حرب مستمرة، وسورية ليست آمنة

0 211 14 دقائق

تكثر الصيحات الجديدة سواء من بعض الدول الأوربية أو العربية بأن سورية أصبحت آمنة وفقط مايمنع عودة اللاجئين هو العقوبات الاقتصادية، في حالة من إنكار الواقع العسكري المُتصلب أو جهلا بالواقع السوري، أو تأثرا بعدم الاهتمام الاعلامي المعارك والاشتباكات والضحايا السوريون بسببها.

مع أن الوضع في سورية يظل محور اهتمام العديد من الأشخاص حول العالم، إلا أن هناك مالايريد البعضُ الحديثَ عنه من قضايا متعلقة بالوضع السوري والتي منها:

منذ نهاية عام 2021، طرأ تغيير واضح على قواعد الاشتباك في سورية. هذا التغيير بلغ ذروته بعد اندلاع الصراع في أوكرانيا. قد تسبب هذا التغيير في عودة النزاع بين القوات المتنوعة.
فشل التنسيق الثلاثي بين الدول الضامنة روسيا وإيران وتركيا بترسيخ إيقاف الحرب، إذ كان من المتوقع أن التعاون والتنسيق الثلاثي سيقود إلى تخفيض استخدام القوة العسكرية بين أطراف النزاع في سورية. هذا التنسيق أدى إلى تحقيق تخفيض في الاشتباكات بعد الجولة الـ15 من مباحثات أستانا في 2020 ولكن لم يوقفه.
في الجنوب السوري، زادت القوات الإيرانية من انتشارها ونشاطها العسكري في عدة محافظات، القوات الروسية أيضًا غيّرت مهامها لتصبح مسؤولة عن ضبط الأمن والاستقرار فقط، في حالة تُظهر هشاشة الوضع وتعقيده.
استهداف المواقع الأمريكية من الميليشيات المدعومة من إيران في شرق الفرات، مما يعد خروجًا عن “قواعد الاشتباك” المعتمدة سابقًا، والذب قوبل بردود عسكرية مُدمرة في الجنوب والشرق بمافيها دمشق.

حاليًا، هناك عدة جبهات تشهد اشتباكات في سورية. ولعل أهمها:

جبهة حلب وإدلب فخلال أغسطس/آب 2023، نفذت هيئة تحرير الشام ما لا يقل عن 3 عمليات عسكرية ضد مواقع قوات النظام السوري في جبهات غرب حلب وجنوب إدلب وشمال اللاذقية. هذه العمليات تهدف إلى تغيير توازن القوى العسكري القائم.
جبهة شمال شرق سورية، حيث الاشتباكات بين مقاتلي العشائر العربية وقوات سوريا الديمقراطية امتدت إلى ريفي الرقة والحسكة، ولازال الوضع ضبابيا حتى الآن.
جبهة درعا وريفها، ففي صيف 2021، شهدت مدينة درعا وريفها تصعيدًا عسكريًا بعد ثلاث سنوات من تسوية استثنائية أرستها روسيا، ولازالت الأمور قابلة للانفجار في أي لحظة بسبب حراك السويداء.
جبهة الحسكة ودير الزور، حيث هناك تصاعد في القتال بين القوات الكردية والعشائر العربية في شمال شرق سورية، فالاشتباكات تمتد إلى مناطق متعددة، وتشهد تدخلات من قوى إقليمية ودولية.

ومنذ بداية عام 2024 ونهاية العام السابق، شهدت سورية استمرارًا للنزاع المستمر وتدهور الظروف الاقتصادية وانعدام الأمان، هذه بعض النقاط البارزة:

الأحداث في عام 2023:
- عانى السوريون من انتهاكات شديدة ومصاعب بسبب النزاع المستمر وتدهور الظروف الاقتصادية وانعدام الأمان السائد.
- للمرة الأولى منذ بداية النزاع، يعاني السوريون في جميع أنحاء سورية من درجة من درجات “المعاناة الإنسانية”.
- الزلازل المدمرة في فبراير/شباط أدت إلى تفاقم الظروف القاسية في المناطق المتضررة بشدة.
- الأعمال العدائية مستمرة، مما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين ونزوحهم.
- الدول العربية أعادت ضم سورية إلى “جامعة الدول العربية” بدون المطالبة بالمحاسبة أو الإصلاح.
- كندا وهولندا قدمتا قضية مشتركة إلى “محكمة العدل الدولية” ضد سورية بشأن التعذيب الممنهج وواسع النطاق.
- الأمم المتحدة أنشأت آلية جديدة للنظر في مصير أكثر من 100 ألف شخص مفقود في سورية.
الوضع في عام 2024:
- تنذر الأزمات المركبة بانحدار مستوى معيشة السوريين إلى مستويات غير مسبوقة في العام القادم.
- مناطق السيطرة تشهد تغيرًا في خارطة النفوذ مع توغل “هيئة تحرير الشام” في مناطق نفوذ تركيا والاستباكات في الشمال الغربي المستمر بين الفصائل وقوات النظام.
العمليات العسكرية:
- غرفة عمليات “الفتح المبين” تنفذ عمليات خاطفة ضد عناصر النظام السوري وحلفائه في جبهات ريف إدلب وحلب.

منذ بداية النزاع في سورية تتداخل عدة جهات في النزاع، وهذا يشمل قوات النظام السوري والمعارضة المسلحة والجماعات الإرهابية والقوات الأجنبية، وهذه نظرة عامة على هذه الجهات:

قوات النظام السوري:
- تتألف من الجيش السوري وقوات الأمن والميليشيات الموالية للنظام.
- كان عددها يقدر بحوالي 300 ألف جندي، لكنه تراجع بسبب الانشقاقات والهروب من تلك القوات وارتفاع حصيلة القتلى في صفوفها.
- تدعمها روسيا وإيران، وتشمل أيضًا مقاتلين من حزب الله اللبناني ومن دول أخرى مثل العراق وأفغانستان.
المعارضة المسلحة:
- تشكلت من عدة فصائل، بدأت تحت لواء الجيش السوري الحر، لكنها تفتتت مع مرور الوقت.
- تضم فصائل معتدلة وجماعات إسلامية مسلحة.
- كان عددها يقدر بحوالي 100 ألف مقاتل، لكنه تقلص بسبب استرجاع النظام السوري لأراض واسعة.
قوات سوريا الديمقراطية (SDF):
- تشكل تحالفًا بين مقاتلين من الأكراد والعرب.
- تتكون أساسًا من وحدات حماية الشعب الكردية.
- تعمل بشكل رئيسي مع تحالف قادته الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش.
- تسيطر على مناطق شمال سوريا وشرقها.
تنظيم داعش (الدولة الإسلامية):
- انبثق من سورية والعراق في 2014.
- انتشر في مناطق واسعة وارتكب جرائم وفظائع.
- تكبد خسائر كبرى تحت ضغط التحالف الذي قادته الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية.

هذه الخريطة العسكرية تُثبت بمالايدع مجالا للشك أن الوضع في سورية لم يستتب، ولازالت الحرب مستمرة، وهي قابلة للانفجار تحت أي خلاف اقليمي أو دولي، وبالتالي تُصبح كل الدعوات لاعتبار سورية آمنة نوعا من الغش السياسبي الذي لايجب السكوت عنه، بل يجب فضحه، واعتبار من يحمله مجرم حرب يسعى لاعادة الهاربين منها إلى أتونها.