المكتب العلميباحثون مستقلونقسم البحوث و الدراسات

سوريا بين محوري التكفير والكفر!.

مررت على بائع متجول والحديث حول اغتيال حسن نصر الله، هذا البائع ليس سياسيا وليس من النخب السورية، في مركز مدينة اعزاز شمال سوريا سمعت من بائع بسيط درسا في الفهم السياسي، قال: الآن يجتمع حسن نصر الله بأبي بكر البغدادي في الجحيم، ويتحادثان عن سبب صراعهما في سوريا ضد الشعب السوري: يقول حسن نصر الله: لقد دخلنا سورية لمقاتلة التكفيريين، فيجيبه ابو بكر البغدادي: ونحن دخلنا لمحاربة الكافرين!.
بين ذريعة التكفير والكفر وقعت على رؤوس السوريين أشرس معارك الداخلين في سوريا، وعلى جماجم السوريين سارت جحافل الفاتحين الذين اختلفوا في ذرائعهم، واتفقوا على سفك دمائنا البريئة.
تعيش سوريا اليوم في فوضى كبيرة، وتتواجد على الساحة السورية مختلف أشكال الأيدولوجيات، من الأيدولوجيات اليسارية إلى اليمينية إلى الوسط.
تعيش سوريا تحت سلطات تملك قوات عسكرية قاهرة، وظهيرا خارجيا دوليا أو اقليميا قويا:
ها هي قسد وهي تسعى لتغيير العقلية العربية بمنطقة نفوذها، لتُدخل أفكارا غريبة عن العقل العشائري، منذ متى والعشائر العربية السنية تقبل بنساء يحملن سلاحا ويقاتلن قتال الرجال؟ فالنساء في العرف العشائري مصانة عن العنف، منذ متى والسوريين العرب يهتمون بأفكار عبدالله أوجلان، حتى نرى المنافقين منا طوعا والطيبون يسمعون قهرا وهم يرددون أقوال “آبو” كما كان سلفهم من منافقي حزب البعث يرددون أقوال القائد الخالد المؤسس وسع الله دركاته في الجحيم.
وهاهي حكومة الإنقاذ وهي تسعى لكيان سني، كأن مشكلتنا الأساسية هي في تحجيم أهل السنة، وكأن قتال هيئة تحرير الشام للجيش الحر ليس قتالا ضد قوات سنية!، منذ متى والشعب السني الصوفي تُشتم مزارات الأولياء التي يُجلونها في منابر المساجد؟ وتُمنع الموالد والحضرات الصوفية في ربوع الشمال، وتُفرض على أهلنا مكوس وضرائب على الهواء والماء والطحين؟
وأما الحكومة المؤقتة، فهي حكومة بالظاهر تُسيطر على ريف حلب ومناطق تحرير الجيش التركي للشريط الحدودي، تظن أنها مُفرز اتفاق أستنا الوحيد، لتتفاجئ بهشاشة الصف الداخلي فيها الذي لولا العصا التركية لتفتت معه الفصائل العسكرية، والتي انقسمت بين حلف الحكومة المؤقتة وحلف الائتلاف الوطني، هذا الحلف المُنعكس عنه صراع تحت الجمر ينتظر ساعة الصفر لينقلب حربا مدمرة بين القوة المشتركة والجبهة الشامية.
وهاهو النظام الوحشي المتربع على قصر المهاجرين على حاله، طغيان وحكم خوف ونار وفساد وشرور.
لكن ورغم كل ذلك، الشعب الذي صدحت حناجره بثورة الكرامة ليس من هؤلاء ولا هؤلاء منه، هم مفرزات حالة الفوضى التي شارك فيها جميع قتلتنا، جميع الفاجرين، أقذر نطاف الكائن البشري في كل تاريخه.
الشعب السوري كان وكائن وسيكون مع كل حل وطني عادل، يحفظ لسورية أرضها وشعبها وكيانها، ليس لحفظ كيان قزمي، سنيا كان أو كرديا أو ميليشيا.
لو سألنا السوريين في كل هذه المناطق المتصارعة عن أملهم، وهدفهم، هل هو تكفير غيرهم؟ أم هو كفر بالله وشريعته؟
لأجابوك أن تاريخ سوريا مليء بالحب والايمان، والشام لولا المظالم كانت بين الدول جنة، هذا الشعب الذي لم يُسمح له بالراحة يوما منذ انقلاب حزب البعث، يحلم ببلد حر كريم فقط، يعيش فيه السوريون بأمان وايمان، ومحبة وانسجام.
ولكن كيف لغرابين الشر أن يسمحوا بذلك؟ لابد أن يتفقوا على ذريعة بين بعضهم لحشد أكبر عدد من المناصرين المُغيبين، لهذا افترقوا بذرائعهم، وهجموا..
لم يعد أمام السوريين من غشاوة، فالأعداء كانوا متفقين بين بعضهم، متخاصمين بالعلن، اشغلونا بصراعاتهم وحججهم، ولكن الحقيقة ليست هنا، الحقيقة هي أنهم جاؤوا لقتل حلمنا، لدعس أهدافنا، لإبادة شعبنا، لتهجير أحبابنا.
لقد كانت غايتهم منع السوريين من الوصول إلى حريتهم، هذه هي حقيقة صراعهم.
الشعب السوري ليس تكفيريا، وينظر لكل الناس بمحبة وتعددية، الشعب السوري ليس كافراً، يؤمن بالله بكل أنواع الايمان، ومن قاتل السوريين سينتقم الله منهم، الله الذي يؤمن به السوريون والذي ذهب إليه أبرياؤنا ليحدثوه بكل شيء.
هؤلاء المجرمون الذي اختلفوا بذرائعهم بين تكفير وكفر، ولكنهم اجتمعوا علينا، ولكن عدالة الله أبت إلا أن تجمعهم.. ولكن في قرار الجحيم.

عبد الكريم زبلطاني
المكتب العلمي
قسم البحوث والدراسات
باحثون مستقلون
تيار المستقبل السوري

ملاحظة:
المقالات في قسم (الباحثين المستقلين) ليس بالضرورة أن يتبناها تيار المستقبل السوري، الذي يُرحب بنشر كل الأبحاث والدراسات والمقالات دون قيود، ولكل السوريين من كل الأطياف.

/لمن يرغب بالنشر يرجى مراسلتنا/

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى