رموز وأعلام الدّولة في سوريةمنوعات
رموز وأعلام الدّولة في سورية (19) صبحي بركات
- ولد صبحي بركات الخالدي سنة 1889م، في مدينة انطاكيا العاصي.
- أصبح من الأعيان البارزين في أنطاكية وزعيماً للمقاومة ضد الفرنسيين فيها خلال الثورة التي مهدت للحرب التركية-الفرنسية.
- بعد انتهاء الحرب انتقل إلى دولة حلب التي أنشأها الفرنسيون، واتخذ منها مقرا لنشاطه السياسي.
- لغته كانت التركية، ولم يكن يستطيع التلفظ بأكثر من بضع كلماتٍ عربيةٍ متتابعةٍ.
- كان بعيداً عن التيار الوطني في دمشق الذي كان يناضل ضد الانتداب الفرنسي لتأسيس دولة سورية موحدة عاصمتها دمشق، جزء مهم من هذا التيار كان يؤمن بالقومية العربية منذ أيام الدولة العثمانية، وتمثل بحزب الشعب بزعامة عبد الرحمن الشهبندر في العشرينات والثلاثينات والكتلة الوطنية في الثلاثينات، وهو ما كان بركات بعيداً عنه بحكم نشأته وتكوينه، ولهذا السبب وفضلاً عن ميله لأن تكون حلب عاصمة لسورية فإن بركات كان مكروهاً بدمشق.
- حاول تجنب كره أهل دمشق من خلال زواجه بليلى ابنة محمد علي العابد وزير ماليته وأحد أعيان دمشق لكن الزواج كان قصيراً ولم يفلح.
- خلال الثورة السورية الكبرى (25-1927م) اتهم بتأييد القصف الفرنسي لدمشق، فطلب منه الفرنسيون تقديم استقالته لتهدئة الرأي العام الثائر، فاستقال من منصبه كرئيس لسورية في 21/ 12/ 1925م.
- أحاط نفسه بحاشية من التركمان شغلت معظم الوظائف العامة العليا لا سيّما تلك المرتبطة مباشرة بالقصر الجمهوري، وعرف عنه تفضيله لحلب كعاصمة البلاد، وهو ما ساهم في تدني شعبيته
- فاز بمقعد في المجلس التمثيلي لحلب عام 1922م، ومقعد في الجمعية التأسيسية نتيجة انتخابات 1928م، وآخر في البرلمان السوري الناتج عن انتخابات 1931م، وشغل منصب رئيس البرلمان السوري منذ 1932 وحتى 1936م.
- في سورية العثمانية كان يتمتع بلقب «بيك» واستمرّ يخاطب به.
- أسس عام 1930م الحزب الدستوري بوصفه حزبًا محابيًا للفرنسيين؛ وكانت صداقته مع الجنرال ساراي قد مهدت له إلى رئاسة الدولة السورية.
- انتهج سياسات أكثر تقاربًا مع الكتلة الوطنية بعد 1932م. كما عرف عنه «نظافة اليد».
- مثل أنطاكية في المؤتمر السوري العام (حزيران/يونيو1919-تموز/يوليو1920)، وفيه أسهم بإعلان المملكة السورية العربية في 8 آذار/مارس 1920م.
- بعد دخول البلاد عهد الانتداب الفرنسي دعم الفرنسيين، وانتهج سياسة المحاباة تجاههم.
- في بداية نشاطه كان من الثوار على فرنسا ورفيقًا لإبراهيم هنانو خصوصاً الفترة (أيار/مايو1919- تموز/يوليو1920) إلى أن دعاه محمود الشركسي أحد وجهاء حلب أن يوقف قتاله فرنسا.
- زار بيروت والتقى هنري غورو ومذاك أخذ يميل بموقفه إلى جانب الانتداب حتى حُسب على المؤيدين له مما حوّل صداقته لهنانو لعداوةٍ وتنافسٍ شديدين.
- اتهم بمعاداة فرنسا تأييداً لمصطفى كمال الرئيس التركي لأنه كان يخوض حرباً ضدها في قيليقية، وما إن عقدت الهدنة بينهما عام 1920 (والتي أدت لاتفاقية أنقرة (20/10/1921) حيث تنازلت فرنسا لتركيا عن أراضي قيليقية أو الأقاليم السورية الشمالية من ولايتي حلب وأضنة العثمانيتين) حتى تخلى عن الثورة ضدها ما أدى لانقطاع إمدادات السلاح والذخيرة من تركيا عن ثورة هنانو.
- شارك في انتخابات المجلس التمثيلي لدولة حلب عام 1922م، وفاز بأحد المقاعد.
- انتخبه المجلس الأعلى للاتحاد السوري بمنصب رئيس الاتحاد -أي رئيس الدولة- بعد إعلان هنري غورو اتحاداً فيدرالياً بين دولة دمشق ودولة حلب ودولة جبل العلويين (22 حزيران/يونيو1922م).
- بموجب قرار تأسيس الاتحاد فإن هيئة تأسيسية من خمسة عشر عضواً، خمسٍ عن كل دولةٍ، شكلت المجلس الاتحادي، وكان بركات أحد ممثلي دولة حلب، ويوم إعلان الاتحاد التأم أعضاء الهيئة التأسيسية في حلب وانتخبوه رئيسًا لها.
- جمع رئيس الاتحاد مهام تشكيل ورئاسة الحكومة إلى مهامه، إلى جانب مجالس تمثيلية وحكومات فيدرالية داخل المقاطعات الثلاث المكونة له.
- من أبرز إنجازاته خلال رئاسته الاتحاد، استحداث الدرك السوري وإصدار العملة الورقية السورية وذلك في آب/أغسطس1922م بموجب اتفاق مع دولة لبنان الكبير ودولة جبل الدروز.
- بعد تعيين ماكسيم ويغان مفوضاً عاماً واستدعاء هنري غورو استجاب ويغان لمطلب السوريين الدائم بالوحدة وأعلن قيام «الدولة السورية» المكونة من دولتي دمشق وحلب (24 كانون الأول/ديسمبر1924).
- جاء في مرسوم استحداث الدولة أن يكون رئيس المجلس الاتحادي السابق رئيساً للدولة لثلاث سنوات أي أن ولاية بركات ستكون لنهاية 1927م.
- شهدت رئاسته تزايداً في حرية العمل السياسي والاجتماعي التي وفرها المفوض الفرنسي الجديد الجنرال ساراي، غير أن ذلك لم ينعكس على أيّ من النواحي السياسية أو الإدارية أو الاقتصادية على الدولة، بل على العكس زاد الفساد واننشرت سياسة شراء الولاءات بالحكومة.
- بالمقابل قاد عبد الرحمن الشهبندر الذي أسس حزب الشعب (الرحم الذي انبثقت منه لاحقًا الكتلة الوطنية) معارضة قوية ضد بركات مناديًا بالسيادة، والوحدة الوطنية، والحرية الشخصية التامة، والإصلاحات لاسيّما في القضاء.
- لم يدعم الثورة السورية الكبرى، أو يقرّ مطالبها أو يؤيد البيان الذي أصدره سلطان الأطرش، ونبّه الوزراء والمدراء العامين وموظفي الحكومة للأمر ذاته، بل أصدر في 18 تشرين الأول/نوفمبر 1925م قانونًا بالسجن حتى سنتين وبالغرامة حتى خمسمائة ليرة على «كل من يلقي الذعر في نفوس الشعب، ويشوش الطمأنينة العامة في الصحافة أو المجتمع».
- صدر هذا القانون بعد ثمانية أيام من استدعاء الجنرال ساراي إلى فرنسا وإنهاء مهامه عقب قصفه دمشق بالمدفعية الثقيلة ما سبب دمارًا هائلاً في الأحياء الدمشقية القديمة ولاسيّما حي الميدان وحي سيدي عامود (الذي احترق وتهدم فسمّي الحي الذي قام على أنقاضه الحريقة). هذا الاستدعاء كان دليل تغيير في السياسة الفرنسية وتراجع حظوة الرئيس بركات لتفسح المفوضية الفرنسية المجال للتفاوض مع «الوطنيين».
- طغى على عهده منذ تموز/يوليو1925 طابع انتشار المعارك، والمتاريس، والفوضى، والخطب والمقالات الثائرة في مختلف أنحاء سورية وحتى لبنان الكبير.
- قدم استقالته مع تحسن الوضع الأمني في العاصمة والدعوة لانتخابات مجلسٍ تمثيليٍّ (21 كانون الأول/ديسمبر1925) بعدما فشل بإقناع الرأي العام أو استمالته.
- فقد جميع حظوته لدى المفوضية الفرنسية حتى إن هنري دو جوفنيل طعن به في تقريره أمام لجنة الانتدابات التابعة لعصبة الأمم، ويبدو أن الفرنسيين أرادوه كبش فداءٍ لسياستهم الفاشلة في سورية.
- أعلنت المفوضية الفرنسية نبأ استقالة الرئيس وتعيين بيير أليب حاكمًا عسكريًا مؤقتًا حتى أيار/مايو1926، حين خلف بركات في رئاسة الدولة الداماد أحمد نامي.
- رشّح نفسه في انتخابات الجمعية التأسيسية عام 1928م وفاز بأحد المقاعد عن حلب.
- بعد إعلان الدستور السوري عام 1930م، أعلن تأسيس الحزب الدستوري في شمال سورية غير أن دعمه للفرنسيين وانخراطه في محاباة التحالفات العائلية جعلت الحزب قليل الجماهيرية.
- عاد وشارك في انتخابات 1931م وفاز عن حلب أيضًا.
- تعرض منزله لهجومٍ أدى إلى ثماني إصابات من قبل مناصري الكتلة الوطنية بعد إعلان النتائج، وذلك عقب خسارة الكتلة الوطنية ذات الزعامات الشعبية الواسعة في حلب -مثل إبراهيم هنانو وسعد الله الجابري- أمام بركات.
- اعتدى أنصار الكتلة الوطنية عليه بالضرب بعد أيام قليلة في أحد فنادق حلب؛ وحاول أكرم حوراني ورفاقه اغتياله في بيروت في العام نفسه.
- انتخبه المجلس النيابي لعام 1932 رئيسًا له في 11 حزيران/يونيو بأغلبية 51 صوتًا مقابل 17 صوتًا لهاشم الأتاسي، وذلك بموجب تسوية صاغها جميل مردم نصت على تشكيل حكومةٍ مناصفةً بين الانتدابيين (المعتدلين) والكتلة الوطنية، وانتخاب رئيس جمهورية محايد ورئيس مجلس نيابي محسوب على المعتدلين.
- ساهم بوصوله دعم كتلة «نواب الشمال» المؤلفة من 28 عضوًا (من أصل 68) لترشيحه، لكن ذلك لم يسهم بعودته للسلطة التنفيذية مطلقًا ولم يشكل أي حكومة أخرى.
- في أعقاب تشكيل حكومة حقي العظم الثالثة (3 حزيرن/يونيو1933) وبروز دور الكتلة الوطنية شعبياً وسياسياً، أخذ بركات يميل نحو الكتلة ووقف معها في معارضة الحكومة في مجلس النواب.
- في 24 تشرين الأول/نوفمبر 1934م عندما أصدر المفوض الفرنسي شارل دي مارتيل قرارًا بتعليق عمل البرلمان بعد رفضه التصديق على معاهدة الصداقة والتحالف مع فرنسا شكلت الكتلة الوطنية «لجنة عمل» كان بركات أحد أعضائها.
- خلال الإضراب الستيني (1936) في أغلب المدن السورية الذي أدى لتشكيل وفدٍ من الكتلة الوطنية مهمته السفر إلى باريس للتوصل إلى اتفاقيةٍ جديدةٍ ومنصفةٍ مع فرنسا، ومع توضح عزلة الانتدابيين (أو المعتدلين) اعتزل بركات في أنطاكية ولم يعد إلى دمشق، ولم يخض انتخابات برلمان 1936 الذي سيطرت عليه الكتلة.
- – عندما فُصل لواء إسكندرون عن سورية (1938) كان مقيمًا في أنطاكية وبقي فيها إلى أن توفي عام 1939م.
إننا في تيار المستقبل السوري، إذ نستذكر ذكرى رجالات الدولة المؤسسين لسورية، نستحضر أحد رجالات سورية المؤثرين، وواحداً من رموز أعلام الدولة السورية الأولى الذين ساهموا بالتأثير في بنيتها، البيك “صبحي بركات الخالدي) ضمن ملف متسلسلٍ نقدمه لكم ليضمُّ رموز وأعلام الدولة السورية، رغبةً منا بربط حاضرنا المعاصر بماضٍ صلبٍ، ومحطاتٍ تاريخية، رجاء أن نُحيِيَ في شعبنا الحاجة لبناء وصناعة رجال دولةٍ بامتياز، نتعلمُ من تجاربهم، ونتجاوز سلبياتهم، ونبني على تاريخهم، فنحفظَ الوطن، ونصون المكتسبات، ونعيد للدولة السورية عزّها ومجدها، بعد سنوات الظلم والاستبداد والفساد.