يتابع تيار المستقبل السوري بأسى بالغ تداعيات الحرائق الهائلة التي اجتاحت محافظة اللاذقية، وعلى وجه التحديد بلدة قسطل التي تحولت إلى رماد، بفعل نيران التهمت أحراجها وبيوتها ومقومات الحياة فيها، في مشهد مأساوي لا يمكن وصفه إلا بكونه جرس إنذار للضمير الجمعي والمؤسسات الوطنية.
يؤكد تيار المستقبل السوري أن ما حدث لا يُعدّ مجرد كارثة طبيعية عابرة، بل هو نتيجة مباشرة لتراكم الإهمال وغياب الإجراءات الوقائية الرشيدة التي أورثنا إياه النظام البائد، وتعبير مؤلم عن هشاشة البنية البيئية والإدارية في ظل غياب رؤية وطنية لحماية الإنسان والطبيعة نحتاجها بالمرحلة القادمة.
يُثمن تيار المستقبل السوري الدور البطولي الذي يؤديه رجال الدفاع المدني، الذين تقدّموا الصفوف في مواجهة النيران، ببسالة تُمثل أعلى درجات التضحية والانتماء الوطني. ويعتبرهم خط الدفاع الأول عن حياة السوريين، ويؤكد وجوب دعمهم على المستويين المادي والمعنوي، وإدماجهم ضمن خطة وطنية شاملة لحماية البيئة.
يدعو تيار المستقبل السوري إلى تحرك عاجل ومتكامل يتضمن:
- إقرار قانون خاص للوقاية من الكوارث البيئية، يُلزم الجهات المعنية ببناء منظومات استجابة مبكرة، باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة.
- تأسيس هيئة وطنية مستقلة لحماية الأحراج والغابات، تتمتع بصلاحيات تنفيذية وتشريعية، وتعمل بالتنسيق مع البلديات والمجتمع المدني.
- تدريب فرق مجتمعية محلية للرصد المبكر والتدخل الوقائي في المناطق المعرّضة للخطر.
- إدراج الوعي البيئي ضمن مناهج التعليم والخطاب الديني والإعلامي، بما يعزز ثقافة المسؤولية الجماعية والاستخلاف في الأرض.
يُشدد تيار المستقبل السوري على أهمية الاستفادة من التجارب الدولية المتقدمة، إذ أثبتت فعاليتها:
- تستخدم الولايات المتحدة الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة في رصد الحرائق خلال لحظاتها الأولى، مما قلّل من الخسائر.
- تعتمد أستراليا على الحرائق الوقائية المنظمة، والتي خففت من انتشار النيران غير المسيطر عليها.
- طبّقت فرنسا وألمانيا أنظمة رش آلية ذكية ترتبط بحساسات حرارية ودخانية، استجابت تلقائيًا وتمكّنت من كبح العديد من الحرائق في بداياتها.
ينطلق تيار المستقبل السوري من مرجعية أخلاقية ودينية في دعوته لحماية البيئة، حيث يؤكد الإسلام على حفظ الأرض وعدم الإفساد فيها، كما جاء في قوله تعالى: "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها". ويستند كذلك إلى التقليد المسيحي الذي يُحمّل الإنسان مسؤولية رعاية الخليقة، كما ورد في سفر التكوين: "أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها، وتسلّطوا على كل حيوان يدبّ على الأرض." وهي دعوة لوكالة مسؤولة لا استغلال.
يدعو تيار المستقبل السوري لإطلاق مبادرة وطنية بعنوان "سورية الخضراء مسؤوليتنا الجماعية"، تهدف إلى إشراك الفاعلين الوطنيين والدينيين والمدنيين في بناء منظومة وقائية متكاملة، تعتمد على التشريع، والتقنية، والوعي الشعبي.
يدعو تيار المستقبل السوري الحكومة والمؤسسات المحلية وكافة القوى الوطنية إلى تحمّل مسؤولياتها الكاملة، وعدم ترك البيئة رهينة الحرائق والصمت، فحماية الأرض هي حماية للإنسان، ومستقبل سورية الأخضر يبدأ الآن لا بعد فوات الأوان.