المكتب العلميقسم البحوث و الدراساتكاتبوا التيارمقالاتمكتب شؤون الأسرةوهيبة المصري

توعية حول طيف التوحد عند الأطفال

يُعتبر طيف التوحد حالةً ترتبط بنمو الدماغ، وتؤثر على كيفية تمييز الشخص للآخرين والتعامل معهم على المستوى الاجتماعي، مما يتسبب في مشكلات في التفاعل والتواصل الاجتماعي. يتضمن الاضطراب أيضًا أنماطًا محدودة ومتكررة من السلوك، كما يُشير مصطلح “الطيف” في اضطراب طيف التوحد إلى مجموعة واسعة من الأعراض والتي تختلف في شدتها من شخص لآخر، وبالتالي يمكن أن يظهر التوحد في مرحلة الطفولة المبكرة ويتسبب في مشكلات على مستوى الأداء الاجتماعي.
بالنسبة لكيفية اكتشافه لدى الأطفال، يتم التشخيص عادةً عن طريق الملاحظة الدقيقة للطفل والسؤال عن تطور تفاعلات الطفل الاجتماعية ومهاراته التواصلية وسلوكه، كما يمكن أن تشمل العلامات التي يبحث عنها الأخصائيون عدم استجابة الطفل عند مناداته باسمه، وضعف التواصل البصري، وتأخر في الكلام، وصعوبة في بدء محادثة أو الاستمرار فيها، وأنماط سلوكية مقيدة ومتكررة، ومما يجد الاشارة إليه أنه لا يوجد اختبار طبي معين لتحديد الإصابة بالتوحد، ولكن قد يستخدم الأخصائيون أدوات تشخيصية مثل استبيان التواصل الاجتماعي للأطفال الأكبر سنًا والقائمة المرجعية المعدلة للتوحد لدى الأطفال (M-CHAT-R/F) للتعرف على الأطفال الذين يحتاجون إلى فحوصات أكثر دقة.

أسباب وأعراض اضطراب طيف التوحد:
أسباب اضطراب طيف التوحد متعددة ومعقدة، وغالبًا ما تكون نتيجة لعوامل وراثية وبيئية. ومن بعض العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بالتوحد:

  • العوامل الوراثية من خلال وجود تاريخ عائلي لاضطراب طيف التوحد والذي يزيد من خطر الإصابة.
  • الحالات الوراثية، مثل متلازمة داون ومتلازمة X الهشة قد تكون مرتبطة بالتوحد.
  • العمر الأكبر للوالدين، فولادة الطفل لوالدين متقدمين في العمر قد تزيد من خطر الإصابة بالتوحد.
  • مضاعفات الولادة، إذ بعض المضاعفات أثناء الولادة، مثل انخفاض الوزن عند الولادة، قد تكون عامل خطر ويُسبب مرض التوحد.
    من المهم الإشارة إلى أنه لا يوجد سبب واحد محدد لاضطراب طيف التوحد، والأبحاث مستمرة لفهم هذه العوامل بشكل أفضل، كما أن أعراض اضطراب طيف التوحد تختلف من شخص لآخر وتشمل مجموعة واسعة من السلوكيات. من هذه الأعراض:
  • صعوبات في التواصل والتفاعل الاجتماعي: فقد يواجه الأطفال المصابون بالتوحد صعوبة في التواصل اللفظي وغير اللفظي، وقد يظهرون ضعفًا في التواصل البصري وتعبيرات الوجه.
  • عدم استجابة الطفل عند مناداته باسمه أو يبدو كأنه لا يسمع في بعض الأوقات.
  • السلوكيات المتكررة، مثل الهز أو التلويح باليدين، والترتيب المفرط للأشياء، أو التعلق بالروتينات.
  • الانسحاب الاجتماعي، إذ قد يفضل الطفل اللعب بمفرده وينسحب إلى عالمه الخاص.
  • تأخر في الكلام أو فقدان المهارات اللغوية التي قد اكتسبها بالفعل.
  • نوبات من الغضب أو السلوك العدواني.
  • مشاكل في النوم واضطرابات في عادات الأكل.
    من المهم الإشارة أيضا إلى أن هذه الأعراض قد تظهر في مراحل مبكرة من الطفولة ويمكن أن تتغير مع تقدم الطفل في العمر، ولهذا فإن العلاج المكثف المبكر يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير في حياة الأطفال المصابين بالتوحد.

علاج طيف التوحد عند الأطفال:
علاج اضطراب طيف التوحد عند الأطفال يتطلب نهجًا متعدد التخصصات ويتم تخصيصه بناءً على احتياجات كل طفل على حدة، لا يوجد علاج شافٍ لاضطراب طيف التوحد، ولكن هناك استراتيجيات علاجية يمكن أن تساعد في تحسين الأعراض والمهارات الوظيفية للطفل، بعض الطرق العلاجية يمكن إجمالها بمايأتي:

  • العلاجات السلوكية والاتصالية والتي تهدف إلى تحسين المهارات الاجتماعية واللغوية والسلوكية، مثل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) الذي يستخدم نظام المكافآت لتشجيع السلوكيات المرغوبة.
  • العلاجات التربوية،تشمل برامج تعليمية متخصصة تساعد الطفل على تعلم مهارات جديدة في بيئة منظمة.
  • العلاج الأسري، حيث يتعلم الآباء وأفراد الأسرة كيفية التفاعل مع الطفل بطرق تدعم تطوره الاجتماعي والتواصلي.
  • العلاجات الأخرى، والتي تشمل العلاج النطقي لتحسين مهارات التواصل، والعلاج المهني لتعلم مهارات الحياة اليومية، والعلاج الطبيعي لتحسين الحركة والتوازن.
  • العلاج الدوائي في بعض الحالات، إذ قد يُوصى بأدوية للمساعدة في إدارة أعراض معينة مثل مشاكل السلوك العدواني أو القلق.
    من الضروري التأكيد على أن العلاج يجب أن يكون مخصصًا لكل طفل ويتم تقييمه وتعديله بشكل دوري لضمان تلبية احتياجات الطفل المتغيرة.

خاتمة واقتراحات:
تيار المستقبل السوري أخذ على عاتقه تسليط الضوء أولاً، والاهتمام ثانياً، بقضايا المرأة والطفولة، وإن تيار المستقبل السوري ومن خلال إطلاق سلسلة مدارس تواد التعليمية، رعايةً وعنايةً بالأطفال المتسربين عن مقاعد الدراسة، إضافة إلى عمل دورات تقوية تعليمية للشباب، فإنه كذلك يولي قضايا الطفولة مزيد اهتمام ورعاية، ضمن خطط مدروسة منهجية، ومنها دراسة الحالات ورصدها، ثم السعي لمعالجتها والتخفيف على الأطفال المصابين بطيف التوحد بما نمتلك من وسائل وأدوات، حيث أن تيار المستقبل السوري يرى أنه على المجتمع المدني في سورية القيام بدور مهم في دعم الأطفال المصابين بطيف التوحد وأسرهم.

لهذا فإننا في تيار المستقبل السوري نوصي بإجراءات لتخفيف الأثر، وتحسين جودة الحياة لهؤلاء الأطفال:

  • زيادة الوعي المجتمعي من خلال تنظيم حملات توعية لزيادة معرفة المجتمع بطيف التوحد وكسر الصور النمطية المرتبطة به، وأبواب مقراتنا مفتوحة لكل من له اقتراح حول هذا الموضوع.
  • توفير الدعم النفسي والتعليمي، عبر إنشاء مراكز متخصصة تقدم الدعم النفسي والتعليمي للأطفال وأسرهم، والذي وضعنا له لبنة اولى على أمل اكمال مشروعنا في القريب العاجل بالداخل السوري.
  • التدريب والتأهيل للمعلمين والمربين على التعامل مع الأطفال المصابين بطيف التوحد وتقديم الدعم اللازم لهم.
  • الدعم القانوني والمالي والعمل على تحسين القوانين لضمان حقوق الأطفال المصابين بطيف التوحد وتوفير الدعم المالي للأسر.
  • تعزيز الدمج الاجتماعي عبر دمج الأطفال المصابين بطيف التوحد في المجتمع من خلال الأنشطة والبرامج الاجتماعية.
  • استخدام الموسيقى كعلاج، والاستفادة من مشروع إدخال تعليم آلة الدرامز في المناهج المدرسية البريطانية لمساعدة الأطفال المصابين بالتوحد، حيث أظهرت بعض الدراسات أن الأطفال الذين يتعلمون العزف يتحكمون بشكل أفضل في عواطفهم ويُظهرون علامات أقل على فرط النشاط وعدم الانتباه.

من المهم أن يعمل المجتمع المدني بالتعاون مع سلطات الأمر الواقع والمنظمات الدولية لتحقيق هذه الخطوات وتوفير بيئة داعمة للأطفال المصابين بطيف التوحد وأسرهم، وإننا في تيار المستقبل السوري منفتحون على كل تعاون فيما يخص هذه القضية الحساسة والهامة وغيرها.

وهيبة المصري
مكتب شؤون الأسرة
قسم البحوث والدراسات
مقالات
تيار المستقبل السوري

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى