الطفولة المبكرة في سورية و سلسلة مدارس تواد التعليمية
نستطيع القول أنه منذ انطلاق الثورة السورية وحتى يومنا هذا، استقر السوريون بشكل مؤقت في ملاذات آمنة، خصوصاً في الشمال الغربي لسورية، والتي جمعت أغلب الثائرين الرافضين لسلطة بشار الأسد، ولتزداد بذلك نسبة السكان في المنطقة، ليتجاوز عدد النازحين من السوريين منذ سنة 2021م نحو 2.1 مليون نازح، من أصل أكثر من 4 ملايين سوري يسكنون في الشمال الغربي لسورية.
يعاني كثير منهم بمن فيهم الأطفال من صدمات حادّة، لدرجة أنَّ الفاعلين الإنسانيين يؤكدون أنّهم غير مستعدين للتعامل مع ضخامة حاجات الصِّحة النفسية للأطفال بالخصوص.
ولذلك، طوّر تيار المستقبل السوري خطة استراتيجية لتقديم الدعم النفسي-الاجتماعي الشامل في مقرّيه في كل من مدينة اعزاز وعفرين، وكان ذلك باستخدام مقاربات مستدامة قائمة على المجتمع المحلي تتعلق بالصحة العقلية والدعم النَّفسي-الاجتماعي، بالإضافة لتعزيز القدرات فيما يتعلق بالمهارات! حيث تضمنت الخطة أيضاً عناصر للتعليم والحماية خاصة بالأطفال، وتضمّن ذلك توفير المساحات والمساعدة على تطوير آليات مجابهة الظروف، إضافة إلى إقامة الأنشطة التي تساعد البالغين على فهم تنمية أطفالهم من النواحي النفسيّة والاجتماعيّة والمعرفيّة والحركيّة واللغويّة.
مدارس تواد:
تُعتبر سلسلة مدارس تواد التعليمية أحد الأركان الأساسية لجسر تحقيق الخطة الاستراتيجيّة لـِ تيار المستقبل السوري، إذ يدمج الدعم النَّفسي-الاجتماعي مع البرامج التنموية في مرحلة الطفولة المبكرة، خصوصاً الأطفال المتسربين عن مقاعد الدراسة، حيث قامنا في “سلسلة مدارس تواد التعليمية” بدايةً بتقديم جلسات تربوية لجميع المتواجدين في المنطقة، حيث تم جمعهم في مساحات للتواصل آمنة، بغية التحاور والتشاور مع مختصين في الداخل والخارج، وبإشراف مباشر من رئيس تيار المستقبل السوري الدكتور زاهر بعدراني وتوجيهه، وذلك لنقل خبرات التعامل فيما بعد الصدمات بما فيها مآسي الفقد والحرب والزلزال، وكافة التحديات التي يواجهها الأهالي في تربيتهم لأطفالهم في البيئات المتوتّرة، وكان هدف النقاشات مساعدة أولياء الأمور غير القادرين على التصدّي للأزمات التي واجهت وتواجه أطفالهم، عدا عن التوتّرات التي يواجهونها هم أنفسهم كأفراد وكأولياء أمور.
كما تسعى سلسلة مدارس تواد التعليمية إلى إدخال مفاهيم التنمية في مراحل الطفولة المبكرة وتعليم طرق تقديم الدعم النَّفسي للأطفال.
ولعل من أهداف سلسلة مدارس تواد التعليمية، تنبيه أولياء الأمور لعدّة جوانب مثل أهمية نموّ الطفل ونمو العقل وطرُق التعلم الحديث ومفهوم التأديب الفعال.
ومما نسعى له في سلسلة مدارس تواد التعليمية، زيادة النشاطات الإيجابية للأطفال، مثل طلِبَ رواية الأطفال للقصص الايجابية قراءةً وسماعاً، ومشاركتها ذويهم، باعتبارها وسيلة مساعدة للأطفال للتعبير عن كيانهم وشخصيتهم ضمن مراحل نموهم، كما وتمكّن أهلهم من فهم ما يدور في عقول أطفالهم.
ومن النشاطات الجديدة التي نعمل عليها هي “جدول الأمان”، إذ سيُطلب من الأطفال كتابة أسماء من يشعورن بالأمان معهم من أفراد العائلة ضمن جدول يعتمد نظام الأهم فالمهم، وبذلك يساعدون أهلهم على معرفة الأشخاص الذين يشعر الأطفال تجاههم بالأمان، وغير ذلك كثير وكثير.
العمل طويل الأمد:
مع نجاح سلسلة مدارس تواد التعليمية وتوسعها بشكل هادئ مدروس، فإننا ننظر لاستدامة المشروع على الأمد البعيد، حيث يتم استشارة أصدقاء متخصصين بالمعايير العالمية للتعليم في حالات الطوارئ، ولذلك يتم العمل على رابط الآباء والمعلمين كضمان للنجاح بالتنمية، ووصلنا لمرحلة جيدة من العمل على زيادة الوعي حول النماء في مراحل الطفولة المبكرة، إضافة إلى إسهامات الدعم النَّفسي – الاجتماعي في حياة الأطفال.
التحديات:
هناك بعض التحديات منها:
1- لا يوجد لدى بعض الأهالي تلك المهارات الضرورية التي تسمح بنقل المواد التدريبية، كما أنه لم يلتزم معنا المتطوعون دون حافز مالي، الأمر الذي اضطررنا معه لايجاد متطوعين برواتب رمزية، رغم صعوبة وجود المهارات لدى بعضهم.
2- لا تمتلك بعض مدراس تواد المستلزمات الضرورية الكافية، رغم السعي لتأمينها عبر تمويل خاص.
3-وجد الأهالي أن برامج التنمية للأطفال في الفئة العمرية فوق عمر الـ 14 سنة أمراً غير ذي صلة باهتماماتهم.
4- تحديات أخرى مثل غياب مشاركة الآباء بسبب العمل، إضافة إلى انتشار لبس النقاب لدى النساء، وعدم قبول المجتمع فكرة الاختلاط المنضبط، أو توجد الرجال والنساء في مكان عام
حول تجاوز التحديات:
١- نوصي بتقديم الحوافز للأطفال والأهالي مع البرامج الإنسانية الأخرى، سواء أكانت نقداً أو مواد غذائية أو غير ذلك (ثياب وأدوات تدفئة وتنظيف)، أو تربوية (كتب قصصيّة وأدوات الرسم وغيرها)، ونظن أن ذلك سيساعد نوعاً ما على ضمان تقديم الدعم النَّفسي والنمو في مراحل الطفولة المبكرة من الولادة وحتى الطفولة وما بعدها.
٢- استخدام التكنولوجيا النقّالة والتطبيقات لسهولة وصول الأهالي إلى مشاريع التنمية في مراحل الطفولة المبكرة، لذا فإن توفير منصات افتراضية مثل زووم، وواتس آب، وفيسبوك، تيك توك، وغيرها أن يسهم في نجاحنا.
٣- تأسيس إطار عمل وطني لتنمية الطفولة المبكرة، حيث أن البرامج لا تعد راسخة في هذه المنطقة، سواء قبل الثورة أو بعدها بسبب حالة الاستبداد السياسي وسلطة النظام السوري.
وهيبة المصري
مكتب الأسرة
قسم البحوث والدراسات
مقالات
تيار المستقبل السوري