المكتب الاقتصاديالمكتب العلميقسم البحوث و الدراساتمقالات

الزراعة في شمال سورية، رافعةٌ للتنمية

المقدمة:
يُعدّ شمال سورية منطقة غنية بالموارد الطبيعية، وخاصة الأراضي الزراعية الخصبة، التي تُشكل أحد أهم القطاعات الاقتصادية في المنطقة، وقد لعبت الزراعة دورًا محوريًا في حياة سكان شمال سورية لقرون طويلة، حيث وفرت لهم مصدرًا أساسيًا للغذاء والدخل.
تشتهر الزراعة في شمال غرب سورية بعدة منتجات زراعية هامة، تشمل الحبوب: كالقمح، والذي يُعدّ أهم محصول في شمال غرب سورية، حيث يُزرع على مساحات واسعة ويشكل قاعدة الأمن الغذائي في المنطقة، والشعير الذي يُستخدم علفًا للحيوانات، ويدخل أيضًا في صناعة بعض المنتجات الغذائية.
والبقوليات: مثل الحمص الفول والعدس حيث تعتبر مصدرًا غنيًا بالبروتين.
والمحاصيل الزيتية، فالزيتون تعتبر زراعته من أقدم الزراعات في شمال غرب سورية، وتُنتج المنطقة زيت زيتون عالي الجودة.
الخضروات: مثل البندورة والخيار.
الفواكه: كالعنب وهو من أهم الزراعات في شمال غرب سورية، وتُنتج المنطقة العديد من أنواع العنب، والتفاح والخوخ.
بالإضافة إلى هذه المنتجات، تُزرع في شمال غرب سورية العديد من المنتجات الزراعية الأخرى، مثل: التوابل كالكزبرة والنعناع والشمر، والأعشاب الطبية مثل الزعتر والمريمية والبابونج، والأشجار المثمرة مثل المشمش والإجاص والصنوبر.
وتُساهم هذه المنتجات الزراعية في الأمن الغذائي في المنطقة، ووجود دخل للمزارعين، ودعم الاقتصاد المحلي..
تأتي أهمية هذا المقال لتوضح أهمية الزراعة في شمال سورية كمحرك للتنمية والنهوض.

مساهمة الزراعة في الاقتصاد المحلي:
من خلال تحليل الإنتاجية الزراعية، وقيمة الصادرات الزراعية، وفرص العمل التي توفرها الزراعة، يجعل من الزراعة في الشمال قطاعًا رئيسيًا في اقتصاده، حيث توفر أكثر من 20% من فرص العمل، و30% من الناتج المحلي الإجمالي، وتُساهم بشكل كبير في الأمن الغذائي، حيث تُنتج المنطقة ما يكفي من الموارد الزراعية لتلبية احتياجات السكان المحليين بالحد الأدنى إذا استبعدنا التصدير.
لكن التحديات التي يواجهها الشمال السوري من الحرب التي أدت إلى تدمير البنية التحتية الزراعية، ونزوح المزارعين، وانخفاض الإنتاجية، إضافة إلى نقص الموارد مثل نقص المياه والطاقة، مما يُعيق جهود التنمية الزراعية، كما تُهدد الجفاف والظواهر الجوية المتطرفة الإنتاجية الزراعية، لهذا سيكون من الجيد التفكير بالاستثمار في البنية التحتية الزراعية، مثل أنظمة الري، والطرق، ومخازن التخزين، مع ضرورة دعم صغار المزارعين من خلال توفير التمويل، والتدريب، والتقنيات الحديثة، مع تطوير تقنيات الري لزيادة كفاءة استخدام المياه، والتكيف مع التغيرات المناخية من خلال زراعة محاصيل مقاومة للجفاف، واستخدام تقنيات الزراعة الذكية للمناخ.
تُعدّ الزراعة قطاعًا واعدًا في شمال سورية، حيث تمتلك المنطقة إمكانات كبيرة لزيادة الإنتاجية والصادرات.
تختلف مساهمة الزراعة في الاقتصاد المحلي من منطقة إلى أخرى في شمال سورية، مما يجعل من الضرورة بالحاجة إلى المزيد من البحوث والدراسات الميدانية والتي نحاول العمل عليها في المكتب الاقتصادي لتيار المستقبل السوري، لتقييم مساهمة الزراعة في الاقتصاد المحلي بشكل دقيق.

التحديات التي تواجه الزراعة في شمال سورية:
تتمثل التحديات بعدة قضايا:

  1. شح المياه: إذ تُعدّ ندرة المياه من أبرز التحديات التي تواجه الزراعة في الشمال الغربي لسورية، حيث تعاني المنطقة من قلة هطول الأمطار وانخفاض منسوب المياه الجوفية، وتتفاقم هذه المشكلة بسبب تدمير البنية التحتية للري خلال الحرب الجارية، واستخدام أساليب الري غير المستدامة.
  2. الحرب العسكرية: فقد خلّفت الحرب السورية آثارًا كارثية على القطاع الزراعي في الشمال الغربي، حيث أدت إلى تدمير كثير من الأراضي الزراعية والبنية التحتية، ونزوح كثير من المزارعين عن أراضيهم، وانخفاض الإنتاجية بشكل كبير، بالإضافة لفقدان الثروة الحيوانية.
  3. عدم الاستقرار السياسي: حيث يُؤثّر ذلك على الاستثمار في القطاع الزراعي، ممّا يُعيق جهود التنمية الزراعية، ويُصعب على المزارعين الحصول على التمويل والمدخلات الزراعية، ويُثبط من معنويات المزارعين ويُقلّل من دافعهم للاستثمار في أراضيهم.
  4. العقوبات الدولية: إذ تُؤثّر العقوبات الدولية المفروضة على النظام السوري على قدرة المزارعين على تصدير منتجاتهم، ممّا يُؤدّي إلى انخفاض الأسعار وتراجع أرباحهم، وتُصعّب على المزارعين الحصول على مستلزمات الإنتاج مثل البذور والأسمدة والمبيدات الحشرية.
  5. التغيرات المناخية، مثل الجفاف والظواهر الجوية المتطرفة.
  6. الآفات والأمراض التي تواجه المزارعين في الشمال الغربي لسورية.
  7. نقص المعرفة والمهارات، اللازمة لممارسة الزراعة الحديثة، ممّا يُؤدّي إلى انخفاض الإنتاجية. ولهذا يُحتاج إلى برامج تدريبية لتعليم المزارعين تقنيات الزراعة الحديثة، مثل الري بالتنقيط والزراعة العضوية.
  8. ضعف البنية التحتية ممّا يُعيق نقل المنتجات الزراعية إلى الأسواق، ولهذا أيضا يُحتاج إلى استثمار في تحسين البنية التحتية، مثل الطرقات ومخازن التخزين.
  9. ضعف التمويل حيث يُواجه المزارعون في الشمال الغربي لسورية صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لشراء مستلزمات الإنتاج والاستثمار في أراضيهم، وهنا تبرز الحاجة إلى برامج تمويلية لدعم المزارعين، مثل القروض والمنح.
  10. ضعف التنظيم ممّا يُؤثّر على جودة المنتجات الزراعية وقدرتها على المنافسة في الأسواق الخارجية

بيانات وأرقام:
لا تتوفر بيانات دقيقة حول النمو الاقتصادي في الشمال الغربي لسورية، وذلك بسبب عدم وجود نظام إحصائي موثوق، ولكن تشير بعض التقديرات إلى أن الاقتصاد قد نما بشكل بطيء في عام 2023، وذلك بفضل انتعاش بعض القطاعات مثل الزراعة والتجارة، ويُتوقع أن يستمر النمو الاقتصادي في عام 2024، ولكن بشكلٍ مُعتدل، وتُعدّ معدلات البطالة في الشمال الغربي لسورية مرتفعة، حيث تُقدّر بـ أكثر من 50%، حيث يُعاني الشباب من صعوبة كبيرة في العثور على فرص عمل، كما تُساهم الحرب الجارية ونقص الاستثمار في ارتفاع معدلات البطالة، وبخصوص الفقر فيُعاني نسبة كبيرة من السكان في الشمال الغربي لسورية من الفقر، حيث يُقدّر خط الفقر بـ 200 دولار أمريكي شهريًا للعائلة وليس للفرد!.
كما ويُقدّر عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد بـ 1.3 مليون شخص،

خاتمة:
تُوجد في المنطقة الشمالية السورية العديد من الفرص الزراعية، منها الموارد الطبيعية الغنية والموقع الجغرافي المميز والقوى العاملة الشابة.
ولاشك أن هناك كثيراً من الاقتراحات للحلول والتغلب على التحديات: مثل الاستثمار في البنية التحتية الزراعية، وتطوير تقنيات الري، ودعم صغار المزارعين.
لكننا في المكتب الاقتصادي لتيار المستقبل السوري نشدد على أهمية توعية صانعي السياسات بأهمية الزراعة في شمال سورية، والعمل على جذب الاستثمارات للقطاع الزراعي، ودعم صغار المزارعين، والمساهمة الفعلية في تحقيق التنمية المستدامة في شمال سورية.
إذ تُعدّ الزراعة قطاعًا هامًا في شمال سورية، حيث تلعب دورًا محوريًا في تحقيق التنمية والنهوض، ويهدف هذا المقال إلى ضرورة الاهتمام بتقييم مساهمة الزراعة في الاقتصاد المحلي، ودراسة التحديات التي تواجهها، واقتراح حلول للتغلب عليها، وتحليل دورها في تحقيق التنمية المستدامة، وهذا ما نسعد بالمشاركة به مع صناع القرار من قوى الأمر الواقع اليوم بالمنطقة بمكتبنا الاقتصادي خدمة لتحسين الواقع الزراعي في سورية.

عمار العموري
المكتب الاقتصادي.
قسم البحوث والدراسات
مقالات

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى