النشأة والخلفية العائلية:
وُلدت ماري كولفين في كوينز بمدينة نيويورك، ونشأت في إيست نورويتش ببلدة أويستر باي في مقاطعة ناسو ضمن جزيرة لونغ آيلاند.
والدها هو ويليام ج. كولفين، أحد قدامى المحاربين في سلاح مشاة البحرية خلال الحرب العالمية الثانية، وعمل لاحقًا مدرسًا للغة الإنجليزية في المدارس العامة بمدينة نيويورك، إضافة إلى نشاطه السياسي مع الحزب الديمقراطي في مقاطعة ناسو.
أما والدتها، روزماري مارون كولفين، فكانت مستشارة توجيهية في المدارس الثانوية ضمن مدارس لونغ آيلاند العامة.
ولها شقيقان هما ويليام ومايكل، وشقيقتان هما إيلين وكاترين.
التعليم والتكوين الأكاديمي:
تخرجت من مدرسة أويستر باي الثانوية عام 1974، وقضت سنتها الدراسية الثانوية في الخارج ضمن برنامج تبادل طلابي مع البرازيل.
التحقت لاحقًا بجامعة ييل، حيث كانت رائدة في علم الأنثروبولوجيا، ودرست على يد الكاتب الحائز على جائزة بوليتزر جون هيرسي.
بدأت مسيرتها الصحفية بالكتابة لصحيفة Yale Daily News المحلية، قبل أن تتخذ قرارها النهائي باحتراف الصحافة.
تخرجت عام 1978 حاصلة على درجة البكالوريوس في علم الإنسان.
البدايات المهنية والمسار الصحفي
عملت لفترة قصيرة في نقابة عمالية بمدينة نيويورك، ثم بدأت مسيرتها المهنية في الصحافة مع وكالة يونايتد برس إنترناشيونال بعد عام من تخرجها.
تنقلت في عملها بين ترينتون، نيويورك، وواشنطن.
بحلول عام 1984، عُيّنت مديرة لمكتب يونايتد برس في باريس، قبل انتقالها عام 1985 للعمل مع صحيفة الصنداي تايمز البريطانية.
مراسلة الحروب والنزاعات الدولية:
في عام 1986 أصبحت مراسلة الصنداي تايمز في منطقة الشرق الأوسط، ثم مراسلة الشؤون الخارجية عام 1995.
وفي العام نفسه، كانت أول صحفية تجري مقابلة مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بعد عملية الدورادو كانيون.
تخصصت ماري كولفين في تغطية النزاعات المسلحة، وغطّت حروبًا وصراعات في الشرق الأوسط، الشيشان، كوسوفو، سيراليون، زيمبابوي، سريلانكا، وتيمور الشرقية.
في تيمور الشرقية عام 1999، ساهمت في إنقاذ حياة 1500 امرأة وطفل بعد رفضها مغادرة مجمع كانت تحاصره القوات المدعومة من إندونيسيا، وبقائها مع قوة تابعة للأمم المتحدة، ما عزز حضورها الإعلامي عالميًا.
الجوائز والأعمال الوثائقية:
فازت بجائزة المؤسسة الدولية للإعلام النسائي عن الشجاعة في الصحافة لتغطيتها أحداث كوسوفو والشيشان.
كتبت وأنتجت عدة أفلام وثائقية، أبرزها فيلم عرفات ما وراء الأسطورة لصالح شبكة بي بي سي، إضافة إلى ظهورها في الفيلم الوثائقي Bearing Witness عام 2005.
الإصابة وفقدان العين والشهادة على جرائم الحرب:
في 16 نيسان أبريل 2001، فقدت عينها اليسرى إثر انفجار قنبلة يدوية أطلقها الجيش السريلانكي أثناء عبورها بين مناطق سيطرة نمور التاميل والحكومة.
ورغم ارتدائها سترة صحفية، تعرضت مرارًا للاستهداف.
عانت لاحقًا من اضطراب ما بعد الصدمة، ودخلت المستشفى للعلاج، كما كانت شاهدًا ووسيطًا خلال الأيام الأخيرة من الحرب في سريلانكا، وأبلغت عن جرائم حرب ارتكبت بحق التاميل.
الربيع العربي والعودة إلى الواجهة:
في عام 2011، وخلال ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا، أُتيحت لها فرصة ثانية لمقابلة معمر القذافي.
تزوجت مرتين، الأولى من الصحفي باتريك بيشوب وانتهت بالطلاق، والثانية من الصحفي البوليفي خوان كارلوس جوموسيو، مراسل صحيفة الباييس في بيروت أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، والذي أنهى حياته لاحقًا بالانتحار.
دخول سورية وتغطية الثورة السورية:
في شباط فبراير 2012، دخلت ماري كولفين إلى سورية على متن دراجة نارية، متحدية محاولات النظام البائد منع الصحفيين الأجانب من دخول البلاد.
تمركزت في حي بابا عمرو الغربي بمدينة حمص.
في مساء 21 فبراير، أجرت بثًا مباشرًا عبر الهاتف الفضائي لصالح بي بي سي، القناة الرابعة البريطانية، سي إن إن، وآي تي إن.
وصفت القصف بالقاسي، وتحدثت عن استهداف القناصة للمباني المدنية، وعن القتل المتعمد للمدنيين في شوارع حمص.
وفي حديثها إلى أندرسون كوبر، وصفت قصف حمص بأنه أسوأ صراع واجهته في حياتها المهنية.
الاغتيال وكشف الجريمة:
في 22 شباط فبراير 2012، قُتلت ماري كولفين إلى جانب المصور الصحفي ريمي أوتشليك.
ادعى النظام البائد أن مقتلهما ناتج عن عبوة ناسفة بدائية، إلا أن هذه الرواية كذبها المصور بول كونروي الذي نجا من الهجوم.
أكد كونروي أن نيران المدفعية السورية استهدفت المركز الإعلامي بشكل مباشر.
كما أفاد الصحفي جان بيير بيرين ومصادر أخرى بأن المبنى كان مستهدفًا عمدًا بعد تتبع إشارات الهاتف الفضائي.
عُثر على متعلقاتها، ومن بينها حقيبة ظهر ومخطوطة من 387 صفحة.
التشييع والتكريم والعدالة القضائية:
أقام أهالي حمص حدادًا شعبيًا مساء يوم استشهادها.
أقيمت جنازتها في أويستر باي بمدينة نيويورك في 12 آذار مارس 2012 بحضور نحو 300 شخص.
أُحرقت جثتها، ونُثر نصف رمادها قبالة لونغ آيلاند، والنصف الآخر في نهر التايمز قرب منزلها.
في تموز يوليو 2016، رفعت شقيقتها كات كولفين دعوى مدنية ضد النظام البائد.
وفي كانون الثاني يناير 2019، قضت المحكمة بأن الحكومة السورية مسؤولة عن اغتيالها، وأمرت بدفع 300 مليون دولار كتعويض عقابي.
وأكد الحكم أن كولفين كانت مستهدفة بسبب مهنتها بهدف إسكات الصحفيين وكشف جرائم النظام.
ماري كولفين في السينما:
صدر عام 2018 فيلم حرب خاصة من إخراج ماثيو هاينمان وبطولة روزاموند بايك، مستندًا إلى مقالة نُشرت في مجلة فانيتي فير عن حياة ماري كولفين.
تكريم تيار المستقبل السوري:
انطلاقًا من إيمان تيار المستقبل السوري بدور أصدقاء الشعب السوري من أحرار العالم، وبالدور الريادي للمرأة في مواجهة الاستبداد والتطرف،
يعلن التيار تكريم الصحفية الأمريكية ماري كولفين ضمن سلسلة شخصيات نصرت الثورة السورية،
وذلك بمنحها درع التيار الرمزي تقديرًا لشجاعتها ونضالها من أجل الحرية والإنسان ووقوفها الصادق إلى جانب ثورة شعبنا السوري.