المكتب العلميدراساتقسم البحوث و الدراسات

الدراما السورية والواقع!

الدراما السورية والواقع!

لطالما كانت الدراما السورية مرآة تعكس الواقع السوري الذي يريده النظام السوري وحده، ومع انطلاقة الثورة السورية عام 2011، أصبحت تلك المرآة تعكس صورة معقدة ومتعددة الأوجه للمجتمع السوري!
فقبل الثورة السورية، كانت الدراما السورية تتميز بالنقد الاجتماعي وقليلاً من السياسي، وكانت تعبر عن مشاعر وآمال الشعب السوري. ولكن، ومع بداية الثورة، بدأت الدراما السورية تتجه نحو تقديم صورة أكثر تعقيدًا للواقع السوري.
وخلال سنوات الثورة، أصبحت الدراما السورية أداة للتعبير عن مزيج الألم والأمل واليأس مع الثبات، وبدأت الأعمال الدرامية تقدم قصصاً حقيقيةً عن الناس العاديين الذين يعيشون في ظروف استثنائية، كما بدأت في تقديم صورة أكثر واقعية للنضالات اليومية التي يواجهها الشعب السوري، ولكن القاسم المشترك لجميع الأعمال الدرامية أنها تمت تحت عين النظام السوري وسمعه وبصره، مثل مسلسل ضيعة ضايعة، ومسلسل الخربة، واللذان زامنا مرحلة ما قبل الثورة، ومسلسل الولادة من الخاصرة الذي امتدت أحداثه لما بعد الثورة المسلحة، إلى أن وصلت الدراما السورية لمرحلة تقديم مسلسلات مثل “كسر عظم” بجزئيه، والذي يتحدث عن معاناة السوريين مع مافيا السلطة وقيادات المخابرات.
ويمكننا القول أنه وبعد الثورة السورية، أصبحت الدراما السورية أكثر نضجاً وتعقيداً في آنٍ معاً، وبدأت في تقديم قصص عن الناس الذين يحاولون إعادة بناء حياتهم في ظل الدمار والفوضى، وكذلك تقديم صورة أكثر واقعية للتحديات التي يواجهها الشعب السوري في محاولته للبقاء والنجاة.

دور المخابرات بالدراما:
للمخابرات السورية تأثير كبير على الدراما السورية، بعد عام 2011، بدأت الدراما التلفزيونية السورية تقديمَ ملامح لشخصيات جديدة تنتمي للمخابرات السورية، تتمحور حول اظهار شخصية الضابط النموذجي، وتقدم المسلسلات خليطاً بين الصورة النمطية التقليدية المضحكة، وبين النماذج الجادة المثالية المنشغلة بمصلحة الوطن.
ووفقاً لبعض التقارير، يتم استخدام الدراما كأداة لتحسين صورة أجهزة الدولة وتشذيب مفهوم الوطنية.
ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن هذه الصورة قد تكون مشوهة في سورية، ولا تعكس بالضرورة الواقع الحقيقي للمخابرات السورية!
هناك عدة مسلسلات درامية سورية تناولت شخصية المخابرات السورية بطرق مختلفة، بعض تلك المسلسلات حاولت تقديم صورة أكثر إيجابية للمخابرات السورية مثل مسلسلي:
• مسلسل “أيام الولدنة”، والذي قدم نمط المخابرات بصيغتين، عنصر المخابرات الغبي التقليدي.
• مسلسل “الندم” هو مثال آخر على الدراما السورية التي تناولت شخصية المخابرات السورية.
• ومسلسل ” المفتاح” الذي صور حالة الصراع في الداخل السوري بين رجالات المافيا الذين كانوا سبب الفساد.

وأما الدراما التي عالجت الواقع السوري بعيداً عن رقابة المخابرات السورية، رغم عدم السماح بعرضها على شاشات العرض العربية كما صرحت يارا صبري، فتتجلى في عملين:
١- مسلسل “وجوه وأماكن” هو المسلسل السوري الوحيد الذي يحاكي الثورة السورية، وبداية انطلاقتها ربيع 2011، على الرغم من العديد من الانتقادات التي وُجهت للعمل الذي أخرجه المخرج السوري المخضرم هيثم حقي.
٢- مسلسل “ابتسم أيها الجنرال” حيث يمكن القول أنها الدراما الوحيدة التي تخطت الخط الأحمر – رأس النظام السوري- ولكن بحبكة خيالية في بلد غير واقعي.

موقف وبيان:
تحت هاشتاك: #معاًلمقاطعةتلفزيونسوريا #تلفزيونسوريالايمثلني
شارك نشطاء وإعلاميون في الهجوم على قناة سوريا، حيث اعتبروا أن إدارة تلفزيون سوريا قد تهربت هي وموظفيها الإداريين من الرد على الايميل الرسمي المرسل لهم، ولا الرد على مجموعات الواتساب أيضًا، والتي تحملهم المسؤولية أمام جمهور الثورة السورية للرد على العريضة الموقعة من أكثر من 200 ناشط وناشطة، والتي طالبت إيقاف عرض مسلسل “كسر عضم” الذي يعزز رؤية نظام الأسد.
مما اضطر مدير قناة سوريا “حمزة المصطفى” إلى كتابة تغريدة وبوست مطولين يوضح رؤيتهم تحت عنوان: “ليست كسر عضم حكايتنا الدرامية مع الدرما”.
يمكن القول أن المشكلة الحقيقية هي في غياب الدراما التي تنتجها المعارضة السورية، فلا رجال الأعمال، ولا مؤسسات المعارضة السورية استطاعت الاستفادة من كمية الفنانيين الذين وقفوا مع الثورة الشعبية ضد النظام السوري، إضافة إلى وجود كُتاب ضد النظام السوري مثل “سامر رضوان”، مؤلف “دقيقة صمت” و “الولادة من الخاصرة” بجزئيه.
إضافة إلى أن فكرة تلفزيون قناة سوريا بمخاطبة الجمهور السوري بمختلف شرائحه مصلحة وطنية قد يغيب أهميتها أو غاب عن النشطاء كاتبي البيان.
ولكن مالذي ينقص الدراما السورية حتى تتحدث عن الواقع؟
يبدو أن الدراما السورية عالجت قضايا ومواضيع كثيرة، من التاريخي إلى الاجتماعي إلى السياسي..
ولكنها فشلت في وضع اليد على الجرح الحقيقي، وهو رأس السلطة، إذ غاية ما استطاعت الدراما السورية أن تبلغه هو الاقتراب من تشريح مخابرات النظام السوري، عدا عن مسلسل “ابتسم أيها الجنرال”، والذي وإن مس الخط الأحمر، إلا أنه كان مساً رقيقاً لم يعالجه بشكل مباشر.
إضافة إلى أن معالجة الدراما للواقع السوري السياسي منه بالتحديد، كان بعيداً عن الاقتراب من سلطات الأمر الواقع الأربعة في سورية، سواء الحركات الجهادية وكيف تمكنت من السيطرة على إدلب، أو فصائل الجيش الحر وكيف يعيشون مع تعقيدات خارجية وداخلية تجعل من قصصهم دراما حقيقة تتغافل الدراما عنها! هذا عدا عن مناطق الادراة الذاتية وكيف استطاعوا محاربة داعش، والتحالف مع أقوى دولة بالعالم ليسببوا حالة من الصدام مع تركيا، ناهيكم عن تعوييم النظام السوري من جديد! وإعادة الأسد للجامعة العربية، وتسلط زوجته أسماء الأخرس على مقدرات البلد، وصور التدخلات الايرانية والروسية، وغير ذلك كثير وكثير
كل ذلك يجعل أمام الكاتب السوري قضايا ذات وزن وقيمة للطرح في الدراما السورية، بحيث تضع اليد على الجرح الحقيقي النازف في جسد سورية منذ عقود.

ابراهيم مصطفى
المكتب العلمي
قسم البحوث والدراسات
دراسات
تيار المستقبل السوري

المراجع:
X \ Hamzah Almustafa على X: “ليست كسر عضم: حكايتنا الدرامية مع الدراما أكتب هذه الكلمات الطويلة التي زاد عددها عن 1000 ردا على بعض التساؤلات التي وصلتني على البريد الرسمي عن بعض الأعمال الدرامية التي نعرضها في رمضان الحالي ومنها مسلسل كسر عضم- السراديب، وترى أنها خطوة لا تصب في مصلحة التلفزيون وجمهوره. في… https://t.co/7rxGXdkVvz” (twitter.com)
هل فشلت المعارضة السورية في تقديم دراما تخدم الثورة؟ | فن | الجزيرة نت (aljazeera.net)
هل يمكن أن تكون صديقاً للمخابرات السورية خارج الدراما التلفزيونية؟ (syria.tv)
هكذا تطورت الدراما السورية.. وهكذا انحدرت (fanack.com)
الدراما السورية.. صناعة فتكت بها آلة الحرب | سكاي نيوز عربية (skynewsarabia.com)
المحطات المهمة في تطور وتراجع الدراما السورية: أعمال، شخصيات، أحداث، أثرت في مسيرتها (arageek.com)
المخابرات السورية: الأصول والتطور -دراسة المخابرات والعنف السياسي – مركز حرمون للدراسات المعاصرة (harmoon.org)
الأزمة السورية حاضرة بالدراما في رمضان | أخبار ثقافة | الجزيرة نت (aljazeera.net)
الدراما السورية في رمضان.. قليل من الكوميديا كثير من معاناة ما بعد الحرب | فن | الجزيرة نت (aljazeera.net)
الدراما السورية تنافس مجدداً بين الحرب والكوميديا والبيئة الشامية | اندبندنت عربية (independentarabia.com)
رجال المخابرات السوريّة… كيف تطورت صورتهم في الدراما؟ (alaraby.co.uk)

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى