المكتب العلميدراساتقسم البحوث و الدراساتكاتبوا التيارمكتب شؤون الأسرةوهيبة المصري

حول (التنمر) والطفولة

التنمّر عبارة عن سلوك عدواني مُتكرّر يهدف للإضرار بشخص آخر بشكلٍ مُتعمّد، يمكن أن يكون هذا العدوان جسديًا أو نفسيًا، ويتميّز التنمّر بتصرّف فردي يهدف لاكتساب السلطة على حساب شخص آخر، كما يشمل التصرّفات التي تعد تنمّرًا الإساءات اللفظية، الاستبعاد من النشاطات، والإساءة الجسدية، هذه الظاهرة تحدث في مختلف المجتمعات والبيئات، ولها آثار خطيرة على الضحية والمتنمّر على حد سواء.


يمكن أن يتخذ التنمر عدة أشكال، منها:

  1. التنمر اللفظي: والذي يشمل المضايقة، والشتائم، والتعليقات الجنسية، والتهكم غير اللائق.
  2. التنمر الاجتماعي: حيث يحدث عندما يحاول شخص ما الإضرار بسمعة شخص آخر عمدًا، ويشمل نشر الشائعات واستبعاد الآخرين.
  3. التنمر الجسدي: مثل الضرب، ومحاولة الإسقاط أرضًا، وسرقة الممتلكات، والاعتداء الجنسي.
  4. التنمر الإلكتروني: حيث يستخدم المتنمرون وسائل التواصل الاجتماعي لاستهداف ضحاياهم.

أسباب التنمر:
يعد التنمر من الظواهر المجتمعية المنتشرة بشكل كبير بكل أسف، ولفهمه والحد منه، يجب أن نتناول أهم الأسباب التي يقوم بها المتنمرون بحسب آخر الدراسات السيكولوجية والاجتماعية:

  1. إظهار القوة للظهور أو للفت الانتباه.
  2. الغيرة والحسد تجاه الآخرين.
  3. الضغط النفسي والاجتماعي الذي يعاني منها المتنمرون.
  4. التربية والبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الشخص.
    وغير ذلك من الأسباب مثل التأثير النمطي والتأثيرات الدينية والتربوية المختلفة.

التنمر على الأطفال:
التنمر على الأطفال هو سلوك عدواني، يقوم به طفل أو مجموعة من الأطفال، بهدف إيذاء طفل آخر جسديًا وعاطفيًا، يمكن تصنيف أسباب التنمر على الأطفال لأسباب متعددة أيضا، مثل محاولة الطفل المتنمر تعويض نقص الاهتمام من قبل الآباء من خلال جذب انتباه الآخرين، ويمكن أن يكون الطفل المتنمر نتيجة للتنمر الذي يتعرض له من قبل أقرانه أو أخوته، أو بسبب بطبيعته حيث يحب السيطرة على الآخرين، أو يمكن أن يكون تصرف الطفل المتنمر نتيجة للتربية السلبية وقلة الاحترام والعطف.
كما هناك عدة عوامل تزيد من احتمالية استخدام الأطفال للتنمر، فالأطفال الذين تعرضوا للتنمر من قبل يكونون أكثر عرضة للتنمر مرة أخرى، ككا يمكن أن يكون الطفل يتنمر للانضمام إلى مجموعة معينة أو للحصول على الشعبية، أو أن الطفل يتنمر لتجنب التعرض للتنمر أو للحصول على القبول من قبل الآخرين.

آثار نفسية:
هناك سلبيات كثيرة للتنمر على الأطفال، لعل أهمها شعور الطفل المتنمر عليه بعدم القيمة حيث يعتقد أنه يستحق المعاملة السيئة، كما يعاني الطفل المتنمر عليه من مشاعر حزن شديد، قلق مستمر، وخوف من مواجهة الآخرين مما يدخله بالاكتئاب التي قد تصل للانتحار لاحقا، وقد يفضل الطفل أيضا الانسحاب من العلاقات الاجتماعية خوفًا من المزيد من التنمر، ويؤثر التنمر على تركيز الطفل وقدرته على التعلم، مما يؤدي إلى تراجع أدائه الدراسي، إضافة للمعاناة من اضطرابات في النوم والشهية، وقد يلجأ إلى العادات السلبية مثل الإفراط في تناول الطعام أو فقدان الشهية، وكما قلنا، في الحالات الشديدة، قد يفكر الطفل في الانتحار للهروب من معاناته.
ومن الآثار السلبية هي ما يعانيه الطفل من آلام جسدية مثل الصداع وآلام المعدة نتيجة للتوتر والقلق، إضافة لمشاكل صحية مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.
كما قد يصبح الطفل عدوانياً تجاه الآخرين أو نفسه كوسيلة للدفاع عن النفس، ويجد الطفل صعوبة في بناء علاقات صحية مع الآخرين، كما قد يلجأ الطفل إلى ارتكاب أفعال غير قانونية كوسيلة للانتقام أو للتعبير عن غضبه.
ومن الآثار السلبية ما يجعل تأثير التنمر يستمر على العلاقات البالغة للضحية، مما يؤثر على قدرته على بناء علاقات وثيقة مع الآخرين بتأثير كامن طول حياته، وقد يعاني الضحية من صعوبات في العمل نتيجة لانخفاض ثقته بنفسه وخوفه من الفشل.
لذلك، من الضروري مكافحة التنمر وحماية الأطفال منه، وذلك من خلال توفير بيئة آمنة لهم وتعليمهم كيفية التعامل مع المواقف الصعبة وبناء علاقات صحية.

التصدي للتنمر:
إن التصدي للتنمر لدى الأطفال يتطلب تعاونًا بين الأهل والمجتمع، خصوصا المدرسة وأماكن التعليم، عبر انتهاج عدة خطوات من أهمها بعد نشر التوعية حول خطر التنمر لدى الأهل والمجتمع:

  1. توعية الطفل أيضا بمفهوم التنمر يساعده على التعرف عليه والتصدي له، إذ يجب الحفاظ على خطوط التواصل مفتوحة مع الطفل لمناقشة تجاربه في المدرسة والمجتمع.
  2. التعرف على العلامات من خلال الانتباه للتغييرات العاطفية والسلوكية لدى الطفل، فمثلا، الانسحاب الاجتماعي والشكاوى الجسدية غير المبررة قد تكون مؤشرات على التنمر.
  3. التعامل مع المدرسة والتواصل مع المدرسين وابلاغهم عن أي حالة تنمر.
  4. التعاطف والدعم وإشعار الطفل أن الأهل والمدرسين هنا للمساعدة، إذ التواصل المفتوح والدعم العاطفي يلعبان دورًا مهمًا في حل مشكلة التنمر.
    كما هناك خطوات يمكن أن يتبعها الأهل والمدرسون للحد من التنمر في المدارس، مثل إنشاء بيئة صفية آمنة وشاملة للطلاب، تضمن سلامتهم النفسية، والتدخل عند حدوث حالات تنمر واتخاذ إجراءات مناسبة، وتعزيز التعاون والتفاهم عبر تشجيع التعاون بين الطلاب وتعزيز القيم مثل الاحترام والتسامح.
    وبخصوص توعية الأطفال بالتنمر فإنه من المهم نصحهم بعدم الخجل من التحدث عن تجاربهم مع أشخاص آخرين مقربين كالأهل والمدرسين، وأهمية استشارة محترفين في مجال الصحة النفسية للحصول على دعم نفسي وتقديم النصائح الملائمة، والبحث عن طرق للتعامل مع التنمر، مثل تطوير الثقة بالنفس وتعلم كيفية التصدي للإساءات، ومما يجدر التنويه إليه تجنب الأشخاص الذين يمارسون التنمر والبحث عن أصدقاء إيجابيين.
    بخصوص التنمر فإن علم النفس التطوري يسعى لفهم سلوك البشر من منظور تطوري، ويمكن أن يقدم بعض النصائح للتعامل مع التنمر من خلال فهم الجذور التطورية للعنف والذي يساعد فهم أن العنف كان ضروريًا في بيئة البشر المبكرة على توجيه الاهتمام نحو حلول أكثر بناءً، وعلى الرغم من أن علم النفس التطوري لا يقدم حلاً مباشرًا للتنمر، إلا أنه يمكن أن يساعد في توجيه الجهود نحو حلول أكثر فعالية.

خاتمة:
بحسب تجربتنا في سلسلة مدارس تواد التعليمية في الشمال السوري، ومشاركتنا مع أهلنا هناك، فإننا نلاحظ تكتماً شديدا على موضوع التنمر وعلاجه، خصوصا من الأهالي الذين لا يعيرون موضوع التنمر على أطفالهم أهمية! ففي احصاء قمنا به في مكتب شؤون الأسرة بالداخل السوري، اكتشفنا أن أكثر من ٤٠٪ من الأهالي يجهلون معنى التنمر، كما تجاوزت نسبة مشاركة الأطفال بالحديث لاكتشاف تعرضهم للتنمر ٨٥٪ وهي نسبة خطيرة تجعلنا نطالب بتدريس ثقافة علم النفس الحديث، وزيادة توعية السوريين بخطورة التنمر على صحة وسلامة الأطفال.

ولهذا فإننا نوصي في مكتب شؤون الأسرة في تيار المستقبل السوري بعمل دورات هادفة ومخصوصة لنشر التوعية بخصوص التنمر لدى السوريين بالداخل، وجعله أولوية تربوية، ونشير لضرورة مشاركة المدرسة ودور العبادة والاعلام بها.

وهيبة المصري
مكتب شؤون الأسرة
قسم البحوث والدراسات
دراسات
تيار المستقبل السوري

المراجع:

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى