المكتب العلميجاكلين ك الشاميدراساتقسم البحوث و الدراساتكاتبوا التيار

الجامعات وتعزيز الوعي السياسي

مقدمة:
تلعب الجامعات دوراً هاماً في تعزيز الوعي السياسي لدى الطلاب، وتُبرز أهمية الجامعات في هذا المجال عبر جوانب عدة، فالجامعات تُعتبر المكان الأمثل لرفع مستوى الكفاءة والمشاركة في الشأن العام وزيادة الوعي السياسي، وليكون الطالب في ما بعد على مستوى عالٍ من الإبداع والمسؤولية والإدراك، كما تُشكل الجامعات قاطرات التاريخ نحو العلم والديمقراطية، ففي أحضان الجامعات نمت الحركات السياسية والتغييرية، وتفتق العقل البشري عن طاقاته الإبداعية في مختلف الميادين والاتجاهات، حيث يرى الطالب نفسه مدفوعاً بالطريق إلى الشأن العام، من خلال ما يتوفر له من البيئة المناسبة التي تساعد على سلك درب العمل العام والتفاعل معه.
ومع ما يشهده العالم اليوم من تحولات ومتغيرات وثورات معرفية وتكنولوجية وعولمة وازدياد المطالبة بتحقيق الديمقراطية في المجتمعات، وما تشهده المنطقة العربية من صراعات واضطرابات، تزداد أهمية الدور لحمل القضايا العامة للجامعة، خاصة في مجال تنمية الوعي السياسي والإسهام في التنشئة السياسية للطلاب.

دور الجامعات التاريخي:
“جامعة القرويين” في مدينة فاس بالمغرب تُعد أول مؤسسة جامعية في العالم، حيث تأسست عام 859م، والتي أسستها فاطمة الفهرية سليلة التابعي الجليل عقبة بن نافع الفهري القرشي، فاتح تونس ومؤسس مدينة القيروان، وفي العالم الغربي اشتُقَّت كلمة university من المصطلح اللاتيني universitas magistrorum et scholarium والذي يعني «مجتمع المُعلِّمين والعلماء»، وقد استخدمت هذه الكلمة لأول مرة في “جامعة بولونيا” الإيطالية التي تأسَّست عام 1088 لتكون الجامعة الأولى في أوروبا والعالم.
لقد كانت الجامعات في العديد من الأحيان مركزًا للنشاط السياسي الذي أدى إلى تغييرات في السياسات الحكومية، ففي الولايات المتحدة، كانت الجامعات مركزًا للنشاط السياسي خلال الستينيات والسبعينيات، حيث شهدت الحركات الطلابية، كحركة الحقوق المدنية والاحتجاجات ضد الحرب في فيتنام، وقد شهدت ساحات ومباني جامعة كولومبيا مشهداً قد يبدو متطابقاً مع ما تشهده اليوم جراء الحرب في غزة، إذ بعد أسابيع من الاحتجاجات ضد حرب فيتنام والعنصرية المتفشية في المجتمع الأمريكي وقتها، قرر الطلاب تصعيد احتجاجاتهم، في ظل ما اعتبروه تجاهلاً من إدارة الجامعة والإدارة الأمريكية لمطالبهم، فسيطروا على 5 من مباني الجامعة وأقاموا فيها اعتصاماً مستمراً، حتى تم فضه بالقوة وسقط عشرات المصابين والمعتقلين، هذه الحركات أدت إلى تغييرات كبيرة في السياسات الحكومية، بما في ذلك تمرير قوانين الحقوق المدنية وإنهاء الحرب في فيتنام.
فى عام 1964، حيث كانت شرارة انطلاق الحراك الطلابى من جامعة كاليفورنيا فى بيركلي، عندما رفضت الجامعة أى نشاط سياسي في الحرم الجامعي لتبدأ موجة الاحتجاجات، لعل أهمها احتجاجات في جامعة جاكسون بولاية ميسيسيبي، حيث أطلقت الشرطة النار على الطلاب لتقتل طالبين، وبعدها شارك 4 ملايين طالب فى الاحتجاجات على مستوى البلاد، وأقيمت واحدة من كبرى هذه الفعاليات فى واشنطن العاصمة، وشارك فيها نحو 100 ألف طالب، وقررت العديد من الجامعات إغلاق أبوابها فى مواجهة الاحتجاجات والاضطرابات بعد أن عجزت عن السيطرة عليها.
وفى جامعة هارفارد، نظم آلاف الطلاب حملة لإلغاء تدريب ضباط الاحتياط والتى نجحت بالفعل فى تراجع وتيرة تدريب ضباط الاحتياط بنسبة 40% بحلول نهاية عام 1970، وهو ما ساعد في تراجع أمريكا بشكل أو بآخر في الحرب، ومع تزايد وحشية الحرب الأمريكية فى فيتنام، وقع الشباب المؤهلون للتجنيد فى دائرة الخوف، فبدأوا الاعتراض على الخدمة العسكرية، واختار الآلاف منهم الفرار إلى كندا أو السويد لتجنب مخاطر التجنيد، وهو ما أسفر عن توتر العلاقات بين واشنطن وتلك الدول.
عادت ساحات ومباني جامعة كولومبيا لتتصدر المشهد في قضية أخرى هي الكفاح ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ففي 5 أبريل/نيسان عام 1985، قام 7 طلاب أعضاء في “الائتلاف من أجل جنوب أفريقيا حرة” بإغلاق مدخل المبنى الإداري للجامعة “هاميلتون هول Hamilton Hall” أحد المباني الخمسة التي شهدت أحداث احتجاجات حرب فيتنام، حيث قيدوا أنفسهم بأغلال وسلاسل في مدخل المبنى وعلى الدرج المؤدي إليه، استمر هذا التصعيد وازداد حجماً على مدى نحو 3 أسابيع، حتى جاء النصر للحركة والطلاب يوم 25 أبريل/نيسان 1985، حين قررت إدارة جامعة كولومبيا أخيراً الاستماع لمطالب طلابها واتخاذ قرار وقف التعامل مع نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا بشكل كامل، على الصعيد الأكاديمي والأصعدة الأخرى.
كان “الائتلاف من أجل جنوب أفريقيا حرة” قد تأسس في عام 1982، ونجح في إقناع “مجلس شيوخ طلاب جامعة كولومبيا” بعدالة المطالب ليقوم المجلس بالتصويت لصالح تلك المطالب والمشاركة بقوة في المظاهرات الهادفة للضغط على إدارة الجامعة، حتى تحققت الأهداف في نهاية المطاف.
وفي فرنسا، كانت الجامعات محوراً للحركة الطلابية في عام 1968، التي أدت إلى تغييرات سياسية واجتماعية كبيرة، هذه الحركة أدت إلى استقالة الرئيس شارل ديغول وإلى تغييرات كبيرة في السياسات الحكومية الفرنسية، كما في العديد من الدول الغربية.
لهذا تُعتبر الجامعات مؤسسات رئيسية لتعزيز الديمقراطية والمشاركة السياسية، على سبيل المثال، في الدول الاسكندنافية، تعتبر الجامعات مراكز رئيسية للبحث والتعليم حول الديمقراطية والحكم الرشيد، وهي تلعب دورًا مهمًا في تشكيل السياسات الحكومية في هذه المجالات، وأيضًا تلعب الجامعات دورًا في تبني القضايا الاجتماعية مثل العدالة الاجتماعية والمساواة والتنوع والاستدامة.
يمكن القول أن الجامعات في العديد من الأحيان كانت مركزًا للنشاط السياسي الذي أدى إلى تغييرات في السياسات الحكومية، ويعود السبب إلى بعض المقررات الدراسية في الجامعات الغربية المعنية بالقضايا والمشاكل الدولية المعاصرة والتي تُهدد السلم والأمن الدوليين في ظل النظام الدولي الجديد، هذه المقررات تساعد الطلاب على فهم القضايا السياسية المعاصرة وتطوير مهاراتهم في المشاركة السياسية، حيث تعرض بعض الدراسات السياسية في الجامعات الغربية لإشكالات التسييس البنيوي في المعالجات السياسية، كما تساعد هذه الدراساتُ الطلابَ على فهم القضايا السياسية المعاصرة وتطوير مهاراتهم في المشاركة السياسية، كما تتناول بعض المقررات الدراسية في الجامعات الغربية قضايا سياسية معاصرة مثل قضايا الأمن والسلم الدوليين، ومعضلة ديون الدول النامية الخارجية، وقضية الثورة التكنولوجية المعاصرة وأثرها على نظام توازن القوى، لهذا كانت هذه المقررات المُساعد الأكبر للطلاب على فهم القضايا السياسية المعاصرة وتطوير مهاراتهم في المشاركة السياسية.
لقد لعبت الجامعات دورًا مهمًا في دعم القضية الفلسطينية من خلال مجموعة متنوعة من الأنشطة والمبادرات، مثل
تقديم برامج دراسية وأبحاث تُركز على القضية الفلسطينية، وتسلط الضوء على التحديات والقضايا المرتبطة بها، واستضافة ندوات ومحاضرات تتناول القضية الفلسطينية، وتقدم فرصة للطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية والجمهور العام للتعرف على القضايا المعاصرة المتعلقة ومنها القضية الفلسطينية، كما وهناك العديد من المجموعات الطلابية في الجامعات الغربية التي تعمل على تنظيم الأحداث والتظاهرات والحملات التوعوية خصوصاً اليوم بعد أحداث الحرب في غزة، ومن الجدير بالذكر أن الدور الذي تلعبه الجامعات الغربية قد يختلف بناءً على السياق السياسي والاجتماعي لكل جامعة.

الدور الجامعي التاريخي والنضالي في سورية:
نشأت الجامعة السورية بنواتها الأصلية أيام العثمانيين عام 1903 على شكل مكتب طبي في دمشق، تبعه عام 1913 افتتاح مدرسة للحقوق في بيروت، في أيام الانتداب الفرنسي، واستمر حال المكتب الطبي ومدرسة الحقوق دورات متعددة بين إلغاءٍ وإبقاءٍ، حيث وُضعَت المؤسسة في البدء تحت إشراف رئيس فرنسي لها، يرفده رئيس سوري، إلى أن انتهى ذلك بتأسيس الجامعة السورية في 15 حزيران عام 1923، لتحتفظ بعد ذلك بطابعها العربي فيما يتعلق بإدارتها ومسيرتها ،وفي عام 1923م أيضا تم جمع التبرعات المحلية لإقامة الجامعة السورية، بإضافة كليَّتَي الآداب والعلوم، إلى معهدي الطب والحقوق، واللذين كانا موجودين أيام العثمانيين، إلا أنه لم يجر ربط الجامعة السورية زمن الانتداب الفرنسي بجامعة فرنسية، على منوال جامعة القديس يوسف في بيروت التي تم ربطها بجامعة ليون الفرنسية، لكن الجامعة السورية حصلت على دعم السلطات الفرنسية، عبر إصدار القرارات المُنظمة لها بين عامي 1923 و1929م فيما يتعلق بإنشاء الجامعة، ومعاهدها، وأنظمتها، واعتماد شهادة البكالوريا للدخول إليها، مما أمّن للجامعة السورية البنية التحتية الإدارية والتنظيمية كمؤسسة علمية معترف بها تتبع وزارة المعارف ولها موازنتها المستقلة، ورئيسها السوري.
كما جرى تأمين نخبة من الأساتذة السوريين وبعض المتعاقدين الفرنسيين للعمل فيها، وتم إرسال الطلبة فيها للتخصص في فرنسا، يذكر هنا الدكتور “عبدالكريم رافق” بكتابه “الجامعة السورية البداية والنمو” أن السياسة التعليمية الفرنسية في المدارس الخاصة، تبشيرية كانت أم علمانية، كانت موجهة أولاً نحو أبناء الأقليات بمختلف شرائحهم الاجتماعية، وفي محل ثان نحو أبناء الأكثرية من الشرائح الوسطى والبورجوازية، بينما كان يرتاد أبناء الأكثرية في غالبيتهم المدارس الرسمية فقط،
ثم تكرَّست السيطرة الأمنية على مؤسسات العلم في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي في سورية، حيث جرى اعتقال الكثير من طلاب الجامعات على خلفية آرائهم وانتماءاتهم الحزبية المعارضة، وكانوا يبقون في السجون لسنوات طويلة من دون محاكمة، ومنهم من كانوا يُمنعون من إتمام الدراسات العليا بعد الإفراج عنهم نتيجة حرمانهم من الحقوق المدنية. ولم يتغير الوضع كثيراً بعد “الانفتاح” المرافق لبداية عهد الأسد الابن، والذي ورث الحكم عن أبيه حافظ الأسد بعد وفاته في عام 2000، بل إن القبول الجامعي المستند إلى معايير أيديولوجية وأمنية في عهد الأب أصبح يستند إلى معايير طبقية في عهد الابن، مع خضوع الجامعة ومعلميها وطلابهة لرقابة السلطة الأمنية والحزبية المستمرة.
وظهرت نتائج هذا التاريخ الأمني الطويل بوضوح صارخ بعد اندلاع الثورة السورية، وخروج المظاهرات السلمية في الجامعات العامة والخاصة، لاسيما جامعتي دمشق وحلب، حيث تحول العدد الأكبر من الكليات والأقسام إلى مراكز للاعتقال والتعذيب، وأصبح “الاتحاد الوطني لطلبة سوريا” هو المركز الأساسي لتجمع الشبيحة وتسليحهم وتمويلهم، وإعدادهم لقمع التظاهرات، وتعذيب الطلاب وحتى قتلهم، إن اقتضى الأمر.
وردَّاً على الدور سيئ السمعة للمنظمة البعثية المسماة “الاتحاد الوطني لطلبة سوريا” قام طلاب سوريون بتشكيل “اتحاد طلبة سوريا الأحرار” بغية تنسيق العمل الطلابي المدني في التظاهر والاعتصام ورعاية النشاطات المدنية المتنوعة، كتوزيع المنشورات وكتابة اللافتات وإصدار البيانات، وتوثيق (ما يمكن توثيقه) من جرائم قوات الأمن السورية المرتكبة بحق الطلاب، ومتابعة أسماء المُعاقبين والمفصولين من جامعاتهم، وإنشاء صفحات على شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي للإعلان عن المعتقلين ومتابعة أماكن وظروف اعتقالهم ..الخ.
وقد استطاع فرع الاتحاد الجديد في دمشق أن يوثق أسماء 74 طالباً وطالبة تم فصلهم من جامعة دمشق، أو حرمانهم من متابعة الدراسة بقرار رسمي من رئاسة الجامعة، كما تم توثيق 97 شهيداً بالاسم والكنية وتاريخ الولادة، بالإضافة لتوثيق خمسة شهداء قتلوا تحت التعذيب، وفق ما أكده النشطاء في اتحاد الطلبة الأحرار.
أما في جامعة حلب والتي أطلق عليها الناشطون اسم “جامعة الثورة” نتيجة لنشاطها المتميز جداً منذ بداية الثورة السورية، فقد خرجت أولى المظاهرات في كلية الآداب بتاريخ 14/4/2011، وفي 3 أيار/مايو 2012م وبعد أن زاد عدد الطلاب المتظاهرين عن خمسة آلاف متظاهر، قامت قوات الأمن باقتحام الجامعة، وإطلاق الرصاص الحي فقتلت 4 طلاب وجرحت 28 آخرين، وتم اعتقال ما يزيد عن 200 طالب وطالبة وإحراق عدد من الوحدات السكنية انتقاماً، وطرد مئات الطلبة الجامعيين خارج المساكن الجامعية التي تحول بعضها إلى ثكنات عسكرية ومرتعاً للشبيحة، واستُخدم بعضها كمناطق لإطلاق القذائف والصورايخ على الأحياء المعارضة للنظام السوري، ثم أُغلقت الجامعة بشكل مؤقت بقرار صدر عن رئيسها، وفي 15 كانون الثاني 2013 قام الطيران الحربي السوري وبالتزامن مع أول يوم في امتحانات الجامعة بقصف كلية الهندسة المعمارية، ما أدى إلى وقوع مجزرة مروعة راح ضحيتها 82 طالباً وطالبة، بحسب اتحاد طلبة سوريا الأحرار.
جراء كل ذلك انعكست تداعيات مشكلات التعليم العالي على المكانة العلمية للجامعات السورية عالمياً، فقد أظهر الترتيب العالمي للجامعات السورية وفق تصنيف ( Webomtrics ويبو ماتركس) العالمي للجامعات انخفاضاً لترتيب الجامعات السورية بمقدار /4/ آلاف درجة عن التصنيف في كانون الثاني لعام 2018، حيث جاء المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولجيا بدمشق المرتبة الأولى سورياً والمرتبة /4817/ عالمياً متراجعاً فقط ثلاث درجات عن التصنيف السابق، واحتلت جامعة دمشق المركز الثاني سورياً والمرتبة /8481/ عالمياً متراجعة /3955/ درجة، بينما حصلت الجامعة السورية الافتراضية على المرتبة الرابعة سورياً والمرتبة /10109/ عالمياً متراجعة /1445/ درجة، أما جامعة البعث بحمص فحصلت على المرتبة الخامسة سورياً والمرتبة /11764/ عالمياً متراجعة /4629/ درجة، وحققت جامعة تشرين المرتبة السادسة سورياً والمرتبة /12092/ عالمياً مسجلة أعلى تراجع بمقدار /6736/ درجة، وجاءت الجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا الخاصة في المرتبة السابعة سورياً وحققت المرتبة /12990/ عالمياً متقدمة /2598/ درجة عن التصنيف السابق، أما جامعة حلب فجاءت في المركز الثامن سورياً والمرتبة /13332/ عالمياً متقدمة /1300/ درجة، وفي المركز التاسع جاءت جامعة القلمون الخاصة بالمقابل حققت المرتبة /13561/ عالمياً متراجعة /1045/ درجة، وأحرزت الجامعة العربية الدولية الخاصة AIU المركز العاشر سورياً والمرتبة /14181/ عالمياً متراجعة /2376/ درجة.
يُظهر تقرير لموقع BBC أنه تم تدمير نظام التعليم العالي في سورية، فبحسب ما نقله التقرير عن باحثين في جامعة كمبريدج وأكاديمين سوريين تم توثيق حوالي 2000 جامعي متخصص قد تركوا البلاد لاجئين إلى الخارج.
كان عام 2015م هو بداية افتتاح الجامعات في الشمال السوري المحرر رغم الصعوبات الأمنية والاقتصادية التي تعيشها هذه المناطق، حتى اليوم هناك عشرات الجامعات في المناطق الشمالية السورية، منها: جامعة المعالي الخاصة، جامعة الزهراء (جرابلس)، أكاديمية الأناضول للعلوم الصحية والادارية، أكاديمية باشاك شهير (الباب)، جامعة ماري (حزانو -ادلب) جامعة الحياة للعلوم الطبية (عقربات ادلب)، الجامعة الدولية للعلوم والنهضة (اعزاز حلب)، جامعة الشمال الخاصة (سرمدا- ادلب)، جامعة غازي عينتاب، جامعة الشام العالمية (اعزاز- حلب)، جامعة حلب الحرة (اعزاز)، جامعة ادلب.
اضافة لكليات ومعاهد متعددة. كما واستُحدثت في مناطق الادارة الذاتية جامعة عفرين في عام 2015، وجامعة روج آفا في مدينة القامشلي في عام 2016، ويضم كل منهما عددًا من الكليات والأقسام كالهندسة والمعلوماتية وعلم النفس والتربية والتاريخ والأدب الكردي ويكون التدريس فيها باللغات الثلاث في المنطقة، وهي الكردية والعربية والسريانية لتراعي مكونات المنطقة جميعها.
في هذه المرحلة في سورية لم يكن هناك دعم واضح وكبير للنشطاء وللتحركات السياسية من قبل الجامعات أو طلابها، فمثلا: لم تصدر بيانات من أية نقابة موجودة في مناطق سيطرة “هتش”، فضلاً عن جامعة إدلب التي التزمت الصمت، وكذلك اتحاد الطلبة في إدلب بخصوص المظاهرات الحالية في ادلب! إذ بحسب تقرير درس هذه الحالة، خلُص إلى تقسيم الطلاب في الجامعات السوري بالشمال – ادلب- إلى شرائح عدة:

  1. شريحة لامبالية 60%.
  2. شريحة الطلاب أصحاب الفكر السياسي والاجتماعي: نسبتهم 25%.
  3. شريحة الطلاب المنتسبين لهيئة تحرير الشام وتبلغ نسبتهم 15%.
    هذا ويُظهر التقرير الذي عمل استبيانا أن رُبع الطلاب يحملون أفقاً سياسياً ويناقشون الأحداث والقضايا وواقع السلطة، ويُجمعون على تأييد الثورة السورية وأهدافها.

خاتمة:
في مقال سابق في المكتب العلمي لـ تيار المستقبل السوري والذي كان بعنوان: “جامعة دمشق تاريخ عظيم وواقع أليم”، انتهينا إلى ضرورة إبعاد التعليم عن التسييس، ورفع أيدي الأجهزة الأمنية عنه، وضرورة إدارة ملف الجامعات والمراكز البحثية بشكل أكاديمي وعلمي، مع زيادة الإنفاق على البحث العلمي، وضرورة المحافظة على الكفاءات والعقول السورية، وتأمين البيئة المناسبة لعودتهم ، مع تطوير قانون تنظيم الجامعات ومنحها الاستقلال المالي والإداري، وتقدير الأساتذة، واعتماد ضوابط ومعايير واضحة لترقيتهم، تعتمد على الموضوعية والكفاءة، مع الاهتمام بتغيير النظام السياسي الحالي في سورية تحقيقاً لكل ما ذُكر، وفي حال تعنُّت النظام السوري قبول أيّ حلٍّ سياسي، فقد أوصينا في تيار المستقبل السوري بجعل ملف جامعة دمشق في عهدة جامعة الدول العربية رسمياً، أو عهدة الأمم المتحدة، على اعتبار أصالة “جامعة دمشق” وكونها همزة الوصل الوطنية الكبرى للسوريين ببلدهم ووطنهم رغم كل خلافاتهم واختلافاتهم السياسية.
ونُضيف لكُل ما ذُكر توصيتان:
الأولى، رفع الوعي السياسي لدعم دخول طلاب الجامعات بالشأن العام، وإيجاد حافز داخلي وطني لهم عبر تحميلهم المسؤولية الأخلاقية والوطنية في حال لامبالاتهم، على اعتبار أن الطلاب الجامعيين هم الرافعة لكل نهضة حضارية بأي بلد.
الثانية، العمل على جعل الجامعات ذات دور ريادي على المستوى العام والسياسي منه بالتحديد، عبر فتح الجامعاتِ أبوابَ التعددية السياسية والفكرية والثقافية عبر ندوات ومحاضرات متنوعة تخص الشأن العام وتدفع كما وتحمي الطلاب من تبعات أي مشاركة فاعلة، مع التشديد على كون الجامعات عامل توجيه للسلوك الفردي عبر التعبير الحضاري والسلمي.

أخيراً، إننا في تيار المستقبل السوري، مُنفتحون على دعم هذا المشروع النهضوي للجامعات، كما ونضع مقراتنا بالداخل السوري في خدمة طلاب الجامعات دون أي وصاية أو استغلال سياسي، إيماناً منا بدورنا المدني المُساعد لتعزيز دور العمل الجامعي في سورية.

جاكلين ك الشامي.
المكتب العلمي
قسم البحوث والدراسات
دراسات
تيار المستقبل السوري

المراجع:
الدكتور عبد الكريم رافق، تاريخ الجامعة السورية، البداية والنمو، 1901 1946، 2004، مكتبة نوبل، دمشق.
دور الجامعات الفلسطينية في تعزيز الوعي السياسي “لطلبة فلسطينيي 48”, عهود الشوبكي, جامعة النجاح الوطنية, 2018م.

  1. de Ridder-Symoens, Hilde: تاريخ الجامعات في أوروبا، الإصدار الأول: الجامعات في العصور الوسطى, Cambridge University Press, 1992,

إدارة الإقتصاد السوري زمن الانتداب الفرنسي (1918-1946) – تأثيراتها فيما بعد الاستقلال – الفصل الثالث – المجتمع الانتدابي – Presses de l’Ifpo (openedition.org)
واقع التعليم الجامعي ودوره في إعادة بناء سورية الحديثة – العالم الاقتصادي (ecoworld-sy.com)
التعليم العالي في مناطق النظام السوري: الواقع والمستقبل – مركز حرمون للدراسات المعاصرة (harmoon.org)
الجامعات السورية: معاناة من “نزيف العقول وتحجر المناهج وقلة الموارد” – BBC News عربي
ياسين الحاج صالح – نحو جامعة متقدمة وديمقراطية: المسألة الجامعية وقضية الطلاب في سوريا (ahewar.org)
التعليم في سوريا… من البعث إلى الثورة | Heinrich-Böll-Stiftung | مكتب بيروت – الشرق الأوسط (boell.org)
دليل الجامعات السورية في المحرر (dmr90.com)
https://www.harmoon.org/?p=3922
المظاهرات ضد “هيئة تحرير الشام-هتش”.. محرّكاتها وآثارها ومستقبلها – مركز الحوار السوري (sydialogue.org)
تدجين فكري لخدمة مشروعها.. هيئة تحرير الشام تنسلّ في جامعة إدلب (تحقيق) (syria.tv)
جامعة دمشق.. تاريخٌ عظيم، وواقعٌ أليم – تيار المستقبل السوري (sfuturem.org)
تاريخ جامعة كولومبيا من فيتنام لفلسطين مروراً بجنوب أفريقيا- عربي بوست (arabicpost.net)

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى