د. زاهر إحسان بعدرانيرئيس التيارمقال / تصريحمكتب الرئاسة

الانتخابات الأمريكية ومستقبل الملف السوري

تتوجه أنظار العالم كله يوم الثلاثاء 5 نوفمبر 2024م نحو الولايات المتحدة الأمريكية، ففي يوم 20 يناير 2025 سيكون العالم بأسره وليس الولايات المتحدة الأمريكية وحدها على موعد مع رئيس جديد ومرحلة جديدة، في جو مشحون بالحروب والصراعات من تايوان إلى أوكرانيا إلى غزة والسودان وليس نهاية بسورية.

كثير من المتابعين يتوقعون فوز دونالد ترامب رغم كل المعوقات القضائية لديه، ( عشرات التهم الجنائية، قضية الوثائق السرية، ضغوطات انتخابية في ولاية جورجيا الأمريكية، وغيرها).

ما يدعونا للسؤال عن حال ملفنا السوري، والذي سيكون ضمن ملفات أخرى على طاولته، في حال صدقت التوقعات بفوز ترامب.

نستذكر هنا خلال فترة رئاسة دونالد ترامب، أن الولايات المتحدة قامت بضرب نظام الأسد في سورية في مناسبتين مختلفتين

  1. الضربة الأولى في أبريل 2017 حيث أطلقت الولايات المتحدة 59 صاروخًا من نوع توماهوك على قاعدة الشعيرات الجوية.
  2. الضربة الثانية في أبريل 2018: حيث قادت الولايات المتحدة الأمريكية تحالفًا ثلاثيًا مع بريطانيا وفرنسا، استهدف مواقع الأسلحة الكيميائية في سورية، شملت العملية إطلاق صواريخ من السفن والطائرات واستهدفت مرافق تصنيع الأسلحة الكيميائية.
    كما أن موقف ترامب يعد إيجابياً خلال فترة رئاسته لناحية معارضة إدارته أي محاولات لإعادة تأهيل حكومة الأسد دوليًا، أو إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، بسبب استخدام نظام الأسد الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، وارتكابه انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال الحرب، ومما يُحسب له أن الإدارة الأمريكية في عهد ترامب كانت تدعم بشكل رئيسي جهود عزل نظام الأسد سياسيًا، إضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية على نظامه في محاولة للضغط عليه للتفاوض نحو تسوية سياسية.

إذاً نحن أمام رئيس أمريكي له تاريخ سلبي ضد النظام السوري! مما قد يسمح بتوقيعه لقانون منع التطبيع مع النظام السوري، والذي جعلته إدارة الرئيس جو بايدن بأدراج مكتبه بناء على توصية من الإمارات وسلطنة عمان تحديداً.

ما يهمنا:
جلُّ اهتمامنا كسوريين هو أمن بلدنا واستقرار ورخاء شعبنا، وبذلك لا يعنينا الحزبان الجمهوري أو الديمقراطي إلا بمقدار إفادتنا منهما في خدمة قضيتنا وبلوغ الانتقال السريع بسورية إلى بر الأمان! وإن كنا نرى من خلال متابعتنا وقراءتنا للواقع أن الجمهوريين كانوا أكثر فاعلية وتأثير ووضوح من الديمقراطيين بالنسبة للملف السوري، ونرى أن ترامب الذي يسعى لإنهاء حرب أوكرانيا خلال يوم واحد فقط كما صرح مراراً، فإنه لا شك قادر على أن يحدث فرقاً استراتيجياً في الملف السوري (إن أحسنا كمعارضة سورية ترتيب أوراقنا سريعاً ووضع أولويات محددة نرى فيها الخلاص، وتكون مقنعة وممكنة في آنٍ معاً لبلوغ الانتقال السياسي للسلطة، وهذا ما قمنا به في تيار المستقبل السوري من خلال تقديم ملف متكامل لمكتب الرئيس ترامب، وعلى أمل أن يتم الاطلاع عليه ويؤخذ ببعض ما جاء به ويتم النقاش حول نقاط محددة وردت فيه).

إن محاور ستة مبدئياً (داخلية وخارجية مرتبطة بالملف السوري)، كيفلةٌ بتحريك المياة الراكدة وخلق أفق ما للمضي قدماً في تحقيق عملية التغيير في حال فوز ترامب بسباق الرئاسة للولايات المتحدة الأمريكية:
المحور الأول: الإدارة الذاتية، والتي ستكون أمام مرحلة جديدة من الابتعاد عن تهديد الأمن التركي، والتوجه نحو خلق ارتباط وربط ما مع المعارضة السورية، ونعتبر موقف الإدارة الذاتية من وثيقة المناطق الثلاثة جاء بدعم مباشر من فريق ترامب بالدرجة الأولى، حسب اطلاعنا، ولا بد من أن يُبنى عليه في المستقبل.

المحور الثاني: النظام السوري والذي سيكون أمام تصعيد أمريكي وإحياء قرار منع التطبيع معه، ما يعني إيقافاً لجهود الجامعة العربية أو تعطيلها على أبعد تقدير، ولعل قمة المنامة القادمة تعتبر الفرصة الأخيرة للنظام السوري ولجامعة الدول العربية قبل وصول ترامب إلى سدة الرئاسة.

المحور الثالث: إدلب وهيئة تحرير الشام، والتي تتخذ إدراة ترامب منها موقفا سلبياً حسب اطلاعنا، ولن ترضى إدارة ترامب ببقاء الحال على ما هو عليه، وبالتالي فإن إدلب ستكون أمام عاصفة قد تذهب برؤس كثيرة وكبيرة إن لم تلتقط الرسالة جيداً.

المحور الرابع: المعارضة السورية الرسمية، والتي هي تحت الجناح التركي رسمياً، أي حليف إدارة ترامب الأوثق بالمنطقة، إذ من المتوقع أن تكون المعارضة السورية بموقف أكثر قوة سواء على مستوى هيئة التفاوض، أو حتى تنظيم نفسها لمرحلة جديدة تكون فيه أكثر تنظيماً وتأثيراً.

المحور الخامس: استمرار سياسة “الضغط الأقصى” في تبني نفس النهج الصارم تجاه إيران (الحليف الاستراتيجي للنظام السوري)، وتقليص دورها في سورية من خلال فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية عليها، ومواصلة العزل الدبلوماسي لها، ودراسة جديدة للدور الإقليمي لها مع عملية نزع أظافرها إن لم نقل تقليمها بعد أحداث غزة الأخيرة وطوفان الأقصى من خلال تعزيز جبهة صدّ موحدة ضد نفوذ ايران في المنطقة ككل ومنها سورية ولبنان.

المحور السادس: ستظل العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا مشحونة بسبب النزاعات السياسية والجيوسياسية، ولكن المتوقع من ترامب إظهار مواقف أكثر مرونة معها، مما سينعكس بشكل أو بآخر للتوصل إلى بعض التفاهمات حول قضايا رئيسية ومنها ما يتعلق بالملف السوري.

وتبقى رؤيتنا في حال وصول ترامب إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، أن الملف السوري سيبقى كغيره من الملفات المُتأثرة والمؤثرة حسب تطورات المشهد الإقليمي والدولي! ولنسأل أنفسنا من جديد: هل يمكن لنا كسوريين كسر الجليد في التقدم للأمام نحو تحقيق ما اكتسبناه في ميدان السياسة على مدار عقد من الصراع والحرب، بلوغاً لحل سياسي شامل ومستدام؟

هل يمكننا أن نستغل الهامش في الملفات المعقدة ناحية تقدم الملف السوري تجاه تطبيق القرار الأممي 2254؟

هل يمكن للمعارضة السورية السياسية الحالية التواصل مع فريق الرئيس ترامب ورسم خارطة طريق يمكن أن يعتمدها أو يتكئ عليها، مما قد ينعكس إيجاباً ضمن تصريحاته خلال حملته الانتخابية؟

هل يمكن للسوريين الموجودين في أمريكا أن يشكلوا حلف ما (على وجه السرعة) لتقديم مكتسبات للرئيس ترامب ضمن حملته الانتخابية مقابل تبنيه نهجاً معيناً وواضحاً يدعو له السوريون عموماً والمستاؤون خصوصاً من فترة رئاسة بايدن، والتي شكلت منعطفات خطيرة في الملف السوري المتعثر، أقرب ما تكون إلى حالة انفصام سياسي بين ما يصدر من قوانين أمريكية تجرّم نظام الأسد من جهة، وتعاطف الرئاسة الحالية وبعض أجنحتها عن عملية إعادة تدوير وتكرير الأسد المجرم عربياً ودولياً.

وإلى ذلك الحين يبدو أن حال السوريين بات في زاوية انتظار استواء الطبخات الأخرى ليُتاح له المجال من لحس ما يُحضر على موقد الحل النهائي، ما يجعلنا في حالة من التشاؤل (تفائل وتشاؤم)، والذي قد نجد معه الفرصة متاحة لحض الإدارة الأمريكية الجديدة على إنهاء الصراع السوري كمصلحة أمريكية تتقاطع مع مصلحة الشعب السوري المنهك، في حين نجد الطريق وعراً أمام تحرك قطارنا السوري ضمن سكّة سورية سورية، ما يعرقل حركته في زحمة القطارات العالمية ذات الأولوية.

إننا في تيار المستقبل السوري لا نجد بديلاً عن العمل لمصلحة بلدنا وشعبنا، ولا خيار أمامنا إلا السعي نحو الحل النهائي لمأساة وطن ضاع بين خصومة الأقربين وجشع الأبعدين إلا بالتكاتف والتعاون وتغليب المصلحة العامة على كل مصلحة خاصة، فأهلنا بالداخل يعانون ضائقة سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة، والسوريين في دول اللجوء باتت تخنق رقابهم حبال التضييق والطرد والعنصرية، ولا نملك امام هذا الواقع ترف المراهنة إلا على كدّنا وسعينا في استغلال هذا التحول في دولة صناعة القرار بالعالم، ليكون مكسباً للسوريين ولو بحدود مقبولة تجعلنا نجتاز النفق المظلم نحو رسم ملامح مرحلة جديدة أكثر استقراراً لبلدنا وشعبنا.

د. زاهر إحسان بعدراني
مكتب الرئاسة
مقال
تيار المستقبل السوري

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى