تيار المستقبل السوري والدولة المدنية
مرّت العلاقة التاريخيةُ بين السّلطة والشّعب بمراحلَ متعددة، إلى أن دبّ الشقاق بين الملكيّة والكنيسة من جهة، والشعب الغربيِّ من جهةٍ ثانية، لينتهي المطاف إلى ترسيخ مفهوم الدولة المدنية، وهو مصطلح جديدٌ له تأويلاتٌ كثيرة، فتجد من يقبله، ومن يرفضه أيضاً، بحجة أنّ “العلمانية” ما هي إلا الصّفة الحقيقيّة للدولة، وليس المدنية!
فالقائلون به، يعتبرون أن الدولة المدنية هي تلك التي لا سلطة للعسكر عليها، ومنهم من يرى أنها الدولة اللادينية، وغير ذلك.
إلا أن الجميع متفقٌ على أنّ “الدولة المدنية” هي تلك التي لا وصايةَ قهريةً عليها من قِبَل أيِّ مجموعةٍ سلطويّة، سواء عسكريّة أو دينيّة أو حتى قومية!
فالدّولة تعني ثلاثيةً هي:
١- السُّلطة، بأنواعها الأربع: “تنفيذيّة وتشريعيّة وقضائيّة وإعلاميّة”
٢- الشّعب، بمعنى كلّ من أقام على أرضها بحدودها الجغرافية المتّفق عليها دولياً، دونما تمييز، فلا تكون ملكاً أو حكراً لأيّ فئةٍ، سواءً بشكلٍ مباشرٍ من خلال إدعاء حقّ التملك، أو غير مباشرٍ بالادعاء نقيض الواقع!
من هنا، فإنّ تيار المستقبل السوري يقصد لإقامة الدّولة السوريّة المدنيّة العصريّة، آخذاً بعين الاعتبار موقعها الجغرافيّ وتاريخها الحضاريّ وتراثها الديني، فلا نُنكر ولا نَستبعد الأديان السماوية، ولا نتجاوز جملة القيم الإنسانية، سواءٌ في إطار اختيار رأس الهرم في السلطة، أو نواب الشعب، ضمن إطار الثوابت الوطنية، والخطط الاستراتيجية.
تيار المستقبل السوري يدعم بناء الدولة المدنية على اعتبارها هيكلاً تنظيمياً لتدبير شؤون مواطنيها، وحمايتهم من الفوضى.
تيار المستقبل السوري يرفض وجود الدولة التسلطيّة ويحاربها، وكذا الفكر السياسيَّ الإطلاقي تنظيراً وممارسةً.
تيار المستقبل السوري يرى ضرورة الاتفاق على روح الدولة المدنية، القائم على احترام خصوصية تجربتنا السورية، وتركيبة شعبنا، وثقافته.
تيار المستقبل السوري ينادي بالدولة المدنية التي تسمو بها الإرادة الشعبية لتكون السيد في الحُكم والإدارة والتصريف.
تيار المستقبل السوري يؤمن أن الدولة المدنية تقوم على الشرعية الدستورية، من خلال العقد الاختياري بين الشعب والسلطة لتنظيم شؤون حياة عامة الشعب.
تيار المستقبل السوري يؤمن أن الدولة المدنية الصحيّة هي التي تقوم على الشرعية السياسية، من خلال التفويض الشعبي للسلطات الأربع لتقوم بوظيفتها على أكمل وجه، دونما توجيهِ مُستبد، أو إملاءِ مستفيد.
تيار المستقبل السوري يرى أن الدولة المدنية تقوم على سلطة الشعب الحقيقية، والذي يتولّد منه وعنه تخليق باقي السلطات، ثم تنمية دورها الإيجابي البنّاء في المجتمع.
تيار المستقبل السوري يؤمن أن قيام الدولة المدنية لا يكون بغير سيادة الإرادة الشعبية، ممثَّلة بـ “القانون”، ليشمل الجميع، فيُحكَم به الجميع، ليخدم المجتمع كلّه، لا فئةً محدودةً وحسب.
تيار المستقبل السوري يرى أنّ الدولة المدنية دولةٌ تعاقدية، وبذلك يتوجب عليها ضمان حقوق شعبها، ومن يعيش على أرضها.