المكتب العلميفريق بحث مكتب شؤون الأسرةقسم البحوث و الدراساتمقالاتمقالات شؤون الأسرةمكتب شؤون الأسرة

الرعاية الصحية للأطفال في سورية، واقعٌ وتحديات

مقدمة:

تُعتبر الأزمة السورية واحدة من أشد الأزمات الإنسانية حدة في العصر الحديث، وقد تركت آثاراً عميقة على صحة الأطفال بشكل خاص.

وبحسب بعض الإحصائيات والأرقام حول الوضع الصحي المزري الذي يعيشه الأطفال السوريون بخصوص سوء التغذية أن أكثر من نصف الأطفال دون الخامسة يعانون من التقزم بحسب اليونيسف، وهو مؤشر على سوء التغذية المزمن الذي يؤثر على النمو البدني والعقلي.

كما تشير الإحصائيات إلى ارتفاع حاد في معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال، مما يجعلهم أكثر عرضة للأمراض والوفاة.

وبخصوص الأمراض المعدية، فإن هناك حالة من انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، إذ بسبب تلوث مصادر المياه ونقص الصرف الصحي، انتشرت الأمراض المعدية مثل الإسهال والكوليرا بشكل كبير بين الأطفال.

كما أدت الحرب والنزوح إلى انخفاض كبير في معدلات التطعيم، مما زاد من خطر تفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات مثل الحصبة وشلل الأطفال.

وأما بخصوص الصحة النفسية، فيعاني الأطفال السوريون من صدمات نفسية عميقة نتيجة للعنف والتشرد وفقدان الأحباء، مما يؤثر على صحتهم النفسية ونموهم الاجتماعي.

كما تشير الدراسات إلى ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية الأخرى بين الأطفال السوريين.
فضلا عن كل ذلك، يعاني القطاع الصحي في سورية من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، مما يؤثر على جودة الرعاية الصحية المقدمة للأطفال.

إن سبب تسليطنا الضوء على هذا الموضوع، خوفنا من تأثير فقدان الرعاية الصحية على المدى الطويل، حيث يؤدي سوء التغذية والصدمات النفسية إلى تأخر النمو البدني والعقلي للأطفال، مما يحد من فرصهم في المستقبل.

جهود ونشاطات:

تظهر جهود الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة في مجال رعاية الأطفال الصحية واضحة من خلال اتفاقية حقوق الطفل، حيث تُعتبر هذه الاتفاقية بمثابة دستور عالمي لحقوق الطفل، وتضمن حقه في الصحة، بما في ذلك الرعاية الصحية الأولية، والتغذية، والوقاية من الأمراض.

كما تركز اليونيسف على تقديم خدمات صحية أساسية للأطفال، مثل التحصين، والتغذية، ومياه الشرب المأمونة، والصرف الصحي. كما تعمل على مكافحة الأمراض التي تهدد حياة الأطفال، مثل الملاريا والإيدز.

وتعمل منظمة الصحة العالمية (WHO) على وضع المعايير العالمية للرعاية الصحية للأطفال، ودعم البلدان في تطبيق هذه المعايير. كما تركز على مكافحة الأمراض المعدية وغير المعدية التي تصيب الأطفال.

وأيضا هناك الجهود المشتركة مثل برامج التحصين التي تهدف إلى حماية الأطفال من الأمراض القابلة للوقاية باللقاحات، مثل الحصبة وشلل الأطفال.

بالإضافة لمكافحة سوء التغذية، تعمل المنظمات على تقديم الأغذية التكميلية للأطفال، وتعزيز الرضاعة الطبيعية، ومكافحة التقزم عند الأطفال.

وأيضا الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي، حيث يساهم ذلك في الوقاية من الأمراض المنقولة بالمياه، وتحسين الصحة العامة للأطفال.

وأيضا الرعاية الصحية الأولية، حيث تهدف هذه الرعاية إلى توفير خدمات صحية شاملة للأطفال في المجتمعات المحلية.

وفيما خص حماية الأطفال من العنف والاستغلال، تعمل المنظمات على حماية الأطفال من جميع أشكال العنف والإساءة، وتوفير الدعم النفسي لهم.

جهود الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة في مجال رعاية الأطفال الصحية حققت تقدمًا كبيرًا، ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به، فيجب على جميع الأطراف المعنية من الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني، التعاون من أجل ضمان حصول جميع الأطفال على الرعاية الصحية التي يستحقونها.

التحديات:

تواجه جهود الرعاية الصحية للأطفال العديد من التحديات المعقدة التي تعوق تحقيق أهدافها.

ويمكن تقسيم التحديات إلى:

  1. تحديات هيكلية:
    • أ. الفقر: يعتبر الفقر أحد أكبر العوائق أمام الحصول على الرعاية الصحية للأطفال، حيث يحد من قدرة الأسر على تحمل تكاليف العلاج والدواء والتغذية الجيدة.
    • ب. عدم المساواة: توجد فجوات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية بين المناطق الحضرية والريفية، وبين البلدان الغنية والفقيرة، وبين مختلف الفئات الاجتماعية.
    • جـ. نقص الموارد: تعاني العديد من البلدان من نقص في الموارد المالية والبشرية اللازمة لتوفير خدمات صحية كافية للأطفال.
    • د. البنية التحتية الصحية: ضعف البنية التحتية الصحية، مثل المستشفيات والمراكز الصحية، يحد من قدرة البلدان على تقديم خدمات صحية فعالة.
    • هـ. الصراعات والحروب: تؤدي الحروب والنزاعات المسلحة إلى تدمير البنية التحتية الصحية وتشريد السكان، مما يؤثر سلبًا على صحة الأطفال.
  2. تحديات تتعلق بالصحة:
    • أ. الأمراض المعدية: لا تزال الأمراض المعدية مثل الملاريا والإيدز والسل تشكل تهديدًا كبيرًا لصحة الأطفال، خاصة في البلدان النامية.
    • ب سوء التغذية: يعاني ملايين الأطفال حول العالم من سوء التغذية، مما يؤثر على نموهم وتطورهم العقلي والجسدي.
    • جـ. الأمراض غير المعدية: تزداد معدلات الإصابة بالأمراض غير المعدية مثل السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية بين الأطفال، ويرجع ذلك إلى عوامل مثل سوء التغذية وقلة النشاط البدني.
  3. تحديات تتعلق بالسياسات والبرامج:
    • أ. نقص التغطية: لا يزال هناك ملايين الأطفال محرومون من الحصول على الخدمات الصحية الأساسية، مثل التحصين والتغذية.
    • ب. جودة الخدمات: تعاني العديد من البلدان من نقص في جودة الخدمات الصحية المقدمة للأطفال، مما يؤثر على فعالية هذه الخدمات.
    • جـ. التكامل بين القطاعات: غالبًا ما تفتقر الجهود المبذولة لتحسين صحة الطفل إلى التكامل بين القطاعات المختلفة، مثل الصحة والتعليم والتغذية.
    • د. التغيرات المناخية: تؤثر التغيرات المناخية سلبًا على صحة الأطفال من خلال زيادة انتشار الأمراض المنقولة بالنواقل، وتفاقم سوء التغذية، والكوارث الطبيعية.
  4. تحديات تتعلق بالسلوكيات:
    • أ. الممارسات الصحية الضارة: لا تزال بعض الممارسات الصحية الضارة، مثل الزواج المبكر وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، تمثل تحديًا كبيرًا لصحة الفتيات.
    • ب. نقص الوعي: يفتقر الكثير من الناس إلى الوعي بأهمية الرعاية الصحية الوقائية للأطفال، مما يؤدي إلى تأخر طلب الرعاية الصحية.

كما هناك العديد من التحديات الخاصة التي يواجهها الأطفال السوريون، والتي تتجاوز التحديات العامة للرعاية الصحية للأطفال السالفة الذكر. هذه التحديات تتأثر بشكل كبير بالحرب المستمرة والنزوح والظروف المعيشية الصعبة.

بعض التحديات الرئيسية التي يواجهها الأطفال السوريون والتي رصدناها في مكتب شؤون الأسرة لـ تيار المستقبل السوري:

  1. الصدمات النفسية: يتعرض الأطفال السوريون لصدمات نفسية عميقة بسبب العنف والتشرد وفقدان الأحباء. هذا يؤثر بشكل كبير على نموهم وتطورهم، وقد يؤدي إلى اضطرابات نفسية طويلة الأمد.
  2. التعليم: يعاني الكثير من الأطفال السوريين من انقطاع عن التعليم أو من صعوبة في الاندماج في النظم التعليمية الجديدة، مما يؤثر على مستقبلهم.
  3. الزواج المبكر: تواجه الفتيات السوريات خطر الزواج المبكر، مما يحرمهن من طفولتهن ويؤثر على صحتهن الجسدية والنفسية.
  4. عمالة الأطفال: يلجأ الكثير من الأطفال السوريين إلى العمل لتوفير دخل لأسرهم، مما يحرمهم من حقهم في اللعب والتعلم.
  5. العنف والاستغلال: يتعرض الأطفال السوريون لخطر العنف والاستغلال، بما في ذلك التجنيد في الجماعات المسلحة والاتجار بالبشر.
  6. النزوح واللجوء: يعيش ملايين الأطفال السوريين كلاجئين في دول مجاورة، مما يجعلهم عرضة للتمييز والعنصرية.

هذه التحديات تتفاعل مع بعضها البعض وتؤثر بشكل كبير على صحة الأطفال السوريين ورفاههم.

بعض العواقب المحتملة لهذه التحديات تشمل:

  1. سوء التغذية: يعاني العديد من الأطفال السوريين من سوء التغذية، مما يؤثر على نموهم الجسدي والعقلي.
  2. الأمراض المعدية: يزداد خطر الإصابة بالأمراض المعدية بسبب الظروف الصحية غير الملائمة في المخيمات والمدن التي تضررت من الحرب.
  3. تأخر النمو: يعاني العديد من الأطفال السوريين من تأخر في النمو البدني والعقلي بسبب الصدمات النفسية وسوء التغذية.
  4. مشاكل صحية مزمنة: قد يعاني الأطفال السوريون من مشاكل صحية مزمنة نتيجة للصدمات الجسدية والنفسية التي تعرضوا لها.

سؤال التمكين:

تمكين الرعاية الصحية للأطفال في سورية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، يتطلب جهدًا متضافرًا على عدة مستويات. بعض المقترحات:

  1. الدعم الدولي:
    • أ. زيادة المساعدات الإنسانية: يجب زيادة المساعدات الإنسانية لتلبية الاحتياجات الطبية العاجلة للأطفال، وتوفير الأدوية والمعدات الطبية، ودعم البنية التحتية الصحية للأطفال.
    • ب. تسهيل وصول المساعدات: يجب تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة والمناطق التي يصعب الوصول إليها، بما في ذلك المناطق التي يتواجد فيها الأطفال النازحون واللاجئون.
    • جـ. دعم إعادة تأهيل البنية التحتية الصحية للأطفال: يجب دعم إعادة بناء وتأهيل المستشفيات والمراكز الصحية التي تقدم خدمات للأطفال، وتجهيزها بالأجهزة والمعدات اللازمة.
    • د. تدريب الكوادر الطبية المتخصصة في صحة الطفل: يجب توفير برامج تدريبية للكوادر الطبية المتخصصة في صحة الطفل، لتعزيز قدراتهم على تقديم الرعاية الصحية للأطفال المرضى والمصابين.
  2. دور سلطات الأمر الواقع:
    • أ. إعادة بناء النظام الصحي للأطفال: يجب إعادة بناء النظام الصحي للأطفال بشكل شامل، مع التركيز على الرعاية الصحية الأولية للأطفال، بما في ذلك التطعيمات والفحوصات الدورية.
    • ب. توفير الأدوية الأساسية للأطفال: يجب توفير الأدوية الأساسية للأطفال بأسعار معقولة أو مجانًا، خاصة الأدوية الخاصة بالأمراض الشائعة بين الأطفال.
    • جـ. مكافحة الفساد في قطاع الصحة: يجب مكافحة الفساد في قطاع الصحة لضمان وصول المساعدات إلى الأطفال المحتاجين.
    • د. توفير بيئة آمنة للعاملين في المجال الصحي للأطفال: يجب توفير بيئة آمنة للعاملين في المجال الصحي للأطفال لحمايتهم من الخطر، وتمكينهم من تقديم خدماتهم بحرية.
  3. دور المنظمات غير الحكومية:
    • أ. تقديم الخدمات الصحية الأساسية للأطفال: يجب على المنظمات غير الحكومية تقديم الخدمات الصحية الأساسية للأطفال في المناطق التي تعاني من نقص في الخدمات، مثل التطعيمات والتغذية والرعاية الصحية الأولية.
    • ب. دعم الصحة النفسية للأطفال: يجب تقديم الدعم النفسي للأطفال المتضررين من الحرب والنزوح، من خلال برامج العلاج النفسي والتأهيل الاجتماعي.
    • جـ. التوعية الصحية للأمهات: يجب القيام بحملات توعية صحية للأمهات حول أهمية الرعاية الصحية للأطفال، وكيفية الوقاية من الأمراض الشائعة.

تمكين الرعاية الصحية للأطفال في سورية يتطلب جهدًا متضافرًا من جميع الأطراف المعنية، ويجب أن يكون جزءًا من حل شامل للأزمة السورية. يجب التركيز على توفير الرعاية الصحية الأولية للأطفال، وتوفير الأدوية الأساسية، وتدريب الكوادر الطبية، وبناء نظام صحي قوي ومستدام للأطفال.

خاتمة:

يُمثل المجتمع المدني في سورية العمود الفقري لدعم الرعاية الصحية، لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. ويلعب دوراً حيوياً في سد الفجوات التي تتركها الجهات الرسمية، وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وخاصة الفئات الأكثر ضعفاً كالنساء والأطفال.

وبما أننا في مكتب شؤون الأسرة لـ تيار المستقبل السوري من هذا المجتمع المدني، فإننا نشارك خبرتنا باعتبار وجودنا بالشمال السوري لدعم الرعاية الصحية:

  1. تقديم الخدمات الصحية المباشرة، عبر إنشاء عيادات متنقلة وتثبيتية لتقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية.
    • وتنظيم حملات تطعيم واسعة النطاق للأطفال.
    • وأيضا تقديم خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي للمتضررين من الصراع.
    • بالإضافة لتقديم خدمات التغذية العلاجية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية.
  2. التوعية الصحية عبر تنظيم حملات توعية حول الأمراض الشائعة وكيفية الوقاية منها.
    • ونشر المعلومات الصحية عبر وسائل الإعلام المختلفة.
    • وأيضا تدريب الكوادر الصحية المجتمعية على تقديم الإسعافات الأولية والتوعية الصحية.
  3. البحث والدراسات، عبر إجراء دراسات وأبحاث حول الاحتياجات الصحية للمجتمعات المحلية.
    • وتوثيق الانتهاكات التي تطال القطاع الصحي.
  4. الضغط والمناصرة، مم خلال الضغط على الجهات الرسمية والمنظمات الدولية لتوفير الدعم المالي واللوجستي للقطاع الصحي.
    • والمطالبة بتحسين الوصول إلى الخدمات الصحية لكافة أفراد المجتمع.
    • والمشاركة في صياغة السياسات الصحية الوطنية.
  5. بناء الشراكات مع المنظمات الدولية والمحلية الأخرى العاملة في مجال الصحة.
    • وتعزيز التعاون مع القطاع الخاص.
    • تدريب الكوادر الطبية والصحية المجتمعية على تقديم الخدمات الصحية الأساسية.
    • على أننا مثل المجتمع المدني نعاني من نقص كبير في التمويل، مما يحد من قدرته على تقديم الخدمات.
    • كما تواجه المنظمات العاملة في المجال الإنساني في سورية العديد من التحديات القانونية والإدارية.
    • وأيضا يصعب على المنظمات الوصول إلى المناطق المحاصرة لتقديم المساعدات.
    • كما يتعرض العاملون في المجال الإنساني للعنف والتهديدات الأمنية.

لهذا يعتبر دعم المجتمع المدني في سورية أمراً حيوياً لضمان استمرارية تقديم الخدمات الصحية للمواطنين، وخاصة الفئات الأكثر ضعفاً. ويمكن تحقيق ذلك من خلال:

  1. توفير الدعم المالي: تقديم المنح والقروض للمنظمات العاملة في المجال الصحي.
  2. تسهيل الإجراءات الإدارية: تبسيط الإجراءات الإدارية التي تواجه المنظمات العاملة في سوريا.
  3. بناء الشراكات: بناء شراكات قوية بين المنظمات الحكومية والمنظمات غير الحكومية.
  4. توفير الحماية للعاملين في المجال الإنساني: ضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني وحمايتهم من أي تهديدات.

يلعب المجتمع المدني دوراً حيوياً في دعم الرعاية الصحية في سورية، ولقد قدمنا في مقرينا بالشمال السوري خططا ومشاريع نحاول استكمالها، وسنضعها بوقت لاحق بدراسة مفصلة عبر موقعنا، ولكننا نرى أن المجتمع المدني يواجه العديد من التحديات. لذلك، فإن دعم هذا القطاع هو استثمار في مستقبل سورية، ويضمن حصول جميع المواطنين على الرعاية الصحية التي يستحقونها.

مكتب شؤون الأسرة
فريق البحث
قسم البحوث والدراسات
مقالات
تيار المستقبل السوري

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى