في هذا اليوم المبارك، الخميس 12 ربيع الأول 1447 هـ، الموافق 4 أيلول 2025 م، تتفتح ذاكرة الأمة على لحظةٍ فارقة في التاريخ الإنساني، إنها ميلاد النبي محمد ﷺ، الذي لم يكن مجرد ولادة جسد، بل انبثاق رسالة، وانبعاث معنى، وولادة مشروعٍ أخلاقيٍّ كونيٍّ غيّر وجه العالم.
وفي زمنٍ تتكاثف فيه الأسئلة الوجودية في سورية، وتتشابك فيه تحديات الهوية والعدالة والكرامة، نستلهم من هذه الذكرى مقاصد الشريعة الإسلامية التي جاءت لتحفظ الإنسان لا لتقيده، ولترتقي بالوعي لا لتغلقه، ولتؤسس للرحمة لا للغلبة.
قال الله تعالى:
"وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين" (الأنبياء: 107)
فكانت رسالته ﷺ تجسيدًا للرحمة كمنهج حياة، لا كشعور عابر.
وقال تعالى:
"لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنة" (الأحزاب: 21)
فهو النموذج الذي نستلهم منه اليوم كيف نبني وطنًا لا يُقصي، ومجتمعًا لا يُكفّر، وإنسانًا لا يُهان.
إننا في تيار المستقبل السوري نرى في هذه الذكرى المباركة المتكررة فرصةً لإعادة بناء المشروع الوطني على أسسٍ مقاصدية تجمع بين:
- الحرية كحقٍ شرعي وأخلاقي
- العدالة كأصلٍ من أصول الدين والدولة
- الكرامة الإنسانية كغايةٍ لا تُساوَم
- الوطنية المتسامحة كجسرٍ بين المختلفين لا سيفٍ على رقابهم
يؤمن تيار المستقبل السوري أن الاحتفال الحقيقي بالمولد النبوي لا يكون بالمديح وحده، بل بإحياء روحه في السياسات، وفي الخطاب العام، وفي التربية، وفي العدالة الاجتماعية، كما نؤمن أن سورية اليوم بحاجة إلى ميلادٍ جديد، يستلهم من مولد النبي ﷺ قيمًا تتجاوز الطقوس، وتؤسس لنهضةٍ إنسانيةٍ شاملة.
إننا في هذا اليوم المبارك نرفع رؤوسنا لا لنحتفل فقط، بل لنتعهد ونعاهد:
- أن نكون أمناء على رسالة الرحمة.
- أن نكون بناةً لوطنٍ يليق بتضحيات أبنائه.
- أن نكون حراسًا للكرامة، لا أدواتٍ للهيمنة.
كل عام وسورية أقرب إلى جوهر رسالتها،
كل عام وشعبها أكثر قدرة على صناعة المعنى،
كل عام ونحن نعيد بناء الإنسان قبل البنيان.
صلوات الله وسلامه على الرحمة المهداة ومعلم الناس الخير نبي الإسلام ومنبع السلام محمد بن عبدالله.
