المكتب العلميقسم البحوث و الدراساتكاتبوا التيارمقالاتمقالات شؤون الأسرةمكتب شؤون الأسرةوهيبة المصري

التّمييز ضدّ النّساء السوريات، الشمال السوري نموذجا

مقدمة:
يعاني الكثير من النّساء السّوريات من أشكال متعدّدة من التّمييز، سواء كان ذلك على الصّعيد القانوني أو الاجتماعي أو الاقتصادي، وقد تفاقمت هذه المشكلة بشكل كبير بسبب الحرب الدّائرة في البلاد، حيث أصبح النّساء أكثر عرضة للعنف والانتهاكات، ومما لاحظناه في دراستنا أن هناك نوع من عدم الشعور بهذا التمييز، بل والتعايش معه لدى النساء قبل الرجال في حالة من التأثير المجتمعي الكبير وفقدان الوعي المساواتي.

أبرز أشكال التّمييز:

  1. التمييز القانوني: تعاني النّساء السّوريات من قوانين أحوال شخصيّة تمييزية، تقلّل من حقوقهن مقارنة بالرجال، خصوصًا في مسائل الزواج والطلاق والإرث وحضانة الأبناء، وقوانين تمنعهن من السفر دون “محرم” أو رجل من أقربائهن.
  2. العنف ضدّ المرأة: تشمل أشكال العنف ضدّ المرأة العنف المنزلي، والزواج القسري، والاغتصاب، والاتّجار بالبشر. وقد زاد انتشار هذه الأشكال من العنف بسبب الحرب والصّراعات المسلّحة، حيث شكلت حالة العنف ٤٥٪ في الشمال السوري، ليبلغ العنف المنزلي النسبة الأكبر بهذه النسبة ويقترب من ٨٥٪، و١٦٪ بسبب سلطة الأمر الواقع بالشمال.
  3. التّمييز الاقتصادي: تواجه النّساء صعوبات أكبر في الحصول على فرص عمل مناسبة، وتقلّ أجورهن مقارنة بالرجال. لما نسبته ١٠-٥٠٪ ببعض الأحيان كفارق بين راتب الرجال والنساء، كما أنّهن يتحملن عبءًا أكبر من الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال.
  4. التّمييز الاجتماعي: ينظر إلى المرأة في بعض القرى والعائلات السّورية على أنّها مواطنة من الدرجة الثانية، ولا تتمتّع بنفس الحقوق والواجبات التي يتمتّع بها الرجل، ليتم حرمانها من التعليم الثانوي ومابعده، ٦٠٪ ممن تم استبيانهن كان سبب عدم اكمال دراستهن أسباب عائلية.
  5. الثقافة المجتمعية: تسود في المجتمع السوري ثقافة ذكورية قوية، ترى المرأة في مرتبة أدنى من الرجل، وتحد من مشاركتها في الحياة العامة واتخاذ القرارات. إذ ٨٥٪ يرون أن النساء ليسوا بمساواة للرجال، هذه الثقافة تعيق جهود التغيير وتقوي مقاومة الأفكار التقليدية.
  6. النزوح واللجوء: أدى النزوح واللجوء إلى تفكك الأسر وتشتت المجتمعات، مما زاد من تعرض النساء للعنف والاستغلال، وصعّب الوصول إليهن وتقديم الدعم اللازم لهن، وهذا أحد أسباب معاناة دراستنا الميدانية.
  7. نقص الموارد: تعاني المنظمات العاملة في مجال حقوق المرأة من نقص الموارد المالية والبشرية، مما يحد من قدرتها على تنفيذ برامجها وأنشطتها، فخلال السنتين الماضيتين تم تقليص الموارد الخاصة بحقوق المرأة ليتجاوز الـ 60٪ بالنسبة للسنوات قبلها.
  8. الخوف من الانتقام: يتعرض الناشطون والناشطات في مجال حقوق المرأة للتهديد والاعتقال والعنف، مما يخلق جوًا من الخوف ويحد من مشاركتهم.
  9. التركيز على القضايا الإنسانية: غالبًا ما يتم تجاهل قضايا المرأة وحقوقها لصالح القضايا الإنسانية الملحة، مثل توفير الغذاء والمأوى والرعاية الصحية.
  10. صعوبة الوصول إلى المناطق النائية: وتقديم الدعم اللازم للنساء ودراسة حالاتهن.
  11. التغيرات السياسية: تؤثر التغيرات السياسية في الشمال السوري بشكل مباشر على الوضع النسائي، إذ هناك فارق بين المناطق الخاضعة لحكومة الإنقاذ والمناطق الخاضعة للحكومة المؤقتة.

وبحسب ماتبين تظهر أسباب هذا التّمييز بـ:

  1. التّقاليد والعادات: تساهم التّقاليد والعادات السّائدة في بعض القرى والعائلات السورية في ترسيخ مفاهيم التّمييز ضدّ المرأة.
  2. الحرب والصّراع: أدّت الحرب الدّائرة إلى تفاقم مشكلة التّمييز ضدّ المرأة، حيث أصبح النّساء أكثر عرضة للعنف والانتهاكات.
  3. غياب سيادة القانون: أدّى انهيار الدولة وغياب سيادة القانون في بعض المناطق إلى تفشي العنف والجريمة، مما زاد من معاناة النّساء.

وفي الحديث عن جهود مكافحة هذا التّمييز، نجد العديد من المنظمات المدنيّة السّورية تساهم في تقديم الدّعم للنساء الناجيات من العنف، وتوعية المجتمع بأهمية المساواة بين الجنسين.
كما تُقدّم العديد من المؤسسات الدولية الدّعم للمرأة السّورية، وتعمل على ضمان حصولها على حقوقها.
إضافة للدور الذي تلعبه المرأة السّورية في مكافحة التّمييز، من خلال المشاركة في النّشاطات المدنيّة والسياسيّة والتوعوية، وكان لنا تجربة غنية في مقري تيار المستقبل السوري بالشمال تبين معه حجم دور المرأة السورية في سعيها لرفض التمييز.

التحدّيات المستقبليّة:
ستكون إعادة إعمار سورية تحديًا كبيرًا، ويجب أن يشمل هذا الإعمار ضمان حقوق المرأة وتمكينها، كمل يجب مكافحة الأفكار المتطرّفة التي تبرّر التّمييز ضدّ المرأة، وبناء مجتمع ديمقراطي يضمن المساواة بين جميع المواطنين، بغضّ النظر عن جنسهم.

ختامًا:
إنّ التّمييز ضدّ المرأة في سورية مشكلة معقّدة تتطلّب جهودًا متضافرة من قبل جميع الأطراف المعنيّة. ولهذا فإننا نرى أنه على المجتمع الدولي وسلطات الأمر الواقع ومنظمات المجتمع المدني والنساء أنفسهنّ العمل معًا للقضاء على هذا التّمييز وبناء مستقبل أفضل للنساء السّوريات، ونوصي في مكتب شؤون الأسرة لِـ تيار المستقبل السوري بما يلي:

  1. العمل على تغيير النظرة المجتمعية للمرأة، وتعزيز التوعية بحقوقها.
  2. تعديل القوانين التمييزية، وإصدار قوانين جديدة تضمن المساواة بين الجنسين ولو كانت قوانينا مؤقتة حتى انتظار الحل الشامل لسورية.
  3. مكافحة جميع أشكال العنف ضد المرأة، وتوفير الدعم للناجيات.
  4. تمكين المرأة اقتصاديًا من خلال توفير فرص العمل والتدريب المهني.
  5. تشجيع مشاركة المرأة في الحياة السياسية واتخاذ القرارات لذلك، ودعوة سلطات الأمر الواقع للتنافس حول نسبة المشاركة النسائية ضمن مؤسساتها القائمة.
  6. على المجتمع الدولي تقديم الدعم المالي والسياسي لمنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق المرأة في سورية.

وهيبة المصري
مكتب شؤون الأسرة
قسم البحوث والدراسات
مقالات
تيار المستقبل السوري

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى