سورية.. واليوم الدولي للاخفاء القسري
الإخفاء القسري هو انتهاكٌ خطيرٌ لحقوق الإنسان، يتمثّل في احتجاز شخصٍ أو اختطافه من قِبَل دولةٍ أو منظمةٍ أو فردٍ بمعرفة الدّولة نفسِها أو موافقتها أو تواطؤها، ودون الكشف عن مصيره أو مكان احتجازه، ممّا يحرمه من حماية القانون.
يعد الإخفاء القسريّ جريمةً ضدَّ الإنسانيّة ويشكّل خطراً على حياة وسلامة وحريّة المخفيّين وأسرهم.
اعتمدت الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة يوم 30 آب/أغسطس يوماً دولياً لضحايا الإخفاء القسريّ، بهدف تذكير العالم بالآثار المأساويّة لهذه الممارسةِ والضّغط على الدّول لاتخاذ تدابير فعّالة لمنعها وإنهائها ومحاسبة المسؤولين عنها.
كما تهدف هذه المناسبة إلى دعم حقوق وكرامة المخفيّين وأُسَرِهم والدّفاع عن قضيّتهم.
ووفقاً للأمم المتّحدة، فإنّ هناك آلاف الحالات المسجّلة من الإخفاء القسريّ في جميع أنحاء العالم، في مختلف الظّروف والسّياقات، مثل الصّراعات المسلّحة والأزمات الإنسانيّة والأوضاع التي تشهد انتهاكاتٍ جسيمةً لحقوق الإنسان.
كما أنّ هناك حالاتٍ كثيرةً مجهولةً أو غير مبلَّغٍ عنها، نظراً للصّعوبات التي تواجه ضحايا الإخفاء القسريّ وذويهم في التّبليغ عن حالاتهم والحصول على المعلومات اللازمة.
ووفقاً للأمم المتّحدة، فإنّ هناك حالياً 72 دولةً طرفاً في هذه الاتفاقية، وهو ما يشكّل حوالي 37% من عدد الدّول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وهذا يعني أنّ هناك 121 دولةً لم تصادق بعد على هذه الاتفاقية! وبالتالي لا تلتزم بالالتزامات والضّوابط التي تضعها.
ومن بين الدّول التي لم تصادق على الاتفاقية، هناك بعض الدول التي تشهد حالات اختفاء قسريٍّ مستمرةٍ أو متكررة، مثل سورية والعراق والصين وروسيا.
الاختفاء القسري في سورية:
يعاني آلاف السورييّن من هذه المشكلة منذ اندلاع الثّورة في سورية عام 2011، حيث تعرّضوا للاختفاء القسريّ على يد النّظام السوريِّ أو جماعات المعارضة المسلَّحة وقسد والتّنظيمات الإرهابيّة.
ولا يزال مصير ومكان وجود معظم هؤلاء المختفين مجهولاً حتى الآن، مما يثير قلق وألم ذويهم ويخلق حالةً من عدم الثقة والصّراع في المجتمع.
ويمكن ذكر تجربة مركز توثيق الانتهاكات في سورية (VDC)، وهو منظمة غير حكومية تأسست عام 2011 بهدف رصد وتوثيقِ انتهاكات حقوق الإنسان في سورية من جميع الأطراف.
يعمل المركز على جمع وتحليل ونشر المعلومات عن ضحايا الانتهاكات، بما في ذلك المختفين قسرياً.
ما هو المطلوب من المجتمع الدولي لمحاربة ظاهرة الاختفاء القسري في سورية:
- ممارسة الضّغط السياسيّ والدبلوماسيّ على النظام السوري باعتباره المسؤول الأول المباشر عن أعداد المختفين قسرياً لديه، والكشف عن مصيرهم ومكان احتجازهم والإفراج عنهم، أو تسليم جثثهم إلى ذويهم، والتعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، والالتزام بالاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
- تقديم الدعم المادي والتقني والقانوني للمنظمات المدنيّة والعائلات التي تعمل على توثيق ورصد حالات الاختفاء القسري والدفاع عن حقوق المختفين وذويهم، وتعزيز قدراتهم في جمع وحفظ وتحليل المعلومات والأدلة.
- توفير المساعدة الإنسانية والنفسية والصحية للضحايا وذويهم، وتخفيف المعاناة التي يواجهونها بسبب فقدان أحبائهم أو عدم معرفة مصيرهم، وتحسين ظروف حياتهم.
- دعم المبادرات التي تهدف إلى تعزيز ثقافة حقوق الإنسان والسلام في المجتمع السوري، وتشجيع التضامن والحوار بين مختلف الجهات المتضررة من الاختفاء القسري، وتحقيق المصالحة الوطنية.
بعض الآليات التي يستخدمها المجتمع المدني للضغط على الحكومات بشأن قضية الإخفاء القسري:
- تقديم البلاغات والشكاوى إلى المنظمات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، مثل الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، أو اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري، أو المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أو المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، أو المفوضية الدولية للمفقودين.
- تنظيم حملات التوعية والتضامن والتعبئة والمناصرة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، لزيادة الانتباه إلى مشكلة الاختفاء القسري وتأثيرها على حقوق الإنسان والديمقراطية والسلام، وللمطالبة بإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة وفعالة ومحاسبة المسؤولين وتعويض الضحايا.
- تشكيل شبكات وتحالفات مع منظمات المجتمع المدني الأخرى التي تعمل على قضايا متعلقة بالاختفاء القسري أو ضحاياه، سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي، لتبادل المعلومات والخبرات والأدوات والموارد، ولتعزيز التنسيق والتعاون والدعم المتبادل.
- تطوير قدراتهم في جمع وحفظ وتحليل المعلومات والأدلة عن حالات الاختفاء القسري، باستخدام التكنولوجيا والابتكار، وبالاستفادة من التدريبات والورش التي تقدمها بعض المنظمات المتخصصة.
ومن هنا فإننا في تيار المستقبل السوري، نؤكد على ضرورة أن نستغل هذه المناسبة لزيادة الوعي بخطورة هذه المشكلة، والتّضامن مع ضحاياها وأسرهم.
تيار المستقبل السوري يطالب بإلغاء جميع أشكال الإخفاء القسري، وضمان حق المخفيين حتى معرفة مصيرهم، وصون حق ذويهم في معرفة حقيقة ما حدث لهم.
تيار المستقبل السوري يدعو إلى تطبيق المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة لتحديد مصير المخفيين قسرياً، وأماكان احتجازهم والمعايير الدولية الأخرى ذات الصلة.
تيار المستقبل السوري يشدد على أن الإخفاء القسري ليس مجرد انتهاك لحقوق الإنسان الفرد، بل هو أيضاً انتهاكٌ للإنسانية نفسها.