تعدد الزوجات واقع وموقف
تعدد الزوجات في سورية مسموح به قانونيًا وفقًا للشريعة الإسلامية، التي تسمح للرجل بالزواج من أكثر من امرأة واحدة، بشرط أن يعدل بينهن، كما أن هذا الأمر مرتبط بالتقاليد والمعتقدات الدينية في المجتمع السوري، بالإضافة إلى الجانب الديني هناك عوامل اجتماعية واقتصادية قد تؤثر على قبول تعدد الزوجات، مثل الحالة الاقتصادية، والحاجة إلى الدعم الأسري، والتوازن الديموغرافي بين الجنسين، خاصة في ظل الظروف الصعبة مثل الحروب والنزاعات.
من المهم الإشارة إلى أن وجهات النظر تجاه تعدد الزوجات قد تختلف بين الأفراد والمجتمعات، وهناك نقاشات مستمرة حول هذا الموضوع في سورية وغيرها من المجتمعات التي تسمح بتعدد الزوجات.
تعدد الزوجات حاليا:
قبل الثورة والحرب كان تعدد الزوجات في سورية أقل شيوعًا مقارنة بما بعد الحرب، فقبل الثورة كانت نسبة تعدد الزوجات في دمشق حوالي 5% في العام 2010، ومع ذلك، بعد اندلاع الحرب السورية والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عنها، ارتفعت هذه النسبة بشكل ملحوظ خلال الحرب، واجهت العديد من النساء السوريات ظروفًا صعبة بسبب فقدان الأزواج أو هجرتهم، مما أدى إلى زيادة في تعدد الزوجات. في العام 2015، وصلت نسبة تعدد الزوجات في دمشق إلى حوالي 30% ببعض الاحصاءات، وقد تم تسجيل زيادة في الزواج من النساء اللواتي فقدن أزواجهن أو تعرضن لظروف معيشية صعبة.
فبعد الحرب، أصبحت النساء أمام خيارات صعبة، حيث وجدن أنفسهن يواجهن قرارًا بين البقاء بلا زواج أو القبول بكونهن الزوجة الثانية أو الثالثة، وقد أدى ذلك إلى ظهور تشريعات جديدة تحاول تقييد الارتباط بزوجة ثالثة، ومع ذلك، لا تزال هذه الظاهرة تثير الكثير من النقاشات والآراء المتباينة في المجتمع السوري.
من الجدير بالذكر أن منطقة الإدارة الكردية في شمال سورية قد حظرت تعدد الزوجات، هذا يعكس التنوع في الأوضاع القانونية والاجتماعية داخل البلاد ويظهر كيف أن الحرب أثرت على العلاقات الزوجية والأوضاع الاجتماعية في سورية.
في عمق المسألة:
آراء النساء في سورية حول تعدد الزوجات متباينة وتعكس تنوع المواقف الاجتماعية والثقافية، فبعض النساء يعبرن عن استيائهن من هذه الممارسة، خاصةً عندما يُنظر إليها كحل لمشاكل اجتماعية أو اقتصادية، تُظهر بعض التقارير الصحفية أن هناك موجة من الاستياء الواسع لدى النساء والناس عامة تجاه فكرة تعدد الزوجات، ويتم التعبير عن ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتقارير الإعلامية، من جهة أخرى، هناك نساء يرين أن تعدد الزوجات قد يكون حلاً لبعض الأوضاع الناجمة عن الحرب والأزمات الاقتصادية، ولكن هذا الرأي لا يخلو من الجدل، وهناك تقارير تشير إلى أن بعض النساء يعانين من الظلم وعدم العدالة في مثل هذه العلاقات، حيث يصعب على الرجل العدل بين زوجاته.
إن موضوع تعدد الزوجات في سورية يثير نقاشات مستمرة ويعكس التحديات التي تواجهها المرأة في المجتمع السوري، خاصة في ظل الظروف الحالية.
لايوجد معلومات محددة حول نسبة النساء إلى الرجال في الشمال السوري، ومع ذلك، يمكن الخروج برأي عام مما نشاهده ونعايشه إلى أن هناك تحديات كبيرة تواجه المرأة في الشمال السوري، بما في ذلك انخفاض نسبة الإناث العاملات وتدني مستوى التعليم والوعي الثقافي، كما أن الحرب الأهلية السورية أدت إلى تغييرات ديموغرافية كبيرة، بما في ذلك فقدان العديد من الرجال، مما أدى إلى زيادة نسبة الأسر التي تعيلها نساء.
أما الموقف المدني من تعدد الزوجات فيختلف بشكل كبير بناءً على الثقافة والقوانين المحلية والدينية، ففي بعض الثقافات، قد يتم السماح بتعدد الزوجات، بينما في ثقافات أخرى، قد يتم حظره أو تقييده، كما في بعض الدول الإسلامية، مثل مصر والمغرب، يتم السماح بتعدد الزوجات ولكن بشروط شرعية وقانونية، وفي بعض الدول الأخرى، مثل العراق وتونس، يتم منع تعدد الزوجات.
من الجدير بالذكر أنه حتى في الثقافات التي تسمح بتعدد الزوجات، قد يكون هناك اختلافات كبيرة في الرأي بين الأفراد حول ما إذا كانت هذه الممارسة مقبولة أم لا.
يمكن القول إن الموقف المدني من تعدد الزوجات يعتمد على العديد من العوامل، بما في ذلك القيم الثقافية، القوانين المحلية، والمعتقدات الدينية.
إحصاء استنتاجي:
قمنا في مكتب الأسرة في تيار المستقبل السوري بعمل احصاء استنتاجي لعينة من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المؤقتة سننشر تفاصيله في وقت لاحق، حيث كانت النتيجة الآتي:
- نسبة تعدد الزوجات تقترب من 10% بالشمال السوري فقط.
- نسبة المطلقات والأرامل والعوانس “بالعرف الاجتماعي” يبلغن 35%.
- نسبة العازبات بالشمال السوري ممن هن بعمر 16 – 25 سنة: 67% وهي نسبة كبيرة.
- نسبة الشباب العُزاب: 75% ممن وصلوا لعمر 25 سنة ولم يتزوجوا.
- نسبة النساء -بالعموم- اللواتي يقبلن بتعدد الزوجات لهن 5%.
- نسبة النساء -بالعموم- اللواتي يقبلن بفكرة تعدد الزوجات 85%.
- نسبة الشباب الذين يقبلون لأنفسهم بتعدد الزوجات 35%.
- نسبة الشباب الذين يقبلون فكرة تعدد الزوجات 95%.
- نسبة الآباء الذين يقبلون لبناتهن أن يكن ضرائر 23%.
- نسب الأمهات اللواتي يقبلن لبناتهن أن يكن ضرائر 30%.
خاتمة:
يبدو أن واقع تعدد الزوجات معقد، فالدين الذي هو بعموم الشمال السوري واحد – الاسلام- يقبل فكرة التعدد، وبالتالي سيكون من الصعب رفض تعدد الزوجات كفكرة وقانون، هذا والقانون بحد ذاته في كل المناطق السورية عدا مناطق الادارة الذاتية تُبيح التعدد وتُشرعنه، لهذا فإننا نوصي في مكتب الأسرة بمايلي:
1- الاهتمام بتزويج العزاب من الشباب والفتيات وإيلاؤه الأهمية.
2- ممارسة التعدد لايبدو كبيرا بالشمال السوري، ربما يعود ذلك للوضع الاقتصادي، ولكنه يعود أيضا لارتفاع مستوى الوعي المدني لدى الشعب السوري وحقوق المرأة.
3- عدم الصراع مع مفهوم تعدد الزوجات، والعمل على نشر الوعي بحقوق المرأة وحقها الأساسي بقبول التعدد أو رفضه، إضافة لحقها الزوجي الاقتصادي والعائلي والأسري.
4- تعدد الزوجات يُعتبر حلاً اجتماعيا لبعض القضايا والتي شاهدناها ولمسناها بالواقع، مثل زواج أخ شهيد من زوجة أخيه لرعاية أبناءها بعد فقدان عائلتها أو بُعدهم أو فقرهم.
وهيبة المصري
ممكتب شؤون الأسرة
قسم البحوث والدراسات
مقالات
تيار المستقبل السوري