بين الدول في مختلف المجالات، مثل التجارة والاستثمار والثقافة ونحوهم.
كما يعمل الدبلوماسيون على حماية مصالح مواطني بلادهم في الخارج، وتقديم المساعدة لهم في حالة الطوارئ.
إن الدبلوماسية مفهوم حيويٌّ متعدد الأوجه لأي دولة تسعى إلى بناء علاقات جيدة مع دول العالم، بل وتلعب دوراً حاسماً في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
السياقات:
الدبلوماسية ليست ظاهرة حديثة، بل لها جذور تاريخية عميقة تعود إلى الحضارات القديمة، فقد تطورت عبر العصور، وتأثرت بالتحولات السياسية والاجتماعية والثقافية.
ولهذا يمكن توصيف جذور الدبلوماسية بالآتي:
- الحضارات القديمة: بدأت ممارسة الدبلوماسية بشكل بدائيّ في الحضارات القديمة مثل مصر، بلاد ما بين النهرين، والصين.
- حيث كانت تتمثل في إرسال الرسل والبعثات لحل الخلافات وتوثيق العلاقات.
- العالم اليوناني الروماني: فقد شهد العالم اليوناني الروماني تطوراً كبيراً في الدبلوماسية، فظهرت المفاوضات الرسمية والمعاهدات بين الدول المدن.
- العصور الوسطى: في العصور الوسطى، كانت الدبلوماسية مرتبطة بالكنيسة والقصور الملكية، وقد تم استخدامها لتقوية التحالفات، وتنظيم البعثات، وبرز دورها في الحروب الصليبية.
- العصر الحديث المبكر: مع ظهور الدول القومية، تطورت الدبلوماسية بشكل كبير، فظهرت السفارات والقنصليات، وبدأت الدول تتبادل السفراء بشكل رسمي.
- العصر الصناعي: شهد العصر الصناعي توسعاً كبيراً في العلاقات الدولية، ما أدى إلى زيادة أهمية الدبلوماسية في حل النزاعات التجارية والسياسية.
- العصر الحديث: في القرن العشرين، شهدت الدبلوماسية تطورات هائلة مع تأسيس الأمم المتحدة، ومنظمات دولية أخرى، حيث أصبحت الدبلوماسية متعددة الأطراف تلعب دوراً حاسماً في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
ولعل أهمية دراسة التاريخ الدبلوماسي تكمن بفهم العلاقات الدولية المعاصرة، حيث يساعد التاريخ الدبلوماسي على فهم جذور القضايا الدولية المعاصرة، وتوقع التحديات المستقبلية.
كما يمكن للدبلوماسيين والسياسيين الاستفادة من الدروس المستفادة من التاريخ الدبلوماسي لتحسين اتخاذ القرارات، والمساهمة في تعزيز التعاون الدولي من خلال تسليط الضوء على النجاحات والإخفاقات السابقة.
وباختصار، فإن الدبلوماسية نتاج تطور تاريخي طويل، وهي عملية مستمرة تتكيف مع التغيرات المتلاحقة في البيئة الدولية.
ومما يجدر ملاحظته أن الثورات والحروب والتغيرات في الأنظمة السياسية تؤثر بشكل كبير على طبيعة العلاقات الدولية والدبلوماسية، كما أن التطورات في وسائل الاتصال والنقل ساهمت في تسريع وتيرة الدبلوماسية وجعلتها أكثر تعقيداً.
هذا وقد أدت العولمة إلى زيادة الترابط بين الدول، مما جعل الدبلوماسية أكثر أهمية في إدارة العلاقات الدولية في كافة المجالات والاختصاصات.
دورٌ ومكانة:
تعتبر الدبلوماسية حجر الزاوية في العلاقات الدولية، وهي تلعب دورًا حيويًا في بناء الجسور بين الدول، وحل النزاعات، وتعزيز التعاون.
هذا وفي سياق الأزمات التي تشهدها بعض الدول، تبرز أهمية الدبلوماسيين أكثر من أي وقت مضى.
عمل الدبلوماسيين عمومًا:
- حماية المصالح الوطنية: يعمل الدبلوماسيون على حماية مصالح بلادهم في الخارج، سواء كانت مصالح اقتصادية أو سياسية أو ثقافية.
- بناء العلاقات الدولية: يساهمون في بناء علاقات قوية ومتينة مع الدول الأخرى، مما يعزز التعاون في مختلف المجالات.
- حل النزاعات: يلعبون دورًا محوريًا في حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية، من خلال التفاوض والوساطة.
- تعزيز التعاون الدولي: يشجعون التعاون الدولي في مجالات التجارة والاستثمار والثقافة والعلوم والتكنولوجيا ونحوها.
- تقديم الخدمات القنصلية: يقدمون الخدمات القنصلية للمواطنين في الخارج، مثل إصدار جوازات السفر وتجديدها وتقديم المساعدة القانونية.
وأما عن الدور المفترض للدبلوماسيين السوريين بعد التحرير في سورية! فإن العمل الدبلوماسي برمّته يواجه تحديات كبيرة نتيجةً للصراع المستمر، ما يجعل دورهم أكثر تعقيدًا وأهمية، ويتجلى ذلك في جوانب عدة، نذكر منها:
- تنشيط العلاقات الاقتصادية بما يخدم حاجات سورية الأساسية أولاً، ثم جذب الاستثمارات الأجنبية على المدى المتوسط وطويل الأمد.
- تحسين العلاقات الدولية، وخاصة مع دول الجوار والإقليم، وبناء الثقة المتبادلة مع دول العالم.
- تحصيل المساعدات الإنسانية اللازمة للشعب السوري في هذه المرحلة، وتقديم الدعم والتسهيلات اللازمة للمؤسسات الدولية العاملة في هذا المجال.
- تقديم سورية الجديدة في المحافل الدولية بشكلٍ لائقٍ ومتوازن ومدروس، والدفاع عن حقوق الشعب في تقرير مصيره ومساره.
- العمل على تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، ولمّ شمل العائلات، وحل مشكلاتهم في دول اللجوء والتي قد تعيق أو تمنع عودتهم.
تحديات:
يمثل الدبلوماسيون السوريون خط الدفاع الأول عن مصالح بلادهم في الخارج، ولكنهم يواجهون تحديات جسيمة تعيق عملهم وتقلل من فعاليتهم، وهذه التحديات تتأثر بشكل كبير بتطورات المشهد السوري المستمر، وتداعياته الإقليمية والدولية، ولعل أبرز تلك التحديات التي تواجه الدبلوماسيين السوريين:
أ. المشهد السوري:
- التقسيم الدولي للمشهد: فالمجتمع الدولي اليوم يراقب المشهد السوري ويَرقب التطورات المتلاحقة فيه، مما يجعل دور الدبلوماسيين السوريين صعباً ومهماً في بناء توافق في آراء الدول حول المرحلة المقبلة.
- التدخلات الخارجية: أدت التدخلات الخارجية المتعددة إلى تعقيد المشهد السوري وما تزال تداعياته، مما يضع الدبلوماسيين في موقف حساس ويحتاج مزيداً من الحكمة والحنكة.
- الإرهاب: ما يزال المشهد الجديد في سورية يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن والاستقرار في سورية، مما يجعل من الصعب على الدبلوماسيين جذب الاستثمارات وتطوير العلاقات الاقتصادية مثلاً.
ب. الحصار الاقتصادي والعقوبات:
- تقييد الموارد: تخضع سورية لحصار اقتصادي وعقوبات دولية، مما يحد من قدرة الدبلوماسيين على الحصول على الموارد اللازمة لأداء مهامهم.
- صعوبة التبادل التجاري: تجعل العقوبات من الصعب على سورية تطوير علاقاتها التجارية مع الدول الأخرى، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني.
جـ. النزوح واللاجئون:
- أزمة إنسانية: أدت الأزمة السورية واستخدام النظام السوري المخلوع للعنف ضد شعبه إلى نزوح ملايين السوريين إلى دول الجوار وأوروبا، مما يضع ضغطًا كبيرًا على الدبلوماسيين لتأمين عودة اللاجئين، وتقديم المساعدات الإنسانية لهم.
- تدهور البنية التحتية: تسببت الحرب في تدمير البنية التحتية في سورية، مما يتطلب جهودًا كبيرة لإعادة إعمارها.
د. الضغوط السياسية:
- التدخل في الشؤون الداخلية: ما تزال سورية تتعرض لضغوط سياسية كبيرة من قبل بعض الدول التي تسعى للتدخل في شؤونها الداخلية.
- الحملات الإعلامية: تواجه سورية حملات إعلامية مضللة تهدف إلى تشويه صورتها وتشويه سمعتها.
هـ. نقص الكفاءات:
- هجرة الكفاءات: أدت الأزمة السورية إلى هجرة العديد من الكفاءات السورية، مما أثر على مستوى الكفاءات في الجهاز الدبلوماسي.
- صعوبة التحديث: يواجه الجهاز الدبلوماسي صعوبة في تحديث نفسه وتطوير قدرات موظفيه في ظل الظروف الصعبة.
ولعل هذه التحديات تجعلنا نفكر في آليات مواجهتها، ونقترح لذلك ما يأتي:
- توحيد الصفوف: يجب على جميع السوريين توحيد صفوفهم والتغلب على الخلافات الداخلية لصالح الهدف الأسمى والذي ننشده جميعنا بعد سقوط نظام الأسد.
- تعزيز الدبلوماسية: يجب تعزيز الدبلوماسية السورية على جميع المستويات، والعمل على بناء علاقات قوية مع الدول الصديقة، واختيار أعضاء السلك الدبلوماسي السوري بعناية ودقة فائقتين.
- التركيز على الاقتصاد: يجب التركيز على إعادة إعمار الاقتصاد السوري وجذب الاستثمارات الأجنبية.
- مكافحة الإرهاب: يجب مواصلة مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، وتطويق بؤره، وخاصة من فلول النظام البائد.
- التواصل مع المجتمع الدولي: يجب على الدبلوماسيين السوريين التواصل مع المجتمع الدولي بشكل فعال، وتوضيح حقيقة المشهد السوري.
ومما يظهر لنا أن الدبلوماسيين السوريين يواجهون تحديات كبيرة في ظل التطور الكبير الذي تمر به سورية، وهنا يصبح دورهم حيويًا في الدفاع عن مصالح سورية وحماية شعبها في هذه المرحلة الهامة والمفصلية من تاريخ سورية الحديث.
إيجابيات وجود دبلوماسيين ناجحين لسورية:
تعد الدبلوماسية أداة أساسية في التعامل مع الشؤون الدولية، وهي تلعب دورًا حاسمًا في بناء العلاقات، وحل النزاعات، وحماية المصالح الوطنية، كما تبين معنا، وفي حالة سورية، فإن وجود دبلوماسيين ناجحين يكتسب أهمية استراتيجية بالغة، فبحسب تجربتنا واحتكاكنا بالوسط الديبلوماسي والسياسي، فإننا نرى إيجابيات وجود دبلوماسيين ناجحين لسورية تتمثل بـ:
أ. تحسين صورة سورية الدولية:
- تصحيح الرواية: يمكن للدبلوماسيين الناجحين أن يساهموا في تصحيح الرواية السائدة عن سورية في وسائل الإعلام الدولية، وتقديم صورة أكثر واقعية عن الأوضاع الحالية، والاستفادة مما تناقلته وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بعد سقوط نظام الأسد من حجم الظلم والمعاناة التي تعرض له السوريون على مدار عقود.
- بناء جسور الثقة: يمكنهم بناء جسور الثقة مع الدول الأخرى، وتوضيح الرؤية السورية الجديدة والمبنية على الحوار والتوافق الوطني.
ب. جذب الدعم الدولي:
- المساعدات الإنسانية: يمكنهم جذب المزيد من المساعدات الإنسانية للشعب السوري المتضرر من سنوات الحرب، والعقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية بسبب النظام السوري المخلوع.
- الدعم السياسي والاقتصادي: يمكنهم الحصول على دعم سياسي واقتصادي لإعادة إعمار سورية.
جـ. تحسين المشهد:
- حراك دبلوماسي: يمكنهم زيارة عواصم القرار العالمي، ومد جسور مع دول الاقليم والجوار لخلق بيئة مستقرة لسورية، وتأمين المناخ المناسب للتغيير وإعادة بناء المؤسسات دون منغصات خارجية.
- بناء الثقة: يمكنهم بناء جسور الثقة، وتوصيل رسالة السوريين العادلة في المحافل الدولية ومواقع القرار والسلطة.
د. حماية المصالح السورية:
- حقوق الإنسان: يمكنهم الدفاع عن حقوق الإنسان للشعب السوري في المحافل الدولية.
- المصالح الاقتصادية: يمكنهم حماية المصالح الاقتصادية لسورية وجذب الاستثمارات الأجنبية.
إن هذه الإيجابيات وغيرها، لابد أن يقابلها صفات يجب أن يتمتع بها الدبلوماسي السوري الناجح، مثل الكفاءة في مجال العلاقات الدولية، وأن يكون على دراية عميقة بالقضايا السورية والإقليمية والدولية.
وأن يكون مرنًا وقادرًا على التكيف مع التغيرات المتسارعة في البيئة الدولية.
وأن يتمتع بمهارات تفاوض عالية، وقدرة على إقناع الآخرين بوجهة نظره.
كما يجب أن يكون وفياً لبلاده وشعبه، وأن يعمل بجد من أجل مصلحتهما، إضافة لأن يكون قادرًا على التعامل مع الثقافات المختلفة، وبناء علاقات شخصية قوية.
لاشك أن وجود دبلوماسيين سوريين ناجحين أمر حيوي لاستعادة سورية مكانتها في المجتمع الدولي، وحل الأزمة التي تعاني منها، وبناء مستقبل أفضل لشعبها.
سلبيات وجود دبلوماسيين سيئين في بلد مثل سورية:
تعتبر الدبلوماسية أداة أساسية في التعامل مع الشؤون الدولية، وهي تلعب دورًا حيويًا في بناء العلاقات، وحل النزاعات، وحماية المصالح الوطنية.
وفي حالة سورية الجديدة والمنهكة، فإن وجود دبلوماسيين غير أكفاء أو غير مخلصين يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة.
أبرز السلبيات برأينا تعود إلى:
أ. تدهور صورة سورية الدولية:
قد يقوم الدبلوماسيون غير الأكفاء بنشر معلومات مغلوطة أو مضللة عن سورية، مما يؤدي إلى تشويه صورتها في الخارج، كما أنهم قد يفشلون في الدفاع عن القضية السورية بشكل فعال، مما يعزز الرواية المعادية لسورية بإسقاط المرحلة الجديدة والتضييق على الإدارة السورية الحالية مثلاً، أو مستقبلاً بتمرير مؤامرات على الدولة السورية.
ب. عزلة دولية متزايدة:
من المتوقع جداً أن يؤدي أداء الدبلوماسيين السيئ إلى تدهور العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى، مما يساهم بعزل سورية دوليًا. والأخطر أن يواجهوا صعوبة في جذب الدعم الدولي لسورية سواء كان ذلك دعمًا سياسيًا أو اقتصاديًا أو إنسانيًا.
جـ. تفاقم الأزمة السورية:
هناك واقع سورية داخلي معقد، وفيه خلافات بينية، ووجود ديبلوماسيين سلبيين سيؤدي للفشل في المساهمة في حل النزاع السوري بعد التحرير حتى تمام النجاح ببناء دولة واحدة وطنية، بل قد يساهمون في تعميق الانقسامات الداخلية في سورية مما يعقد عملية المصالحة الوطنية.
د. ضياع فرص التنمية:
تحتاج سورية لاستثمارات أجنبية لإعادة الإعمار، وبالتالي هناك سيناريو سلبي في الفشل بجذب الاستثمارات الأجنبية إلى سورية مما يؤخر عملية إعادة الإعمار، كما قد يساهم أدائهم الضعيف في تدهور الاقتصاد السوري، مما يؤثر سلبًا على حياة المواطنين.
هـ. تضليل الرأي العام الداخلي:
بعلم أو بجهل، كيث قد يقوموا بنشر معلومات مضللة للرأي العام الداخلي، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بالدولة السورية.
هذا عدا عن الأمثلة الكثيرة على السلوكيات السلبية للدبلوماسيين، مثل استغلال الدبلوماسيين مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية (وهذا ما حصل سابقاً في عهد الأسدين الأب والابن، ومما نحن على اطلاع مباشر ومعرفة به بالتفصيل)، وهذا لو حدث في المستقبل فسيؤثر سلبًا على سمعة سورية.
وفي بعض الحالات النادرة، قد يتعاون الدبلوماسيون مع أعداء الدولة، مما يشكل تهديدًا للأمن القومي.
إن وجود دبلوماسيين سيئين يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة على أي دولة، وخاصة على دولة تمر بأزمة مثل سورية، لذلك، من الضروري أن يتم اختيار الدبلوماسيين بعناية، وأن يتم تدريبهم وتأهيلهم بشكل جيد، وأن يخضعوا للمساءلة عن أدائهم.
خاتمة:
يمكن القول إن الدبلوماسية تبقى أداة حيوية في بناء مستقبل الدول والشعوب، وخاصة في سياق الأزمات المعقدة، وبرغم التحديات الجسام التي تقع على عاتق الدبلوماسيين السوريين، فإن المسؤولية الكبرى تبقى في نجاحهم بالمساهمة ببناء وترميم صورة سورية في العالم.
لهذا سيكون للعمل الجاد والمهني من قبلهم الدور والمساهمة الأبرز في ترسيخ ملامح الدولة السورية المقبلة، مما يعزز استقرارها وازدهارها في آنٍ معاً.
إن الدبلوماسية هي السبيل الأمثل لحل النزاعات الدولية، وهي الأقل تكلفة والأكثر استدامة، خصوصاً وسورية اليوم على صفيح ساخن، سواء من الحدود الجنوبية مع اسرائيل، أو حتى الأردن، أو مع الحدود الشرقية مع العراق، أو الشمالية مع تركيا، عدا عن تدخلات دول إقليمية، ومصالحِ أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية، والتي لها قواعد عسكرية بسورية.
وهنا نركز على دور الدبلوماسيين في إعادة دور سورية المركزي ضمن الحضن العربي عموماً
إن دور الدبلوماسيين السوريين حاسمٌ وحساس، بصفتهم سفراء لبلادهم، في مهمتهم لبناء جسور الثقة مع دول العالم وشعوبها، مما تفرضه الجغرافية من جهة والمصلحة من جهة أخرى، إضافة لدورهم العام بالمساهمة في تطوير حلول سياسية ناجعة للملف السوري في نسخته الحالية.
إن دعم الدبلوماسيين السوريين، وتوفير لهم الموارد اللازمة لأداء مهامهم على أكمل وجه أهمية كبرى، واختيار الأشخاص الأكفاء لهذه المرحلة ضرورة قصوى، وهنا نؤكد على أهمية التعليم والتدريب الدبلوماسي لضمان وجود كفاءات وطنية ولاّدةٍ، قادرةٍ على تمثيل سورية في المحافل الدولية.
ولعل أهم توصياتنا فيما يساعد الدبلوماسيين السوريين على أداء دورهم على أكمل وجه:
- أ. التركيز على بناء العلاقات الدولية عبر توسيع دائرة التعاون الدولي مع دول الجوار أولاً، والدول الصديقة المحايدة ثانياً، مع العمل على بناء علاقات اقتصادية وثقافية قوية ومتينة، وبما يُعزز التعاون الإقليمي، مع تصفير الخلافات الإقليمية التي تؤثر على سورية، والاهتمام بتنظيم المؤتمرات والندوات والزيارات المتبادلة مع المسؤولين الدوليين لتوضيح رؤية سورية المستقبلية.
- ب. جذب الاستثمارات الأجنبية، عبر المساهمة بمقترحاتهم لتبسيط الإجراءات وتقديم الحوافز للمستثمرين الأجانب، بهدف تسويق فرص الاستثمار وتسليط الضوء على الفرص الاستثمارية المتاحة في سورية وتقديم ضمانات للمستثمرين.
- جـ. إعادة إعمار سورية، من خلال التنسيق مع المنظمات الدولية والمانحين الدوليين لضمان وصول المساعدات إلى المناطق المتضررة، والمساهمة بتشجيع القطاع الخاص للمشاركة في عملية إعادة الإعمار.
- د. حماية حقوق الإنسان، فإحدى أهم المهمات للديبلوماسيين هو التأكيد على الالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتحسين سجل حقوق الإنسان في سورية.
- هـ. مكافحة الإرهاب عبر تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، إضافة لدورهم الدافع لمكافحة التطرف، ونشر ثقافة التسامح والاعتدال.
- و. بناء دولة مدنية ديمقراطية مساعد لإنجاح الدور الايجابي للعمل الديبلوماسي، عبر تشجيع المشاركة السياسية، وتوفير مناخ سياسي يسمح بالتعددية الحزبية، مع أهمية وضرورة بناء مؤسسات دولة قوية وفعالة قادرة على تقديم الخدمات للمواطنين.
- ز. تعزيز الدور النسائي وإشراكها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ولتحقيق هذه الأهداف، نرى أنه يجب على الدبلوماسيين السوريين:
- الاستثمار في تطوير مهاراتهم في التفاوض، والإقناع، والتواصل.
- متابعة التطورات الإقليمية والدولية بشكل مستمر، وتحليلها بشكل عميق.
- التعاون مع مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية، والعمل بروح الفريق.
- وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، والعمل على تحقيق أهداف الدولة بشكل مهني.
ختامًا، يمكن القول أن الدبلوماسيين السوريين يواجهون تحديات كبيرة، ولكنهم أيضًا يحملون على عاتقهم مسؤولية تاريخية في إعادة تعافي سورية مما أصابها، واستردادها لاسمها التاريخي والعالمي في عالم الدبلوماسية الشهير، والذي عُرفت فيه واشتُهرت به، وارتبط بأسماءَ وقاماتٍ سورية لعبت أدواراً محوريةً في بناء الثقة بين المجتمع الدولي مع جسم الدولة السورية، عبر ديناميكيات التفكير الدبلوماسيّ الاستراتيجي -خارج الصندوق-، وبما ساهم ويساهم بحفظ أمن المنطقة ومحيطها برمته، وبما في ذلك أمن مركز الدائرة (سورية).
مكتب الرئاسة
د. زاهر إحسان بعدراني
مقال
تيار المستقبل السوري