الأسد باقٍ ويتمدد (المعادلة المركبة)
قد لا يعيش جيلنا ليومٍ يتم فيه الكشف عن مرحلة جديدة من الحروب لم يشهدها العالم بأسره وخُصَّت به منطقتنا “الشرق دمويّة”! إلا أن تتم تسريبات كَ “ويكيليكس” ولكن بنسخة جديدة ومزيدة!.
فما اغتيال قاسم سليماني، ولا الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي، وما تبعه من ترتيبات داخل بنية النظام الإيراني نفسه، والذي ساهم بما نراه من اغتيالٍ بات أقرب للفهم والإدراك طال رئيس حركة حماس اسماعيل هنية داخل القلعة الأمنية الإيرانية، وقبلها تفجير سفارة إيران بدمشق، ثم آخرها حوادث تفجير منظومة اتصال حزب الله في لبنان، من أجهزة “البيجر” ثم أجهزة “ووكي توكي”، كل ذلك يعد من إرهاصات ولادة مرحلة جديدة قد يكون الاتفاق النووي، والدور الوظيفي لإيران هو ملمحها الأبرز.
ومما لاشك منه وفيه أن بشار الأسد استطاع حتى الآن أن ينأى بنفسه عن محور الممانعة والمماتعة وكلّ تبعاته، وفهم حجمه وحجم نظامه أمام الشبح الإسرائيلي، لينحت لنفسه مكاناً في الظل عساه يكون من العابرين للمرحلة القادمة التي تشهدها المنطقة، هذه المرحلة التي شهدت -سورياً- حاملين:
الحامل الأول: قصقصة الأذرع الخارجة عن بيت الطاعة، والتي قد تُسبب عراقيل لما تتوجه إليه إيران ضمن مسار جديدٍ يُناسب المرحلة والمنطقة، وتخليق بنيةٍ أمنيةٍ جديدةٍ ربطت حبلها السريّ بما تمخض عنه اللقاء الأخير لمديري وكالة الاستخبارات البريطانية والأمريكية، وما حادثة مصياف الغامضة! وتقليم أظافر الحشد العراقي، وإخصاء حزب الله الأخير، إلا بعض صور مشهدٍ لم يكتمل بعد، لكن لا مناص منه ولا مندوحة عنه.
الحامل الثاني: تغول إيران بوجهها الجديد في سورية، حيث استطاعت أن تُزيح كل من قد يُشكل تهديداً لها، أو ثبتت تبعيته لغيرها، سواء للروس أو حتى للحرس الإيراني (القديم).
إن نجاح المرحلة الجديدة، يعكس حضور وفاعلية الخطة الأمريكية، والتي ستجعل ايران أكثر ديناميكية وتفاعلاً في ومع المنطقة، بعد دخولها بيت الطاعة الأمريكي! وسيكون الثمن مزيداً من القرابين سواء من أذرعها في اليمن أو لبنان أو العراق أو سورية! ما يجعل تنظيف البيت الإيراني الداخلي بغُرفهِ الموزعة على ما يسمى بمحور المقاومة، مصدر راحةٍ مضاعف لبشار الأسد ونظامِه، فالأسد جزءٌ من فريق الكنس والتعزيل، كما نصر الله في لبنان، ما سيمكِّنه من البقاء والتمدد من خلال ما عُرف عن أبيه من قبله من الغدر بأقرب الأقربين، كما سلّم عبد الله أوجلان يوماً، وليس ابنه بشار ببعيدٍ عنه، بل لعل ما كان يمتلكه الأسد الأب يومها مِن تَرَفٍ، يجعله في موقفِ أن يقبل أو يرفض! وهذا ما لا يملكه بشار الأسد ولا نظامه على الإطلاق حالياً.
لقد استطاع الأسد لليوم المحافظة على بقاءه وتمدده، لكنه بقاء الضعيف الذي لا حول له ولا قوة! بقاءَ أداةٍ طيّعةٍ لإسرائيل أولاً، وأمريكا ثانياً، وإيران ثالثاً، تلك هي المعادلة المُركّبة المُعقدة التي قد نكون أمامها من اليوم وصاعداُ.
د. زاهر إحسان بعدراني
مكتب الرئاسة
تصريح
المكتب السياسي
تيار المستقبل السوري