منذ إعلان الهوية البصرية الجديدة في 3 تموز 2025م، غاب علم الاستقلال – علم الثورة السورية – عن المشهد الرسمي، ولم يبقَ له حضور سوى في الساريات البروتوكولية للصور الرسمية.
لقد اختُزلت الهوية الوطنية في "العُقاب الجديد"، بينما تراجع رمز الثورة عن الظهور في أوراق القرارات والدعوات والمنشورات وحتى في بعض واجهات الوزارات والبلديات، وسرعان ما حذت حذوها جلّ منظمات المجتمع المدني فباتت تصمّم شعاراتها على صورة العقاب وبغياب العلم الوطني.
بل إن العقاب بات يُعلَّق على الصدور في الطقم الرسمي الذي يرتديه كبار المسؤولين، في مشهد يرسّخ تغييب علم الثورة السورية، وكأن البلاد بلا علم.
قد يقال إن السلطة الجديدة أرادت إبراز شرعية التحرير ورموزها الخاصة، لكن المرجعية الوطنية الأولى التي قامت عليها الدولة هي شرعية الثورة وحاملها الشعبي، الذي جسّده علم الاستقلال.
إن هذا العلم ليس مجرد قطعة قماش، بل هو ذاكرة شعب ورمز ثورة ومعارك استقلال، حمله الملايين على مدار أربعة عشر عامًا، والتفّ حوله الشهداء، ودُفنوا ملفوفين به، كما كان قبلهم رايةً لمعارك التحرير ضد الاستعمار الفرنسي.
إنه الرمز الوحيد القادر على نزع شرعية النظام وفلوله، وجامعُ المشروع الوطني الأوحد الذي تبنّته أجيال الثورة والتحرير.
إن تغييب العلم عن المشهد العام ليس تفصيلاً عابرًا، بل هو مسٌّ بالشرعية الشعبية والوطنية، فالدولة التي وُلدت من رحم الثورة لا يجوز أن تتنكر لرمزها الأول.
فليرتفع شعار الدولة الجديد، وليُكرَّم في مقامه، لكن قبل كل شيء وبعده، يجب أن يُرفع علم الثورة السورية، رمز الشرعية الوطنية الجامعة، وعنوان الثورة التي صنعت ميلاد سورية الجديدة.