نحو مرحلةٍ جديدة – المجلس العسكري السوري – بيان الضبّاط العلويين الأحرار
- بقلم | رئيس تيار المستقبل السوري الدكتور زاهر بعدراني
المجلسُ العسكريّ السوريّ هو مشروعٌ يهدف إلى تشكيل هيئةٍ عسكريةٍ تضمُّ ضباطًا منشقّين عن النّظام السوري وضباطًا محسوبين على المؤسسة العسكرية الحاليّة، بهدف تشكيل قيادةٍ تعبر بسوريّة نحو مرحلةٍ انتقاليَّة، وتشكيل نواةٍ لإعادة هيكلة الجيش العربي السّوري برمّته، وحمايةً للسِّلم الأهليِّ والتُّراث الثَّقافيّ.
ولا يخفى على المُتابعين أنَّ من يتصدَّرُ المشهدَ لهذا المشروع هو العميدُ “مناف مصطفى طلاس”، والمنشقُّ عن المؤسّسة العسكرّية لنظام الأسد في تمّوز عام ٢٠١٢، وهو نجلُ وزير الدِّفاع السَّابق العِماد مصطفى طلاس – والذي يحظى بقبولٍ نِسبيٍّ دوليّاً وإقليميّاً وعربيّاً.
ظهرت فكرة تأسيس المجلس العسكريّ للعلن قبلَ سنواتٍ، حيثُ أجرى خلالها “طلاس” اتّصالاتٍ مع دولَ عربيّة وغربيّة، ممّا فتح له مجالَ رغبةِ روسيا بلقائه والاستماع منه، بالإضافة للقاء شخصيّاتٍ أمنيّةٍ وعسكريّة من الولايات المتحدة الأمريكيّة (خارجها) وكذلك دبلوماسيين وأمنيين أتراك، وبدا الأمر شبهَ مستحيلٍ لقبولهِ من المجتمع الدوليّ (رئيساً خَلَفاً) لـِ “بشار الأسد”، على عكس ما رُوِّجَ له يومها! إلاّ أنَّ مشروعَ تجميع الضبّاط الأحرار وتأسيسَ مجلسٍ عسكريّ بقي حتّى يومنا هذا يحظى بمدٍّ وجزرٍ دوليَّين، وبقي نجاحهُ مرتبطاً بمدى إمكانيّاته تحقيقهِ على أرض الواقع من خلال جمع الضبّاط، وخلقِ توليفةٍ مقبولةٍ بينهم (على أن تشملَ التّوليفة ضبّاطاً من كلّ الطوائف والرُّتب)، واستطاع “مناف طلاس” حتّى يومنا هذا تحقيقَ نجاحاتٍ مهمّةٍ، أولاً، بواسطةِ اسمهِ الذي لم يحترق إعلامياً كغيرهِ من الشّخصيات السوريّة المنشقّة -فهو قليل الظهور إعلامياً-، وثانياً: بدعمٍ ماليٍّ ذاتيٍّ (بدايةً) مِن عَرّابِ الفكرةِ ودينمو المشروع، أخوه رجل الاقتصاد والمال “فراس مصطفى طلاس”.
وبالفعل فقد استطاع العميد المُنشقُّ جمعَ تواقيع عشراتٍ إنْ لم نقل مئات الضبّاط وصفِّ الضبّاط في الدّاخل والخارج تمهيداً لخلقِ نواةٍ مقبولةٍ لمشروعِه “المجلس العسكريّ السوريّ”.
مرحلة جديدة:
إنَّ إعلان بيان المجلس العسكري المُصوَّر بالأمس، سواءٌ أكان من تِلال السويداء، أو من جبالِ اللاذقيّةِ المُطلَّة على مدينةِ القرداحة (كما قيل) عصر يوم الجمعة 11- 8- 2023م, ممّن سمَّوا أنفسهم “ضباطاً علوييّن أحراراً” أعلنوا فيه تأييدهم للمجلس العسكريِّ برئاسة “مناف طلاس” إنّما يُعدُّ خطوةً نحو مرحلةٍ هامّةٍ، كونه قد أتى بعد يومٍ واحدٍ من لقاءٍ مُتلفزٍ لـِ “بشار الأسد” عبر سكاي نيوز العربيّة، أكَّد من خلاله على استمراريّة الجمود السياسيّ، واستمرارهُ بعقليّة الحلِّ الأمنيِّ والقمعيِّ للشَّعب والثَّورة، إضافةً لإعلانهِ تحنيطَ المبادرة العربيّة من خلال سياق ما وردَ على لسانه.
أهميَّة بيان الضبَّاط العلوييّن الأحرار:
إنَّ بيانَ الضبّاط العلوييّن الأحرار في دعمهم لـِ “المجلس العسكريّ السوريّ” يعدُّ خطوةٌ مهمَّةٌ في التّأسيس للانتقال السياسيّ للسُّلطة في سورية، حيث سيكون لبيانهم هزّاتٌ ارتداديّةٌ سيُسمعُ صداها في قصر المهاجرين بدمشق، ناهيكم عن هزِّ ثقةِ ضبّاط النِّظام نفسهِ بقياداته، إذ أنّ البيان – وإن بدا خطوةً إعلاميّةً – إلاّ أنّه يأتي في سياق تحرُّكٌ عمليٍّ وواقعيٍّ ضمن إطار تشكيلةِ “المجلس العسكريّ السوريّ” برئاسةِ شخصٍ كان بالأمس القريبِ صديقاً مقرَّباً من الأسد على المستويين الشخصيِّ والمؤسّساتيّ.
إضافة إلى أنّ تحقيقه وجود مراكز اتصال آمنه بين ضبّاط “المجلس العسكريّ السوريّ” في الدّاخل و “مناف طلاس” في الخارج، سيشجِّع ضبّاطاً آخرين (علوييّن وغير علوييّن) على أن يحذو حذوهم، ويبادروا للانضمام إليهم عاجلاً أو آجلاً لتكوين بنيةِ ونواةِ “المجلس العسكريّ السوريّ”.
إنّ إعلانَ ضبّاط علوييّن القفزَ عن قارب النّظام السوريّ يعتبر مؤشّراً هاماً لناحية إزالة عامل الخوف المسيطِرِ على أبناء الطائفة العلويّة منذ عقود من جهة، ولدى ضبّاط طوائف الاقلّيات في سوريّة من جهةٍ أخرى، والتي أرهقها وكلّفها غالياً وقوفها مع بشار الأسد.
لا شكّ أنّ العميد مناف طلاس لا يسير اليوم وحدهُ في هذا المشروع، ولعلّ الضّوء الدّوليّ (البرتقاليّ) يُصبحُ أخضراً قريباً مع ظهور بوادر دعمٍ دوليٍّ مخفيٍّ ربّما يهيّئ المناخَ لقيام المجلس العسكريّ السوريّ بعلمياتٍ أمنيّةٍ جراحيّةٍ نوعيّة، وربّما تتبناه دولٌ من جامعة الدّول العربيّة كردٍّ عمليٍّ على تعنُّتِ النّظام السوريّ ورفضه للمبادرة العربية.
ولعلَّ وجودَ قياداتٍ ذاتِ رُتَبَ عسكريّةٍ رفيعة – لواء- يدعو جهاتٍ أمنيّةٍ لتبنّي مشروع “المجلس العسكريّ السوري” بغيةَ توجيهِ بوصلتهِ نحوَ تحقيقِ أهدافَ تخدمُ مصالحَ دولٍ كبرى كـ الولايات المتّحدة الأمريكيّة في سوريّة، وضخِّ معلوماتٍ أمنيّةٍ جديدةٍ عن مؤسّسة النّظام العسكريّة الحاليّة، خاصّةً مع شُحِّ المعلوماتِ الحاليّة الواردةِ من الدّاخل، بالإضافة لغيابِ أفقِ التّنسيق مع المعارضة السوريّة بكياناتها الحاليّة المُترهِّلة.
إنّ أحد عوامل قوة “المجلس العسكري السوريّ” اليوم، هو نجاحه في تجميع صفوفه دون أيّ صدامٍ مع أيّ فصيلٍ أو جماعةٍ على الأرض، وعدمَ تقديم نفسه كبديلٍ محتملٍ عن أيٍّ منهم، ولا أدلّ على ذلك قيامُ “المجلس العسكريّ السوريّ” حضورَ مؤتمر حركة التَّحرر الوطنيّ السوريّ في عفرين بتاريخ ٢٠٢٣/٧/٢٨، ضمن الأراضي الخاضعةِ لسيطرةِ المعارضة السوريّة – حليفة تركيا – وهذا بكلّ تأكيد يعطي تصوراً عملياً عن مرونة تعامله مع كلّ سلطات الأمر الواقع.
وتتجلى أهمية “المجلس العسكريّ السوريّ” أنّه يعتبرُ حلاً غير صداميٍّ مع “قسد” في حال قرّرت التّنسيق معه.
خاتمة
إنّنا في “تيار المستقبل السوري” نُقَيِّم “المجلس العسكريّ السوريّ” اليومَ بما سيقدّمه للشّعب السوريّ مِن أقوالَ تُصدِّقُها الأفعال، وبدورهِ في جمعِ الضّباطِ الأحرار من كلّ الطوائفِ نحوَ أهدافِ الثورة السوريّة في إسقاطِ نظام الأسد، والمحافظةِ على ما بقيَ من الدّولة السوريّة ومؤسّساتها!
إنّنا نرى في “تيار المستقبل السوري” أنّه من الآن، وفي حال نجاحِ تأسيسِ كيان “المجلس العسكريّ السوريّ” فعليهِ أن يبعثَ بتطميناتٍ واضحةٍ لأبناء شعبنا أنّه لن يكونَ إلاّ جسرَ عبورٍ آمنٍ نحو نظامِ حُكمٍ ديمقراطيٍّ مؤسساتيٍّ، لا نواةَ حُكمٍ عسكريٍّ جديدٍ بلبوسٍ جديد، فهو “مجلسٌ عسكريٌّ سوريٌّ” يعملُ على سقوط “نظام الأسد” ويضمنُ توحيدَ “مؤسّسة الجيش” نحو هدفِ حماية “الانتقال السّياسيّ” السّلس للسّلطة في سوريّة.
د. زاهر إحسان بعدراني
مكتب الرئاسة
مقال
تيار المستقبل السوري