النقابات ودورها في التحول السياسي: سوريا نموذجاً

مقدمة:

في ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي تشهدها سوريا، تبرز أهمية تفعيل دور النقابات كأحد الركائز الأساسية لتحقيق انتقال سياسي سلمي ومستدام. فالنقابات منظمات جماهيرية تمثل مصالح العمال والموظفين والحرفيين ومختلف المهن، وتلعب دورًا حيويًا في تعزيز الديمقراطية والمشاركة الشعبية في صنع القرار.

إن تفعيل دور النقابات في سوريا يُسهم في تحقيق التوازن بين مختلف القوى السياسية، وتعزيز الحوار الوطني، وضمان حقوق العمال والمواطنين في ظل التغيرات السياسية.

النقابات قوة اجتماعية قادرة على التأثير في السياسات العامة، والمساهمة في بناء مؤسسات ديمقراطية قوية من خلال تنظيم العمال والدفاع عن حقوقهم. كما أنها تُمثل صوتًا قويًا للمجتمع المدني، تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة. في هذا السياق، يُصبح تمكين النقابات في سوريا ضرورة مُلحة لتحقيق انتقال سياسي ناجح وبناء مستقبل أفضل للبلاد.

تاريخ وتطور النقابات العمالية في سوريا:

يعود تاريخ ظهور النقابات العمالية في سوريا وتطورها إلى أوائل القرن العشرين، عندما بدأت النقابات العمالية بالظهور كرد فعل على ظروف العمل القاسية والظروف المعيشية الصعبة التي واجهتها الطبقة العاملة. خلال العقود الأولى من القرن العشرين، شهدت سوريا تشكيل العديد من النقابات العمالية التي هدفت إلى تحسين ظروف العمل وضمان حقوق أفضل للعمال.

في عام ١٩٣٣، تأسس الاتحاد العام للعمال في سوريا كأول اتحاد عمالي رسمي في البلاد. ركز هذا الاتحاد على تنظيم العمال والدفاع عن حقوقهم والمطالبة بتحسين ظروف عملهم. في عام ١٩٤٧، تأسس "الاتحاد العام للعمال السوريين"، ليصبح الهيئة الرئيسية المسؤولة عن تنظيم النقابات العمالية في سوريا.

مع مرور الوقت، شهدت النقابات العمالية في سوريا نموًا ملحوظًا، وتوسعت تدريجيًا لتشمل مجموعة أوسع من الفئات الاجتماعية والمهنية. في عام ١٩٦٣، تأسس "الاتحاد العام للعمال السوريين" لتنظيم النقابات العمالية والدفاع عن حقوق العمال في سوريا.

لكن في العقود الأخيرة، وبعد صعود حزب البعث وحكم الأسد، واجهت النقابات العمالية السورية تحديات كبرى أدت إلى إخضاعها ــ مثل جميع المؤسسات المدنية الأخرى ــ ووضعها تحت سيطرة الأجهزة الأمنية.

وهكذا فإن النقابات العمالية في سورية، كما في كثير من البلدان الأخرى، تؤدي عدة أدوار تقليدية يمكن تلخيصها على النحو التالي:

أ. الدفاع عن حقوق العمال:

تلعب النقابات دورًا محوريًا في الدفاع عن حقوق العمال والمناصرة لتحسين ظروف العمل والأجور. فهي تمثل العمال في المفاوضات مع أصحاب العمل، سواءً كانت هذه المفاوضات تتعلق بالأجور أو ساعات العمل أو ظروف العمل.

ب. التوعية والتثقيف:

تُسهم النقابات في توعية العمال بحقوقهم وواجباتهم وتعريفهم بقوانين العمل، وتُنظم ورش عمل ودورات تدريبية لتعزيز قدراتهم وتنمية مهاراتهم.

ج. تقديم الدعم الاجتماعي:

تقدم النقابات العمالية مجموعة من الخدمات الاجتماعية لأعضائها، مثل الرعاية الصحية والتعليم ودعم السكن. تُسهم هذه الخدمات في تحسين جودة حياة العمال وأسرهم.

د. تعزيز الوحدة والتضامن:

تعزز النقابات وحدة العمال وتضامنهم، مما يُمكّنهم من التكاتف لتحقيق مصالحهم المشتركة. وغالبًا ما تكون النقابات بمثابة الصوت الجماعي الذي يُمثل مطالب العمال.

هـ. المساهمة في صنع القرار:

تلعب النقابات دورًا في المشاركة في صنع القرار على المستوى الوطني من خلال الضغط على الحكومة وصانعي السياسات. وتسعى جاهدةً لإحداث تغييرات إيجابية في التشريعات والسياسات المتعلقة بالعمل.

ينبع تأثير النقابات في المجتمع السوري من دورها في الدفاع عن حقوق العمال وتحسين ظروف عملهم، مما يساهم في رفع مستوى معيشتهم وأسرهم.

كما تسعى النقابات إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفجوة بين مختلف الطبقات الاجتماعية.

ومن خلال تمثيل مصالح العمال والدفاع عنها، تساهم النقابات في الاستقرار الاجتماعي والحد من النزاعات.

كما تساعد النقابات على زيادة وعي العمال بالقضايا السياسية والاجتماعية، مما يعزز مشاركتهم في الحياة العامة.

النقابات والانتقال السياسي:

تلعب النقابات دورًا حيويًا خلال فترات التحول السياسي في العديد من البلدان. ومن خلال هذا الدور، تُسهم النقابات في تحقيق الاستقرار السياسي والعدالة الاجتماعية. ومن بين الأدوار الرئيسية التي تلعبها النقابات خلال فترات التحول السياسي ما يلي:

  1. تعزيز الديمقراطية:

تعمل النقابات على تعزيز المشاركة الديمقراطية من خلال تشجيع العمال على الانخراط في العملية السياسية والتصويت في الانتخابات. كما تشجع النقابات الحوار والتعاون بين مختلف الفئات الاجتماعية والسياسية.

2.الدفاع عن حقوق العمال:

تلعب النقابات دورًا رئيسيًا في الدفاع عن حقوق العمال خلال فترات التحول السياسي. وتعمل على ضمان عدم إغفال حقوق العمال في العمليات السياسية والإصلاحات الاقتصادية.

3.المساهمة في الاستقرار الاجتماعي:

من خلال التوسط في النزاعات بين العمال وأصحاب العمل، تساهم النقابات في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والحد من النزاعات العمالية. هذا الاستقرار ضروري لنجاح التحول السياسي.

4. الضغط من أجل الإصلاحات السياسية والاقتصادية:

تستغل النقابات قوتها العددية ونفوذها السياسي للدفع نحو إصلاحات سياسية واقتصادية تعود بالنفع على العمال. تشمل هذه الإصلاحات تحسين ظروف العمل، وزيادة الأجور، وتوفير الحماية الاجتماعية.

5.بناء التحالفات:

تعمل النقابات على بناء تحالفات مع منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية لتحقيق أهداف مشتركة. يمكن أن يساعد هذا التعاون في تعزيز تأثير النقابات في العمليات السياسية.

أمثلة من تاريخ دور النقابات في المساهمة في التحولات السياسية الناجحة:

أ. جنوب أفريقيا:

لعبت النقابات العمالية دورًا محوريًا في مكافحة نظام الفصل العنصري ودعم التحول الديمقراطي في جنوب أفريقيا. وكان "مؤتمر نقابات جنوب أفريقيا" (كوساتو) أحد الأعضاء الرئيسيين في تحالف المعارضة الذي أدى إلى إنهاء نظام الفصل العنصري.

ب. بولندا:

كان اتحاد "تضامن" العمالي، بقيادة ليش فاليسا، عاملًا محوريًا في الانتقال من النظام الشيوعي إلى الديمقراطية في أواخر ثمانينيات القرن الماضي.

ج. تونس:

لعب الاتحاد العام التونسي للشغل دورًا محوريًا في التحول السياسي بعد الثورة التونسية عام ٢٠١١. وكان الاتحاد جزءًا من "رباعية الحوار الوطني"، التي فازت بجائزة نوبل للسلام عام ٢٠١٥ لدورها في تحقيق الحوار الوطني والدفع نحو الاستقرار والديمقراطية.

تُظهر هذه الأمثلة، من بين أمثلة أخرى، كيف يُمكن للنقابات أن تكون دافعًا للتغيير الإيجابي خلال فترات التحول السياسي.

التحديات والصعوبات:

تواجه النقابات في سوريا تحدياتٍ عديدة تُؤثر على قدرتها على تمثيل العمال والدفاع عن حقوقهم. من أبرز هذه التحديات:

أ. التحديات القانونية والسياسية:

  • القوانين الصارمة: منعت الحكومة السورية السابقة، في عهد الأسد الراحل، تشكيل نقابات حرة، وقيدت حقوق العمال في الاحتجاج والتظاهر. وحتى بعد التحرير، لا تزال هذه القوانين بحاجة إلى تعديلات عاجلة.
  • الضغوط السياسية: تواجه النقابات ضغوطًا كبيرة تسعى إلى الحد من نفوذها وتقييد نطاق عملها.
  • التمردات والاضطرابات: تُعيق النزاعات المسلحة والاضطرابات الداخلية عمل النقابات، وتُصعّب عليها أداء مهامها بفعالية.

ب. التحديات الاقتصادية والاجتماعية:

التضخم والتدهور الاقتصادي: تؤثر الظروف الاقتصادية الصعبة على قدرة النقابات على تقديم الدعم المالي للعمال.

البطالة والعمل غير الرسمي: يُؤدي ارتفاع معدلات البطالة والعمل غير الرسمي إلى صعوبة تمثيل جميع العمال في النقابات.

التغيرات الاجتماعية: تؤثر التغيرات الاجتماعية والسياسية في البلاد على العلاقة بين النقابات والعمال، مما يُصعّب على النقابات الحفاظ على دعمها.

دور النقابات في تعزيز الديمقراطية والمشاركة السياسية:

تلعب النقابات دورًا حيويًا في تعزيز الديمقراطية والمشاركة السياسية خلال فترات الانتقال السياسي، والتي غالبًا ما تكون حاسمة لمستقبل الديمقراطية في البلاد. لذلك، تكمن أهمية النقابات في:

  1. تحفيز المشاركة السياسية: تشجع النقابات العمال وأفراد المجتمع على الانخراط في العملية السياسية، سواءً من خلال التصويت في الانتخابات أو المشاركة في المظاهرات والاحتجاجات السلمية.
  2. التوعية المجتمعية: تعمل النقابات على توعية العمال والمجتمع بحقوقهم وواجباتهم السياسية، بما في ذلك نشر الوعي بالقوانين والحقوق المتعلقة بالعمل والمشاركة السياسية.
  3. الضغط السياسي: تستخدم النقابات قوتها العددية ونفوذها السياسي للضغط على الحكومات لتبني سياسات ديمقراطية وتحقيق الإصلاحات اللازمة، من خلال التنظيم والاحتجاج السلمي. ويمكن للنقابات أن تكون صوتًا قويًا للمجتمع المدني.
  4. الحوار الوطني: تساهم النقابات في تعزيز الحوار الوطني بين مختلف الفئات السياسية والاجتماعية، مما يساعد على الوصول إلى توافق وطني شامل حول القضايا الحيوية.

يمكن القول إن النقابات تساهم في بناء مؤسسات ديمقراطية ومستدامة من خلال ما يلي:

  1. الشفافية والمساءلة في المؤسسات العامة والخاصة: من خلال مراقبة السياسات والممارسات والعمل على كشف الفساد، تساعد النقابات في بناء مؤسسات نزيهة وفعالة.
  2. ضمان حقوق العمال وتحسين ظروف العمل: يشمل ذلك التفاوض على الأجور وظروف العمل، وتقديم الدعم القانوني لهم في حال وجود نزاعات. ومن خلال هذه الجهود، تستطيع النقابات تحسين جودة حياة العمال وأسرهم.
  3. تعزيز التنمية المستدامة: من خلال الدفاع عن حقوق العمال والمشاركة في صياغة السياسات الاقتصادية، يمكن للنقابات المساهمة في تحقيق نمو اقتصادي مستدام ومتوازن يضمن العدالة الاجتماعية.
  4. تعزيز وحدة المجتمع وتضامنه: يساهم ذلك في بناء نسيج اجتماعي قوي قادر على مواجهة التحديات. ومن خلال تقديم الدعم للعمال والانخراط في العمل الاجتماعي، تلعب النقابات دورًا حيويًا في بناء مجتمع متماسك ومستدام.

لذلك، فإن تفعيل دور النقابات في سوريا خلال المرحلة الانتقالية ليس مجرد خيار، بل ضرورة لتحقيق انتقال سياسي ناجح وبناء مستقبل مستدام وديمقراطي للبلاد. النقابات كقوة اجتماعية وسياسية:

تلعب النقابات دورًا حيويًا كقوة اجتماعية وسياسية في المجتمعات، من خلال تنظيم العمال وتوحيدهم والمساهمة في تحقيق التغيير السياسي والاجتماعي.

لنستعرض كيف يمكن تحويل النقابات إلى قوة ضغط لتحقيق التغيير السياسي، ودورها في تعزيز الحوار الوطني والمصالحة.

أ. كيفية تحويل النقابات إلى قوة ضغط لتحقيق التغيير السياسي، من خلال:

  • التنظيم والتوحيد: يُعدّ التنظيم والتوحيد الفعالان من أهم خطوات تحويل النقابات إلى قوة ضغط. فمن خلال تنظيم العمال في وحدات نقابية قوية وموحدة، يمكن للنقابات أن يكون لها تأثير أكبر على العملية السياسية.
  • التثقيف والتوعية: إن تثقيف أعضاء النقابات بحقوقهم وواجباتهم، وزيادة وعيهم بالقضايا السياسية والاجتماعية، يُسهم في تعزيز دور النقابات كقوة ضغط. ويمكن للنقابات تنظيم ورش عمل وبرامج تدريبية لرفع مستوى الوعي بين أعضائها.
  • التحالفات والتعاون: إن بناء تحالفات مع منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية يُعزز قدرة النقابات على التأثير في السياسات العامة. ومن خلال التعاون مع مختلف الشركاء، يمكن للنقابات تعزيز قوتها التفاوضية.
  • المظاهرات والاحتجاجات السلمية: إن تنظيم المظاهرات والاحتجاجات السلمية كأداة ضغط يُمكن أن يُؤثر بشكل كبير على صنع القرار السياسي. تُسلّط هذه الاحتجاجات الضوء على مطالب العمال وتلفت انتباه الحكومة والرأي العام.
  • المشاركة في الحوار الوطني: من خلال المشاركة الفاعلة في الحوار الوطني، يُمكن للنقابات أن تكون جزءًا من العملية السياسية، مقدمةً رؤاها وحلولها للتحديات التي تواجه المجتمع.

ب. دور النقابات في تعزيز الحوار الوطني والمصالحة، من خلال:

  • الجسر بين مختلف الأطراف: يُمكن للنقابات أن تكون بمثابة جسر بين مختلف الفئات المجتمعية أو السياسية. من خلال تشجيع الحوار والتفاهم، يُمكن للنقابات أن تُساعد في تخفيف التوترات والصراعات.
  • الدعوة إلى المصالحة الوطنية وتعزيز السلم الاجتماعي: من خلال تنظيم مبادرات ومؤتمرات المصالحة، يُمكن للنقابات أن تُساهم في بناء الثقة بين مختلف الفئات.
  • تقديم حلول عملية ومستدامة للتحديات المجتمعية: من خلال المشاركة الفاعلة في صياغة السياسات، يُمكن للنقابات أن تكون قوة دافعة للتغيير الإيجابي.
  • دعم العملية الديمقراطية من خلال تشجيع المشاركة السياسية وحماية حقوق العمال: وهذا يُعزز استقرار النظام السياسي ويُعزز الحوكمة الرشيدة.

باختصار، يُمكن للنقابات أن تكون قوة اجتماعية وسياسية فعّالة في تحقيق التغيير السياسي وتعزيز الحوار الوطني والمصالحة، مما يُسهم في بناء مجتمع أكثر استقرارًا وعدالة. استراتيجيات لتعزيز دور النقابات في الانتقال السياسي

  1. بناء القدرات التنظيمية: يشمل ذلك توفير برامج تدريبية وورش عمل للعمال والنقابيين لرفع مستوى وعيهم بحقوقهم وواجباتهم وكيفية التأثير على العملية السياسية. يُعدّ تحسين هيكل النقابات وتعزيز قدرتها على تنظيم العمال وتوحيد جهودهم لتحقيق أهداف مشتركة أمرًا بالغ الأهمية.
  2. التواصل والتعاون: يشمل ذلك بناء التحالفات وتعزيز التعاون مع منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والنقابات الأخرى لتحقيق الأهداف المشتركة. ستعزز المشاركة في الحوارات الوطنية والمفاوضات السياسية دور النقابات كوسيط بين العمال والحكومة وأصحاب العمل.
  3. الضغط السياسي: يشمل ذلك تنظيم المظاهرات والاحتجاجات السلمية للضغط على الحكومة لإجراء الإصلاحات اللازمة، واستخدام وسائل الإعلام للتوعية بمطالب العمال والتحديات التي تواجهها النقابات.
  4. المشاركة في صنع القرار: تركز على السعي إلى التمثيل في اللجان والمجالس الحكومية المعنية بصياغة السياسات المتعلقة بالعمل والاقتصاد. يمكن للنقابات المساهمة في صياغة القوانين من خلال تقديم مقترحات وتشريعات تُحسّن ظروف العمل وتضمن حقوق العمال.

رؤية مستقبلية لدور النقابات في سوريا:

في ظل التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها سوريا، يجب أن تلعب النقابات دورًا محوريًا في إعادة بناء المجتمع وتعزيز الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

من هنا، نقدم رؤية مستقبلية لدور النقابات في سوريا، والتي قد تشمل ما يلي:

  1. تعزيز الديمقراطية والمشاركة السياسية: تُعد النقابات جزءًا أساسيًا من النسيج الديمقراطي لأي مجتمع. في سوريا، يمكن للنقابات تعزيز دورها من خلال تشجيع المشاركة السياسية من خلال توعية العمال بحقوقهم وواجباتهم، وتشجيع مشاركتهم في العملية السياسية، وأن تكون صوتًا قويًا يدافع عن حقوق العمال ويطالب بإصلاحات سياسية تضمن حقوق الجميع.
  2. تحسين ظروف العمل وحماية حقوق العمال: يلعب تحسين ظروف العمل وحماية حقوق العمال دورًا حيويًا في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وهذا يضمن بيئة عمل آمنة وصحية، ويدعو إلى تحسين الأجور، ويضمن الحقوق الاجتماعية كالرعاية الصحية ومزايا التقاعد.
  3. تعزيز الوحدة والتضامن: من خلال تعزيز الوحدة والتضامن بين العمال، يمكن للنقابات تعزيز مكانتها وزيادة نفوذها من خلال بناء شبكات دعم قوية والمساعدة المتبادلة فيما بينهم، مما يعزز قدرتها التفاوضية.
  4. الضغط من أجل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية: يمكن للنقابات أن تكون قوة دافعة لتحقيق إصلاحات اقتصادية واجتماعية تعود بالنفع على العمال والمجتمع ككل. ومن خلال الضغط على الحكومات وصانعي السياسات، يمكن للنقابات أن تساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
  5. المشاركة في الحوار الوطني وبناء السلام: يمكن للنقابات أن تلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز الحوار الوطني وبناء السلام في سوريا. ومن خلال العمل على تحقيق المصالحة والتعاون بين مختلف الفئات الاجتماعية والسياسية، يمكن للنقابات أن تساعد في بناء مجتمع أكثر استقرارًا وعدالة.

بالطبع، تصاحب هذه الرؤية تحديات كبيرة، مثل الوضع الأمني ​​والسياسي المتقلب. فقد تعيق الظروف الأمنية والسياسية غير المستقرة عمل النقابات وتحد من تأثيرها.

بالإضافة إلى ذلك، قد تُصعّب التحديات الاقتصادية على النقابات تحقيق أهدافها وتحسين ظروف العمل.

علاوة على ذلك، قد تؤثر التغيرات الاجتماعية والهجرة والنزوح على تركيبة النقابات وتضعف تماسكها.

يمكن القول إن للنقابات في سورية دوراً محورياً في المرحلة الانتقالية، إلا أن نجاحها يعتمد على قدرتها على التكيف مع التحديات والتطورات والعمل بروح التضامن والوحدة.

السيناريوهات المحتملة للنقابات السورية مستقبلاً:

يتأثر مستقبل النقابات في سورية بالعديد من العوامل والمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

لذلك، نعتقد أن هناك عدة سيناريوهات محتملة لدور النقابات في المستقبل:

  1. السيناريو الإيجابي: التعافي والتطور:في هذا السيناريو، تتمكن النقابات من التعافي والتطور بشكل ملحوظ. ويشمل ذلك تحقيق إصلاحات سياسية تضمن حقوق العمال وتُحسّن ظروف العمل، مثل تحسين الأجور، وتوفير الحماية الاجتماعية، وضمان حق التنظيم والاحتجاج السلمي. كما تُسهم النقابات في تعزيز الديمقراطية من خلال تشجيع المشاركة السياسية والتعاون مع منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، مع تقديم برامج تثقيفية وتدريبية للعمال لتطوير مهاراتهم وتوعيتهم بحقوقهم وواجباتهم.
  2. السيناريو الصعب (الصمود والثبات):في هذا السيناريو، تواجه النقابات تحديات كبيرة، لكنها تتمكن من الصمود والمقاومة. ينطوي هذا السيناريو على استمرار الضغوط السياسية والاقتصادية على النقابات، مما يعيق قدرتها على تحقيق أهدافها بالكامل. نتيجةً لذلك، قد تُركز النقابات على تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات السلمية كوسيلة للضغط على الحكومة والمطالبة بالإصلاحات. كما تعمل النقابات على بناء تحالفات مع منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية لتعزيز قوتها التفاوضية.
  3. السيناريو السلبي (الضعف والتراجع):في هذا السيناريو، تعاني النقابات من ضعف وتراجع في دورها. ويشمل ذلك استمرار السياسات القمعية التي تُعيق حرية التنظيم والاحتجاج، مما يُقلل من نفوذها. ومع تفاقم الأزمات الاقتصادية، تتأثر قدرة النقابات على تقديم الدعم المالي والخدمات الاجتماعية للعمال سلبًا. إضافةً إلى ذلك، يُضعف تشرذم النقابات وضعف الوحدة والتضامن بين العمال تأثير النقابات على العملية السياسية.
  4. السيناريو الواقعي (التكيف والتحسين التدريجي): في هذا السيناريو، تتكيف النقابات تدريجيًا مع التحديات وتُحقق تحسينات ملموسة على المدى الطويل. ويشمل ذلك تحقيق إصلاحات تدريجية تُحسّن ظروف العمل وتضمن حقوق العمال، بالإضافة إلى بناء علاقة تعاون إيجابية مع الحكومة وأصحاب العمل لتحقيق الأهداف المشتركة. بالإضافة إلى ذلك، هناك زيادة في الوعي العام بأهمية دور النقابات، مما يؤدي إلى تعزيز الدعم الشعبي للنقابات.

الخلاصة:

بغض النظر عن السيناريوهات، ستواجه النقابات في سوريا تحديات كبيرة، منها الوضع الأمني ​​والسياسي المتقلب، مما يعيق عملها ويحد من تأثيرها. وقد تُصعّب التحديات الاقتصادية على النقابات تحقيق أهدافها وتحسين ظروف العمل، بينما تؤثر الهجرة والنزوح المستمران على تكوين النقابات وتُضعف تماسكها.

في الختام، يعتمد مستقبل النقابات في سوريا بشكل كبير على قدرتها على التكيف مع التحديات واغتنام الفرص المتاحة لتعزيز دورها وتحقيق أهدافها.

المكتب السياسي
بلال محيي الدين
مقالات
تيار المستقبل السوري

شاركها على:

اقرأ أيضا

إعادة تكوين الإنسان العربي: من التهميش إلى الولادة الجديدة

التحديات التي تواجه الإنسان العربي وكيف يمكن إعادة تكوينه من التهميش إلى التحول الإيجابي.

4 ديسمبر 2025

أنس قاسم المرفوع

واقع تجارة المخدرات وتعاطيها في سورية في مرحلتي ما قبل وبعد سقوط نظام الأسد

واقع تجارة المخدرات وتعاطيها في سورية قبل وبعد سقوط نظام الأسد وتأثيرها على الاقتصاد والمجتمع.

4 ديسمبر 2025

إدارة الموقع