المكتب الإعلاميالمكتب العلميدراساتقسم البحوث و الدراسات

أهمية برنامج التيك توك والثورة السورية

صراع كبير يحصل في العالم لأجل برنامج التيك توك، بينما نتابع هذا الصراع في دول تريد منعه ودول تريد محاربته، فإننا نحن في سورية في مكان آخر.
فلا دولة ولابرلمان يدرس الأمر ليمنع ويُقرّ، حتى أنه لا قدرة لمنع برنامج واحد ساذج له سلبياته المعروفة! لذا ماذا علينا أن نفعل؟
يُقال في المثل السوري “من لا تأتي معك فتعال معه”!
إذاً فلندخل هذا العالم ولنتقن لغته جيدا، فلا قدرة لنا على محاربته، صحيح أن هناك مؤثرين دخلوا عالم التيك توك، ولكننا نحتاج دخول هذا العالم بشكل مدروس حقيقي، تماماً كما دخلنا سنة 2011 عالم الفيسبوك حتى كدنا أن نقول وكأنه صار برنامجا خاصاً بالسوريين، فإن لبرنامج التيك توك أهمية كبيرة في إيصال الرسائل السياسية لعدة أسباب:

  1. الوصول الواسع، فالتيك توك هو وسيلة نقل معلوماتية شائعة في العديد من البلدان، في كافة المناطق الحضرية والريفية، مما يمكن استخدامه للوصول إلى جمهور واسع ومتنوع.
  2. التفاعل المباشر للمؤثرين مع المتابعين، مما يتيح فرصة لنقل الرسائل السياسية بشكل شخصي ومباشر.
  3. التكلفة المنخفضة لقيمة الإعلان على التيك توك مقارنة بوسائل الإعلام التقليدية مثل التلفزيون أو الصحف او حتى غيره من البرامج.
  4. المرونة، إذ يمكن تغيير الرسائل بسهولة وبسرعة، مما يسمح بالتكيف مع الأحداث السياسية الجارية.
  5. الانتشار السريع، فالبرنامج يتحرك في جميع أنحاء العالم، مما يعني أن الرسائل يمكن أن تنتشر بسرعة وتصل إلى مناطق مختلفة في وقت قصير وبشكل أفضل من باقي البرامج.
    باختصار، يمكن لبرنامج التيك توك أن يكون أداة فعالة لإيصال الرسائل السياسية بفضل قدرته على الوصول إلى جمهور واسع وتوفير تفاعل مباشر وتكلفة منخفضة.

كيف نستفيد من البرنامج:
إن الاستفادة من برنامج التيك توك في دعم الثورة السورية يكون عبر ما يلي:

  1. نشر الوعي، من خلال نشر مقاطع فيديو توعوية حول الأحداث الجارية في سورية، وتوثيق الانتهاكات والجرائم التي تحدث، ولتكون هذه المقاطع مساهمة في زيادة الوعي العالمي حول الوضع في سورية، وإيصال صوتنا.
  2. التواصل مع جمهور واسع، وخاصة الشباب، وتقديم رسائلهم بشكل مباشر وجذاب، فللمؤثرين على البرنامج قدرة كبيرة لنشر رسائل الدعم والتضامن مع الثورة السورية كما يظهر جلياً في دعم المعتقلين.
  3. جمع التبرعات التي يسمح بها البرنامج، بل إنه حاليا منصة لجمع التبرعات لدعم النازحين واللاجئين السوريين، ويمكن للناشطين إنشاء حملات تبرع ونشرها عبر عبره لجمع الأموال والمساعدات الإنسانية للمحتاجين خصوصا للعمليات الجراحية الصعبة والخطيرة وللحالات الأكثر فقراً وضعفاً.
  4. يمكن استخدام التيك توك لتوثيق الأحداث اليومية في سورية، سواء كانت مظاهرات أو انتهاكات أو حتى الحياة اليومية للناس، مما يجعل هذه المقاطع مصدرًا مهمًا للمعلومات والتوثيق التاريخي أيضا.
  5. التضامن الدولي عبر نشر رسائل من مختلف أنحاء العالم مع الشعب السوري عبر فكرة الترندات والتي يجب دراسة أهميتها جيداً.
    إن برنامج التيك توك يمكن أن يصبح أداة قوية لدعم الثورة السورية من خلال نشر الوعي، التواصل مع الجمهور، جمع التبرعات، التوثيق، وتعزيز التضامن الدولي وغيرها من الروافع الاعلامية التي تُفيد الثورة السورية وتستكمل مسيرتها.

الفروقات بين برنامج التيك توك وغيره من برامج التواصل الاجتماعي:
هناك عدة فروقات بين برامج التواصل الافتراضي المختلفة وبرنامج التيك توك، ومن أبرزها:

  1. الجمهور، فالتيك توك يستهدف بشكل رئيسي الفئة العمرية الأصغر سنًا، حيث تتراوح أعمار غالبية المستخدمين بين 16 و24 عامًا، بينما يمتلك فيسبوك مثلا قاعدة مستخدمين أكثر تنوعًا تشمل أشخاصًا من جميع الأعمار، ولكن قطاع المراهقين والشباب يهربون بشكل متسارع نحو برنامج التيك توك ويهتمون به بشكل أكبر بحسب أغلب الدراسات والتحليلات، مما يعني وجود طاقة كبيرة يمكن الاستفادة منها في تحريك المجتمع الدولي وتوجيهه!.
  2. محتوى التيك توك يشتهر بمقاطع الفيديو القصيرة، غالبًا مع إضافة موسيقى أو صوت آخر، فقد تم تصميم خوارزمية التيك توك للترويج لمحتوى ترفيهي وجذاب يمكن أن ينتشر بسرعة، في المقابل، يتيح فيسبوك وتويتر وتلجرام مجموعة متنوعة من أنواع المحتوى، بما في ذلك مقاطع الفيديو الطويلة والصور والمقالات وتحديثات الحالة عبر خوارزمية أبطئ منها.
  3. الإعلان، إذ برامج التواصل عبارة عن منصات إعلانية راسخة مع مجموعة متنوعة من أشكال الإعلانات وخيارات الاستهداف، مما يجعلها خيارًا جذابًا للشركات التي تتطلع إلى الوصول إلى جمهور معين.
    من ناحية أخرى، لا يزال التيك توك يطور خياراته الإعلانية ولديه سوق إعلان أصغر، ومع ذلك فإن خوارزمية التيك توك والتركيز على المشاركة جعلته خيارًا جذابًا للتسويق المؤثر.
  4. البرامج الأخرى تسعى إلى الربط بين الناس اجتماعيًا، بينما يهدف التيك توك إلى ترفيه الناس وتسليتهم فقط، دون السعي إلى ربطهم اجتماعيًا، وهذا تحدٍّ جديد لأصحاب الهم الثوري في استخدام الترفيه كقالب لحمل مفاهيمهم الثورية.
    لاشك أن باقي البرامج مهمة لايصال الأفكار والأخبار، مثل فيسبوك وتويتر (إكس) إضافة إلى برنامج التيك توك، فهم يخدمون أغراضًا مختلفة ويلبون احتياجات جماهير مختلفة، ولكل برنامج منهم ميزاته وعيوبه الخاصة.
    لكن يبقى لبرنامج التيك توك خصوصيته في التوعية السياسية، الأمر الذي جعل منه مادة للباحثين مثل دراسة مؤسسة ” نيوز غارد” (News Guard)، و بحث هام بعنوان: (سمات المحتوي الإعلامي لتطبيق “التيك توك”: دراسة مقارنة بين المنصات العربية و الأجنبية)، والتي نشرته مجلة البحوث الاعلامية بجامعة القاهرة. ودراسة بعنوان “سياسات التعامل مع التحديات الأمنية لتطبيق: تيك توك”، لخالد كاظم أبو دوح، في مركز البحوث الأمنية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.

خاتمة وتوصية:
لايخفى تاثير برنامج التيك توك على الجيل الجديد بالخصوص، ومدى جذبه لجمهور واسع وعريض، وقدرته على مقاومة كل أنواع المنع والحظر، إضافة إلى اعتباره وسيلة استرزاق مالية عبر البثوث المباشرة وجمع التبرعات، وفيما خص قضيتنا السورية يمكن التوصية من مكتبنا الإعلامي لـِ تيار المستقبل السوري بإنشاء منصات مدروسة ذات برامج سياسية واعلامية تُفيد في نشر المعلومة والضغط على المجتمع العام وتغييرالصورة النمطية للثورة السورية.
كما ونوصي باستغلال البرنامج في قضايا المناصرة لحالات الترحيل القسري مثلا، وحالات الخطف والاعتقال إضافة لحالات الفساد في سورية، عبر استغلال خدمات البرنامج والمميزات التي يتيحها مثل الفلاتر والتريندات وغيرها.

ابراهيم مصطفى
باحث في قسم البحوث والدراسات
المكتب الإعلامي
تيار المستقبل السوري

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى