المكتب العلميدراساتقسم البحوث و الدراساتكاتبوا التيارمكتب شؤون الأسرةوهيبة المصري

التعليم الرقمي ضرورة وغاية في سورية

مقدمة:


المنظمات التعليمية في عصرنا الحالي هي نُظم تنمو وتتغير لتواجه تحديات جديدة، وهي جزء من عملية تغيير وتطوير واسعة، حيث كان ظهور التقنيات الحديثة دافعاً حقيقيا للتغيير تطلبت معها استخدام أساليب جديدة للتوافق مع التغيرات المعاصرة، ولهذا لابد من البحث عن مناهج جديدة ملائمة للأحداث الجديدة لتشمل جميع النواحي الثقافي منها والاقتصادي وغيرها من المجالات التي يلزمها التحول ليكون مطلباً حيوياً.
ومنذ جائحة كورنا ونحن نرى أن التقنية سوف تضطلع بدور مهم في التعليم كجزء من التحول الرقمي، فالتحول الرقمي قادر على خلق بيئة تعليمية فعالة تحقق مخرجات فعالة بأقل تكلفة ممكنة، فبرامج التعليم التقني من عوامل إيصال المعرفة والعلم لجميع المتعلمين وهي مصدر من مصادر صياغة الحاضر التعليمي، كما أن فلسفة التعليم الرقمي تعمل على نشر الثقافة الرقمية في المؤسسات التعليمية مما يحقق (بحسب دراسات واحصاءات متخصصة) متعلمين نشطين، كما ويساهم التعليم الرقمي في تنمية دوافع المتعلمين للدراسة والإنجاز .
لهذا يمكننا وبسهولة رؤية التحول الرقمي الذي أصبح من أهم المجالات التي ينبغي على المؤسسات التعليمية تبنيها لمواجهة الظروف الطارئة كما حدث أثناء جائحة كورونا اذ كان له دور كبير في استمرار العملية التعليمية.
كما يظهر بوضوح سهولة تبادل المعلومات وسهولة تنفيذ الأعمال في أي وقت وأي مكان، مما يسهم في تحول الخدمة الروتينية إلى الكترونية، وبالتالي يوسع عدد المستفيدين منها، وبما يساهم في تحقيق اضافات علمية تشارك في رفع الأداء العلمي للمعلمين ورفع سوية المخرجات التعليمية والتحول من الأساليب التقليدية في طرائق حفظ المعلومات بما يناسب الطلبة.
فالتحول الرقمي أصبح ضرورة لحل المشكلات التي تواجه المعلمين والطلبة في العملية التعليمية وفي المجالات كافة، والقضاء على الروتين ومشكلاته، كما أن التعليم الرقمي يتناسب مع النظريات التعليمية مثل البنائية التي تجعل المتعلم يبني معلوماته بنفسه من البيئة المحيطة، وأن كل متعلم له وسيلة وخصوصية في فهم المعلومة وليس بالضرورة كما يدركها المعلم، وأيضا ومع كل ذلك يزود المتعلمين بخلفية كافية تساعده في الوصول إلى نظرية تربوية حيث يضع المعلم المتعلمين في أحداث تتحدى أفكارهم وتشجعهم على انتاج تفسيرات تساعدهم على وضع أفكارهم الخاصة مما يجعلهم نشيطين في عملية التعلم وأيضا نرى المتعلم يمتص المعرفة، بل يكشفه عنها عن طريق الخبرات.
إذا، إن التعليم ليس حفظ المعلومة وتكرارها، بل هي نقل معلومة للمتعلم الذي يقوم بدوره بمعالجتها، وهنا يكون دور المعلم موجهاً للعملية التعليمية، وهذا ما نسعى لتسليط الضوء عليه في هذا المقال.

ماهية التحول الرقمي:
من خلال التعريفات الأكاديمية نجد أن التحول الرقمي باختصار هو عملية لتحويل البيانات إلى شكل رقمي لأجل معالجتها
بواسطة الحاسب الإلكتروني وتحويل النصوص المطبوعة إلى الصور ..
ومما يجب التنبيه إليه إلى أن معظم الدول توجهت للتحول الرقمي من أجل تسهيل مهام التقنيات الحديثة لتحسين الخدمات خصوصا بعد ثورة الذكاء الاصطناعي والتحكم عن بعد.
كما أن الاستمرار عمل معظم القطاعات التعليمية والتجارية والاقتصادية و.. والتحول الرقمي هو وسيلة الدمج بين التكنولوجيا والفرد، وهو استخدام التكنولوجيا والتقنيات الرقمية في جميع مجالات الحياة وما تؤدي إليه من تطورات فيها.

التحول الرقمي في التعليم :
يعتبر استخدام تكنولوجيا المعلومات لتحسين أداء المؤسسات عبر شمولية الطرائق العميقة التي يتم من خلالها تغيير الأنشطة والنماذج للاستفادة من التكنولوجيا وتأثيراتها بشكل استراتيجي هو مايمثله التحول الرقمي للتعليم.
ويُمثل أيضا المناهج والمنهجيات التدريسية، والبيئة العامة التي يخضع جميعها للتعديل من أجل إعداد التلاميذ ليصبحوا أعضاء فاعلين في مجتمع المعلومات.
إن تسخير التكنولوجيا من أهم عناصر التحول الرقمي، إذ يتم تزويد التلاميذ والمعلمين بالأجهزة الرقمية من أجل تحسين الجودة التعليمية.
كما يرى بعض الباحثين في التحول الرقمي أنه عبارة عن تطبيق التقنيات بشكل فعال بما يُمكن المتعلم من التركيز على التعليم وتحقيق النجاح الدراسي، فالتعلم الرقمي يسعى إلى تغيير التعليم من أساسه القديم إلى تعلم يفسح المجال للمتعلم والمحتوى الرقمي عالي الجودة والوصول السريع للإنترنت واستخدام نظم المعلومات، ليكون الهدف الأساسي هو تحول التعلم نحو التعلم الذاتي.
هناك نقطة أخرى مهمة وهي اختلاف المواد التعليمية الرقمية عن المواد التعليمية التقليدية، فالمواد التعليمية الرقمية تسمح بقدر أكبر من التفاعل بين المتعلم والمادة التعليمية، وتتميز بمرونة شديدة وتتضمن خصائص تسمح بنشر التعلم ومواءمته وفقاً لاحتياجات المتعلمين المتنوعة وبخاصة الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة أو الفقراء أو ساكني المناطق النائية.

عن الأدوات التقنية التعليمية المعاصرة:
من المهم توضيح أدوات إدارة العملية التعليمة عبر الأنترنت من مثل:

  • منصة moodle الرقمية وهي من أهم الأنظمة الإلكترونية الحديثة المهمة للأساتذة والطلبة، حيث تُمكن من تبادل المعلومات والدروس، وهو نظام تعلم صُمم على أسس تعليمية ليساعد المعلمين على توفير بيئة تعليمية وإلكترونية وهي أحد أهم أنظمة إدارة التعليم
    الرقمي.
  • منصة Google classroom: وهو تطبيق مجاني لجميع المستخدمين المالكين لحساب شخصي، ويساعد الطلبة والمعلمين والمستخدمين على التواصل بينهم ويساعد على التواصل البصري
    والضوئي بين المعلم والمتعلم ويتميز بسهولة اعداده وتوفير الوقت وتحسين التنظيم وتعزيز التواصل.
    إن مثل هذه المنصات وغيرها تساهم في تنوع المعلومات والمصادر التي تُمكن الطلبة من البحث فيها وتلبية الاحتياجات التعليمية الفردية، كما توافر المعلومات في أشكال مختلفة وعبر وسائط متنوعة كالفيديو، والصوت، وتساهم في تطوير مهارات التفكير النقدي والإبداع، وتوفير بيئة ثقافية ولغوية باستخدام التقنيات الحديثة.

خاتمة:


إننا في سورية نعاني من نسبة مخيفة من الجيل البعيد عن التعليم، فبحسب دراسة مركز عمران حول احتياجات جيل مابعد الحرب في شمال غرب سورية، كانت نسبة ١٣٪ من الاطفال لايعرفون المدرسة، ونسبة التسرب في المراحل المتوسطة والثانوية ثلاثة ارباع الطلبة، لهذا فإننا في مكتب شؤون الأسرة في تيار المستقبل السوري نرى ضرورة القيام بتطوير التعليم نحو التحول الرقمي بشكل كلي، أو فلنقل بشكل مقبول اجتماعيا ودوليا، وسهل الوصول إليه شعبيا، بل إننا ندعو ليشمل هذا التحول كل سورية، ليكون عبارة عن مؤسسة غير ربحية يقوم عليها سوريون مستقلون ممَولون، أو بتمويل ودعم الأمم المتحدة، مع جعل التعليم مدروسا ليكون الطالب مستعدا للانخراط في المجتمع وسوق العمل، كما ونوصي بالاهتمام بمايأتي:

  • تصحيح المفهوم الخاطئ لتكنولوجيا التعليم والتحول الرقمي.
  • تشخيص المشكلة التعليمية التي يواجهها المعلم و المتعلم ومعرفة حجمها وأسبابها والتغلب عليها.
  • الاهتمام بالمؤسسات التعليمية الرقمية من حيث مكانها والاعتراف بها والاهتمام بالتعليم التقليدي ريثما يتم هذا التحول وتجهيز التعليم التقليدي بمتطلبات استخدام التكنولوجيا كمرحلة أولى وانتقالية.
  • الإرادة القوية والرغبة في التغيير والتطوير ومدى تقبل التغيير، لتكون سورية نبراسا في مجال التعليم الرقمي المدروس.
    وإننا في تيار المستقبل السوري نشدد على ضرورة إيلاء الانتقال للتعليم الرقمي أولوية لدى صناع القرار ومن يهمه الأمر خصوصا القوى السياسية والأممية والمهتمين بقضايا الطفل والأسرة.
  • وهيبة المصري
  • مكتب شؤون الأسرة
  • تيار المستقبل السوري

المراجع:

  1. علاء عبدالخالق حسين المندلاوي، جامعة بغداد، 2014، دراسة الكترونية.
  2. عبد الهادي السيد، وهج التعلم مؤثرات وضروريات، 2022م، الأنجلو المصرية، مصر.
  3. يوسف جابر علاونة، التعليم الالكتروني وتحدياته المعاصرة، 2022م، عمان.
  4. مارتيز وآنا لورا وآخرون، المبادئ الارشادية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في سياسات التعليم وخططه الرئيسة، 2023م، اليونسكو.
  5. حلا حاج علي، احتياجات جيل مابعد الحرب الفجوات التعليمية في شمال غرب سورية نموذجا، 2023م، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية.
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى