المكتب الإعلاميرموز وأعلام الدّولة في سورية
رموز وأعلام الدّولة في سورية (2) فارس الخوري
- ولِد فارس الخوري في قرية الكفير على سفح جبل حرمون، ودَرس في مدارسها، ثمّ في المدرسة الأميركية في صيدا، حيث تخرّج سنة 1890م.
اعتنق جده لأبيه المذهب البروتستانتي ديناً، بدلاً من الأرثوذوكسية المسيحية. - بعد تخرجه من مدرسة صيدا، عَمل فارس الخوري مُدرّساً في مجدل شمس وثم في البترون قبل أن يلتحق بالجامعة الأميركية في بيروت، حيث تخصص بعِلم الرياضيات.
- طَلب منه مؤسس الجامعة، الراهب الأمريكي دانيال بلس، التدريس فيها لمدة عامين بعد تخرجه.
- في 1899م توجه فارس الخوري إلى دمشق ليعمل مديراً لمدرسة الآسية التابعة لبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، ومُدرّساً في ثانوية مكتب عنبر، إضافة لعمله مُترجماً في القنصلية البريطانية.
- في عام 1908م، درس الحقوق بشكل شخصي دون الانتساب إلى أي جامعة أو معهد، وفتح مكتباً للمحاماة مع المحامي أمين زيدان، شقيق الأديب جرجي زيدان.
- أصبح فارس الخوري مرجعاً عالمياً في القانون الدولي، ليكون من الآباء المؤسسين لكلية الحقوق في جامعة دمشق، التي ظلّ يُدرّس فيها من عام 1919م وحتى 1940م.
- أصبح عميداً لكلية الحقوق بجامعة دمشق.
- انتُخب فارس الخوري عضواً في بلدية دمشق سنة 1910م، وبعدها بأربع سنوات رشَّح نفسه لمجلس المبعوثان في إسطنبول، حيث فاز بالمقعد المسيحي ممثلاً عن دمشق، ليدخل السلطة التشريعية العثمانية مع عدد من الأعيان العرب، مثل محمد فوزي باشا العظم وعبد الرحمن باشا اليوسف.
- في عام 1915، أصبح عضواً في لجنة الموازنة العامة في مجلس المبعوثان، ولكنه اصطدم مع جمال باشا، الحاكم العسكري لولاية سورية خلال الحرب العالمية الأولى، بسبب نزعته العروبية وأفكاره التحررية.
- كان مقرَّباً من الجمعية العربية الفتاة، التي أُنشئَت في باريس للنهوض بالأمة العربية، ومناصراً للثورة العربية الكبرى التي انطلقت من الحجاز عام 1916م، بقيادة أمير مكة المكرمة الشريف حسين بن علي.
- استجوبه جمال باشا وسجنه مع قادة جمعية الفتاة، وكان من بينهم شكري باشا الأيوبي والطبيب أحمد قدري وشكري القوتلي. ووُضِع بعدها قيد الإقامة الجبرية في اسطنبول، ليعود إلى دمشق قبل أيام قليلة من سقوط الحكم العثماني مع نهايات الحرب العالمية الأولى سنة 1918م.
- اختير فارس الخوري ضمن مجلس حكم انتقالي شُكِّل بدمشق عشية انسحاب الجيش العثماني يوم 26 أيلول 1918م، بقيادة الأمير محمد سعيد الجزائري، حفيد المجاهد الأمير عبد القادر الجزائري، وقام أعضائه برفع علم الثورة العربية فوق سماء دمشق.
- خطب فارس الخوري بالجماهير من على شرفة دار الحكومة، نيابة عن الأمير محمد سعيد الجزائري، معلناً تحرير البلاد من الحكم التركي الأتاتوركي.
- لم تستمر الحكومة المؤقتة إلا أيام معدودة فقط، فتم حلّها فور دخول جيوش الحلفاء إلى العاصمة السورية، بحجة أن الرئيس الأمير عبد القادر الجزائري لم يكن مخوّلاً بحكم المدينة ولا مُكلّفاً من الشريف حسين بن علي أو أيٍّ من مستشاريه البريطانيين والعرب.
- بايع فارس الخوري الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية، وشارك في حفل تتويجه ملكاً على البلاد يوم 8 أذار 1920م.
- في اليوم التالي، سُمّي وزيراً للمالية في حكومة الفريق علي رضا باشا الركابي، وعضواً في مجلس الشورى.
- كلّفه الملك فيصل بتعريب مناهج كلية الحقوق، بعد تعينه أستاذاً في هيئتها التدريسية، وبتأسيس مجمع اللغة العربية بدمشق مع محمد كرد علي عام 1919م.
- نجح فارس الخوري بوضع موازنة كاملة للدولة السورية الوليدة والخارجة من الحرب، ومعها نظام ضريبي حديث، كما وضع الدينار السوري الذهبي الذي لم يتم تداوله بسبب سقوط العهد الفيصلي على يد الجيش الفرنسي إثر معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920م.
- كان آخر قرار لفيصل الأول قبل مغادرته دمشق تشكيل حكومة جديدة برئاسة علاء الدين الدروبي، سمّي فيها فارس الخوري مجدداً وزيراً للمالية.
- دخل المندوب السامي الفرنسي هنري غورو مدينة دمشق محتلاً بعد خروج فيصل بحوالي الأسبوعين، وأقام حفل تعارف للمسؤولين السوريين، حضره الخوري ورفاقه في الحكومة.
- استقالت حكومة الدروبي بعد مقتل رئيسها في 21 آب 1920م، وفضّل فارس الخوري عدم المشاركة في الحكومة التي تلتها، ليعود إلى عمله في كلية الحقوق ولرئاسة نقابة المحامين التي تولاها في نفس العام.
- أسس مشروع عين الفيجة، مع صديقه في الحركة الوطنية لطفي الحفار حيث عرضوا الفكرة على غرفة تجارة دمشق فتبنتها على الفور، وتم تأسيس شركة مساهمة وطنية، كانت الأولى من نوعها بين القطاع العام والخاص.
- كان من مؤسسي أول حزب سياسي في حكم الانتداب، الذي أطلق عليه اسم «حزب الشعب.».
- شارك فارس الخوري بكتابة أهداف الحزب، الذي ضمّ نخبة من الشخصيات الوطنية في صفوفه الأمامية، مثل المحامي فوزي الغزي ولطفي الحفار وجميل مردم بك. وقد انتخب الشهبندر رئيساً للحزب وفارس الخوري نائباً للرئيس.
- بعد حل الحزب أُلقي القبض على فارس الخوري يوم 26 آب 1925م بتهمة العمل مع ثوار غوطة دمشق.
- نُقل الخوري إلى جزيرة أرواد، حيث بقي سجيناً لمدة 76 يوم، قبل إطلاق سراحه.
- وقع الاختيار عليه ليكون وزيراً للمعارف في حكومة الداماد أحمد نامي يوم 26 نيسان 1926م، حيث وافق الخوري ورفاقه على المشاركة شرط أن توقف فرنسا حملتها العسكرية في غوطة دمشق وتُصدر عفواً عاماً عن كافة المعتقلين والمبعدين لأسباب سياسية، وتعيد الحياة النيابية للبلاد، مع دستور جديد ووعد بانضمام سورية إلى عصبة الأمم المتحدة.
- لم تنفذ هذه الوعود، وقامت فرنسا باعتقال الوزراء الوطنيين الثلاث بما فيهم الخوري بتهمة التخابر السري مع قادة الثورة، وأمرت بنفيهم إلى مدينة الحسكة ومن ثمَّ إلى لبنان، حيث ظلّوا قيد الإقامة الجبرية حتى عام 1928م.
- فور خروجه من المعتقل انضم فارس الخوري إلى صفوف الكتلة الوطنية التي كان قد أسسها صديقه الرئيس هاشم الأتاسي عام 1927م.
- عُقد مؤتمر عام للكتلة الوطنية في مدينة حمص وسط البلاد، انتخب فيه الأتاسي رئيساً وفارس الخوري «عميداً» للكتلة. ولكن الخوري مُنِعَ من المشاركة في الانتخابات المخصصة للجنة الدستورية، لأنه من أقلية مسيحية صغيرة جداً لا تستوفي شروط التمثيل في الهيئات الوطنية المنتخبة، وبذلك، تم استبعاده من صياغة دستور عام 1928م.
- من أكبر مسهامات فارس الخوري في الكتلة الوطنية تأسيس مصنع الإسمنت في منطقة دُمَّر، لإيجاد مصادر دخل إضافية لنشاطاتها، مثل دعم عائلات الشهداء وتدريس أولادهم.
- في عام 1935م، وبسبب الأحداث الدامية بعد وفاة هنانو، قامت فرنسا بطرد فارس الخوري عن عمادة كلية الحقوق في جامعة دمشق.
- لعب فارس الخوري دوراً محورياً في قيادة الشارع المنتفض ضد فرنسا ضمن الاضراب الستيني الذي أجبر حكومة فرنسا على تعديل سياستها في سورية، حيث أطلقت سراح المعتقلين مقابل إنهاء الإضراب ودعوة وفد من الكتلة الوطنية إلى باريس للتفاوض على مستقبل سورية.
- شارك بالمفاوضات مع حكومة فرنسا لإعطاء استقلال سورية خلال خمس وعشرين سنة، وضم دولتي العلويين والدروز لسورية، حيث وصف فارس الخوري معاهدة عام 1936م بأنها «معجزة القرن العشرين.»
- بعد عودة الكتلة من فرنسا تم انتخاب فارس الخوري ليكون رئيس البرلمان، ليكون أول مسيحي يعتلي سدة السلطة التشريعية في سورية، ليستقيل بعدها بسبب رفض البرلمان الفرنسي التوقيع على المعاهدة وسلخ لواء اسكندرون.
- عادت الكتلة الوطنية إلى الحكم صيف عام 1943م، بعد فوز شكري القوتلي برئاسة الجمهورية، وانتخب فارس الخوري رئيساً للبرلمان الجديد، وكُلِّف سعد الله الجابري بتشكيل حكومة وطنية، هدفها الإشراف على مفاوضات الجلاء مع الفرنسيين، وظلّ في منصبه حتى تعينه رئيساً للحكومة في 14 تشرين الأول 1945م.
- شكّل حكومة مُصغرة مؤلفة من أربع وزراء، تسلّم فيها حقيبتي المعارف والداخلية بنفسه، إضافة لرئاسة الحكومة،
- وفي 7 نيسان 1945م، قام الخوري بحل الحكومة وتأليف وزارة ثانية.
- توجه فارس الخوري إلى مدينة نيويورك الأميركية للمشاركة في تأسيس منظمة الأمم المتحدة، التي كانت سورية قد دُعيت اليها بعد إعلانها الحرب على دول المحور في شباط 1945م.
- ترأس فارس الخوري وفد بلاده الدائم والمؤسس في الأمم المتحدة، الذي ضمّ نخبة من الشخصيات السورية، جميعهم من خريجي الجامعة الأميركية في بيروت.
- بعد جلاء الفرنسيين عن سورية في 17 نيسان 1946م، وضع كامل ثقله مع القضية الفلسطينية، بالتعاون مع مندوب لبنان شارل مالك ومندوب السعودية الأمير فيصل بن عبد العزيز، حيث عارضوا قرار تقسيم فلسطين عند صدوره عام 1947م.
- خلال وجود الخوري في الأمم المتحدة، انتخبت سورية عضواً غير دائم في مجلس الأمن، وترأس هو جلسات الأمم المتحدة في 31 كانون الأول 1946م.
- رفض عرض حسني الزعيم بعد انقلابه، أن يتولى الحكم في عهده، فكان رد فارس الخوري: «أنا لا أعمل مع العسكر، سامحك الله، لقد فتحت باباً على سورية من الصعب على التاريخ أن يرده!»
- غاب فارس الخوري عن أي منصب داخل سورية طوال سنوات حكم العسكر، التي بدأت مع حسني الزعيم سنة 1949م وانتهت مع أديب الشيشكلي عام 1954م.
- عام 1954م، عاد الرئيس هاشم الأتاسي إلى الحكم، بعد زوال عهد الشيشكلي، وأعيد العمل بالدستور وبالحياة البرلمانية. طَلب الرئيس الأتاسي من فارس الخوري تشكيل حكومة وطنية، خلفاً لرئيس الوزراء المستقل سعيد الغزي.
- رفض فارس الخوري الدخول في حلف بغداد بالرغم من قُربه من الأسرة الملكية الحاكمة في بغداد.
- استقال الخوري في يوم 7 شباط 1955م.
- أيد انقلاب الانفصال يوم 28 أيلول 1961م، بقيادة المقدم عبد الكريم النحلاوي، يوم 6 تشرين الأول 1961م.
- توفي فارس الخوري في الأشهر الأولى من عهد الانفصال، يوم 2 كانون الثاني 1962م.
- قرر الرئيس ناظم القدسي كسر قواعد البوتوكول وإجراء جنازة رئاسية لفارس الخوري، خرج فيها نعشه المجلل بالعلم السوري على عربة مدفع، وتقدّم المشيعين الرئيس القدسي والرئيس الأسبق شكري القوتلي.
- بعد أيام من وفاته، نشرت حلقات من مذكرات فارس الخوري في مجلة المضحك المبكي التي قدمه لها رئيس التحرير حبيب كحّالة.
- وبعد سنوات طويلة قامت حفيدته الأديبة كوليت خوري بجمع أوراقه ومذكراته في كتاب صدر الجزء الأول منه سنة 1989م، والثاني عام 1997م، والثالث عام 2015م.
- أُطلق اسم فارس الخوري على شارع كبير وسط مدينة دمشق وصدرت عنه عدة أبحاث ودراسات، أشهرها كتاب «فارس الخوري: حياته وعصره» للقس حنا خباز (وهو صديق الخوري منذ أيام الدراسة)، والدكتور جورج حداد، أستاذ التاريخ في جامعة دمشق. صدر الكتاب سنة 1952م، وأُعيدت طباعته في عام 2014م.
أما الكتاب الثاني «فارس الخوري وأيام لا تنسى» فقد صدر في بيروت عام 1965 وهو من تأليف الصحفي محمد الفرحاني، الذي رافق فارس الخوري في سنواته الأخيرة. إننا في تيار المستقبل السوري، إذ نستذكر ذكرى رجالات الدولة المؤسسين لسورية، نستحضر أحد رجالات الاستقلال، وواحداً من رموز أعلام الدولة السورية الأولى، فخامة رئيس الحكومة ورئيس البرلمان فارس الخوري، ضمن ملف متسلسلٍ نقدمه لكم ليضمُّ رموز وأعلام الدولة السورية، رغبةً منا بربط حاضرنا الثوري المعاصر بماضٍ صلبٍ ومحطاتٍ تاريخية، رجاء أن نُحيِيَ في شعبنا الحاجة لبناء وصناعة رجال دولةٍ بامتياز، فيحفظوا الوطن، ويصونوا المكتسبات، ويعيدون للدولة السورية عزّها ومجدها، بعد سنوات الظلم والاستبداد والفساد.