المكتب السياسيالمكتب العلميجمعة محمد لهيبدراساتقسم البحوث و الدراسات

السُنيّة السياسيّة والحلُّ الأجدى

مقدمة

انتهت السلطنة العثمانية سنة 1924م، بعد الحرب العالمية الأولى، وبقيت البلاد التي كانت خاضعة لها دون رأس، تزامنت حالة الفراغ السلطوي مع انتصار المحور الأوروبي والسعي للانتقال إلى ما سُمي بالنظام العالمي الجديد، والذي أنهى سيطرة الامبراطوريات على حساب الدول الوطنية أو القومية -الجديدة- الأمر الذي جعل خريطة مناطق السلطنة العثمانية -الرجل المريض- مفتوحة على خرائط غير تاريخية، بمعنى أنه لم تكن هناك جغرافية خاصة بسورية تُعرف بها سابقاً، بل عبارة عن إيالات وولايات عثمانية[1] في العموم الغالب من المنطقة، فكان أن اتفق البريطانيون والفرنسيون على ما سُمي باتفاقية “سايكس بيكو” سنة 1916م، ليتم تنفيذها بشكل علني بعد سقوط السلطنة العثمانية.

لم تكن خريطة سايكس بيكو تهتم بغير المصلحة الأوربية، وبالتالي لم تقرأ الطبيعة الإجتماعية جيداً فعاشت دول السلطنة العثمانية مرحلة نضال تحرري من هذه الخرائط، لتنجح تركيا بمنع تقسيمها وتنتهي مع أتاتورك للحدود الحالية [2], ولتنجح سورية بتوحيد أجزاءها “دولة حلب والدروز و..”، ولتسعى مع مصر لاحقاً نحو تحقيق الوحدة ضمن مشروع قومي هدفه توحيد الوطن العربي.

كان للخطاب القومي السطوة الكبرى على المنطقة متأثراً بفكرة الدولة القومية الجديدة، ولم ينجح الخطاب الإسلامي أمام الخطاب القومي، رغم وجود مراحل تعاوَنَ فيها الخطابان الإسلامي والقومي كحال المغرب العربي مثلاً، ومراحل في بلاد كان الصدام ملمحهُ البارز، ومثاله سورية[3].

استطاع حزب البعث العربي الاشتراكي السوري امتصاص الصراع الداخلي بينه وبين فرع البعث في العراق، عبر انشغال بعث العراق بحرب إيران، وتقويض المعارضة السورية الداخلية بحجته، خصوصاً المعارضة الإسلامية ممثلة بالإخوان المسلمين، حيث كانت مجزرة المدفعية ضد الضباط العلويين باكورة استغلال حقيقي لمحاربة المعارضة السورية عبر الفتك بالإخوان[4] ومحاصرة الشيوعيين، وتقليم أظافر التعددية داخل الحزب بعد ما سمي الحركة التصحيحية، واستيلاء حافظ الأسد على السلطة.

استطاع بعدها حافظ الأسد أن ينجح عبر مسار طويل من مشوار العلوية السياسية[5] إلى السيطرة على مقاليد الدولة السورية عبر بوابة القومية وفكر البعث، ليمسك خيوط الدولة عبر الإمساك بالقوات المسلحة من جانب، والمخابرات من جانب آخر.

بقيت العلوية السياسية تنتهج الخط الباطني عبر ستار القومية والبعث، وتغلغل نفوذها العلوي السياسي حتى ثورة 2011م, حين كشّر النظام السوري عن أنيابه الطائفية بتخويف طائفته، والانزياح نحوها في بداية الثورة السورية عبر شد عصبها، وإقناعهم أن الدولة دولتهم، والنظام هم، ما يعني أن فقدان الأسد السيطرة عليها، هو بمثابة انتهاء حقبة العلويين السياسية للأبد!

بقي النظام السوري على سرديته الباطنية بلبس ستار القومية والبعث من جهة، واستمالة كبار مشايخ أهل السنة من جهة ثانية، إلى سنة 2015م، والتي تُعتبر بداية التغير البارز للعلوية السياسية من خلال معولي هدم لها:

المعول الأول: النشاط الإيراني التشيعي[6], عبر الاستيلاء على ما أمكنها من القوى العسكرية والمخابراتية، فكان نفوذها قد وصل إلى المخابرات الجوية، والفرقة الرابعة بالجيش أيضاً [7], مع إضعاف سيطرة باقي القوى الأخرى ذات الصبغة العلوية السياسية [8].

المعول الثاني, هو بروز نشاط أسماء الأخرس زوجة بشار الأسد[9], والتي عملت على تفكيك البنية الاقتصادية للعلوية السياسية عبر قص جميع الأعشاب العلوية بداية، فكان أن تم الاستحواذ على جميع ممتلكات رامي مخلوف، ثم تم خلع الجذور العلوية كافة عبر المكتب السري، وتأسيس الأمانة العامة التابعة لأسماء الأسد[10] والتي جعلت عاموده الفقري من القوى السنية السياسية البرجوازية.

السنية السياسية ضرورة توازنية

بقيت العلوية السياسية تُمسك بقواها حتى هذه اللحظة، ورغم العمل الدؤوب على إضعافها! إلا أنها لم تلفظ أنفاسها بعد! لكن وفاة كبار رؤوس العلويين، إضافة لاستمرار استحواذ إيران على منافذ القوى العلوية واستبدالها بقوى شيعية اثنى عشرية أو تابعة لإيران عبر محورها الذي أصبح له مكان بالساحة السورية, وعدم نجاح أسماء الأخرس بانهاء ملف المخابرات بشكل نهائي والذي لازال مستمرا بيد العلوية السياسية, كل ذلك جعل العلوية السياسية في حالة احتضار.

يستتبع ماسبق؛ ضرورة تواجد توازن تُمثله السنية السياسية باعتبارها الحل المناسب للحالة التفتيتة لسورية, وباعتبار أن الفرصة اليوم باتت سانحة لبروز السنية السياسية في حالة الفوضى الحالية وبروز مناطق أربعة غالبها بيد جماعات سنية, حتى القسدية منها والتي تُمثل العشائر العربية السنية هيكلها الفعلي.

وتبرز ضرورة وجود السنية السياسية من خلال عدة دوافع:

الأول؛ إنهاء حالة الشعور بالقهر الطائفي من قبل الأقلية العلوية، والتي باتت واضحة من قبل الشعب السوري كله بالعموم، فالإحساس بالغبن والتسلط الطائفي وعدم وجود ظهر سني سياسي له وزنه السلطوي المرجعي يُعتبر رماداً لأي صراع طائفي مستقبلي قد تستغله الجهات الخارجية لإشعال حروب أهلية مستقبلية حتى في حال الانتهاء من الحرب الحالية دون تشكل السنية السياسية.

الثاني: تفريغ الشحنات الطائفية عبر السنية السياسية، الأمر الذي يجعلها تخرج من يد الجماعات الراديكالية المتطرفة كداعش، والتي تستغل ما تسميه حالة كون النظام السوري نظاماً علوياً نصيرياً في بناء سرديتها المتطرفة، لهذا يمكن اعتبار وجود السنية السياسية أكبر تفكيك لسردية الجماعات المتطرفة تًفقدها حاضنة شعبية متوقعة.

الثالث: تحقيق استقرار سياسي حقيقي، فالواقع اليوم في سورية يُظهر تجلياً فاعلاً للخطاب الطائفي رغم ستار الوطنية والثورية وغيرها من المصطلحات، والخوف في عدم معالجة التخوفات المستحقة الواقعية من قبل أهل السنة لاعادة رسم نظام فئوي أقلوي يعتمد شد العصب ضد غيره، ويُخوّف من باقي مكونات الشعب السوري خصوصاً الأغلبية السنية منه، لهذا سيكون لدور السنية السياسية مشاركة فعلية بالسلطة تسحب ذرائع التغول الطائفي، وتُرسخ الاستقرار الوطني بشكل حقيقي.

كيفية نجاح السنية السياسية

تنطلق السردية السابقة من رؤية الواقع السوري الحالي، والذي يتمثل بعدة ملامح:

الملمح الأول: استمرار حالة العلوية السياسية بالتواجد والتسلط وعدم القدرة على انهاءها للانتقال حتى من طرف النظام السوري نفسه إلى مرحلة الدولة الحديثة المدنية بالكامل.

الملمح الثاني: بروز قوة (السنية السياسية) في مناطق النظام السوري عبر قيادة أسماء الأسد، والتي أثبتت قدرتها على السير الهادئ والراسخ نحو زيادة نفوذها ضمن الدولة على حساب العلوية السياسية.

الملمح الثاني: تمثل المعارضة السورية الرسمية عبر جناحيها:

1-الحكومة المؤقتة والائتلاف الوطني وهيئة التفاوض بشكل أو بآخر من جهة، والجيش الوطني من جهة ثانية.

2- المجلس الاسلامي السوري باعتباره السلطة التشريعية المعترف بها لدى المعارضة كسلطة دينية.

تُمثل حالة غارقة بالتشبّع السني السياسي، الأمر الذي يجعلها حالة يصعب كسرها أو تجاوزها ولو عبر قيام دولة مدنية تامة.

الملمح الثالث: حالة هيئة تحرير الشام والتي تستثمر في مشروع سني سوري واضح، بل تعتبره مشروعها الأول مقدماً على أي مشروع وطني آخر[11], الأمر الذي سيجعلنا أمام سرديتين سنيتين غير متطرفتين بالمعنى السياسي، وفي حال محاربة الوسطي منها -المعارضة- سنكون أمام توسع دراماتيكي لهيئة تحرير الشام والتي استطاعت ربط مشروعها بالحاضنة السنية في الشمال السوري بشكل كبير.

الملمح الرابع: مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية، والتي تمثل مشروعاً لا مركزياً من جهة، ومن جهة ثانية مشروعاً قومياً انتهى تاريخه، أو لم يعد يًمثل خطراً وجودياً للقوى السورية، فلم يعد -عموماً- للخطاب القومي العربي تواجد مؤثر بالساحة السورية، ما سيجعل الخطاب القومي الكردي أمام حالة من عدم العداء، وبالتالي يمكن إزالة جميع تخوفاته عبر مناهج غير صدامية داخلية، في حال وجَدَت حلاً مع تركيا الدولة الجارة التي تعتبر قوات سورية الديمقراطية خطراً عليها، ولكن مهما كان من الأمر، سواء استطاعت قسد أن تحجز لنفسها دوراً مستقبلياً سياسياً، أو فشلت في ذلك، فإن انتشارها يعتمد على البنية العشائرية السنية والعربية، والتي ستجعل السنية السياسية رافداً لها من جهة، وقوة لقسد إن استطاعت التعامل معها داخلياً من جهة ثانية، وبالتالي أمام فشل حلف الأقليات[12] في المنطقة، وفشل العلوية السياسية في حمل هذا التحالف، ستكون قسد رغم علوية قادتها في قنديل، أمام حالة تعاون مع السنية السياسية على اعتبار المشتركات المتعددة بينهما، هذا في حال استطاعت تصفير معاركها مع تركيا، الأمر الذي يبدو في غاية الصعوبة أمام الرئاسة المشتركة للإدارة الذاتية كما يبدو.

هذه الملامح التي يتشكل منها الواقع السوري اليوم والتي يبدو أنه مسكوت عنه لاعتبارات متعددة، تجعلنا أمام احتمال اتحاد السنية السياسية رغم خلافاتها في المناطق الأربعة، لهذا يمكن القول أن هناك إمكانية اعتبار “السنية السياسية” عامل توحيد وطني للاعتبارات الآتية:

1- الجامع الطائفي “السني” الموحد، والذي قد يسمح بتجاوز مفهوم الثأر السياسي، رغم بقاء الثأر الفردي والذي لن يكون مؤثراً بالصورة العامة، مما يجعل مطلب “العدالة الانتقالية” التي ترفضها قوى الأمر الواقع اليوم غير عائق على الاتصال بين القوى السياسية في المناطق الأربعة وثم التعاون، وثم الاندماج في بوتقة واحدة ولو بالقوى الأغلبية منها.

2- الحاضنة الشعبية السنية خصوصاً للمناطق الثائرة، والتي ستعتبر وجود كيان سني سياسي مرجعاً مقبول لديها، ولهذا يمكن فهم العقلية الروسية عندما أرسلت القوات الشيشانية السنية كقوات أرضية [13].

3- استمرار وجود تهديد العلوية السياسية، والذي يستلزم وجود توازن يُنهي حالة الصراع الأهلي الطائفي في سورية، والذي في غالبه أصبح طائفيا، أو بسبب طائفي.

4- الحاجة التنظيمية لبروز القوى السنية، وضرورة تأطيرها في مرجعية سياسية رمزية، بدل جعلها حالة مشتتة يستحيل القضاء عليها كما يستحيل جمعها دون هذه المرجعية.

أسئلة نقدية

كل السردية السابقة تنطلق من قراءة واقعية باردة غير منحازة، وهي لا تنادي بالانتقام الطائفي، بل تدعمه ضمن إطار وطني تعايشي على نفس المثال اللبناني، ولا تضع وسخها تحت السجادة، بل تسعى السردية إلى نشر الغسيل المتسخ لبلدنا على الهواء والشمس لتنظيفه من العفونة المترسخة.

لكن يحق لنا باعتبارنا تياراً مدنياً سياسياً سورياً غير طائفي، أن نُقدم رؤيتنا لهذا الطرح بخصوص بروز السنية السياسية، لنُقدم بعض الأسئلة النقدية التي نراها تعين على بناء سرديتنا الوطنية:

1- هل استطاعت العلوية السياسية تقديم حياة أفضل للعلويين السوريين، أم أنها استغلتهم لمصحلة فئة منهم؟ وهل سياسة الأسد الإبن خصوصاً؛ تسعى لتقوية العلويين أم أنها عبارة عن فئة قليلة تحاول استغلال كل شيء لمصلحتها؟! بنظرة يسيرة لأخبار العلويين وتضحياتهم في سورية لمصلحة العلوية السياسية يظهر ضخامة تلك التضحيات[14], فهل يريد أصحاب نظرية السنية السياسية أن يكون لأهل السنة من يضحي بهم؟

2- في سؤال التجربة اللبنانية، هل تُعتبر مثالاً يحتذى! يمكن ضرب المثال بملف الكهرباء في لبنان، وكيف ضاعت المليارات لجيوب جبران باسيل بسبب المحاصصة الطائفية [15], إذ يمكن القول أن اعتبار السنية السياسية هي الحل؛ غير دقيق! بل سنكون أمام أوليغارشيا فئوية تحكم باسم المجموع.

3- قد يكون وجود “السنية السياسية” خالقاً لتوازن مفقود، وبل مطلوب في الواقع السوري اليوم، لكنه سيكون توازناً موهوماً، إذ هذه الحالة لن تجعلنا أمام مرحلة انتقالية نحو دولة المواطنة الحديثة، حيث أن اعتماد السنية السياسية والعلوية السياسية ولا ندري ماسيخرج لاحقاً من درزية سياسية وغير ذلك من مكونات قد تجد الفرصة سانحة للبروز، سنكون أمام حالة استقطاب كبير وشد عصب طائفي مستمر، بل سيكون من حق هذه الطبقة -إن صح الوصف لها-  أن تشد عصب حاضنتها بمؤامرات وحركات مدروسة، تُظهر حاجة الشعب إليها، ما سيجعل الواقع السوري أمام حالة استقطاب لجماعة فئوية تتقاسم السلطة وتستفيد منها على حساب عموم السوريين، الأمر الذي سينتج عنه انهيار لمفهوم الدولة والوطن بالكامل.

4- يمكن الزعم أن التصور الديني لأهل السنة هي اعتبارهم يمثلون الأمة، إذ لا يوجد في العقلية السنية تصور أقلوي، لهذا سيكون وجود السنية السياسية تحويراً للعقلية السنية ذاتها من فكر الأمة إلى فكر أقلوي منزوي، فإذا كنا نتفهم السياق التاريخي للعلويين باعتبارهم حركة مهمشة استفادت من لحظة تاريخية ما، فإن أهل السنة لم يعانوا هذه المعاناة التهميشية، بل دائماً ما نظروا إلى أنفسهم باعتبارهم الأغلبية الاجتماعية، لهذا سيكون لوجود السنية السياسية لعباً بكيمياء العقلية السنية!.

5- أخيراً، العلوية السياسية اليوم تمر بمأزق وجودي، إيران من جهة، وتمدد أسماء الأسد من جهة ثانية، إعطاء مبرر ببروز السنية السياسية يعني طوق نجاة حقيقي وانقاذاً للعلوية السياسية بشكل أو بآخر.

خاتمة:

إننا في تيار المستقبل السوري نضع الحل البديل، وهو الذي يتمثل في بناء الدولة الوطنية المدنية الحديثة، التي تنظر لكل السوريين ضمن محددات قانونية متساوية عبر منظومة الحقوق والواجبات، ومحاسبة أي طائفية أو عرقية سياسية ومنعها من التغول على مؤسسات الدولة، لعل هذا هو الحل الأكثر استدامة وأريحية لكل السوريين، فإن كانت السنية السياسية يمكن أن تُشكل توازناً سلطوياً في سورية قد ينهي حالة الحرب والصراع، فإن بناء الدولة الحديثة يعطي حلاً مستداماً وأكثر أريحية للشعب السوري الذي يرفض في عمومه حالة التفرقة، ولو أن الظرف العسكري اليوم أخرج أصواتاً متشنجة هنا وهناك.

كما ونعتبر بناء الدولة الوطنية الحديثة هو الحل الأجدى للأسباب الآنية:

1- الدولة الوطنية الحقيقية غير الوهمية تنظر لجميع السوريين بشكل متساوي، وتهتم بكل السوريين وتعطيهم حقوقهم دون شعورهم بالغبن والدونية.

2- العلوية والسنية السياسية وغيرها تملك عصا غليظة خفية، وثِقلاً كبيراً على كاهل الشعب السوري، ولو كانت حلاً للواقع المأساوي اليوم، وبالتالي فإن الدولة الحديثة ترفع هذا الحيف عن السوريين سنة وعلويين ودروز وكورد و..

3- الدولة الحديثة دولة مؤسسات، تربط الأفراد بكيانات معنوية، وتجعلهم يتنافسون في بناءها بشفافية وموضوعية، ولا تربط الأفراد بفئات وشخصيات، وهذا لعله غاية الرقي البشري المعاصر، فالإنسان المتحضر مع الدولة الوطنية الصحيّة سينتهي من فكرة القائد الملهم، لينتقل إلى العلاقة الندية ضمن مؤسسات قانونية لا ميزة لإنسان على غيره، الأمر الذي سيكون مع العلوية والسنية السياسية مُتخماً بقادة تاريخيين ومراجع بشرية تُعتبر بشكل من الأشكال شخصيات مقدسة لايمكن المساس بها وإلا تم المساس بالطائفة ككل، ما يقزم الطائفة من جهة، ويجعلها رهينة فئة قليلة من الناس من جهة ثانية.

4- الدولة الحديثة تُوجه نظر الشعب إلى التنمية، وتطبيق القانون، والتنافس العصري، وتُبعدهم عن التخوف الأقلوي والاهتمام بالحماية من شريك الوطن لتجعله عدواً متوقعاً، وأن ما يحمي منه هو المرجعية السياسية من علوية وسنية، بينما الدولة الحديثة الوطنية الحقيقية تنزع نحو بناء الانسان التنموي المتطور.

لهذا فإننا نوصي في قسم البحوث والدراسات في المكتب العلمي لـِ تيار المستقبل السوري بأن يُعتبر تواجد السنية السياسية حلاً واقعياً للساحة السورية المأزومة، ولكنه حل غير مكتمل وغير مستدام، وأن الحل الأجدى هو بناء الدولة الوطنية الحديثة.

المراجع:


[1] كانت تشتمل سورية في العهد العثمانيِّ ثلاث “إيالات” بحسب التَّقسيم الإداريِّ العثمانيّ, قبل دخول جيش محمد علي باشا وبعده: إيالة كل من حلب والشَّام وصيدا, وتحت كلِّ إيالة ألويةٌ وأقضية, كانت بحالة تغيُّر مستمر, انظر مزيد بيان رسالة الماجستير من كلية الآداب بجامعة عين شمس قسم التاريخ: عبد العزيز محمد عوض, الإدارة العامة في ولاية سورية 1864 – 1914م, مصر, دار المعارف, 1389هـ / 1969م, 66.

[2] انظر مزيد تفصيل: أمين محمد سعيد وكريم خليل ثابت, سيرة مصطفى كمال باشا وتاريخ الحركة التركية الوطنية في الأناضول, دار اللطائف المصورة, مصر, 1922م. 29.

[3] يرى صلاح نيوف في مقال له ضمن إصدار مركز المسبار, أربعة أسبابٍ لإبعاد الإسلاميين السوريين أواخر الخمسينات, وهي: لم يجمع الاخوانُ المتدينينَ السلفيينَ حولهم, وانشغالهم بالصِّراع مع البرجوازيَّة الصناعيَّة والديمقراطيَّة كخالد العظم, وعدم المشاركة مع الأحزاب الشيوعيَّة والقوميَّة لمُساندة العمال ليتقوقعوا -الإخوان- لاحقاً ضمن الطَّبقة الوسطى فقط, وتعدُّدية المجتمع السوري جعلته  يُفضِّل المصطلحات الوحدويَّة على الدينيَّة, وصعود عبد النَّاصر والقوميَّة العربيَّة بشكلٍ ساحق, انظر صلاح نيوف, الإخوان المسلمون في سورية ممانعة الطائفة وعنف الحركة, د.م, مركز المسبار, د.ت, 6.

[4] يذكر الغضبان أنَّ شهر آب 1979م اتخذ الإخوان قراراً بمواجهة النِّظام رسميَّاً ودخول الحرب معه, بعد سلسلة المجازر في سوريا, خصوصا بعد حادثة المدفعيَّة الَّتي أنكرتها الجماعة, وذكر أنَّ هذا القرار كان “عاطفيَّاً في الحقيقة أكثر من أن يكون موضوعيَّاً فلم يكن الإعداد كافياً لهذه المواجهة, إنَّما كان الدافع له هو موقف الِّدفاع عن النَّفس, وألَّا يُسلِم الأخوة أنفسهم للنِّظام”. انظر منير الغضبان, سورية في قرن, د.م, د.ت, د.ط, 574. 

[5] يبرر بطاطو الذي درس الحالة الفلاحية السوريَّة للأسد الأب ارتكازَه على المُكوِّن العلويِّ في حكمه, لكنه يرفض وصفه بالطَّائفي والعشائري بل برأيه “بنية السُّلطة الَّتي صاغها حافظ الأسد تعتمد اعتماداً كبيراً على شخصه”, انظر حنا بطاطو, فلاحو سورية أبناء وجهائهم الريفين الأقل شأناً وسياساتهم, ترجمة عبدالله فاضل ورائد النقشبندي, المركز العربي للأبحاث, 493.

 [6]ياسين جمول و أحمد قربي, التقرير التحليلي التغلغل الثقافي الإيراني في سورية 1, مركز الحوار السوري, 2023م, في: التقرير التحليلي “التغلغل الثقافي الإيراني في سوريا (1) : الأدوات الدينية” – مركز الحوار السوري (sydialogue.org)

[7] ضباط من الفرقة الرابعة يتدربون على استخدام الطيران المسير الإيراني (jusoor.co)

[8] يرى رستم محمود أن روسيا تسعى لتقليص نفوذ ايران, انظر: رستم محمود, هل تطيح روسيا نفوذ إيران في الأجهزة الأمنية السورية؟ 2019, في هل تُطيح روسيا نفوذ إيران في الأجهزة الأمنية السورية؟ | اندبندنت عربية (independentarabia.com)

[9] ابراهيم مصطفى, وانتهت حقبة العلوية السياسية بيد اسماء الأخرس, موقع تيار المستقبل السوري, في : وانتهت حقبة العلوية السياسية بيد أسماء الأخرس!. – تيار المستقبل السوري (sfuturem.org)

[10] هل تُوسّع أسماء الأسد نفوذها في القصر عَبْر أمانة الرئاسة؟ (jusoor.co)

[11] عزام القصير, استراتيجيات البقاء لدى هيئة تحرير الشام ثلاثية الإدارة والعسكرة والخطاب, مركز حرمون, 2023م, في: استراتيجيات البقاء لدى “هيئة تحرير الشام”: ثلاثية الإدارة والعسكرة والخطاب – مركز حرمون للدراسات المعاصرة (harmoon.org)

[12] حلف الأقليات.. واستهداف أهل السُّنَّة! | الجزيرة نت (aljazeera.net)

[13] قديروف يؤكد انه ارسل قوات شيشانية الى حلب في اطار كتيبة الشرطة العسكرية التي نشرتها روسيا لتأمينها  وهو ما كان قد نفاه في وقت سابق | رأي اليوم (raialyoum.com)

[14] خسائر العلويين في سورية وموقفهم من الأسد 2-4-2015 (asharqalarabi.org.uk)

[15] خير الله خير الله, أين ذهب مليارات الكهرباء في لبنان, صحيفة العرب, 2021م, في أين ذهبت مليارات الكهرباء في لبنان؟ | خيرالله خيرالله | صحيفة العرب (alarab.co.uk)

جمعة محمد لهيب
المكتب السياسي
قسم البحوث والدراسات
تيار المستقبل السوري

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى