إلى متى ستستغل إيران الجهاديين السنة لمصلحتها؟
هناك تاريخ من التعاون بين إيران وتنظيم القاعدة رأس الجهادية المعاصرة قبل أن يتم القضاء على زعيمها الظواهري، ولكن يجب أن نفهم هذا التعاون بشكل دقيق، ففي العقود السابقة، قام قادة تنظيم القاعدة بالتدريب في إيران على استخدام المتفجرات، وتلقوا نصائحًا وتدريبًا من حزب الله في لبنان، وقبل هجمات 11 سبتمبر، سافر عدد من مخططي تنظيم القاعدة عبر الأراضي الإيرانية!، ويجب أن نتذكر أن قوات تنظيم القاعدة قد قاتلت مع مجموعات مدعومة من إيران في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط، مثل حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن، وأن العديد من أعضاء تنظيم القاعدة يكنون انعدام الرضا تجاه الإيرانيين، ولكن عند اعتقال عناصر لحزب الله من جبهة النصرة كانت العلاقة معهم يتمناها عناصر الجيش السوري الحر.
لقد كان هناك تدريب للقادة والمقاتلين لتنظيم القاعدة في إيران على استخدام المتفجرات والتكتيكات العسكرية، إضافة للتنسيق الاستخباراتي، تقارير كثيرة تشير إلى أن إيران قدمت معلومات استخباراتية لتنظيم القاعدة في بعض الحالات، خصوصا بعد احتلال أمريكا للعراق، حيث ساهمت الجهود الإيرانية بتقوية تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق بقيادة ابي مصعب الزرقاوي، فالتقت مصالح الطرفين حتى نجحت إيران في تقديم أوراق اعتمادها هي والنظام السوري من خلال محاربة هذه التنظيمات السنية الراديكالية.
دعونا لاننسى أن الدكتور أيمن الظواهري كان لقبه ” ساكن زاهدان” وزاهدان مدينة ايرانية كان الظواهري مختبئا بها قبل كشفه، وعند صراع داعش والنصرة فضح ابو محمد العدناني المتحدث الرسمي باسم داعش وقتها علاقة الظواهري والقاعدة بايران!.
أما داعش، فتعتبر إيران وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) خصمين لبعضهما البعض بالظاهر ، لكن الحقيقة أن التباين الفكري قد ساعد ايران في تحشيد حاضنتها الشعبية وشدها نحوها، حيث يعتبر تنظيم داعش جميع الشيعة من المرتدين الذين يجب قتلهم لتمهيد الطريق لشكل أنقى من الإسلام. بينما اعتبرت إيران داعش جماعة إرهابية ناصبية ضد أهل البيت والاسلام.
وكان هناك تخادم في قضية التدخل العسكري منذ بداية النزاع السوري في عام 2011، حيث دعمت إيران النظام السوري ضد معارضيه، والحجة طبعا: داعش.
كما قدمت إيران مساعدة للعراق في مواجهة داعش، حيث نشرت قواتها في العراق واحتلته من خلال تأسيسها للحشد الشعبي.
على الرغم من التقارير عن تعاون بين الولايات المتحدة وإيران في مكافحة داعش، إلا أن البلدين عملوا على استغلال هذه الجماعات الجهادية لمصلحتها.
منذ حرب أفغانستان وحتى يومنا هذا، كل يوم تظهر هذه الجماعات الجهادية بحجة نصرة الاسلام والسنة، تكون معول هدم بيد أعداء السنة، وكلما أرادت ايران مجابهة المجتمع الدولي، أخرجت لهم داعش ثم تقدمت بطلب تخادم لمحاربتها.
وهكذا يظهر أن قدر أهل السنة أن يكونوا ألعوبة بيد ايران تستغلهم لمصلحتها عبر الجهاديين، وهم تائهون في قضايا جانبية ليست ذات أهمية.
على أمل أن يستفيق مسلمو السنة ويعرفوا أن الحل ليس في الحركات الجهادية التخادمية والوظيفية، بل ببناء الدولة القوية الحقيقة والمجتمع القوي الحقيقي والشعب الحر الديمقراطي العلماني, الذي يمنع استغلال الدين عبر تنظيمات راديكالية كل تحركاتها تصب في مصلحة أعداء المسلمين والسنة.
هل يمكن لكل مُنظري الإسلاميين أن يخبرونا ماهي فائدة هذه الحركات الجهادية على أهل السنة؟
هل استطاعت هذه التنظيمات الإرهابية أن تحمي أهل السنة، أو تساعدهم بالتقدم ولو خطوة واحدة سواء سياسيا أو اقتصاديا؟
أم كانت تلك التنظيمات السبب الأعظم لكسر راس أهل السنة في المنطقة، ووسمهم كلهم بالإرهاب ثم احتكار الدولة من قبل إيران وأذرعها ومن قبل المستبدين من الحكام.
لقد استطاعت داعش والقاعدة أن تُقدم خدمات جليلة لإيران ماكانت لتحلم بها، واستطاعت تلك التنظيمات أن تجعل الدعم الأمريكي لهم منذ الحرب الباردة إلى صراع لم تكن على حجمه، بل استجلبت تلد التنظيمات فريقين على أهل السنة بالمنطقة وليس في سورية فقط:
الفريق الأول: الاحتلال الخارجي سواء على طالبان أو العراق.
الفريق الثاني: الأنظمة المستبدة التي ترفض العلمانية ودولة القانون وتفتك بالأوطان بحجج تلك التنظميات التي تتخادم مع الفريقين.
أما آن الأوان لأهل السنة أن يستفيقوا ويلفظوا عنهم هذه التنظيمات التي هتكت أستارهم وجعلهتم عرضة لكل محتل ومستبد!
إن العقل الذي يرى هذه التنظيمات وخطرها ويستمر في دعمها هو عقل يستحق كل مصيبة تحصل له بالفعل!!
فهل يستفيق أهل السنة ويختاروا بناء الدولة السورية العلمانية الديمقراطية ويركلوا بقدمهم كل تلكم التنظيمات وأفكارها الخبيثة المُستغلة للدين؟
هل يستفيق أهل السنة في سورية ويعلموا أن بشار الأسد يفرح بكل دروة شرعية يتم تدريس الولاء والبراء فيها، دونما منهاج لبناء الدولة الحرة العادلة؟
هل يصحو أهل السنة ويعلموا أننا تجاوزنا القرن السابع الميلادي بخمسة قرون وأن المفاهيم السياسية فقد تغيرت، بينما مفاهيم تلك التنظيمات التي تريد أن نعيش خارج العصر والواقع لم ولن تتغير؟
هل سنظل ألعوبة بيد إيران في سورية تُحركنا كيف تشاء لمصلحتها؟ وتُخدرنا بتلك التنظيمات البائسة؟
فرهاد ركن الدين
الباحثون المستقلون
تيار المستقبل السوري
المراجع:
(1) Rival Islamic States: ISIS v Iran | Wilson Center. https://www.wilsoncenter.org/article/rival-islamic-states-isis-v-iran-0.
(2) Iran terror blast highlights success – and growing risk – of ISIS-K …. https://theconversation.com/iran-terror-blast-highlights-success-and-growing-risk-of-isis-k-regional-strategy-220586.
(3) Why Are Al Qaeda Leaders in Iran? | Foreign Affairs. https://www.foreignaffairs.com/articles/afghanistan/2021-02-11/why-are-al-qaeda-leaders-iran.
(4) Iran’s Ties to Al-Qaeda – The Heritage Foundation. https://www.heritage.org/sites/default/files/2021-02/FS_198.pdf.
(5) Newly Released Bin Laden Document Describes Iran, Al Qaeda Link – NBC News. https://www.nbcnews.com/news/world/newly-released-bin-laden-document-describes-iran-al-qaeda-link-n816681.
(6) Unlikely Alliance: Iran’s Secretive Relationship with Al-Qaeda. https://www.brookings.edu/articles/unlikely-alliance-irans-secretive-relationship-with-al-qaeda/.
(7) https://www.france24.com/ar/20140512-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%AC%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B8%D9%88%D8%A7%D9%87%D8%B1%D9%8A