تعددية أم استقلالية؟ مايحتاجه الإعلام السوري!
تظهر أهمية الاعلام في الحالة السورية من خلال التأثير المباشر على الناس، حيث أن الإعلام يمكن أن يكون أقوى من المعارك القتالية، لتأثيره على وعي الناس مباشرة بما يروجه، كما يمكن للإعلام أن يخترق الحواجز ويصل إلى العقول والقلوب، إن الإعلام الثوري صوت الحراك وضجيجه، لهذا يجب على الإعلاميين نقل الحقائق في الوقت المناسب للنخب والمجتمع الدولي، وللشعب السوري بدرجة أولى، ولعل أهمية الاعلام في الحالة السورية رغم التحديات، كونه قد أدى دورًا نبيلًا في نقل أحداث الثورة السورية وتوثيق جرائم النظام السوري.
الإعلام المعاصر الحديث:
الإعلام المعاصر هو الشكل الجديد للإعلام المعتمد على وسيط واحد هو الإنترنت والوسائل الرقمية والتكنولوجيا الحديثة في نقل المادة الإعلامية والتواصل مع الجمهور، بدلاً من الاعتماد على الورق والأقمار الصناعية المعتمدة في الإعلام التقليدي، ويتضمن الإعلام الرقمي مجموعة من الخصائص منها:
- التفاعلية، حيث يمكن للمتلقي التفاعل والتعبير عن رأيه.
- اللازمانية حيث لا تُقيِّد وسائل الإعلام الرقمي المُتلقي بأوقات معيَّنة.
- المرونة من خلال الوصول إلى المستخدم عبر العديد من الوسائل مثل الحاسوب والهواتف الذكية.
- اللامكانية والعالمية متجاوزاً كل قيود الزمان والمكان.
- تعدد الوسائط باستخدام الصوت والصورة والنص والرسوم البيانية ثنائية وثلاثية الأبعاد.
- التركيز من قِبل المتلقي كونه يختار المحتوى الذي يشاهده بنفسه.
- الأرشفة والتخزين لاسترجاعها لمشاهدتها في وقت لاحق.
ولعل من الأمثلة على محتوى الإعلام الرقمي: الكتب الإلكترونية، المقالات والتدوينات، مقاطع الفيديو على مواقع مثل يوتيوب، والصور والرسوم التوضيحية.
الاعلام المُستقل:
في العديد من الدول المتقدمة، تتمثل وسائل الإعلام المتوفرة في محطات الإذاعة والتلفزيون والصحف المملوكة للحكومة، حتى لو لم تكن الدولة تسيطر على تلك الوسائل بشكل علني، فقد تكون لتلك الوسائل علاقات قوية مع الحكومة أو تفرض الحكومة نفوذها عليها، وفي هذه الحالات، غالبًا ما يصعب التمييز بين الوسائل المُستقلة بالفعل عن تلك الوسائل التي تؤثر عليها الحكومة، فعلى سبيل المثال، قد يكون هناك صحف مملوكة للقطاع الخاص تتبنى مواقف محددة تتناول قضايا معينة بشكل متحيز، وفي نفس الوقت، يمكن أن تكون هناك صحف مملوكة للحكومة تنشر أخبارًا محددة تخدم مصالح الحكومة.
من ناحية أخرى، يُعتبر الإعلام البديل مصطلحًا يشير إلى وسائل الإعلام التي تمثل بدائل للإعلام التجاري أو المملوك للحكومة. يَذكر مؤيدو الإعلام البديل أن وسائل الإعلام السائدة تتميز بالانحياز، وفي حين يمكننا وصف مصادر الإعلام البديل بالانحياز أيضًا، يتجه التحيز لأن يصبح مختلفًا بدرجة كبيرة عن وسائل الإعلام السائدة، ومن ثَم “البديلة”.
وعلى هذا النحو، تتجه صحافة الرأي لأن تصبح أحد مكونات العديد من الوسائل البديلة!
ونظرًا لأن مصطلح “بديل” يحمل في طياته دلالات على التهميش الذاتي، تفضل بعض وسائل الإعلام الآن استخدام مصطلح “مستقل” عن مصطلح “بديل” دلالة على عدم التبعية لحكومة أو فئة نافذة.
وفي السياق العربي، يُعتبر النقاش حول استقلالية وموضوعية وسائل الإعلام موضوعًا مهمًا، إذ يُفضَّل أن تكون وسائل الإعلام مستقلة عن التدخلات الحكومية أو الضغوط السياسية أو المصالح المالية، ومع ذلك، يجب أن يكون الإعلام أيضًا موضوعيًا ويسعى لتقديم الرواية ولو انحاز لها بشكل موضوعي، الأمر الذي قد يكون مع الاعلام التقليدي أكثر موضوعية منه من الاعلام المعاصر والبديل.
التعددية الاعلامية:
يُعد تعدد القنوات الإعلامية من الجوانب المهمة في عالم الإعلام، فهي تحمل مجموعة من الفوائد والإيجابيات التي تؤثر على الجمهور والمجتمع بشكل عام، ومن ذلك:
- توفير معلومات متنوعة، حيث تُعد القنوات المتعددة مصدرًا للمعلومات المتنوعة والمتعددة الأبعاد، كما يمكن للجمهور الاختيار من بين مجموعة متنوعة من البرامج والمحتوى المناسب لاهتماماتهم.
- تسهيل الوصول إلى المعلومات بفضل تعدد القنوات، لهذا يمكن للجمهور الوصول بسهولة إلى المعلومات والأخبار من مصادر متعددة، سواء كان ذلك عبر التلفزيون، الإذاعة، الصحف، أو الإعلام الرقمي.
- تغطية شاملة تساهم بها القنوات المتعددة من خلال توفير تغطية شاملة للأخبار والأحداث بحسب انحيازات متنوعة يكون جمع صورها مكوناً لصورة أوضح.
- تنوع البرامج والمحتوى مما يلبي احتياجات مختلف الفئات العمرية والاهتمامات.
- تعزيز الحرية الإعلامية حيث يمكن للصحفيين والمحتوى الإعلامي أن ينقلوا الأخبار والقضايا بشكل تنافسي يكون أكثر موضوعية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون لتعدد القنوات الإعلامية بعض السلبيات، مثل تشتت الانتباه والتأثيرات السلبية للإعلانات، ومع ذلك، يظل تعدد القنوات فعالًا في تلبية احتياجات الجمهور وتوفير معلومات متنوعة وموثوقة.
أهمية الإعلام التقليدي:
يظل الإعلام التقليدي محتفظاً بمكانته الخاصة، حيث يستمد الأخبار من مصادر موثوقة بالحد الأدنى لشروط الخبر والرواية، رغم ما يواجهه من تحديات من التكنولوجيا وتغير سلوك الجمهور، إلا أن مزايا الإعلام التقليدي تتمثل بالمصداقية حيث يعتبر الإعلام التقليدي مصدرًا موثوقًا للاستدلال به، إضافة إلى الأثر الطويل للرسالة والتي تبقى في أذهان الناس لفترة أطول.
على الرغم من وجود عيوب للإعلام التقليدي مثل أحادية الاتصال والتي يفتقر فيها إلى التفاعلية بين المرسل والمتلقي، إضافة لتوصيل أقل للمعلومات المنقولة مقارنة بوسائل الإعلام الجديد، كما أن التكلفة المرتفعة مقارنة بالوسائط الحديثة، والتي تجعله مضطرا لقبول الانحياز لمركز نفوذ محلي أو دولي، هذا كله مع الافتقار إلى الفورية في المستجدات حيث لا يمكن الاستجابة للتغيرات بشكل سريع.
وبالرغم من كل ذلك، فلا يزال الجمهور يعتمد على الإعلام التقليدي ويعتبره أكثر مصداقية من الإعلام البديل! وهنا تكمن أهميته وضرورته، كما ويمكن أن يكون له دور مهم إلى جانب الوسائط الحديثة
خاتمة:
يظهر من كل ماسبق، أن الإعلام حالة ضرورية لنقل الخبر وعدم السماح باستفراد سلطة ما، مِن جهلِ الجمهور بتصرفاتها، كما هو ضروري لإيصال صوت الواقع كما هو.
كما يظهر أن الاعلام سواء كان تقليدياً أو بديلاً حديثاً فإنه يصعب أن يتخلص من الانحياز، لهذا كان الحل للاستفادة الايجابية من الإعلام وليس محاربة الانحياز الذي يبدو أنه مستحيل، بل أن يكون متعدداً متنوعاً بحيث يسمح لايصال الخبر بعدة قراءات، مما يسمح للجمهور أن يوازن بينها ويختار.
لهذا فإننا في المكتب الإعلامي لـِ تيار المستقبل السوري، نوصي حسب رؤيتنا ومنهجنا تيار بما يلي:
- حماية الحريات الإعلامية، وأن يكون التنظيم لقطاع الإعلام موجهًا نحو حماية حرية الصحافة وحرية التعبير كي يكون متنوعاً ومتعدداً بالدرجة الأولى، كما ويجب أن يكون هناك توازن بين حق الجمهور في الحصول على المعلومات، وحق الصحفيين في نقل الأخبار بحرية.
- التنظيم الأخلاقي عبر تحديد معايير أخلاقية للإعلام، كعدم نشر المعلومات الكاذبة أو التشهير بالأفراد.
- التنوع والتوازن والذي يلبي وحده احتياجات مختلف الجماهير.
- مكافحة التحريف والتضليل عبر آليات مبتكرة لمكافحة نشر المعلومات المضللة أو الكاذبة، ويمكن أن يكون ذلك من خلال تطبيق قوانين تجرم النشر الكاذب، والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة بذلك.
- تشجيع المنافسة بين وسائل الإعلام، وتشجيع الابتكار في هذا المجال.
أخيراً، يجب أن يكون التنظيم متوازنًا بين حماية حقوق الجمهور وحرية الصحافة والمساهمة في تطوير المجتمع.
ابراهيم مصطفى
المكتب الإعلامي
قسم البحوث والدراسات
مقالات
تيار المستقبل السوري