تنظيم وكالات الشركات الأجنبية في سورية

يُرحب تيار المستقبل السوري بالقرار الوزاري الصادر عن وزير الاقتصاد والصناعة، محمد نضال الشعار، بتاريخ 10 سبتمبر 2025، والذي ينقل إدارة فروع ووكالات الشركات الأجنبية إلى مديرية الشركات التابعة للإدارة العامة للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، حيث نرى أن هذا القرار يُمثل خطوة إدارية هامة تهدف إلى تبسيط الإجراءات، وتوحيد المرجعية الإدارية، وتعزيز بيئة الأعمال في سورية، في وقت يواجه فيه الاقتصاد الوطني تحديات هيكلية عميقة عقب عقد من الصراع وانكماش اقتصادي تجاوز 80% منذ عام 2011.

يرى تيار المستقبل السوري أن هذا القرار يأتي في مرحلة انتقالية حرجة، حيث تسعى سورية لاستعادة مكانتها في الاقتصاد الإقليمي والعالمي، كما أن نقل إدارة الوكالات الأجنبية إلى جهة مركزية يعزز الشفافية ويقلل التداخل البيروقراطي، مما يُسهم في بناء ثقة المستثمرين الأجانب، وهو أمر حيوي لجذب استثمارات تقدّر بحوالي 400 مليار دولار ضرورية لإعادة الإعمار، كما نرى أن القرار يعكس التزام الحكومة الانتقالية بتطوير إطار تنظيمي يدعم المنافسة العادلة، ويحمي المستهلك، ويفتح المجال أمام القطاعات الاستراتيجية كالصناعة، والزراعة، والطاقة لاستقطاب رؤوس الأموال الخليجية والأوروبية.

يدعو تيار المستقبل السوري لمعالجة مايواجه القرار من تحديات بشكل عاجل لضمان نجاحه، وأهم هذه التحديات كما نراها:

  1. ضعف البنية الإدارية، فقد يؤدي النقل الإداري إلى ارتباك مؤقت في حال عدم تدريب الموظفين أو تحديث الأنظمة التقنية.
  2. غياب إطار قانوني شامل، إذ لا يزال نقص قوانين الملكية الفكرية والحماية من المخاطر السياسية عائقاً أمام جذب استثمارات كبيرة.
  3. التفاوت الاقتصادي، فقد يؤدي تفضيل الشركات الأجنبية على المحلية إلى تفاقم التفاوت الاجتماعي، خاصة في مناطق مثل ريف دمشق التي تعاني من بطالة مرتفعة.
  4. العقوبات الدولية، أو بقايا العقوبات وانعدام الاستقرار الإقليمي قد يحد من ثقة المستثمرين.

يؤكد تيار المستقبل السوري دعمه لهذا القرار كخطوة أولية نحو تحسين بيئة الاستثمار، لكنه يشدد على ضرورة استكماله بإصلاحات شاملة تضمن استدامة التنمية الاقتصادية، كما نرى في هذا القرار فرصة لدمج سورية في الاقتصاد العالمي، شريطة معالجة التحديات المذكورة وبناء إطار قانوني وتنظيمي قوي، هذا ونحذر من أي توجهات قد تؤدي إلى هيمنة أجنبية على حساب الشركات المحلية، مما يتطلب توازناً دقيقاً بين تشجيع الاستثمار الأجنبي ودعم رواد الأعمال السوريين.

يقترح تيار المستقبل السوري لمواجهة التحديات وتحقيق أقصى استفادة من هذا القرار الأفكار التالية:

  1. إنشاء منصة رقمية موحدة، عبر تطوير منصة إلكترونية مركزية لتسجيل ومتابعة الوكالات الأجنبية، تتيح تتبع الإجراءات بسهولة وشفافية، مع توفير دليل إرشادي متعدد اللغات للمستثمرين.
  2. إطلاق صندوق استثماري بتمويل مشترك بين الحكومة والقطاع الخاص لدعم الشراكات بين الشركات الأجنبية والمحلية، مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية مثل الطاقة المتجددة والزراعة.
  3. تخصيص برامج تدريبية لموظفي مديرية الشركات الجديدة، بالتعاون مع منظمات دولية مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لتعزيز الكفاءة الإدارية.
  4. تقديم إعفاءات ضريبية مؤقتة للشركات المحلية التي تتعاون مع وكالات أجنبية، لضمان المنافسة العادلة وخلق فرص عمل.
  5. تنظيم ورش عمل في المدن الرئيسية مثل دمشق وحلب لتثقيف رواد الأعمال حول فوائد الشراكات الأجنبية، مع التركيز على تجنب التوترات الاجتماعية.
  6. تأسيس مركز مستقل لتسوية النزاعات بين الشركات الأجنبية والمحلية، مما يعزز الثقة ويقلل المخاطر القانونية.

يؤمن تيار المستقبل السوري بأن القرار الوزاري بتنظيم وكالات الشركات الأجنبية يحمل إمكانيات كبيرة لتحفيز الاقتصاد السوري، لكنه يتطلب بيئة داعمة تتضمن إصلاحات قانونية، وبنية تحتية متطورة، ومشاركة مجتمعية، ونرى أنه من خلال تبني الاقتراحات السابقة يمكن تحويل هذا القرار إلى رافعة للتنمية المستدامة، تضمن التوازن بين استقطاب الاستثمار الأجنبي وتعزيز الاقتصاد المحلي، ولهذا فإننا ندعو الحكومة الانتقالية إلى التعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان تنفيذ فعال يُسهم في بناء سورية المستقبل كدولة مزدهرة اقتصادياً وعادلة اجتماعياً.

شاركها على:

اقرأ أيضا

إعادة تكوين الإنسان العربي: من التهميش إلى الولادة الجديدة

التحديات التي تواجه الإنسان العربي وكيف يمكن إعادة تكوينه من التهميش إلى التحول الإيجابي.

4 ديسمبر 2025

أنس قاسم المرفوع

واقع تجارة المخدرات وتعاطيها في سورية في مرحلتي ما قبل وبعد سقوط نظام الأسد

واقع تجارة المخدرات وتعاطيها في سورية قبل وبعد سقوط نظام الأسد وتأثيرها على الاقتصاد والمجتمع.

4 ديسمبر 2025

إدارة الموقع