المكتب الإعلاميرموز وأعلام الدّولة في سورية
رموز وأعلام الدّولة في سورية (7) تاج الدين الحسني
- ولِد تاج الدين الحسني في دمشق، ودرس علوم الشريعة واللغة العربية على يد والده الشيخ بدر الدين الحسني، أحد أشهر عُلماء عصره في بلاد الشام.
- دَرس الفقه الإسلامي على يد الشيخ محمد رشيد العطار.
- في عام 191م، عُيّن مُدرساً في المدرسة السلطانية بدمشق وعضواً في مجلس إصلاح المدارس.
- اختاره جمال باشا، حاكم سورية العسكري خلال الحرب العالمية الأولى ليكون رئيساً لتحرير جريدة الشرق التي أسستها الدولة العثمانية في سورية.
- تعاون مع المفكر القومي شكيب أرسلان، الذي بات معاوناً لرئيس التحرير
- صدر العدد الأول من جريدة الشرق في 27 نيسان 1916م.
- بعد استقالة الأمير شكيب من منصبه، احتجاجاً على إعدام جمال باشا نخبة من القادة العرب في دمشق وبيروت، كَلّف الشيخ تاج صديقه الصحفي محمّد كرد علي بإدارة تحرير الصحيفة التي ظلّت تصدر حتى خروج العثمانيين من سورية في 26 أيلول 1918م.
- كان الحسني أحد المندوبين الممثلِّين لدمشق في المؤتمر السوري العام عام 1919م الذي نادى باستقلال سورية (من أنطاكية إلى غزة) تحت حكم الأمير فيصل بن الحسين.
- بايع الأمير فيصل حاكماً على دمشق يوم 3 تشرين الأول 1918م، ووضع نفسه تحت تصرف والده الشريف حسين بن علي، قائد الثورة العربية الكبرى ضد الدولة العثمانية.
- قام الأمير فيصل بتعيينه مديراً للقصر الملكي في منطقة المهاجرين، على سفح جبل قاسيون.
- سُمّي الشيخ تاج عضواً في محكمة التمييز الشرعية وفي مجلس الشورى السوري.
- خلال سنوات العهد الفيصلي (1918-1920م)، انتسب إلى الحزب السوري الوطني الذي أسسه أمير الحج عبد الرحمن باشا اليوسف، المنادي بوحدة الأراضي السورية واستقلالها التام عن أية هيمنة أوروبية.
- في عام 1919م، ترشح في الانتخابات البرلمانية التي تمت في سورية وفاز بمقعد نيابي ممثلاً عن دمشق في المؤتمر السوري العام وهو أول سلطة تشريعية في تاريخ سورية الحديث.
- شارك في حفل تتويج الأمير فيصل ملكاً على البلاد يوم 8 آذار 1920م.
- سافر من سورية بعدما خُلع الملك فيصل عن عرش سورية في صيف عام 1920م، بعد مواجهة عسكرية مع الجيش الفرنسي في معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920م، إلى فرنسا وتَعرّف على معظم رجالات الانتداب النافذين الذين طلبوا منه العودة إلى دمشق وتشكيل حكومة وحدة وطنية في الأيام الأولى من الثورة السورية الكبرى، خلفاً لحكومة الرئيس صبحي بركات.
- رفض تشكيل الطلب الفرنسي بسبب الاحتقان السّياسي واشتعال الثورة المسلحة في طول البلاد وعرضها.
- بعد انتهاء الثورة بأشهر قليلة أُعيد تكليفه مرة ثانية وقبل الشيخ تاج المهمة، وشكّل حكومته الأولى يوم 15 شباط 1928م.
- جاءت الحكومة مؤلفة من ستة وزراء فقط، جميعهم من الأعيان.
- كُلّفت هذه الوزارة بالإشراف على الانتخابات العامة للمؤتمر التأسيسي الذي كان من المفترض أن يَضع أول دستور جمهوري لسورية يُلبي المطالب الوطنية.
- أجريت الانتخابات يوم 24 نيسان 1928م حيث تمكن الشيخ تاج من وضع اسمه على كافة القوائم الانتخابية في دمشق، بما فيها قائمة الكتلة الوطنية، وصار يُعرف بلقب «شيخ القوائم.»
- من أصل تسعة نواب عن دمشق، فازت الكتلة الوطنية بثمانية مقاعد، وكان المقعد التاسع من نصيب الشيخ تاج نفسه.
- عقدت اللجنة المنتخبة أول اجتماعاتها يوم 9 حزيران 1928م وبدأت بالعمل على كتابة الدستور الجديد تحت إشراف هاشم الأتاسي رئيس المؤتمر، ممثلاً عن الكتلة الوطنية. وضعوا دستوراً عصرياً خلال مدة أسبوعين، دون ذكر الانتداب الفرنسي لا من قريب ولا من بعيد
- غضبت المفوضية الفرنسية العليا في بيروت وطلبت منهم تعديل ست مواد من الدستور، ولكن هاشم الأتاسي رفض القيام بذلك. اعترضت فرنسا على إعطاء رئيس الجمهورية السورية، بدلاً من المفوض السامي الفرنسي، حق إبرام المعادهات الدولية وإعلان السلم والحرب، وطالبت بالاعتراف بشرعية الانتداب دستورياً.
- حينها اقترح الشيخ تاج قبول التعديلات الفرنسية تفادياً لأي صدام مع سلطة الانتداب، فتعرض لهجوم من قبل نائب دمشق فخري البارودي، مما أجبره على مغادرة المؤتمر احتجاجاً وغضباً.
- بعدها وعند إصرار الوطنيين على موقفهم، قامت فرنسا بحل المؤتمر التأسيسي وتعطيل الدستور إلى أجل غير مسمى.
- في 14 آب 1930م أجرى الشيخ تاج تعديلاً طفيفاً على حكومته، بعد التخلي عن بعض الوزراء المهزومين في الانتخابات، فتسلّم حقيبة الداخلية بنفسه خلفاً لسعيد محاسن، وجاء برجل القانون الكبير شاكر الحنبلي وزيراً للعدلية، بدلاً من صبحي نيّال، كما قام بنقل توفيق شامية من وزارة الأشغال العامة إلى وزارة المالية، وكلّف فؤاد العادلي المستقل بحقيبة الأشغال، ولكنه أبقى على كل من محمّد كرد علي وعبد القادر الكيلاني في مناصبهم.
- في 27 تشرين الأول 1930م، أطاح بالكيلاني، وسمّى رئيس مجلس الشورى الأسبق بديع مؤيد العظم، وزيراً للزراعة في حكومته الثالثة.
- كان الشيخ تاج فخوراً جداً بالإنجازات العمرانية التي حققتها حكومته، وطَلَب من مطبعة الحكومة وضع كتاب عنها صَدر في دمشق عام 1931م.
- ضمت هذه الإنجازات إنشاء مستشفى ابن رشد للأمراض السارية في حلب ومستشفى الرازي للأمراض الجلدية والعينية، إضافة لمشفى الأمراض العقلية في القصير ومشفى آخر في مدينة دير الزور.
- دُشّنت في عهده 24 مدرسة للذكور وأربع مدارس للبنات وثلاث مدارس للبدو، ومعهم المدرسة العليا للآداب في دمشق التي قام هو بافتتاحها يوم 9 تشرين الثاني 1929م.
- ضمّت الإنجازات شق طريق دمشق حلب وطريق القنيطرة بانياس، وإنشاء سرايا الحكم في كلّ من حلب (في سوق الجمعة مقابل القلعة) وإدلب والقامشلي ورأس العين وعفرين والباب ومنبج وجرابلس في الشمال، وكلّ من قطنا ودوما في ريف دمشق. وأخيراً كان مقر المجلس النيابي الحديث في دمشق، الذي بني على أنقاض سينما قديمة.
- رشح نفسه للانتخابات النيابية عام 1932م وفاز بمعقده المعتاد ممثلاً عن دمشق.
- ترشح أيضاً لأول انتخابات رئاسية في سورية. خاض المعركة الانتخابية داخل المجلس النيابي ضد هاشم الأتاسي، ممثلاً عن الكتلة الوطنية، ورئيس الورزاء الأسبق علي رضا الركابي، ممثلاً عن حزب الأمة الملكي، وحقّي العظم رئيس دولة دمشق الأسبق، ممثلاً عن التيار المهادن للفرنسيين، ورئيس دولة الاتحاد السوري الأسبق صبحي بركات، ممثلاً عن قوى الشمال، والمرشح المستقل محمّد علي العابد، سفير الدولة العثمانية الأسبق في واشنطن.
- فاز العابد بالرئاسة الأولى يوم 11 حزيران 1932م، وغاب الشيخ تاج عن المشهد مجدداً حتى عام 1934م عندما طلب منه رئيس الجمهورية تشكيل الحكومة السورية الجديدة خلفاً لحكومة الرئيس حقي العظم.
- تغيرت سياسة الشيخ تاج ولم يعتمد على أي من حلفائه التقليدين إلا صديقه الوفي جميل الإلشي، الذي عُيّن وزيراً للأشغال العامة. أما بقية الحقائب فقد ذهبت لشحصيات محسوبة على التيار الوطني الذي كان في السابق شديد الانتقاد للشيخ تاج ويتهمه دوماً بمهادنة الفرنسيين والعمالة لهم.
- جاء بأحد أركان الكتلة الوطنية، حسني البرازي وزيراً للمعارف وعيّن عطا الأيوبي المقرب من هاشم الأتاسي، وزيراً للعدلية. ولكن هذه الحكومة تعرضت لهجوم كبير من الشارع عند وفاة زعيم حلب وقائد ثورة الشمال إبراهيم هنانو في تشرين الثاني 1935م.
- خرجت معظم القوى السّياسية في وداعه وأطلقت هتافات معادية لرئيس الحكومة ولنظام الانتداب، فردت فرنسا باعتقال المتظاهرين وزجّهم في السجون، مما أشعل مظاهرات أكبر وأوسع في كافة المدن السورية، حاول الشيخ تاج احتواء الموقف، دون أي جدوى، وتحولت المظاهرات إلى إضراب عام عُرف بالضراب الستيني.
- بعد اعتقال الفرنسيين نائب دمشق فخري البارودي، أحد أركان الكتلة الوطنية. في نهاية المطاف، تخلت فرنسا عن الشيخ تاج إرضاءً للشارع وقبلت بتعين رئيس حكومة جديد يقبل به زعماء الكتلة، وهو عطا الأيوبي، يوم 24 شباط 1934م.
- في عام 1941م كانت البلاد تعاني من اضطرابات عنيفة نتيجة الحرب العالمية الثانية، ودخول قوات فرنسا الحرة إلى سورية لتحريرها من نظام فيشي المحسوب على ألمانيا النازية، فجاء زعيم المقاومة الفرنسية الجنرال شارل ديغول إلى دمشق، ووعد الشعب السوري بالاستقلال، ولكنه أصر على بقاء الجيش الفرنسي في سورية إلى حين انتهاء الحرب في أوروبا، ودُعي هاشم الأتاسي للعودة إلى الرئاسة الأولى ولكنه رفض قائلاً: إن الفرنسيين نكثوا وعودهم في الماضي! فوقع الخيار على الشيخ تاج ليكون رئيساً لسورية، شرط أن يحكم من دون برلمان أو دستور إلى حين انتهاء المعارك في أوروبا.
- كان الشيخ تاج قد أمضى سنوات الحرب العالمية في باريس، وعاد إلى دمشق في ظل حكم فيشي، حيث أثارت تحركاته شكوك وقلق المسؤولين الموالين لألمانيا فقاموا بوضعه تحت الإقامة الجبرية في قصره في منطقة الحلبوني.
- رُفع الحظر عنه مع وصول الجنرال شارل ديغول إلى سورية عام 1941م، الذي اجتمع مطولاً مع الشيخ تاج وطُلب منه التوصل إلى اتفاق مع قادة الكتلة الوطنية، لإضفاء شرعية على حكمه الجديد.
- وافق الشيخ تاج وعرض على خصم الأمس جميل مردم بك أن يكون رئيساً للحكومة في عهده، ولكن هذا الاتفاق لم ينجح بسبب معارضة هاشم الأتاسي.
- اشترط الشيخ تاج على الفرنسيين توحيد البلاد السورية في رئاسته، وضمّ كلاً من دولة العلويين ودولة الدروز إلى الجمهورية السورية.
- في ردّه على الفرنسيين، قال الشيخ تاج: “كوني رئيساً مُعيناً ولست منتخباً، فبإمكانكم التخلي عني بشطبة قلم، ولذلك، أرغب أن يتم دعوتي رسمياً لتسلم زمام الأمور، تماماً كما دعت حكومة إنكلترا الملك فيصل الأول لتولي عرش العراق، وبالفعل وافق شارل ديغول على طلبه وبعث برسالة خطيّة للشيخ تاج، يدعوه فيها رسمياً لتسلّم رئاسة الجمهورية يوم 12 أيلول 1941م.
- بدأت الرسالة بمخاطبة الشيخ تاج بصفة “دولة الرئيس” كونه رئيس وزراء أسبق، وانتهت بعبارة: “مع فائق الاحترام يا فخامة الرئيس.”
- ولكسب شرعية مضافة، طلب الشيخ تاج من حسن الحكيم، أحد أكثر السّياسيين السوريين نزاهة وأخبرهم في إدارة شؤون الدولة، أن يكون أول رئيس حكومة في عهده، وكان حسن الحكيم صديقاً وحليفاً للطبيب الراحل عبد الرحمن الشهبندر، أحد قادة النضال الوطني في سورية، الذي اغتيل عام 1940م.
- تعاون الشيخ تاج معه ومع تيار عبد الرحمن الشهبندر، وجاء بأحد رموز التيار وهو المحامي زكي الخطيب ليكون وزيراً للعدل. وتعاون أيضاً مع بعض رجال الكتلة الوطنية، عبر تسمية أربعة من رموزها في مناصب حكومية.
- تعاون الشيخ تاج مع الأقليات ودعاهم لتسلّم مناصب حكومية في عهده للمرة الأولى في تاريخ سورية.
- جاء بمنير العباس من أبناء الطائفة العلوية وزيراً للأشغال، وكلّف عبد الغفار باشا الأطرش من الدروز بحقيبة الدفاع، وهو من قادة الثورة السورية الكبرى.
- في 12 كانون الثاني 1942م، أُقيم حفل كبير في السراي الحكومي، احتفالاً بضم الجبلين إلى سورية، وصدر طابع بريدي بهذه المناسبة، حمل رسم الشيخ تاج، بعدها أبرق وزير الخارجية فائز الخوري إلى عواصم العالم، معلناً استقلال سورية عن الانتداب الفرنسي باسم الرئيس تاج الدين الحسني.
- جاءت ردود رسمية من ملوك ورؤساء العالم، أضفت شرعية دولية على العهد الجديد ورئيسه.
- بدأت علاقة الرئيس تاج الدين الحسني برئيس وزرائه حسن الحكيم تتصدع بسبب إصرار الأخير على إعادة فتح ملف التحقيق في جريمة اغتيال الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، الأمر الذي رفضه الشيخ تاج لكي لا يحرج السلطات الفرنسية في سورية.
- استقال حسن الحكيم من منصبه وكلّف الشيخ تاج أحد قادة الكتلة الوطنية حسني البرازي بتشكيل الحكومة، ولكنها أيضاً لم تستمر إلا قليلاً، بسبب صراع دار بين البرازي ورئيس الجمهورية حول صلاحيات رئيس الحكومة.
- بعد استقالة البرازي في 8 كانون الثاني 1943م وقع الاختيار على جميل الأُلشي، وهو صديق قديم للشيخ تاج الدين الحسني شارك معه في كافة حكوماته السابقة وكان رئيساً للحكومة في مطلع العهد الفرنسي.
- لم تُعمّر الحكومة طويلاً بسبب وفاة رئيس الجمهورية بعد تسعة أيام فقط من تشكيلها يوم 17 كانون الثاني 1943م.
- شيعت دمشق الرئيس تاج الدين الحسني بجنازة رسمية وشعبية شارك فيها رئيس الجمهورية اللبنانية إميل أده، وعدد من الزعماء العراقيين والسعوديين والأردنيين.
- دفن في مقبرة الباب الصغير، وقيل يومها إنه تعرض لتسمم بالدم، بعد تشخيص الأطباء اللبنانيين القادمين من بيروت.
- تولى جميل الأُلشي رئاسة الجمهورية بالوكالة من بعده حتى آذار 1943م،
- أُجريت انتخابات رئاسية في صيف ذلك العام، أوصلت شكري القوتلي إلى سدة الرئاسة الأولى، خلفاً للشيخ تاج الدين الحسني.
إننا في تيار المستقبل السوري، إذ نستذكر رجالات الدولة المؤسسين لسورية، نستحضر أحد رجالات الاستقلال، وواحداً من رموز أعلام الدولة السورية الأولى، الرئيس الشيخ تاج الدين الحسني، ضمن ملف متسلسلٍ نقدمه لكم ليضمُّ رموز وأعلام الدولة السورية، رغبةً منا بربط حاضرنا الثوري المعاصر بماضٍ صلبٍ ومحطاتٍ تاريخية، رجاء أن نُحيِيَ في شعبنا الحاجة لبناء وصناعة رجال دولةٍ بامتياز، فيحفظوا الوطن، ويصونوا المكتسبات، ويعيدوا للدولة السورية عزّها ومجدها، بعد سنوات الظلم والاستبداد والفساد.