الأخبارالمكتب العلميبلال محيي الدينكاتبوا التيار

تسونامي ادلب.. وموجة لاجئين قادمة!

يتحضر النظام السوري بدعم إيراني – روسي للقيام بمعركة عسكرية جديدة، مستغلاً وإياهم الانشغال العالمي بالملف الفلسطيني، ويظهر ذلك في استمرار تعنُّت النظام السوري برفض التواجد التركي في الشمال السوري، وقصف طريق ال M4 بشكل شبه يومي، وبالتالي رفض التسوية السياسية في أستانة، بينما الأتراك يُشرعن الأتراك وجودهم بحسب اتفاقية أضنة، وكضمان حماية للسوريين المعارضين، ويساومون على وجودهم بوجود القواعد الأمريكية في الشمال الشرقي، خصوصاً بعد تأزم العلاقة الأمريكية التركية في سورية عبر منع تركيا من إبعاد قوات سورية الديمقراطية عن الشريط الحدودي بالكامل.

إرهاصات:
بغض النظر عن أي مقصد لإعادة الحرب في الشمال السوري، هل هي قبولاً بخريطة الطريق الروسية الأخيرة التي كشف عنها المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف، في الشهر السادس من هذا العام، والداعية إلى دمج المعارضة السورية مع النظام السوري وفتح جبهة القواعد الأمريكية للقضاء على قسد!
أم إعطاء ذريعة للاستيلاء على ادلب من خلال سيطرة هيئة تحرير الشام، والتي باتت تشكل خطراً على التواجد الروسي والايراني في حلب، خصوصاً بعد تهديد الجولاني بفتح جبهة حلب وتوقعه أن تكون بين سنة وسنتين.
إن شبح الحرب عاد ليخيِّم على الشمال السوري من جديد، وبالخصوص منطقة ادلب.

تسونامي إدلب:
ادلب ليست هيئة تحرير الشام فقط، بمعنى أنها ليست مجرد قوة عسكرية، بل هي مليوني مدني معظمهم من المطلوبين للنظام السوري والمعارضين لحكمه، والرافضين لسلطته، والذين خاضوا تجربة معه تجعلهم يفضلون الموت على الاطمئنان لوعود النظام، والتي كانت (مهزلةً) سورية، وأكبر دليلها درعا، حيث لم تمنع المصالحة والتسوية من اغتيال واعتقال المطلوبين للنظام السوري هناك.
وبالتالي، وعند فتح جبهة ادلب، أو غيرها، – فإننا نعتبر جبهة ادلب مرشحة بدرجة أعلى للمعركة القادمة – وبذلك نكون أمام تسونامي بشري لم تشهد سورية مثيلاً له سابقاً، من أعداد اللاجئين، فقد اعتاد السوريون على أن هيئة تحرير الشام ترفع السقف اعلامياً وشعبياً، ولكنها ومنذ تسليم حلب، إلى تسليم مناطق شرق الحسكة جنوب ادلب، إلى تسليم معرة النعمان وسراقب، باتت تُعتبر بوابة تسليم آمنة للنظام السوري وللروس معاً.

تقدير موقف:
يمكن رسم ملامح مستقبلية لما سيجري في حال عادت المعارك لسورية، عبر محورين:

المحور الأول: أعداد اللاجئين:
تضم ادلب أكثر من 70% من المهجرين السوريين من خارجها، وبالتالي يعتبر السوريون أي منطقة غير منطقة مولدهم بلداً غريباً، حتى لو كان ضمن أرض الوطن سورية! وبالتالي فإن امكانية ترك البيوت والهجرة مرشحة بالكامل لهذه الفئة خصوصاً، إضافة إلى المكونات التي لم تعد ترى بالقتال فائدة، أو شعرت بالهزيمة، وبذلك فنحن أمام احتمالية هجرة ما يقارب مليون إنسان من معبر باب الهوى في ادلب، نحو الأراضي التركية، لسببين:
1- لأن مناطق المعارضة السورية لن تكون بمأمن من استمرار الحرب والمعارك.
2- لأن الحواجز بين مناطق ادلب ومناطق المعارضة السورية شبيهة بالحدود السورية التركية، وبالتالي فمع الأعداد الكبيرة سيكون قرار اختيار تركيا مرشحاً على اختيار مناطق المعارضة السورية.

المحور الثاني: التعامل التركي:
لن يكون أمام تركيا مع الأعداد الكبيرة التي ستهاجر إليها إلا طريقتان:
1- اصطياد اللاجئين كالعصافير، كما تفعل الجندرمة التركية اليوم، والقيام بمجازر لا يمكن لتركيا تحمل تبعاتها القانونية ولا الانسانية.
2- الاحتمال الأكثر واقعية، هو فتح الحدود التركية للاجئين اضطراراً، وبالتالي لن يكون أمام تركيا إلا فتح الباب للسوريين نحو البحر أو البر إلى اليونان ومنها إلى أوروبا. وبذلك لن يكون قرار منع الهجرة كافياً في معالجة أزمة ما يقارب المليون مهجر، فكثير منهم يحمل أفكاراً سلفيَّة كان لهيئة تحرير الشام دورٌ في نشرها وتبنّيها، من خلال احتضانها وحصرها في الشمال السوري، مما سيسبب مزيد مشاكل ديمغرافية حقيقية للغرب.
وبذلك تكون تركيا قد أربكت الغرب الذي منعها من القضاء على قسد، إضافة إلى كونها قد ردت على منع ادخالها للاتحاد الاوربي.

توصية:
بداية، يمكن التوصية بألا يتم التساهل في احتمالية هذا السيناريو، وبالتالي نحن في المكتب السياسي لتيار المستقبل السوري، وإن كنا نرى احتمالية هذا التسونامي ولا نقطع به، لكننا نرفع الصوت محذرين من مغبة تجاهله، بل ونُشدد على أصحاب القرار لاعتباره ممكناً وواقعاً مستقبلياً، مما قد يهدد السلم والأمن الدوليين.
وختاماً، نوصي في تيار المستقبل السوري، من خلال رؤيتنا أولاً، ومن خلال قراءتنا الواقعية المستمدة من التماس مع الواقع السوري ثانياً، أن يقف المجتمع الدولي عموماً، والاتحاد الاوربي خصوصاً، برفض ومنع عودة المعارك إلى سورية، وأن يكون ضغطاً حقيقياً على الأطراف الاقليمية الفاعلة في الساحة السورية لقبول مبادرة الجامعة العربية، أو أي مبادرة ثانية تجعل تفعيل الحكومة الانتقالية (كاملة الصلاحيات) حسب مقررات الأمم المتحدة 2254 أمراً حاصلاً بكل السبل، وإلا فإن فشل انهاء المعارك لن يكون خيراً على الشعب السوري، ولا التركي، ولا أوروبا.

بلال محي الدين
باحث مستقل
المكتب السياسي
تيار المستقبل السوري

المراجع:
مقتل مدني وجرح 9 بقصف صاروخي ومدفعي لقوات النظام السوري على إدلب (syria.tv)
الخارجية الروسية: مسودة “خريطة طريق” للتطبيع بين تركيا والنظام السوري باتت جاهزة (syria.tv)
https://npasyria.com/155254/
محافظة ادلب, سوريا — احصائيات 2023 (zhujiworld.com)
باحصاء غير رسمي قمنا به في مكتب البحوث والدراسات غير منشور حتى نشر هذا المقال

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى