تيار المستقبل السوري والمواطنة
مر مفهوم المواطنة برحلة تاريخية بشرية طويلة، حتى استقر على ما هو عليه اليوم باعتباره مفهوماً شاملاً له أبعاد متنوعة، منها ما هو مادي قانوني، ومنها ماهو ثقافي فكري، ومنها ما هو وسيلة أو غاية يتم بلوغها بشكل تدريجي، وعليه، فإن نوعية المواطنة في دولة ما، تتأثر بعوامل عدّةتخصّها، منها القانون الوطني، والنضوج السياسي، والوضع الحضاري، والمذاهب الدينية، والقيم الحضارية، لهذا تختلف القراءات لمفهوم المواطنة في الفكر السياسي القديم والمعاصر، ما يسمح لنا بتقديم رؤيتنا الخاصة في تيار المستقبل السوري والمُنطلقة من خصوصية المجتمع السوري الذي نعيش فيه، مستفيدين من التجارب البشرية السابقة والحالية.
تيار المستقبل السوري يرى أن “المواطنة” تعبيرٌ حقيقيٌ عن مجمل وحقيقة العلاقة الصحية بين الدولة من جهة والمواطن من جهةٍ أخرى.
تيار المستقبل السوري يرى أن مِن حقِّ كلِّ فردٍ أن ينتمي لما يراه مقبولاً ومرضياً عنده، فكرياً كان أو أيدلوجياً، مادام يحافظ على أداء واجباته المُلزمة أمام منظومة الدولة، وضمن عقدها الاجتماعي الجامع.
تيار المستقبل السوري يرى تكاملاً ومزجاً في رسم الرؤية الأممية للمواطنة بشقّيها القومي والدّيني، ضمن إطارٍ إنسانيًٍ عريضٍ عنوانه المواطنة العالمية، بحيث تحتل المواطنة السورية جانباً من تلك اللوحة الكليّة مع المحافظة على امتيازاتها ولونها الخاص.
تيار المستقبل السوري يعتبر أن نجاح مبدأ المواطنة في سورية، يعتمد شرط تنفيذ الواجبات المطلوبة بالتوازي مع نيل الحقوق المرعيّة، وبشكلٍ حرٍّ، وقناعةٍ مطلقةٍ، تسغرق كلاً من طرفي المواطنة، (الدولة ومواطنيها).
تيار المستقبل السوري يرى أن المواطنة الناجحة تعتمد مبدأ تعزيز الحرية الفردية بشكلٍ شبهِ مطلقٍ، إلا ما يُقيده القانون المنتخب.
تيار المستقبل السوري يرى أن تعزيز المواطنة يحتاجُ نظاماً ديمقراطياً كاملاً، يمارس من خلاله المواطنون حقهم الطبيعي في ممارسة الحياة السياسية، ومراقبتها، وتصويبها، ودعمها أو نقدها دونما قيود.
تيار المستقبل السوري يرى أن المواطنة السليمة والصحيحة تؤدي للمساواة الكاملة ببن المواطنين، دون تصنيفهم لمراتب، أو توزيعهم على درجات.
تيار المستقبل السوري يرى أن المشكلة السورية في عمقها الحقيقي اليوم، هو نتيجةٌ حتميةٌ لانعدام مبدأ المواطنة الصحيّة على كافة التراب السوري في زمن الأسد الأب والابن، وأنّ المصيبة الكبرى تكمن في خسارة المعارضة السورية تقديم بديلٍ ناجعٍ يُحقّق مبدأ المواطنة الحقيقية ويحميه وينهض به.
تيار المستقبل السوري يرى أن الدعوات التفتيتية، سواءً أكانت قوميةً أو دينيةً أو مناطقيةً أو قبليةً أو نحوه، إنما هي العدو الأشرس لطرفي المواطنة، ولا سبيل للتغلب عليه إلا من خلال قراءة التاريخ، وتحصين الواقع، واستشراف المستقبل.
تيار المستقبل السوري يرى المواطنة ممارساتٍ عملية، وليست مبادئ نظرية! وذلك من خلال تطبيق القوانين المنتخبة، وتنفيذها من قبل المواطنين، دون شرط الإيمان بها، أو اعتقاد صوابيتها، ثم إن المواطنة تعطي الحق بمعارضة القوانين بشكل سلمي، وتغييرها عبر الطرق القانونية، والأنظمة المرعية.
تيار المستقبل السوري يرى المواطنة الناجحة تعني شفافيةً مطلقةً لدى مؤسسات الدولة والعاملين فيها، دونما سريّةٍ أو تمويه، وتجعل من حق المواطن معرفته التامة بمسار مؤسسات الدولة، وتعطي الإعلام الحقّ الكامل في تتبُّع سيرها، وسليط الضوء على أدائها، واحترام ماعدا ذلك مما تم التوافق عليه عبر قوانين ناظمة مُحددة، صدرت عن برلمانٍ شعبيٍّ حقيقيٍّ حرٍّ منتخبٍ.
تيار المستقبل السوري يرى أن على الدولة مهمة ترسيخ ثقافة المواطنة لدى المواطنين، عبر صياغة قوانين تنظم علاقة طرفي المواطنة ببعضهما، وترسم خطة سير كلٍّ منهما بِتَوازٍ مطلق.
تيار المستقبل السوري يرى أن القضاء العادل هو المعني بإصلاح السلبيات التي تتأتّى من خرق المواطنين لمبدأ المواطنة، سواءٌ أكانت خروقاتٍ اجتماعيةً أو قانونيةً أو سياسية.
تيار المستقبل السوري يرى أن نجاح المواطنة يعتمد بالدرجة الأولى على توسيع عمل المجتمع المدني وجعله الواسطة الحقيقية بين طرفي المواطنة (الدولة والمواطنين).
تيار المستقبل السوري يراهن على نضج وعي الشعب السوري بعد الثورة السورية في ترسيخ ثقافة المواطنة ضمن أساسيات وعيه الاجتماعي، فالشعب الذي قام بثورته لشعوره العميق بحاجته إلى مواطنته المسلوبة أو المنقوصة، هو نفسه الكفيل بحمايتها من عبث العابثين، وتصحيح مسارها رغم مؤامرات المتربّصين، ثم تحصينها وترسيخها، جغرافياً ضمن سورية كلّها، وعالمياً أنّى وُجد المواطن السوري فيحظى بمواطنته الكاملة.