يتابع تيار المستقبل السوري بقلق واهتمام التعميم الصادر عن وزارة العدل في الجمهورية العربية السورية بتاريخ 15 كانون الأول 2025، الداعي إلى تسليم الوثائق والملفات المتعلقة بالمعتقلين والمفقودين التي حصل عليها بعض المواطنين بعد التحرير، مع التحذير الشديد من نشرها أو تداولها، معتبراً ذلك جريمة تمس أمن الدولة.
يُقدر تيار المستقبل السوري الجهود الرامية إلى حفظ سلامة الأدلة اللازمة لكشف مصير عشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين، ومحاسبة الجناة في عهد النظام السابق. فهذه الوثائق تمثل أملاً لعائلات الضحايا في معرفة الحقيقة، وأساساً لأي مسار عدالة انتقالية يسعى إلى جبر الضرر ومنع تكرار الانتهاكات.
يعبر تيار المستقبل السوري عن مخاوفه من أن يؤدي هذا التعميم، بصيغته الحالية، إلى تعزيز الشكوك حول جدية بناء عدالة انتقالية شفافة وشاملة، خاصة في ظل غياب آليات واضحة لمشاركة المجتمع المدني، روابط الضحايا، والخبراء المستقلين في عملية التوثيق والتحقيق. كما نرى أن التركيز على الجانب الأمني والعقابي دون ضمانات كافية للشفافية قد يُفسر كمحاولة لاحتكار المعلومات، مما يعيق الثقة الوطنية الضرورية في هذه المرحلة الانتقالية الحساسة.
يؤكد تيار المستقبل السوري أنه في مرحلة التعافي المبكر التي تمر بها سورية، يجب أن تكون العدالة الانتقالية ركيزة أساسية لبناء الدولة المدنية التعددية، القائمة على سيادة القانون والمصالحة الحقيقية. وهذا يتطلب:
- إشراك فوري وعاجل للهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، روابط عائلات الضحايا، المنظمات الحقوقية المستقلة، والخبراء الدوليين في جميع مراحل جمع الوثائق ومعالجتها، لضمان المهنية والحيادية.
- نشر خطة زمنية واضحة وشفافة لكشف الحقائق، مع التزام بإبلاغ العائلات بمصير أحبائهم دون تأخير، واحترام كرامتهم في التعامل مع أي مواد حساسة.
- تجنب أي استخدام للقوانين الحالية بطريقة قد تُرى كقمع للحريات أو ابتزاز، مع التركيز على بناء إطار قانوني جديد يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
- الاستفادة من الشراكات الدولية، مع الحفاظ على السيادة الوطنية، لدعم عملية توثيق مستقلة تضمن عدم فقدان أو تلف أي دليل.
إن تيار المستقبل السوري، انطلاقاً من رؤيته الوطنية الجامعة، يجدد دعوته إلى حوار وطني شامل يضم جميع المكونات السورية، لصياغة مسار عدالة انتقالية يعيد الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة، ويحول تضحيات السوريين إلى أساس لسورية حرة موحدة مستقلة مزدهرة، كما ونُحذر من أن أي تأخير أو إقصاء في هذا الملف سيؤجج التوترات ويعيق التعافي الوطني، وندعو الجهات الرسمية إلى الاستجابة السريعة لهذه المخاوف المشروعة خدمة لمصلحة الشعب السوري العليا.