نشهد اليوم، كمواطنيين مدنيين راغبين في بناء سورية المستقبل على أساس العدالة والكرامة، انطلاقاً من إحساسٍ عميقٍ بالمسؤولية تجاه شهدائنا ومفقودينا وأُسرهم، ما حمله الكشف عن ما يُعرف بـ «ملفات دمشق» من وثائق وصور وشهادات — صُدِر عنها تحقيقٌ صحفي واسع نشرته عشرات الوسائل الإعلامية، وتلاه رواجٌ إعلامي وتصريحات رسمية وشبه رسمية حول مصير آلاف من ضحايا الاعتقال القسري.
من هنا، يعلن تيار المستقبل السوري أن الحقيقة والعدالة واجب وطني، وإن معرفة مصير المفقودين والمعتقلين — ممن غابوا ظلماً — واجب أخلاقي وتاريخي لا يقبل التأجيل أو المساومة، حيث نرى هذه الملفات تمثل وجع مئات العائلات، وحقًّا في المعرفة والعدالة لكل مفقود وشهيد.
يحترم تيار المستقبل السوري الألم والأسى الذي تعيشه أُسر الضحايا، ونؤمن بأن كرامة الضحية — حيّاً أو شهيداً — لا تُهان، وخصوصية العائلات لا تُنتهك. لذلك نرفض بشدة أي نشر عشوائي للصور أو الأسماء أو التفاصيل الشخصية دون تنسيق مسبق وموافقة رسمية من العائلة أو ممثلها القانوني.
يُثمن تيار المستقبل السوري موقف المؤسسة المستقلة للمفقودين بهذه المرحلة الحساسة، خصوصاً إعلانها أن إبلاغ ذوي الضحايا هو أولوية أولى، وأن التحقق يتم بـ دقة ومهنية. كما نؤمن بأن اللجنة الوطنية للمفقودين — بصفتها هيئة رسمية مختصة — هي الإطار الأنسب لإدارة هذا الملف، ضمن معايير حماية الكرامة والخصوصية، ومبادئ العدالة الدولية.
يدعو تيار المستقبل السوري الحكومة الانتقالية إلى:
تفعيل لجنة وطنية عليا تضم وزارة العدل، واللجنة الوطنية للمفقودين، اولمؤسسة المستقلة للمفقودين، وممثّلي جمعيات أهالي الضحايا، وخبراء قانونيين مستقلين، مهمتها: استلام جميع الوثائق والمعطيات، التحقق منها، والعمل على إبلاغ العائلات بصورة مباشرة ومُنظّمة.
إصدار قرار رسمي يمنع نشر أي صور، أسماء، أو بيانات شخصية تتعلق بالضحايا أو المفقودين دون موافقة صريحة من العائلة المعنية، وتطبيق عقوبات رادعة لأي خرق.
توفير دعم نفسي ومادي عاجل للأسر التي يتأكد بشكل رسمي من مصير أحد أبنائها، كجزء من حقوق العدالة والإنصاف.
يؤمن تيار المستقبل السوري أن سورية الجديدة التي نطمح إليها تُبنى على الحقيقة المعلنة بكرامة، والعدالة المنصفة للجميع، والمصالحة التي لا تقوم على النسيان بل على الاعتراف وردّ الحقوق إلى أصحابها، فهذه ليست لحظة انتقام، بل فرصة للتعافي الجماعي، واستعادة الثقة بين المواطنين، وإنشاء دولة حقوق لكل السوريين.
يدعو تيار المستقبل السوري جميع السوريين إلى أن نحوّل هذا الوجع الجماعي إلى قوة بناء، نولي فيها الحقوق لضحايا القمع، ونصون فيها كرامة الإنسان، ونؤسس فيها لمرحلة جديدة لا مكان فيها للإفلات من العقاب، ولا لإعادة الألم والتشويه لجراح الضحايا.