المكتب العلميدراساتدراسات شؤون الأسرةعفراء الحدادقسم البحوث و الدراساتكاتبوا التيارمكتب شؤون الأسرة

الدونية لدى الأطفال عقدةٌ ومرض

عقدة الدونية هي شعور عميق بالنقص أو العجز لدى الفرد، سواء كان هذا النقص حقيقيًا أو متخيلًا.
يشعر الشخص المصاب بهذه العقدة بأنه أقل من الآخرين، وأنه غير قادر على تحقيق النجاح أو السعادة.
هذا الشعور قد يؤثر بشكل كبير على سلوكه وثقته بنفسه وعلاقاته مع الآخرين.
ولعل أسباب عقدة الدونية كثيرة وأهمها:

  1. مقارنة النفس بشكل مستمر بالآخرين، مما يؤدي إلى الشعور بالنقص.
  2. التعرض لانتقادات لاذعة أو سخرية بشكل متكرر.
  3. فشل في تحقيق الأهداف أو تلبية التوقعات.
  4. مشاكل في الطفولة مثل الإهمال أو العنف أو التمييز.
  5. وضع توقعات عالية جدًا على النفس وعدم القدرة على تحقيقها.

وتبرز أعراض عقدة الدونية بـ:

  1. الشعور الدائم بعدم الكفاءة وعدم القيمة.
  2. تجنب التفاعلات الاجتماعية خوفًا من الحكم أو الرفض.
  3. الحساسية المفرطة: والانزعاج بسهولة من الانتقادات أو الآراء السلبية.
  4. محاولة إرضاء الآخرين بأي ثمن.
  5. محاولة تعويض الشعور بالنقص من خلال السلوك العدواني أو التباهي.

عقدة الدونية عند الأطفال:
عقدة الدونية عند الأطفال أيضا شعور عميق بعدم الكفاءة والقيمة الذاتية، مما يؤثر على ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على التعامل مع التحديات. يتجلى هذا الشعور في سلوكيات مختلفة، مثل الخجل المفرط، الانطواء، صعوبة تكوين العلاقات، وتجنب المواقف الجديدة.
ولعل أهم أسباب عقدة الدونية عند الأطفال:

  1. المقارنات المستمرة، مثل مقارنة الطفل بغيره من الأقران أو الإخوة، مما يجعله يشعر بأنه أقل منهم.
  2. تعرض الطفل لانتقادات مستمرة حول شكله أو ذكائه أو سلوكه.
  3. فشل الطفل في تحقيق الأهداف المتوقعة منه، مما يؤدي إلى شعوره بالضعف.
  4. التربية القائمة على الخوف والعقاب بدلاً من الحوار والتقدير.
  5. وجود مشاكل في الأسرة مثل الطلاق أو المرض قد يؤثر سلبًا على نفسية الطفل.


ولهذا ستظهر أعراض عقدة الدونية عند الأطفال والتي هي:

  1. الخجل المفرط وتجنب الطفل للمشاركة في الأنشطة الاجتماعية خوفًا من الفشل أو السخرية.
  2. انعدام الثقة بالنفس وعدم تصديق الطفل في قدراته وإمكانياته.
  3. صعوبة في بناء علاقات اجتماعية صحية مع الأقران.
  4. قد يلجأ الطفل إلى السلوك العدواني كوسيلة للدفاع عن نفسه أو لفت الانتباه.
  5. الانعزال عن الآخرين والهروب إلى عالم خاص.

حديث علم النفس:
هناك نظريات عدة في علم النفس تتحدث عن عقدة الدونية عند الأطفال، أحد أهم هذه النظريات هي نظرية (ألفريد أدلر) التي ركزت بشكل كبير على مفهوم “الشعور بالنقص” (الذي يُعتبر أساس عقدة الدونية). أدلر يرى أن الشعور بالنقص هو حالة طبيعية لدى الإنسان، وخاصة في الطفولة، وذلك بسبب ضعف الطفل وحاجته الدائمة للآخرين.
هذا الشعور يدفع الطفل إلى السعي لتحقيق الكمال والتعويض عن هذا النقص، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى تطوير سلوكيات معينة كالتنافسية المفرطة أو السعي المستمر للتفوق.
أهم النقاط التي تتناولها هذه النظرية:

  1. الشعور بالنقص كحافز، حيث يعتبر أدلر أن الشعور بالنقص هو القوة الدافعة وراء كل سلوك بشري، إنه المحرك الذي يدفعنا لتحقيق أهدافنا وتطوير أنفسنا.
  2. يؤكد أدلر على أهمية السنوات الأولى من حياة الطفل في تشكيل شخصيته، حيث يتعلم الطفل خلال هذه الفترة كيف ينظر إلى نفسه والعالم من حوله.
  3. يرى أدلر أن البيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها الطفل تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل شخصيته وتطورها، سواء كانت هذه البيئة داعمة أو معادية.
  4. كما يشير أدلر إلى أهمية الشعور بالانتماء إلى مجموعة اجتماعية، وأن هذا الشعور يساعد الفرد على التغلب على شعوره بالنقص.


بالإضافة إلى نظرية أدلر، هناك نظريات أخرى تتناول موضوع عقدة الدونية عند الأطفال، مثل:
نظرية فرويد، والذي ركز على دور العقل اللاواعي في تشكيل الشخصية، ورأى أن الصراعات الداخلية التي يعاني منها الطفل قد تؤدي إلى شعور بالنقص.
وهناك نظريات التعلم الاجتماعي التي تركز على دور التعلم من خلال الملاحظة والتقليد في تشكيل سلوك الطفل، وترى أن الطفل يتعلم كيفية التعامل مع العالم من خلال مراقبة الآخرين وتقليد سلوكهم.
بشكل عام، ومع تعدد النظريات يمكن القول إن عقدة الدونية عند الأطفال هي قضية معقدة تتأثر بعوامل بيولوجية ونفسية واجتماعية. فهم هذه العوامل يساعد في تطوير استراتيجيات فعالة للتعامل مع هذه المشكلة وتقديم الدعم اللازم للأطفال الذين يعانون منها، كما أن عقدة الدونية يمكن أن يكون لها تأثيرات طويلة الأمد على الأطفال إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح. من بين هذه التأثيرات:

  1. تدني الثقة بالنفس، فالأطفال الذين يعانون من مشاعر الدونية قد يكبرون وهم يشعرون بعدم الكفاءة وعدم القدرة على تحقيق النجاح، مما يؤثر على ثقتهم بأنفسهم في المستقبل.
  2. الانسحاب الاجتماعي، إذ يميل هؤلاء الأطفال إلى تجنب التفاعلات الاجتماعية والأنشطة الجماعية، مما يمكن أن يؤدي إلى العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة.
  3. القلق والاكتئاب، فمشاعر الدونية المستمرة يمكن أن تزيد من مخاطر الإصابة بذلك في مراحل لاحقة من الحياة.
  4. الأداء الأكاديمي والمهني قد يؤثر الشعور بالدونية عليه سلبا حيث يشعر الطفل بعدم القدرة على تحقيق النجاح أو التقدم في مسيرته التعليمية والمهنية.
  5. كما يمكن أن تؤثر مشاعر الدونية على قدرة الشخص على بناء علاقات صحية ومستقرة، حيث قد يشعر بعدم الجدارة بالحب والاحترام من الآخرين.

خاتمة:
مساعدة الأطفال في التغلب على شعور الدونية يتطلب نهجًا شاملاً يشمل الدعم العاطفي، والتوجيه الإيجابي، وتعزيز الثقة بالنفس. وهذا مانحاول دعمه في مكتب شؤون الأسرة لِـ تيار المستقبل السوري من خلال نشر الوعي حوله وتمكين بعض الاستراتيجيات الفعّالة والتي نوصي بها وهي:

  1. تعزيز الثقة بالنفس على تجربة أنشطة جديدة وتحديات صغيرة يمكن للأطفال النجاح فيها، فهذا يساعدهم على بناء الثقة بقدراتهم.
  2. التشجيع والدعم المستمر. وشعور الطفل أن هناك من هو موجود للاستماع إلى مخاوفهم ومشاعرهم.
  3. تجنب النقد السلبي أو المقارنات مع الآخرين. بدلاً من ذلك، نوصي بالتشديد على نقاط القوة والإنجازات الخاصة بالطفل.
  4. تعليم المهارات الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي. هذا يمكن أن يساعد الأطفال على بناء علاقات إيجابية مع الآخرين والشعور بالقبول.
  5. توفير بيئة آمنة ومستقرة في المنزل والمدرسة، حتى في لحظات الحرب هذا ضروري، فالبيئة الداعمة يمكن أن تقلل من مشاعر الدونية.
  6. القدوة الحسنة في التعامل مع مشاعر الدونية. واظهار كيفية التعامل مع الفشل والإحباط بشكل إيجابي.
  7. الاستشارة النفسية في بعض الحالات، فقد يكون من المفيد اللجوء إلى استشاري نفسي متخصص لمساعدة الطفل على التعامل مع مشاعر الدونية بشكل أكثر فعالية، وهذا مانوصي به بشدة حين تعذر الحلول السابقة.

وآخر مانوصي به هو ضرورة اطلاع الأهل على مواضيع علمية تتحدث عن عقدة الدونية ومشاركة تجاربهم حول ذلك، وباب مكتبنا مفتوح لكل سوري وسورية.

عفراء الحداد
مكتب شؤون الأسرة
قسم البحوث والدراسات
دراسة
تيار المستقبل السوري

المراجع:

  1. How to Manage Mental Load: 10 Strategies to Achieve Balance.
  2. Preventing burnout: 7 strategies and when to seek help – Medical News Today.
  3. Striking The Balance: How To Be Ambitious And Mindful.
  4. How to Prevent Burnout in the Workplace: 20 Strategies.
  5. undefined.
  6. undefined.
  7. undefined.
  8. ألفرد أدلر: علم النفس الفردي | عقدة الدونية والفوقية| تأثير الطفولة
  9. مشاعر الدونية والنقص عند الطفل: أسبابها وآثارها وطرق التخلص منها.
  10. كيف تساعد طفلك إذا كان يعاني عقدة النقص أو الدونية؟.
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى