المكتب الإقتصاديبحوث ودراسات

المشاريع الصغيرة حاجةٌ متروكة

مقدمة:
المشاريع الصغيرة هي نشاطات تجارية أو صناعية أو زراعية تبدأ بموارد محدودة مقارنةً بالمشاريع الأخرى، أي رأس مال بسيط، وعدد موظفين قليل، هذه المشاريع تتميز بالقدرة على التكيف والابتكار في بيئة الأعمال سريعة التّغير.
تُعتبر المشاريع الصغيرة فرصة للأشخاص بتحسين المردود الماديّ، وتحسين مهاراتهم وتوظيفها في زيادة الكفاءة الإنتاجيّة، وهي الطريق نحو المشاريع الضخمة الكبيرة، وتتطلب تشغيل مشروع صغير مربح الكفاءة والتخطيط الجيد، حيث يتعين على أصحاب المشاريع تحديد الاحتياجات وإدارة الموارد المالية والبشرية بحكمة، بمرور الوقت ونجاح المشروع الصغير في تحقيق الربحية، تزداد الموارد المتاحة ويتسع نطاق النشاط التجاري، يمكن أن يشمل ذلك زيادة رأس المال، وتوظيف المزيد من الموظفين، وتوسيع النطاق الجغرافي للعمل، وتحسين البنية التحتية والتكنولوجيا المستخدمة، المشاريع الصغيرة تبدأ بموارد محدودة وتنمو مع تحقيق النجاح والربحية، تكتسب هذه العلامات التجارية الصغيرة هوية خاصة بها وتصبح معروفة للجمهور المستهدف، يتعرف العملاء على المشروع ويثقون به، وتصبح العلامة التجارية رمزًا للجودة والثقة في السوق.

المشاريع الصغيرة في مناطق النظام السوري:
تلعب المشاريع الصغيرة في سورية دوراً هاماً في الاقتصاد الوطني، وفقاً لبعض الدراسات، فإن هذه المشاريع قد ساهمت بنسبة 41% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2019، وانخفضت إلى 37% في عام 2020 بسبب جائحة كورونا، وتُشكل المشاريع الصغيرة والمتوسطة حوالي 99% من المنشآت في سورية، ومع ذلك، يواجه هذا القطاع تحديات كبيرة، وفقاً لبعض التقاير, فإن 58% من هذه المشاريع تعمل، و16% منها متوقف نهائياً، و6% قيد التجهيز، وتعتمد معظم هذه المشاريع في تمويلها على المدخرات العائلية أو أموال صاحب المشروع، حيث يلجأ نحو 88% من المشاريع الصغيرة في سورية إلى الاقتراض من المصارف.
وفي السياق نفسه، هناك هيئات مثل “هيئة تنمية المشروعات الصغيرة” تعمل على تطوير ودعم هذا القطاع بحسب رؤية السلطة.
وبالرغم من التحديات، يظل القطاع الصغير والمتوسط في سورية يلعب دوراً مهماً في الاقتصاد ويوفر فرص عمل للكثير من الناس في مناطق النظام السوري.

المشاريع الصغيرة في الشمال السوري المحرر:
المشاريع الصغيرة في الشمال السوري تلعب دوراً هاماً أيضا في تحسين الأوضاع الاقتصادية للمنطقة بسبب الكثافة السكانية وموجات النزوح وانتشار المخيمات، مع ازدياد ظاهرة البطالة تم تفعيل المشاريع الصغيرة كحل لهذه الظاهرة، بعد عام 2018، بدأت بعض المنظمات والمؤسسات في نشر فكرة المشاريع الصغيرة ودعمها، العديد من هذه المشاريع نجحت وعادت بالفائدة للمستفيدين منها، ومع ذلك، يتعين التأكيد على قدرة هذه المشاريع على تشغيل أكبر عدد من السكان الذين هم عاطلين عن العمل للحد من انتشار البطالة، في الجانب الحوكمي، تفتقد مناطق الشمال السوري لوجود قوانين ناظمة ومتخصصة بالمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، وهناك تباين عبر المناطق المختلفة في آلية الترخيص لهذه المشاريع، ومستوى التهرب الضريبي.
وفي عام 2024، عقدت فعاليات مدنية واقتصادية أول مؤتمر للإستثمار في الشمال السوري، وحضر المؤتمر رجال أعمال من تركيا والولايات المتحدة ودول غربية، ومعظمهم يحملون الجنسية السورية، حيث أعرب المستثمرون عن نيتهم في إقامة مشاريع استثمارية جديدة في المنطقة، وبالرغم من التحديات، يظل القطاع الصغير والمتوسط في الشمال السوري يلعب دوراً مهماً في الاقتصاد ويوفر فرص عمل للكثير من الناس أيضا ويمكن اعتباره الحامل الأكبر لمحاربة البطالة.

كيفية دعم المشاريع الصغيرة:
هناك عدة طرق يمكن من خلالها دعم المشاريع الصغيرة في الشمال السوري:

  1. يمكن للمؤسسات المالية تقديم قروض عبر مشاريع المرابحة او دون فوائد لأصحاب المشاريع الصغيرة، مثلاً، في مناطق النظام السوري أطلق المصرف التجاري السوري برنامج تمويل يتألف من 13 منتجاً مصرفياً بفوائد مدعومة.
  2. تقديم برامج تدريبية لأصحاب المشاريع الصغيرة لتعزيز مهاراتهم وزيادة فرص نجاحهم.
  3. الدعم من المنظمات الإنسانية للمشاريع الصغيرة في الشمال السوري.
  4. إقامة معارض ومهرجانات للمشاريع الصغيرة لتسويق منتجاتها وخدماتها.
  5. تأسيس مؤسسات مالية غير مصرفية مثل بعض التجارب التي تقدم خدمات ائتمانية لتعزيز سُبل العيش في شمال سورية.
  6. التعاون مع الجهات الحكومية والدولية والاستفادة من البرامج والمبادرات التي تقدمها هذه الجهات.
  7. تقديم الدعم الفني والإداري للمشاريع الصغيرة لمساعدتها في تحقيق أهدافها.
  8. تشجيع الابتكار والتكنولوجيا لتحسين كفاءتها وزيادة قدرتها على المنافسة.
  9. تقديم الدعم للمشاريع الزراعية من خلال تقديم قروض بقيمة أكبر.
  10. تقديم الدعم للمشاريع الابتكارية من خلال تقديم قروض ميسرة.
    من الجدير بالذكر أن هذه الإجراءات تتطلب تعاوناً وتنسيقاً بين العديد من الجهات المعنية، بما في ذلك الحكومات المحلية والدولية، والمنظمات غير الحكومية، والمؤسسات المالية، وأصحاب المشاريع الصغيرة.

خاتمة:
إن الواقع الاقتصادي السوري يقوم في غالبه على المداخيل من المشاريع الصغيرة، فالمصانع الكبيرة لاتلبي الحاجة لتخفيف وقع الانهيار الاقتصادي.
لهذا من الضروري أن يكون هناك اهتمام اجتماعي بتعزيز المشاريع الصغيرة ودعمها، ولهذا فإننا نوصي بالآتي:
١- تغيير العقلية الدينية وتوجيهها نحو انفاق الزكوات والصدقات على دعم المشاريع الصغيرة، ففي إحصاء عمل عليه مكتبنا الاقتصادي في تيار المستقبل السوري بخصوص مشاريع الافطار في رمضان، كان المبلغ في الشمال السوري مايقارب نصف مليون دولار أمريكي، وبالتالي لو تم توجيه مثل هذه المبالغ إلى دعم المشاريع الصغيرة وتمويلها فسيكون لها تأثير كبير ناحية تحريك العجلة الاقتصادية الوطنية.
٢- إنشاء صندوق اقتصادي وطني تُشرف عليه لجنة اجتماعية بالتعاون مع كبار رجال الأعمال السوريين ضمن منهج يقوم على المراقبة والشفافية، يكون هدفه الأول دعم المشاريع الصغيرة وتمويلها بالاستعانة مع خبراء اقتصاديين متخصصين.
٣- توجيه الدعم الدولي نحو تعزيز فكرة المشاريع الصغيرة.

أخيراً، إننا في تيار المستقبل السوري نضع كل إمكانياتنا في سبيل رعاية المشاريع الصغيرة، وجعلها قضية وطنية واقتصادية ودينية كذلك.

عمار العموري
المكتب الاقتصادي
قسم البحوث والدراسات
تيار المستقبل السوري

المراجع:
معرض لدعم المشاريع الصغيرة شمال سورية (alaraby.co.uk)
اقتصاد كوين – دعم المشاريع الصغيرة في الشمال السوري.. الفرص والتحديات (youtube.com)
مركز عمران للدراسات الاستراتيجية – محددات نجاح المشروعات المتناهية الصغر لدى القطاع الخاص في الشمال السوري (omrandirasat.org)
دور المشاريع الصغيرة في الحد من ظاهرة البطالة – الشمال السوري انموذجاً (تحدي التمويل والتنظيم) – Nma for Contemporary Research (nmaresearch.com)
قراءة في تجربة المشاريع الصغيرة في سورية (2001 – 2017) (shamra-academia.com)

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى