النازحون من لبنان إلى سورية، مأساةٌ وفرصة
موقف النظام السوري والمعارضة من النازحين العائدين من لبنان (السوريين منهم واللبنانيين) قضية معقدة تتأثر بالعديد من العوامل السياسية والإنسانية والأمنية.
فالنظام السوري يدّعي ترحيبه بعودة النازحين، ويقدم نفسه كحامٍ لهم، رغم تقارير عديدة تشير إلى اعتقالات وتعذيب وإجبار النازحين على دفع رشاوى عند عودتهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرته، ويُرحب باللبنانيين بشكل كبير كونهم من حاضنة حليفه حزب الله.
كما يحاول النظام السوري استخدام قضية النازحين كأداة سياسية للترويج لنفسه وإعادة تأهيل صورته، كما أنه يستغل عودة النازحين لتعزيز نفوذه وتغيير التركيبة الديموغرافية في بعض المناطق.
من جانب آخر تتوجس المعارضة السورية من عودة النازحين إلى مناطق سيطرة النظام السوري قبل تحقيق حل سياسي شامل للأزمة السورية، وضمان حماية المدنيين، إذ تخشى من أن يستخدم النظام السوري النازحين كدرع بشري، وأن يتم استغلال عودتهم لتغيير التوازن الديموغرافي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
كل ذلك مع واقع سوري متخمٌ بعدم الاستقرار الأمني في الكثير من المناطق السورية! ما يجعل عودة النازحين السوريين بالخصوص محفوفة بالمخاطر.
فنقص الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي في الكثير من المناطق والخوف من الاعتقال والتعذيب والمواقف الدولية تجاه الأزمة السورية تؤثر بشكل كبير على قرار النازحين بالعودة.
إن قضية النازحين السوريين هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى، وتتطلب حلولاً سياسية شاملة تضمن عودة آمنة وكريمة للنازحين السوريين إلى بيوتهم ومناطقهم، وتضمن للبنانيين مكاناً مؤقتاً حتى انتهاء حرب الجنوب، لهذا فإننا نجد من الضرورة أن يتم التعامل مع النازحين من لبنان إلى سورية سواء كانوا سوريين عائدين إلى بلادهم أو لبنانيين يفرون من الأوضاع الصعبة في بلادهم على النحو التالي:
فالنظام السوري عليه:
- ضمان سلامة العائدين، وتوفير الحماية الكاملة للنازحين العائدين، وضمان عدم تعرضهم للاعتقال التعسفي أو التعذيب.
- تقديم التسهيلات اللازمة للنازحيين السوريين خصوصاً، لإعادة بناء حياتهم.
- توفير الخدمات الأساسية للنازحين العائدين، مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم.
- الالتزام بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وضمان احترام كرامة النازحين.
- التعاون مع المنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية لتقديم المساعدات للنازحين.
- تقديم الضمانات لعدم استخدام النازحين اللبنانين ضمن مشروع ترانسفير وتغيير ديمغرافي.
وأما المعارضة السورية فعليها:
- دعم عودة النازحين إلى مناطقهم الآمنة، وتقديم المساعدات اللازمة لهم ومراقبة تصرفات النظام السوري ودفعه لذلك.
- ضمان عدم استغلال النازحين لأغراض سياسية سلبية، وحمايتهم من الانتهاكات.
- التعاون مع المنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية لتقديم المساعدات للنازحين.
كما نُشجع على الاستفادة من هذه التوصيات لتحقيق حلٍّ سياسيٍّ شاملٍ يقوم على بناء الثقة بين النظام السوري والمعارضة، وبين السوريين أنفسهم، إضافة إلى تخفيف المعاناة الإنسانية وتحسن الأوضاع الإنسانية في سورية.
وأيضا الدفع نحو حل سياسي وخلق بيئة أكثر ملاءمة للحوار والتفاوض، وبالتالي الدفع نحو تحقيق حل سياسي شامل للأزمة السورية، إضافة إلى تعزيز الدور الدولي على زيادة دعمه لجهود إعادة الإعمار في سورية، وتقديم المساعدات اللازمة للنازحين العائدين.
كل ذلك بهدف تحقيق حل سياسي شامل وحقيقي في سورية، لهذا يجب على جميع الأطراف المعنية أن تضع مصلحة الشعب السوري فوق كل اعتبار، وأن تعمل معًا من أجل تحقيق السلام والاستقرار في البلاد.
إن قضية النازحين السوريين هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى، وتتطلب تضافر الجهود الدولية والإقليمية لحلها!
لهذا فإننا ندعو في تيار المستقبل السوري جميع الأطراف المعنية أن تتحمل مسؤولياتها وأن تعمل معًا من أجل تحقيق السلام والاستقرار في سورية، لتكون هذه المحنة منحة، وهذه التحديات فرصة للجميع.