الأطفال السوريون والحرب
يمثل مستقبل الأطفال السوريين أحد أكبر التحديات الإنسانية في عصرنا، فبعد سنوات من الحرب والنزوح والدمار، يعيش ملايين الأطفال في ظروف بالغة الصعوبة، محرومين من أبسط حقوقهم في الحياة والتعليم والصحة، ولأننا ننظر للمستقبل فإننا نحمل على عاتقنا في مكتب شؤون الأسرة لِـ تيار المستقبل السوري مع شركائنا من الوطنيين السوريين بمختلف الشرائح النخبوية مسؤولية أطفالنا، جيل المستقبل ومادة الوطن وصُلب شعبنا السوري.
إن أولى التحديات أمام الطفولة السورية هي الحرب ومفرزاتها التي تُزلزل طبيعة الشعوب وعقليتها، وما يجرها من صدمات نفسية عميقة نتيجة للعنف الذي شهدوه، وفقدان أفراد عائلاتهم ومنازلهم وأصدقائهم ومدارسهم.
الفقر والحرمان، ما تسبب بانقطاع عن التعليم، وقد حاولنا سد بعض من هذا الجانب في مدارسنا “تواد التعليمية” مساهمة منا في مد يد العون لطلابنا المتسربين من مقاعد الدراسة.
وفي دراسة ميدانية سننشرها في ورقة خاصة مفصلة قام فريق مكتبنا في الداخل السوري، وجدنا أن العديد من العائلات تسعى إلى تزويج بناتهن أو إجبار أبنائهن على العمل لتأمين لقمة العيش، إذ بلغت نسبة زواج القاصرات تحت 18 سنة مانسبته 80٪ في بعض مناطق الشمال السوري، كما تبلغ نسبة عمالة الأطفال 70٪ مع ضآلة الرواتب وضعف القوة الشرائية وقلة الأعمال المتاحة، ما يجعل أرباب الأعمال يختارون الأطفال خصوص من عمر 10 وحتى عمر 17 سنة بسبب كلفتهم القليلة مقارنة بالأعمار الأكبر.
ورغم هذه التحديات الكبيرة، لا يزال هناك أمل في مستقبل أفضل للأطفال السوريين.
عبر توفير التعليم سواء داخل سورية أو في دول اللجوء، وتقديم برامج الدعم النفسي للأطفال لمساعدتهم على التغلب على الصدمات التي تعرضوا لها، إضافة إلى حماية الأطفال من العنف والاستغلال، وتقديم المساعدة القانونية لهم، وقد قدمنا ورقة هامة بهذا الخصوص ندعو للاطلاع عليها، نشرناها عبر موقعنا الرسمي بعنوان: “تسليط الضوء على حقوق الطفل في القانوني الدولي”.
وهنا نشدد على ضرورة زيادة الدول والمؤسسات الدولية دعمها للبرامج الإنسانية في سورية، والعمل على إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
إن مستقبل الأطفال السوريين يعتمد على جهودنا جميعاً، لهذا يجب علينا العمل معاً لتوفير الحماية والرعاية لهذه الأجيال الصاعدة، ومساعدتهم على بناء مستقبل أفضل لأنفسهم ولبلادهم، وبالنسبة لتيار المستقبل السوري فإنه ورغم جهوده السورية الخالصة، وتموله السوري الخالص أيضاً، وجهود متطوعيه المخلصين، فإننا ننظر لكل ذلك بتواضع غير كاف أمام محنة شعبنا خصوصاً الأطفال السوريين، وندعو كل سوري للوقوف معنا في مشروعنا الوطني الجامع بهدف حماية أطفالنا من تبعات الحرب ومفرزاتها القاسية.