المكتب العلميقسم البحوث و الدراساتمقالاتمقالات شؤون الأسرةمكتب شؤون الأسرةوهيبة المصري

الأسرة، وضبط السلوك الانحرافي للمراهق

مقدمة:
في علم النفس، تُعرف المراهقة بأنها المرحلة الانتقالية التي يمر بها الفرد من الطفولة إلى البلوغ. خلال هذه الفترة، تحدث العديد من التغيرات الفسيولوجية والجسدية والنفسية والاجتماعية، وعليه يمكن تقسيم المراهقة إلى ثلاث مراحل رئيسية:

  1. المراهقة المبكرة والتي تمتد من سن 10 إلى 14 عامًا، وتتميز بتغيرات بيولوجية سريعة.
  2. المراهقة المتوسطة، وتمتد من سن 15 إلى 17 عامًا، حيث تكتمل التغيرات البيولوجية.
  3. المراهقة المتأخرة حيث تمتد من سن 18 إلى 24 عامًا، وفيها يصبح الفرد أكثر وعيًا ونضجًا في تصرفاته وشكله.
    تتضمن تلك المرحلة تطورًا في التفكير المجرد، واتخاذ القرارات، وتقييم الواقع، وتطوير الهوية الشخصية. كما أن المراهقين يسعون إلى مزيد من الاستقلالية والقبول الاجتماعي.

حول المراهقة:
في القانون الدولي، لا يوجد تعريف محدد وموحد للمراهقة، ولكن العديد من المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، تعتمد تعريفات عامة للمراهقة، وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، تُعرّف المراهقة بأنها الفترة العمرية من 10 إلى 19 عامًا.
هذه المرحلة تعتبر فترة تحول حاسمة حيث يبدأ الأفراد في تطوير هويتهم الشخصية والاجتماعية، ويواجهون تحديات نفسية وجسدية كبيرة. كما أن هذه الفترة تتطلب دعمًا خاصًا لضمان نمو صحي وسليم للمراهقين، كما تعمل الأمم المتحدة على تعزيز حقوق المراهقين والشباب من خلال عدة مبادرات وبرامج تهدف إلى حماية حقوقهم ودعم تطلعاتهم عبر عدة قضايا أهمها:

  1. التعليم، إذ تضمن الأمم المتحدة حق الشباب في الحصول على تعليم جيد وشامل. هذا يشمل الوصول إلى التعليم الأساسي والثانوي والعالي، بالإضافة إلى التدريب المهني.
  2. تدعم الأمم المتحدة حق الشباب في الحصول على خدمات صحية شاملة، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية.
    تهدف تلك الجهود إلى ضمان صحة جيدة للشباب وتمكينهم من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن صحتهم.
  3. كما تعمل الأمم المتحدة على تعزيز حقوق الشباب في العمل، بما في ذلك الحق في العمل اللائق والحماية الاجتماعية. وتسعى إلى تقليل معدلات البطالة بين الشباب وتحسين ظروف العمل.
  4. المشاركة السياسية حيث تشجع الأمم المتحدة على مشاركة الشباب في الحياة السياسية والعامة، وتسعى إلى زيادة تمثيل الشباب في المؤسسات السياسية وتمكينهم من المشاركة في صنع القرار.
  5. الحماية من التمييز تعمل الأمم المتحدة على حماية الشباب من جميع أشكال التمييز، بما في ذلك التمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو الوضع الاجتماعي.
  6. تدعم الأمم المتحدة حق الشباب في العيش في بيئة نظيفة ومستدامة. تشجع على مشاركة الشباب في الجهود البيئية والمبادرات المتعلقة بالتغير المناخي.
    كما تستند هذه الجهود إلى مبادئ حقوق الإنسان وتعزيز حقوق الشباب في جميع أنحاء العالم.

دور الأسرة:
تلعب الأسرة دورًا حيويًا في ضبط السلوك الانحرافي للمراهقين من خلال عدة جوانب:

  1. التنشئة الاجتماعية، حيث تعتبر الأسرة البيئة الأولى التي يتعلم فيها الطفل القيم والأخلاق، من خلال التربية السليمة، يمكن للأسرة أن تغرس في المراهق مبادئ السلوك الصحيح وتوجيهه نحو التصرفات الإيجابية.
  2. المراقبة والتوجيه، فمن المهم أن تراقب الأسرة سلوك المراهقين وتوجههم بشكل مستمر، وهذا يشمل متابعة نشاطاتهم اليومية، ومعرفة أصدقائهم، والتأكد من أنهم لا يتعرضون لتأثيرات سلبية.
  3. الحوار المفتوح، بين الأهل والمراهقين. هذا يساعد في بناء الثقة ويجعل المراهق يشعر بأنه يمكنه التحدث عن مشاكله دون خوف من العقاب، وبحسب احصاء قمنا به بوقت سابق في مدينة اعزاز، فإن ٨٥٪ من الأسر لاتقوم بالحوار المفتوح بين بعضها، مما يجعل لغة التواصل والتخاطب غير انفتاحية.
  4. تقديم الدعم العاطفي للمراهقين يساعدهم في التعامل مع الضغوط النفسية والاجتماعية. الأسرة المتماسكة التي توفر الحب والاهتمام تساهم في تقليل احتمالات الانحراف.
  5. القدوة الحسنة، فعندما يرى المراهقون سلوكًا إيجابيًا من والديهم، يكونون أكثر ميلًا لتبني نفس السلوكيات.
    ولعل تعزيز الاتصال بين الأهل والمراهق يتطلب بعض الجهود والاستراتيجيات التي تساعد في بناء علاقة قوية ومفتوحة، من ذلك:
  6. الاستماع الفعّال إلى المراهق بدون مقاطعة أو إصدار أحكام مسبقة. هذا يساعده على الشعور بأنه مسموع ومفهوم.
  7. تشجيع المراهق على التعبير عن مشاعره وأفكاره بحرية.
  8. تخصيص وقت للجلسات العائلية في أنشطة مشتركة، سواء كانت رياضية أو ثقافية أو حتى مجرد الحديث، فهذا يعزز الروابط الأسرية ويخلق فرصًا للتواصل.
  9. تجنُب الأسئلة الهجومية، فبدلاً من طرح أسئلة تجعل المراهق في موقف دفاعي، يجب طرحها كأسئلة داعمة لتساعده على التفكير السليم.
  10. تقديم الدعم العاطفي في الأوقات الصعبة.
  11. احترام الخصوصية يعزز شعوره بالاستقلالية والثقة بالنفس.

دق ناقوس الخطر:
قد يكون من الضروري اللجوء إلى استشارة محترفة لضبط سلوك المراهق في الحالات التي تدل على خطورة كبيرة، ومن هذه الحالات دلالات سلوكية لعل من أهمها:

  1. السلوك العدواني أو العنيف تجاه الآخرين أو حتى تجاه نفسه، فقد يكون من الضروري الحصول على مساعدة محترفة من قبل استشاري نفسي متخصص، ونحن في مكتب شؤون الأسرة مستعدون للتعاون والتواصل ضم مكتبنا بأي وقت وظرف للمساعدة بتقديم النصح والرعاية.
  2. التغيرات الجذرية في السلوك مثل الانسحاب الاجتماعي، أو التغيرات في الأداء الأكاديمي، أو فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كان يستمتع بها سابقًا.
  3. الاكتئاب أو القلق المستمر، مثل الحزن الدائم، أو فقدان الأمل، أو القلق المفرط، فقد يكون من الضروري استشارة مختص في الصحة النفسية.
  4. الإدمان على المخدرات أو الكحول، أو حتى إدمان على التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، فقد يكون من الضروري الحصول على مساعدة محترفة.
  5. إذا كانت هناك صراعات مستمرة وغير قابلة للحل بين الأهل والمراهق، فقد يكون من المفيد الحصول على استشارة عائلية لتحسين التواصل وحل النزاعات.
  6. مشاكل أكاديمية مثل الفشل الدراسي أو عدم القدرة على التركيز، فقد يكون من الضروري استشارة مختص في التربية أو علم النفس التربوي.

وأخيرا، فإننا نوصي في مكتب شؤون الأسرة لِـ تيار المستقبل السوري أنه إذا كنت تشعر بأن سلوك المراهق يتجاوز قدرتك على التعامل معه، فلا تتردد في طلب المساعدة من محترفين مختصين، والتواصل معنا للمساعدة بتيسير ذلك.
إن واجب الأسرة كبير تجاه سلوك المراهقين السلبي، وكما هو نشر الوعي مهم كذلك تيسير الحلول والاستشارات النفسية مهم أيضا، وهذا مانحاول العمل عليه.

وهيبة المصري
مكتب شؤون الأسرة
قسم البحوث والدراسات
مقالات
تيار المستقبل السوري

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى