المكتب الإعلاميالمكتب العلميد. لميس ابو عسافدراساتدراسات إعلاميةقسم البحوث و الدراساتكاتبوا التيار

التخطيط الإعلامي وضرورته الاستراتيجية

الهدف من الورقة:

تهدف هذه الورقة إلى تقديم لمحة شاملة عن مفهوم التخطيط الإعلامي من خلال تناول جوانبه الإدارية، الوظيفية، والاتصالية، إضافة إلى استعراضه كمنهج علمي يستند إلى أسس دقيقة. يأتي ذلك في إطار تسليط الضوء على الأهمية البالغة للتخطيط الإعلامي ليس فقط كأداة تنظيمية، بل كضرورة استراتيجية لا غنى عنها في توجيه الجهود الإعلامية لتحقيق أهداف واضحة وفعالة.

إن التخطيط الإعلامي يتجاوز كونه مجرد خطوات محددة تنظم العمل الإعلامي، ليصبح إطارا استراتيجيا يسهم في بناء رؤية مستقبلية قائمة على دراسة واعية لمتطلبات الواقع وتحدياته. 

ومن هذا المنطلق، تهدف هذه الورقة إلى إبراز الدور الحيوي للتخطيط الإعلامي في ضمان انسجام الجهود الإعلامية مع الأهداف الكبرى للمؤسسات، ما يعزز من فاعليتها وقدرتها على التأثير في الجمهور المستهدف.

محاور الورقة

  • المقدمة
  • مفهوم التخطيط الإعلامي الشامل
  • مفهوم التخطيط الإعلامي الإداري
  • مفهوم التخطيط الإعلامي الوظيفي
  • مفهوم التخطيط الإعلامي الاتصالي
  • مفهوم التخطيط الإعلامي كمنهج علمي
  • فوائد التخطيط الاعلامي
  • الخلاصة

المقدمة:

يتطلب التعرف على مفهوم التخطيط الإعلامي وسماته دراسة معمقة وشاملة للإعلام والاتصال، حيث إن هذه الدراسة لا تقتصر على فهم الدور الذي يؤديه الإعلام ووظائفه وأهدافه فقط، بل تمتد إلى تحليل التطورات السريعة والتغيرات العميقة التي شهدها الإعلام في السنوات الأخيرة. 

فقد أصبح الإعلام اليوم ميدانا معقدا وديناميكيا يتطلب وضع معايير دقيقة لآلية الإنتاج الإعلامي، سواء من حيث المضمون أو الشكل، وذلك من خلال التخطيط الإعلامي المدروس الذي يُعنى بتنظيم العملية الإعلامية بكافة جوانبها، بما في ذلك مكونات العملية الاتصالية وأدوارها المتعددة.

إن الاهتمام بالدور الحيوي للإعلام ازداد بشكل ملحوظ نتيجة عدة عوامل، أبرزها الثورة الاتصالية التي غيّرت من طبيعة التواصل بين الأفراد والمجتمعات، والثورة التكنولوجية التي وسّعت نطاق الوصول إلى المعلومات وسرّعت من انتشارها. 

إلى جانب ذلك، نما مفهوم “رجع الصدى” لدى الجماهير، ليصبح عنصراً أساسياً يُكمّل المكونات الرئيسية لعملية الاتصال، والتي تشمل: المرسل، الرسالة، الوسيلة، المستقبل، ورجع الصدى. 

هذا التطور جاء كرد فعل على نتائج الحرب العالمية الثانية التي أبرزت أهمية “الرأي العام”، وظهور مصطلحات مثل “الدعاية” و”الدعاية المضادة”، مما أكّد على الحاجة الملحة للتخطيط الإعلامي كأداة إستراتيجية لإدارة وتوجيه الإعلام بفعالية في ظل هذه التغيرات.

مفهوم التخطيط الإعلامي:

يعد التخطيط الإعلامي بمفهومه العام عملية استراتيجية تتميز بنظرة مستقبلية تهدف إلى استقبال الفرص المتاحة في المستقبل والعمل على استثمارها بأفضل الطرق الممكنة. يتضمن التخطيط الإعلامي القدرة على التنبؤ بالمشكلات المحتملة ووضع الخطط اللازمة لمواجهتها بفاعلية.(1) 

كل ذلك يتم من خلال اتباع آلية عمل منظمة ضمن إطار زمني محدد، مع الحفاظ على درجة عالية من المرونة التي تسمح بإجراء التعديلات الضرورية عند الحاجة، خصوصاً عندما يكون [1]التخطيط موجها لتحقيق هدف متحرك يتطلب التقييم المستمر والمتابعة الدائمة لضمان فعالية الخطة وتوافقها مع المتغيرات.

في هذا السياق، يشيرالخبراء إلى أن التخطيط الإعلامي ليس مجرد عملية عشوائية، بل هو نهج منظم يتألف من عدة أقسام.

في هذه الورقة، سنركز على مفهوم التخطيط الإعلامي كعملية إدارية تسهم في تنظيم العمل الإعلامي وتوجيهه، وكوظيفة تهدف إلى تحقيق أهداف محددة بدقة. كما سنتناول التخطيط الإعلامي كهدف اتصالي يسعى إلى توجيه الرسائل الإعلامية بفعالية، وكمنهج علمي يستند إلى أسس ومعايير دقيقة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.

التخطيط كعملية إدارية

يُعتبر التخطيط عنصرا حيويا وأساسيا ضمن وظائف الإدارة، حيث تقوم به أجهزة متخصصة تهدف إلى مواكبة تطور الفكر والمجتمع من خلال وضع خطط استراتيجية تسهم في البناء المجتمعي. 

وتتمثل هذه العملية في التشخيص الدقيق والتنبؤ بمستقبل التطور الفكري والسلوك الإنساني، مع التركيز على تحليل عميق لمستوى وعي الناس ومعارفهم، ومستوى التطور الاجتماعي، وذلك بهدف تهيئة فكرية مسبقة ضرورية للمؤسسات الإعلامية أولاً، ولتحقيق البناء الاجتماعي الجديد في وعي الجماهير ثانيا.

يتضمن تعريف التخطيط الإعلامي كعملية إدارية مجموعة من العناصر المحورية، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

عملية إرادية مقصودة: التخطيط الإعلامي ليس عملاً عشوائيا، بل هو عملية إرادية تهدف إلى تنظيم الجهود الإعلامية وتعبئتها لتحقيق أهداف محددة.

التنبؤ بالمستقبل: يسعى التخطيط إلى استشراف التطورات الفكرية والاجتماعية المستقبلية، وتوجيه الإعلام ليتماشى مع هذه التطورات.

متابعة مستوى وعي الناس: يشمل التخطيط تحليلا مستمرا لمستوى وعي الجماهير وتفكيرهم، بهدف قياس مدى تقدم المعرفة وكيفية تطورها.

التهيئة الفكرية والإدارية: يهدف التخطيط إلى إعداد المؤسسات الإعلامية فكريا وإداريا لتكون قادرة على وضع الخطط اللازمة لمواجهة تحديات المستقبل.

الاهتمام بالبناء المجتمعي: يُعنى التخطيط بترسيخ الأسس اللازمة لبناء مجتمع متطور، يتمتع بمستوى عالٍ من الوعي والتفاعل مع التغيرات المحيطة.

تحقيق أهداف محددة: يرتكز التخطيط على ضرورة وضع أهداف واضحة ومحددة مسبقا، مع السعي الدؤوب لتحقيقها بكفاءة.

التكيف مع التغيرات البيئية: يجب أن يتضمن التخطيط الإعلامي كعملية إدارية مرونة كافية للتكيف مع التغيرات السريعة في البيئة الاجتماعية والسياسية، مع الحفاظ على التوجهات الاستراتيجية الأساسية.

الاستفادة من التحليل الرقمي: يمكن للتخطيط أن يستفيد من الأدوات الرقمية المتقدمة لجمع وتحليل البيانات حول سلوك الجماهير واحتياجاتهم، مما يساعد في اتخاذ قرارات أكثر دقة وتوجيه الرسائل الإعلامية بفعالية أكبر.

التفاعل مع الأطراف المعنية: ينبغي أن يتضمن التخطيط إشراك جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الجمهور المستهدف، لضمان أن الخطط الموضوعة تعكس احتياجاتهم وتوقعاتهم.

الابتكار في الأساليب: يعد الابتكار عنصرا أساسيا في التخطيط الإعلامي كعملية إدارية، حيث يتطلب من المؤسسات الإعلامية تطوير أساليب جديدة للتواصل والتفاعل مع جمهورها في ضوء التحولات التكنولوجية المتسارعة.

قياس الفاعلية: يشمل التخطيط أيضا وضع آليات دقيقة لقياس فعالية الخطط المنفذة، والتأكد من تحقيق الأهداف المحددة، مع الاستعداد لإجراء التعديلات الضرورية بناء على النتائج المحققة.

التخطيط الإعلامي كوظيفة

مع الإقبال الكبير على استهلاك المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، برزت الحاجة الملحة لاستخدام التخطيط الوظيفي بشكل متزايد داخل المؤسسات الإعلامية. 

فقد أصبح من الضروري توجيه الموارد والإمكانيات المتاحة بكفاءة لتحقيق الأهداف المحددة في إطار السياسات الإعلامية والاتصالية الشاملة.

في هذا السياق، يبرز تعريف الخبير سعد لبيب لمفهوم التخطيط الإعلامي كوظيفة، حيث يصفه بأنه “توظيف الإمكانيات البشرية والمادية المتاحة أو التي يمكن أن تتاح خلال سنوات الخطة، من أجل تحقيق أهداف معينة في إطار السياسة الإعلامية أو الاتصالية، مع الاستخدام الأمثل لهذه الإمكانات.”[2]

يتضمن تعريف التخطيط الإعلامي كوظيفة عدة مفاهيم أساسية، من أهمها أنه عملية موجهة لتحقيق أهداف محددة بدقة، حيث يهتم التخطيط الإعلامي بتوظيف العمليات الإعلامية بمختلف مراحلها وأنواعها، مع التركيز على دراسة وبرمجة وسائل الإعلام لتوظيفها بشكل يحقق أهداف الخطة الإعلامية.

إضافة إلى ذلك، يُعنى التخطيط الإعلامي بالاستفادة القصوى من جميع الإمكانيات المتاحة سواء كانت بشرية، مادية، أو فنية ـ والتي تُعتبر من أسس التخطيط السليم.

لا يقتصر الأمر على توظيف الإمكانيات المتوافرة فقط، بل يتطلب التخطيط الإعلامي السعي والبحث دائما عن الموارد التي يمكن توفيرها أو تطويرها مستقبلا.

هذا النهج يؤكد على النظرة المستقبلية للتخطيط الإعلامي، والتي تتطلب الاستخدام الأمثل للإمكانيات البشرية والمادية، حيث يعد هذا الاستخدام الأمثل ضروريا لتقليل العشوائية في العمل وضمان توجيه الجهود نحو تحقيق الأهداف الإعلامية المحددة، بما يتوافق مع السياسة الاتصالية والإعلامية الشاملة.

وبناء على ذلك يمكننا أن نعتمد على عدد من العناصر المتبعة في ذات السياق:

التكيف مع البيئات الرقمية: يجب أن يأخذ التخطيط الإعلامي كوظيفة في الاعتبار التحولات الرقمية المستمرة، وضرورة تطوير استراتيجيات تتناسب مع التغيرات التكنولوجية والتوجهات الحديثة في استهلاك المحتوى.

التعاون بين الإدارات: يمكن تعزيز فعالية التخطيط الوظيفي من خلال التنسيق والتعاون الوثيق بين مختلف الإدارات داخل المؤسسة الإعلامية، مما يضمن تكامل الجهود وتحقيق الأهداف بشكل متسق.

تطوير الكفاءات البشرية: إلى جانب توظيف الإمكانيات المتاحة، يجب أن يشمل التخطيط الإعلامي كوظيفة تطوير الكفاءات البشرية من خلال التدريب والتأهيل المستمرين لضمان جاهزية الفرق الإعلامية لمواجهة التحديات المستقبلية.

قياس الأداء: يجب أن يكون التخطيط الإعلامي مرنا بما يكفي لإجراء تعديلات على الخطط بناء على نتائج قياس الأداء، مما يتيح تحسين مستمر وتكيف مع التغيرات في البيئة الإعلامية.

التركيز على الجمهور المستهدف: يشمل التخطيط الإعلامي كوظيفة أيضا ضرورة دراسة الجمهور المستهدف بدقة لضمان توجيه الرسائل الإعلامية بما يتناسب مع احتياجاته وتوقعاته، وبالتالي تحقيق تأثير أكبر.

التخطيط الإعلامي كهدف اتصالي

لتحديد مفهوم التخطيط الإعلامي كهدف، من الضروري دراسته ضمن علاقاته وارتباطاته وأهدافه في المجتمع، لا سيما في سياق تدفق المعلومات وإتاحة الفرصة للجميع للوصول إليها. 

يُعتبر ضبط عملية التدفق بما يتناسب مع معطيات المجتمع أمرا أساسيا لضمان تحقيق الأهداف الاتصالية بشكل فعال.

في هذا السياق، يأتي تعريف التخطيط الإعلامي كهدف اتصالي في البلدان النامية كعملية توجيهية لأنظمة ووسائل الاتصال عبر جهاز مركزي لتحقيق الأهداف الأساسية لهذه الدول، حيث يشمل ذلك دعم الوحدة القومية، وتعجيل ومساندة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال استخدام الأساليب الفنية والعلمية للاتصال بما يتناسب مع ظروف كل بلد، كما يتطلب تعديل هذه الأساليب تبعًا لمدى التقدم نحو تحقيق الأهداف، وذلك عبر عمليات المتابعة والتقويم المستمرة.

خبراء الاتصال، ومن بينهم المنظمة الدولية للثقافة والتربية والعلوم “اليونسكو”، قدموا تعريفا مفصلاً لمفهوم التخطيط الإعلامي كهدف اتصالي.

يُعنى هذا المفهوم بإعداد الخطط طويلة وقصيرة الأجل ــ أو الاستراتيجية والتنفيذية ــ من أجل الاستخدام الكفء والعادل لموارد الاتصال، وذلك ضمن سياق أهداف المجتمع ووسائله وأولوياته. 3

يتم هذا مع مراعاة أشكال التنظيم الاجتماعي والسياسي السائدة فيه.

التخطيط الإعلامي، كجزء من تخطيط الاتصال، يُعد تصورا نظريا يتطلب مجهودا عقليا كبيرا يُبذل على الورق بهدف الوصول إلى الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، لتحقيق هدف محدد ضمن فترة زمنية محددة، ولذلك، يُعتبر وجود جهاز مختص بالتخطيط أمرا لا غنى عنه.

 ولا بد لنا أن نعتمد هنا على العديد من النقاط، نذكر أهمها: 

تكامل التخطيط الإعلامي مع التخطيط التنموي: يجب أن يُنظر إلى التخطيط الإعلامي كجزء لا يتجزأ من التخطيط التنموي الشامل، حيث يُسهم الإعلام في تحقيق التنمية المستدامة من خلال نشر الوعي وتحفيز التغيير الاجتماعي.  

تأثير التكنولوجيا الرقمية: مع التطور التكنولوجي السريع، ينبغي أ[3]ن يتضمن التخطيط الإعلامي كهدف اتصالي استراتيجيات للاستفادة من التقنيات الرقمية الحديثة، مثل وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، لتعزيز فعالية الرسائل الإعلامية وضمان وصولها إلى جمهور أوسع.

التفاعل مع الجمهور: من الضروري أن يتضمن التخطيط الإعلامي آليات للتفاعل المباشر مع الجمهور، مما يعزز من مصداقية وسائل الإعلام ويعكس احتياجات وتطلعات المجتمع بشكل أدق.

المرونة في التخطيط: ينبغي أن يكون التخطيط الإعلامي مرناً بما يكفي للتكيف مع التغيرات السريعة في البيئة الإعلامية والسياسية، مع الحفاظ على تحقيق الأهداف الاستراتيجية.

التأكيد على الشفافية والمساءلة: من المهم أن يتم تضمين مبادئ الشفافية والمساءلة ضمن عملية التخطيط الإعلامي، لضمان أن العمليات الإعلامية تخدم المصلحة العامة وتعمل وفقا لأخلاقيات المهنة.

تعزيز المشاركة المجتمعية: يجب أن يعزز التخطيط الإعلامي المشاركة المجتمعية في عملية التخطيط نفسها، مما يضمن أن الخطط الإعلامية تعكس التنوع الاجتماعي والسياسي داخل المجتمع، وتعمل على تحقيق أهدافه الجماعية.

إدارة الأزمات الإعلامية: يجب أن يشمل التخطيط الإعلامي كهدف اتصالي آليات لإدارة الأزمات الإعلامية، مع وضع استراتيجيات احترازية للتعامل مع الطوارئ وضمان استمرار التواصل الفعّال خلال الأزمات.

التركيز على التعليم الإعلامي: يجب أن يهدف التخطيط الإعلامي إلى تعزيز التعليم الإعلامي بين الجمهور، مما يمكنهم من فهم وتحليل المعلومات بشكل نقدي ويساعدهم على المشاركة بفعالية في المجتمع الديمقراطي.

التكيف مع التغيرات الثقافية: يجب أن يأخذ التخطيط الإعلامي في الاعتبار التغيرات الثقافية والتوجهات المجتمعية المتغيرة، وذلك لضمان أن الرسائل الإعلامية تظل ذات صلة وتعكس القيم والتطلعات الحالية للمجتمع.

التخطيط الإعلامي كمنهج علمي[4]

يعتمد التخطيط الإعلامي على منهجية علمية دقيقة ترتكز على معايير ومقاييس مدروسة بعناية، بهدف تحقيق أهداف محددة وواضحة. 

يتم ذلك من خلال استخدام أدوات وأساليب علمية تسهم في تحقيق هذه الأهداف بكفاءة وفعالية.. فيما يلي مجموعة من التعريفات المتعلقة بالتخطيط الإعلامي من منظور منهجي علمي:4

  1. التخطيط الإعلامي كمنهج علمي: هو أسلوب علمي يتجسد في مجموعة من الإجراءات العملية التي تهدف إلى تحقيق أهداف مستقبلية محددة، وذلك ضمن إطار سياسة إعلامية شاملة، حيث يعتمد التخطيط على خطط إعلامية متكاملة يجري تنفيذها بشكل فعّال عبر أجهزة إدارية وتنظيمية مؤهلة قادرة على متابعة التنفيذ وتحقيق النتائج المرجوة.
  2. التخطيط الإعلامي كعملية علمية وعملية: هو منهج علمي يتضمن اتخاذ تدابير عملية لتحقيق أهداف مستقبلية من خلال الاختيار بين البدائل المتاحة، حيث يشمل ذلك تعبئة الإمكانيات، وتنسيق الجهود، وتوجيه الطاقات المتاحة، بهدف تكامل الجهود واستخدام العلوم والفنون والتقنية الحديثة في تحقيق أهداف الحملات الإعلامية.
  3. التخطيط الإعلامي القائم على العلم: يشير إلى عملية علمية تهدف إلى وضع أهداف محددة، ورسم سياسات واضحة، وإعداد خطط متكاملة، واتخاذ الإجراءات التنفيذية بأكبر قدر من الكفاءة والفعالية، حيث يتم تنفيذ هذه الإجراءات وفق برنامج فني محدد، يضمن تحقيق أفضل النتائج الممكنة.
  4. ـ الخطوات العلمية للتخطيط الإعلامي: هو عملية منظمة تتبع خطوات علمية محددة، تبدأ بجمع المعلومات الضرورية وتحليلها، مرورا بتحديد الأهداف الإعلامية أو الدعائية، وتقسيمها إلى مراحل، وصولاً إلى تحديد المزيج الاتصالي الأمثل، والشكل الذي ستتخذه الحملة الإعلامية، وجدولة التنفيذ، وأخيرا التقييم المرحلي والنهائي للحملة.
  5. – التكيف مع المستجدات: يتطلب التخطيط الإعلامي كمنهج علمي مرونة في التكيف مع المستجدات والتغيرات في البيئة الإعلامية والسياسية، من خلال تعديل الخطط بناءً على التقييم المستمر والاستفادة من البيانات الجديدة.
  6. الاستفادة من التحليل البياني: يجب أن يتضمن التخطيط الإعلامي استخدام التحليل البياني المتقدم لفهم التوجهات العامة وتحليل الجمهور المستهدف بشكل دقيق، مما يمكن من تصميم حملات إعلامية أكثر فعالية.
  7. – الاعتماد على الأبحاث والتجارب: يستند التخطيط الإعلامي كمنهج علمي على نتائج الأبحاث العلمية والتجارب السابقة، مما يتيح تطوير خطط إعلامية مبنية على أدلة وحقائق، ويقلل من المخاطر المرتبطة بتنفيذ الحملات الإعلامية.
  8. – الابتكار في الأساليب الإعلامية: يشمل التخطيط الإعلامي كمنهج علمي البحث عن أساليب جديدة ومبتكرة في تقديم الرسائل الإعلامية، بما يتناسب مع التطورات التكنولوجية والتغيرات في سلوكيات الجمهور.
  9. – التركيز على النتائج القابلة للقياس: من الضروري أن يتضمن التخطيط الإعلامي كمنهج علمي أهدافًا قابلة للقياس، مما يسهل تقييم فعالية الحملات الإعلامية وتحديد مدى تحقيق الأهداف المرجوة بدقة.
  10. – تعزيز التعليم والتدريب: يتطلب تطبيق التخطيط الإعلامي كمنهج علمي تطوير القدرات البشرية من خلال التعليم والتدريب المستمرين، لضمان امتلاك العاملين في المجال الإعلامي المهارات اللازمة لتنفيذ الخطط بشكل فعّال.

فوائد التخطيط الإعلامي

يُعتبر التخطيط الإعلامي أداة جوهرية في تعزيز فعالية وكفاءة الإدارة الإعلامية، حيث يساهم بشكل كبير في تحسين أداء المؤسسات الإعلامية من خلال تحديد الأهداف وتنظيم الموارد. 

تتعدد أسباب أهمية التخطيط الإعلامي وتختلف من مؤسسة إعلامية إلى أخرى، إلا أن هناك مجموعة من الفوائد الرئيسية التي يمكن أن تتحقق من خلاله:5

التعرّف على الجمهور المستهدف بشكل أعمق: يساعد التخطيط الإعلامي في تحليل الجمهور [5]المستهدف بعمق، مما يتيح فهم احتياجاتهم ورغباتهم وتوقعاتهم، هذا الفهم يمكن المؤسسات الإعلامية من تصميم محتوى يتماشى مع اهتمامات الجمهور، وبالتالي تحقيق تواصل أكثر فعالية وتأثيرا.

تحديد القنوات الإعلامية المناسبة: من خلال التخطيط الإعلامي، يمكن للمؤسسات تحديد القنوات والأنظمة الأساسية الأكثر فعالية لمشاركة المحتوى. 

هذا يضمن وصول الرسائل الإعلامية إلى الجمهور المستهدف عبر الوسائط التي يفضلونها، سواء كانت قنوات تقليدية مثل التلفزيون والإذاعة، أو قنوات حديثة مثل منصات التواصل الاجتماعي.

تنظيم توقيت وتكرار المحتوى الإعلامي: يساهم التخطيط الإعلامي في وضع جدول زمني دقيق لنشر المحتوى، يحدد فيه التوقيت المثالي والتكرار المناسب للرسائل الإعلامية.

مواكبة أحدث اتجاهات وسائل الإعلام والتكنولوجيا: يساعد التخطيط الإعلامي المؤسسات في البقاء على اطلاع دائم بأحدث التطورات في مجال الإعلام والتكنولوجيا. 

الالتزام بالميزانية المحددة: يتيح التخطيط الإعلامي للمؤسسات إدارة مواردها المالية بكفاءة، من خلال تخصيص الميزانية بطريقة تتناسب مع الأهداف المحددة، هذا يساعد في إنتاج محتوى وسائط عالي الجودة ونشره دون تجاوز الميزانية المخصصة.

قياس مدى نجاح التخطيط الإعلامي: يتيح التخطيط الإعلامي إجراء تحليلات دورية لقياس مدى نجاح الاستراتيجيات والخطط المتبعة، من خلال جمع البيانات وتحليلها، يمكن للمؤسسات تعديل خططها وتحسين أدائها لتحقيق نتائج أفضل.

تعزيز التعاون بين الفرق الإعلامية: يساعد التخطيط الإعلامي في تنظيم التعاون بين مختلف الفرق داخل المؤسسة الإعلامية، مما يضمن تنسيق الجهود وتكاملها لتحقيق الأهداف المشتركة.

تحسين استجابة المؤسسة للأزمات: يساهم التخطيط الإعلامي في وضع خطط احتياطية لمواجهة الأزمات المحتملة، مما يعزز من قدرة المؤسسة على التفاعل السريع والفعال مع التحديات الطارئة.

زيادة الاستدامة الإعلامية: من خلال التخطيط طويل الأمد، يمكن للمؤسسات الإعلامية تطوير استراتيجيات تضمن استدامة محتواها وتأثيرها على المدى الطويل، مما يعزز من حضورها في السوق الإعلامية.

الخلاصة:

بعد استعراض محاور تعريف التخطيط الإعلامي، يتضح أن التخطيط الإعلامي ليس مجرد عملية إدارية أو تنظيمية، بل هو عمل علمي إيجابي ومقصود يتطلب فهماً عميقاً لديناميات المجتمع وتطوره المستمر، حيث يتمحور التخطيط الإعلامي حول الاستجابة لتغير احتياجات الأفراد والجماعات، واستشراف المستقبل بناء على بيانات وتحليلات دقيقة.

إن التخطيط الإعلامي يقوم على أسس علمية دقيقة، تتطلب التفكير الرقمي وجمع البيانات وتوظيفها بشكل يتيح التنبؤ بالتحديات والفرص المحتملة. 

هذه العملية تحتاج إلى خطوات عملية متسلسلة تتماشى مع الإمكانيات والموارد المتاحة، مع مراعاة الزمن المحدد والأهداف الاستراتيجية للمؤسسة الإعلامية.

ومن هنا، يمكن التأكيد على أن التخطيط الإعلامي يساهم بشكل فعال في تحقيق الأهداف العامة والنوعية للعملية الاتصالية، ويعزز من دور الإعلام والاتصال في خدمة المجتمع ونموه. إذ لا يقتصر دوره على مجرد نقل المعلومات، بل يتعداه ليكون جزءاً لا يتجزأ من عملية التطوير الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.

المصادر:

  1. صادق، أسامة، المبادئ العلمية لإلدارة العامة، مكتبة يمنى شمس، القاهرة، 1989
  2. لبيب، سعد، محاضرات في التخطيط اإلعالمي، القاهرة، جامعة القاهرة، كلية اإلعالم، القاهرة1983
  3. اليونسكو، التقرير النهائي للمؤتمر الدولي الحكومي بشأن سياسات التصال في الوطن العربي، إدارة اإلعالم، ، تونس، .1987
  4. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، قضية التخطيط اإلعالمي في الوطن العربي1980
  5. Media Planning: The Ultimate Guide  Written by: Kristen Baker 

د. لميس ابو عساف
المكتب الإعلامي
قسم البحوث والدراسات
دراسات
تيار المستقبل السوري

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى