البحوثالبحوث والدراساتالمكتب العلميبحوثبحوثقسم شؤون الأسرةقسم شؤون الطفلمكتب شؤون الأسرة

التربية الأسرية ودورها في محاربة العقلية المتطرفة لدى الأطفال

مقدمة:

عاملان يؤثران بالإنسان منذ طفولته في اتخاذ قرارته، فإما أن تكون قرارته بكل مناحي حياته عقلانية، وإما أن تصبح قرارت متطرفة!

العامل الأول: العامل الفكري، ويكون عبر الثقافة والدين والعادات والتقاليد..

العامل الثاني: الظروف الاجتماعية.

الظروف الاجتماعية لها دور كبير في تشكيل شخصية الأطفال وتوجيهاتهم الأخلاقية والسلوكية، في بعض الأحيان يمكن أن تؤدي هذه الظروف إلى زرع عقلية متطرفة في الأطفال.

فالبيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها الطفل تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مدى تعرضه للأفكار المتطرفة. فالأطفال الذين ينشأون في بيئات مليئة بالعنف أو التمييز أو الفقر، قد يصبحون أكثر عرضة للانجذاب نحو التطرف، ومن التأثيرات الاجتماعية:

1- التعليم والمدارس:

التعليم له دور هام في تشكيل آراء وأفكار الأطفال.

والمدارس التي لا تشجع على التفكير النقدي أو التسامح والقبول، قد تزيد من احتمالات انجذاب الأطفال نحو التطرف.

2- دور الأسرة

الأسرة هي أول مكان يتعلم فيه الطفل قيمه ومعتقداته.

إذا كانت هناك أفكار متطرفة موجودة، أو سلوكيات تربوية سيئة داخل الأسرة، فقد يتبنى الطفل الأفكار السلبية بسهولة.

3- وسائل الإعلام والإنترنت

وسائل الإعلام والإنترنت لهما تأثير كبير على آراء وأفكار الأطفال! فالمحتوى المتطرف المتاح على الإنترنت قد يؤدي إلى زرع أفكار متطرفة في عقول الأطفال.

من المهم جدًا أن نولي اهتمامًا خاصًا للظروف الاجتماعية التي ينشأ فيها أطفالنا، وذلك من خلال توفير بيئة آمنة ومستقرة لهم، وضمان حصولهم على تعليم جيد، وغرس قيم التسامح والقبول لديهم، ومن خلال جهدنا في نشر التوعية في مكتب الأسرة في تيار المستقبل السوري, سنسلط الضوء على جانب مهم من الظروف الإجتماعية وهو دور “الأسرة” في تأسيس عقلية الطفل، الطفلُ الذي سيكون مُتأثراً بكل حياته بتلك التربية عبر اتخاذ قرارات قد تكون مصيرية ليست لحياته الشخصية فقط، بل وللمجتمع ككل أيضاً

دور الأسرة في زرع العقلية المتطرفة:

الأسرة هي النواة الأساسية للمجتمع، ولها دور كبير في تشكيل شخصية الأطفال وتوجيهاتهم الأخلاقية والسلوكية في بعض الأحيان، فالأسرة هي أول مكان يتعلم فيه الطفل قيمه ومعتقداته، وإذا كانت هناك أفكار متطرفة موجودة داخل الأسرة، فقد يتبنى الطفل تلك الأفكار بسهولة.

ووفقًا لدراسة من جامعة لايدن يمكن أن تكون طرق التأثير التي يستخدمها الآباء على تطور أفكار أطفالهم صريحة ومباشرة (مثل تعنيف الأطفال، والصراخ بوجههم، وعدم السماح لهم بالأسئلة الطفولية، واستخدام العنف والعصا لتصويب أخطاء الأطفال بعيداً عن الحوار معهم، ومخاطبتهم بحسب مستواهم العقلي الطفولي.

كما ويمكن أيضًا أن تكون طرق التأثير غير مباشرة (مثل تقليد الأطفال لوالديهم وذويهم).

و التربية والتعليم من قبل الأسرة لها دور هام في تشكيل آراء وأفكار الأطفال، فالأسر التي لا تشجع على التفكير النقدي أو التسامح والقبول قد تزيد من احتمالات انجذاب الأطفال نحو التطرف، بالإضافة إلى ذلك، فإن التغذية المناسبة أثناء فترات حساسة من نمو المخ قد تحد من خطر التطورات غير السليمة في وظائف المخ، مثل التطورات التي قد تزيد من خطر التطرف، وهذا أيضا يعد من مسؤولية الأسرة.

إن من المهم جدًا أن نولي اهتمامًا خاصًا للظروف التي ينشأ فيها أطفالنا، من خلال توفير بيئة آمنة ومستقرة لهم، وضمان حصولهم على تعليم جيد، وغرس قيم التسامح والقبول، رغم تبعات الحرب! وبالقدر الممكن يمكننا المساهمة في حماية أطفالنا من التطرف والغلو.

لاشك أن للأم دوراً وتأثيراً كبيراً في زرع العقلية المتطرفة لأطفالها كذلك! فالأم هي الشخصية الأولى التي يتعرف عليها الطفل وهي التي تشكل أولى خطوات تكوين شخصيته.

لذا، فإن تأثير تربية الأم على الطفل يمكن أن يكون كبيرًا، سواء كان هذا التأثير إيجابيًا أو سلبيًا.

كما أن الأسرة لها تأثير كبير على تطور الإنسان، بدءًا من الطفولة وصولاً إلى سن البلوغ.

فمثلاً الروابط العائلية القوية تزيد من احتمالية تكوين صحة نفسية سليمة للفرد.

وبحسب نظرية إريك إريكسون عالم النفس الأمريكي، الذي قدم نظريةً للتطور النفسي تشمل ثمانية مراحل تمتد عبر مدى الحياة، فإنه يرى أنه في كل مرحلة يواجه الفرد صراعًا أو أزمة يجب عليه أن يتغلب عليها. هذه المراحل هي:

1.      الثقة مقابل الشك (من الولادة حتى 18 شهرًا( في هذه المرحلة يتعلم الأطفال الثقة في آخرين إذا تم تلبية احتياجاتهم بشكل موثوق وثابت.

2.      الاستقلالية (من 18 شهرًا حتى ثلاث سنوات) في هذه المرحلة يتعلم الأطفال كيفية أن يصبحوا أكثر استقلالية.

3.      المبادرة مقابل الشعور بالذنب (من ثلاث إلى خمس سنوات) في هذه المرحلة يتعلم الأطفال كيفية التعامل مع المسؤولية والتحكم في بيئتهم.

4.      الصناعة مقابل الدونية (من ست إلى 11 سنة) في هذه المرحلة يتعلم الأطفال كيفية التعامل مع المهام والأعمال.

والأسرة بدورها المحوري والكبير لديها دور حاسم في كيفية تجاوز الأطفال لهذه المراحل, فإذا كانت الأسرة تقدم بيئة داعمة وآمنة، فإن ذلك يزيد من احتمالات تجاوز الأطفال لصراعات هذه المراحل بشكل ناجح, وبالتالي، يزداد احتمال أن يصبحوا بالغين سعداء وأصحاء نفسيًا.

أساليب أسرية غير صحيحة:

هناك العديد من الأساليب غير الصحيحة في التربية الأسرية التي يمكن أن تؤثر سلبًا على الأطفال من ذلك:

1.      التسلط: يعني فرض النظام الصارم على الأطفال من قبل الوالدين معتمدين على سلطتهما وقوتهما بشكل يمسح شخصية الأطفال.

2.      الحماية الزائدة: وتكون في المغالاة في المحافظة على الأطفال والخوف عليهم لدرجة مفرطة وممارسة المهام التي يكلفون بها.

3.      التذبذب في المعاملة: يعني اختلاف المعاملة من موقف لآخر قد يصل في بعض الأحيان إلى درجة التناقض في مواقف الوالدين.

4.      القسوة والنبذ: أي ممارسة العنف مع الأطفال والإيذاء النفسي أو البدني، وحرمانهم من الإحساس بالرعاية الوالدية وإشعارهم بأنهم غير مرغوب فيهم.

5.      التفرقة في المعاملة: يتضمن هذا الأسلوب عدم توخي المساواة والعدل بين الأطفال في المعاملة، ويكون هناك تمييز في المعاملة.

6.      التساهل والتدليل الزائد: يعني هذا الأسلوب الإذعان لمطالب الأطفال وتلبيتها حتى ولو لم تكن واقعية.

خطوات تربوية صحيّة تحتاجها الأسر:

هناك العديد من الطرق التي يمكن للآباء استخدامها لتحفيز التسامح والقبول لدى أطفالهم:

1.      الحوار الصحيح ويكون عبر استخدام الأساليب الصحيحة في الحوار مع الطفل يمكن أن يكون فعّالاً بدلاً من التعنيف والضرب.

2.      تحديد الأهداف المدرسية أو في البيت للطفل، وربما يكون بطرق بسيطة ومتواضعة لتحفيزه.

3.      التعلم الذاتي من خلال تشجيع الطفل على التعلم الذاتي والبحث عن الحقائق.

4.      التعزيز باستخدام شهادات التقدير الإلكترونية والمتوفرة عبر الفضاء الإلكتروني.

5.      تدريب التلاميذ على إلقاء كلمات تعبر عن التسامح والعقلانية ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

6.      تفعيل الدور الرقابي على مواقع التواصل والسيطرة عليها لاتخاذ سياسة فاعلة للحفاظ على القيم.

خاتمة

لاشك أننا نعيش في حرب وقعُها قاس علينا جميعاً، ولكن ورغم ذلك يبقى الثقل على الأسرة في اتخاذ الإجراءات الممكنة وبالحد الأدنى في الابتعاد عن الخطوات التربوية السيئة، وهناك ضرورة بالغة الأهمية تقع على كاهل الأبوين وخصوصاً الأم في تطبيق خطوات تربوية رشيدة.

ولهذا فإننا في تيار المستقبل السوري نولي أهمية كبيرة في نشر الوعي الأسري والتربوي، سواء عبر مكاتبنا التربوية والتعليمية في الداخل السوري، أو بدعمنا لكل الدعوات التربوية الرشيدة في سورية، ونولي اهتماماً كبيراً بدور الأسرة في تنشئة جيل سوري صحي ومتوازن، بحيث يعول عليه لبناء مستقبل مشرق وواعد.

المصادر والمراجع العربية والأجنبية:

A study on the transmission of extremism within a family context – Leiden University (universiteitleiden.nl)

فاروق أبو طعيمة, دور الأسرة في التربية العقلية السليمة لأطفالهم, دور الأسرة في التربية العقلية السليمة لأطفالهم – آفاق علمية وتربوية (al3loom.com)

ran_yfc_children_growing_upin_extremist_families_24-25_04_2019_en.pdf (europa.eu)

Women’s Participation in Transforming Conflict and Violent Extremism | United Nations

ليزا سعيد, الفكر المتطرف كيف نحمي أطفالنا منه, الفكر المتطرف : كيف نحمي أطفالنا الصغار منه ؟ • تسعة (ts3a.com)

حماية وعي الأطفال من الفكر المتطرف – اعتدال (etidal.org)

14 طريقة رائعة وممتعة لتحفيز طفلك | مجلة سيدتي (sayidaty.net)

مجيدة محمد الناجم , أساليب المعاملة الوالدية وعلاقتها ببعض المشكلات الأسرية والمدرسية .

صبرينة متنان, الأساليب الخاطئة في تربية الأبناء, الأساليب الخاطئة في تربية الأبناء – مجلة المنال (almanalmagazine.com)

Family Influences in Human Development – Individual and Family Development, Health, and Well-being (pressbooks.pub)

Understanding Life as a Developmental Process | Psychology Today

Erikson’s 8 Stages of Development (webmd.com)

Erikson’s Stages of Development (verywellmind.com)

إيمان المحمد

باحثة في قسم البحوث والدراسات

المكتب العلمي

تيار المستقبل السوري

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى