الأنمي، تأثيره على الأطفال السوريين ودعوة لاختراق صناعته
مقدمة:
الأنمي نوع من الرسوم المتحركة التي نشأت في اليابان وأصبحت ظاهرة عالمية.
بدأ الأنمي في أوائل القرن العشرين، حيث تم إنتاج أول فيلم أنمي تجاري في عام 1917م، ومنذ ذلك الحين، تطورت صناعة الأنمي بشكل كبير، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من الثقافة اليابانية والعالمية.
تاريخ الأنمي:
بدأ الأنمي كوسيلة لتوفير بديل أقل تكلفة للأفلام الحية، مع أول فيلم أنمي تجاري في عام 1917م.
ثم تطور خلال العقود التالية، وتطورت تقنيات الأنمي وأصبحت أكثر تعقيدًا، مع ظهور أعمال مشهورة مثل “أسترو بوي” في الستينيات.
في الثمانينيات والتسعينيات، بدأ الأنمي يكتسب شهرة عالمية، مع ترجمة العديد من الأعمال إلى لغات مختلفة وانتشارها في جميع أنحاء العالم.
يشمل الأنمي اليوم مجموعة واسعة من الأنواع التي تستهدف جميع الفئات العمرية، بما في ذلك الأطفال. هناك أنميات تعليمية وترفيهية تهدف إلى تعليم الأطفال القيم والأخلاق.
كما للأنمي تأثير كبير على الأطفال، حيث يمكن أن يساعد في تطوير مهاراتهم اللغوية والاجتماعية، بالإضافة إلى تعزيز خيالهم وإبداعهم.
ولكن نظرًا لشعبيته الكبيرة بين الأطفال، يخضع الأنمي لرقابة صارمة لضمان ملاءمته للفئة العمرية المستهدفة.
واليوم، الأنمي ليس مجرد وسيلة ترفيهية، بل هو أيضًا أداة تعليمية قوية يمكن أن تساهم في تنمية الأطفال بشكل إيجابي إذا تم اختيار المحتوى بعناية.
سلبيات ومساوئ:
الأنمي، رغم فوائده العديدة، يمكن أن يكون له بعض السلبيات على الأطفال بشكل عام، وعلى الأطفال السوريين بشكل خاص. وبعض تلك السلبيات التي رصدناها في مكتب شؤون الأسرة لـ تيار المستقبل السوري على الأطفال عمومًا:
- المحتوى غير المناسب: بعض الأنميات تحتوي على مشاهد عنف أو محتوى غير مناسب للأطفال، مما قد يؤثر سلبًا على سلوكهم ونفسيتهم.
- الإدمان: يمكن أن يؤدي مشاهدة الأنمي بشكل مفرط إلى الإدمان، مما يؤثر على وقت الدراسة والنوم والنشاطات الاجتماعية.
- التأثير على القيم: بعض الأنميات قد تنقل قيماً أو سلوكيات غير مناسبة، مما قد يؤثر على القيم الأخلاقية للأطفال.
- التأثير على الصحة: الجلوس لفترات طويلة أمام الشاشة يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية مثل السمنة وضعف النظر.
وأما سلبيات الأنمي على الأطفال السوريين التي رصدناها، وسنفردها بدراسة لاحقة فهي:
- التأثير النفسي: الأطفال السوريون يعانون من ضغوط نفسية بسبب الحرب والنزوح، ومشاهدة الأنمي الذي يحتوي على مشاهد عنف قد يزيد من هذه الضغوط، وهذا مايُدلل عليه استجابة الاطفال خصوصا في المخيمات للألعاب العنفية، مثل ألعاب الحروب أو المصارعة وغيرها.
- الانفصال عن الواقع: قد يلجأ الأطفال السوريون إلى الأنمي كوسيلة للهروب من الواقع الصعب، مما قد يؤدي إلى انفصالهم عن الواقع وعدم مواجهة التحديات الحقيقية، وقد أدى ذلك الهروب إلى تراجع ٢٠٪ من الأطفال الذين خضعوا للاحصاء الذي قمنا به في حياتهم الدراسية والاجتماعية.
- نقص الرقابة: في بعض الأحيان، قد لا تكون هناك رقابة كافية على ما يشاهده الأطفال، مما يزيد من احتمالية تعرضهم لمحتوى غير مناسب، حيث إن استبياننا في منطقة اعزاز كانت نسبة رقابة الأهل على هواتف أطفالهم سواء عبر تفعيل برامج الرقابة الأبوية، أو متابعة مايشاهده أطفالهم هي ٥٪ فقط، وبالتالي نحن أمام استقراء محدود قد يكون دليلا خطيرا على اهمال الأهل للرقابة الأبوية على مايشاهده أطفالهم.
- التأثير على التعليم: بسبب الظروف الصعبة، قد يكون من الصعب على الأطفال السوريين التركيز على التعليم، ومشاهدة الأنمي بشكل مفرط قد يزيد من هذه الصعوبة.
لهذا ستكون النصائح للتقليل من السلبيات تتمثل أولاً بالرقابة الأبوية، فمن المهم أن يراقب الأهل ما يشاهده الأطفال ويختاروا الأنميات المناسبة لأعمارهم:
مع ضرورة تحديد وقت محدد لمشاهدة الأنمي لضمان عدم تأثيره على الأنشطة اليومية الأخرى.
كما من الجيد أن يناقش الأهل مع الأطفال ما يشاهدونه ويشرحوا لهم الفرق بين الخيال والواقع.
إيجابيات وفوائد:
يمكن أن يكون للأنمي العديد من الإيجابيات على الأطفال بشكل عام، وعلى الأطفال السوريين بشكل خاص. بعض هذه الإيجابيات:
- تحفيز الإبداع: الأنمي يقدم قصصًا خيالية ومشاهد بصرية مدهشة، مما يساعد الأطفال على تنمية خيالهم وإبداعهم.
- تعلم القيم والأخلاق: العديد من الأنميات تحتوي على رسائل تعليمية وقيم أخلاقية، مثل الصداقة، الشجاعة، والعمل الجماعي.
- تحسين المهارات اللغوية: مشاهدة الأنمي بلغات مختلفة يمكن أن تساعد الأطفال على تعلم كلمات وعبارات جديدة، مما يعزز مهاراتهم اللغوية.
- التسلية والترفيه: الأنمي يوفر وسيلة ممتعة للأطفال لقضاء وقتهم، مما يساعدهم على الاسترخاء والاستمتاع.
وأما إيجابيات الأنمي على الأطفال السوريين التي رصدناها بحسب دراستنا الاجتماعية فتتمثل بـ:
- الهروب من الواقع الصعب: يمكن أن يوفر الأنمي للأطفال السوريين وسيلة للهروب من الضغوط النفسية الناتجة عن الحرب والنزوح، مما يساعدهم على الاسترخاء والتخفيف من التوتر، وهي سلبية كما هي ايجابية.
- تعزيز الأمل والتفاؤل: العديد من الأنميات تحتوي على قصص ملهمة تعزز الأمل والتفاؤل، مما يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على نفسية الأطفال السوريين.
- التعليم عن بعد: في ظل الظروف الصعبة، يمكن أن يكون الأنمي وسيلة تعليمية فعالة، حيث يمكن للأطفال تعلم مواضيع مختلفة بطريقة ممتعة وجذابة.
- تعزيز الروابط الاجتماعية: مشاهدة الأنمي يمكن أن تكون نشاطًا اجتماعيًا يجمع الأطفال معًا، مما يعزز الروابط الاجتماعية بينهم ويساعدهم على بناء صداقات جديدة.
وانطلاقا من هذه الايجابيات هناك نصائح للاستفادة القصوى من الأنمي، منها اختيار الأنميات المناسبة لأعمار الأطفال وتحتوي على رسائل إيجابية.
إضافة إلى تحديد وقت محدد لمشاهدة الأنمي لضمان عدم تأثيره على الأنشطة اليومية الأخرى.
لهذا من الجيد أن يشارك الأهل أطفالهم في مشاهدة الأنمي ومناقشة المحتوى معهم، مما يعزز الفهم ويعطي فرصة لتوجيه الأطفال بشكل صحيح.
في الاقتصاد والقيم:
صناعة الأنمي تعد واحدة من أكبر الصناعات الترفيهية في اليابان، حيث تساهم بشكل كبير في الاقتصاد الياباني من خلال الإيرادات الناتجة عن بيع حقوق البث، المنتجات المرتبطة، والأفلام. هذه الصناعة توفر فرص عمل لآلاف الأشخاص في مجالات مختلفة مثل الرسم، الكتابة، الإنتاج، والتسويق، لهذا فإن الاستثمار في الأنمي يمكن أن يكون له فوائد اقتصادية كبيرة لأي دولة. على سبيل المثال، السعودية بدأت تستثمر في صناعة الأنمي من خلال شركة “مانجا للإنتاج”، التي تهدف إلى إنتاج محتوى يعكس الثقافة والقيم العربية، مما يعزز الاقتصاد المحلي ويصدر الثقافة العربية إلى العالم.
كما أن الأنمي ليس مجرد وسيلة ترفيهية، بل هو أيضًا أداة قوية لنشر القيم والأخلاق. العديد من الأنميات تحتوي على رسائل تعليمية وقيم أخلاقية مثل الصداقة، الشجاعة، والعمل الجماعي. يمكن استخدام الأنمي لتعليم الأطفال القيم الفاضلة وتعزيز السلوكيات الإيجابية، وبالتالي يمكن الاستفادة من صناعة الأنمي الخاص بالعقلية السورية، لنشرها عالميا، ولترسيخها وطنيا، ومن هنا نرى أن أهمية انخراط المؤسسات السورية في صناعة الأنمي تتمثل بـ:
- نشر القيم الفاضلة: يمكن للمؤسسات السورية استخدام الأنمي كوسيلة لنشر القيم الفاضلة وتعزيز الهوية الثقافية السورية، وذلك من خلال إنتاج أنميات تعكس القيم والأخلاق السورية، يمكن للأطفال تعلم هذه القيم بطريقة ممتعة وجذابة.
- الفوائد الاقتصادية: الاستثمار في صناعة الأنمي يمكن أن يساهم في تعزيز الاقتصاد السوري من خلال خلق فرص عمل جديدة وزيادة الإيرادات من بيع حقوق البث والمنتجات المرتبطة، كما يمكن أن يساعد في تصدير الثقافة السورية إلى العالم، مما يعزز السياحة والاهتمام الدولي بسورية.
- دعم التعليم: يمكن استخدام الأنمي كأداة تعليمية فعالة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها الأطفال السوريون، وذلك من خلال إنتاج أنميات تعليمية، يمكن للمؤسسات السورية المساهمة في تحسين مستوى التعليم وتوفير محتوى تعليمي ممتع وجذاب للأطفال.
- تعزيز الروابط الاجتماعية: يمكن أن يكون الأنمي وسيلة لتعزيز الروابط الاجتماعية بين الأطفال السوريين، من خلال توفير محتوى يجمعهم ويعزز التفاعل الاجتماعي بينهم.
إن الاستثمار في صناعة الأنمي يمكن أن يكون له فوائد كبيرة من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، ومن خلال إنتاج أنميات تعكس القيم الفاضلة والثقافة السورية، يمكن للمؤسسات السورية المساهمة في تعزيز الهوية الثقافية وتحقيق فوائد اقتصادية كبيرة.
خاتمة:
الأنمي يمكن أن يكون أداة قوية للتعليم والتثقيف إذا تم استخدامه بشكل صحيح، وللاستفادة من إيجابياته وتجاوز سلبياته فإننا نوصي في مكتب شؤون الأسرة لـ تيار المستقبل السوري بما يأتي:
- عقد ورش عمل توعوية حول كيفية اختيار الأنمي المناسب للأطفال وكيفية استغلاله في تعليم القيم الإيجابية.
- تشجيع إنتاج أنمي محلي يعكس القيم والثقافة السورية ويعزز الهوية الوطنية.
- متابعة ما يشاهده الأطفال وتوجيههم نحو الأنمي الذي يحمل رسائل إيجابية وتعليمية.
- التحدث مع الأطفال حول ما يشاهدونه ومناقشة القيم والدروس المستفادة من الأنمي.
- دعم المبادرات والشركات التي تنتج أنمي محلي يعزز القيم الأخلاقية والتعليمية.
- وضع قوانين وتنظيمات لضمان أن المحتوى الموجه للأطفال يتماشى مع القيم الثقافية والاجتماعية.
- البحث عن الأنمي الذي يحمل رسائل إيجابية ويعزز القيم الأخلاقية.
- الانضمام إلى مجتمعات الأنمي التي تركز على المحتوى الإيجابي وتبادل التوصيات.
- الاستثمار في صناعة الأنمي المحلية يمكن أن يخلق فرص عمل جديدة ويعزز الاقتصاد.
- استخدام الأنمي للترويج للمواقع السياحية والثقافة السورية يمكن أن يجذب السياح (في المرحلة الاولى تشجيع السياحة الداخلية حتى الوصول لحل سياسي شامل) ويعزز الاقتصاد.
- التأكد من أن الأنمي يحتوي على قصص تعزز القيم مثل الصدق، التعاون، والشجاعة.
- استخدام الأنمي كأداة تعليمية في المدارس لتعزيز التعلم بطريقة ممتعة وجذابة.
باتباع هذه التوصيات، فإننا نرى أنه يمكن للمجتمع السوري الاستفادة من الأنمي بشكل إيجابي وتعزيز القيم الفاضلة لدى الأطفال.
مكتب شؤون الأسرة
فريق البحث
قسم البحوث والدراسات
دراسات
تيار المستقبل السوري
المراجع:
- غرس القيم والتذوق الأدبي عند الطفل من خلال مسلسلات الرسوم المتحركة.
- القيم الأخلاقية في وسائل الإعلام وتأثيرها على شخصية الطفل وسلوكه ….
- undefined.
- برامج الأطفال الكرتونية وأثرها في تربية الطفل وتوجيه سلوكه.
- (PDF) القيم والأفكار المتضمنة في الرسوم المتحركة للمراهقين و الشباب ….
- ثقافة الرسوم المتحركة وأثرها على شخصية الطفل.
- كيف استخدمت السعودية «الأنمي» لتصدير الثقافة العربية إلى العالم؟.
- انطلاق أول مسلسل محلي بأسلوب الرسومات اليابانية يوثق القيم الاجتماعية ….
- “مانجا للإنتاج” السعودية تكشف عن موعد إطلاق أول حلقة من “أساطير في قادم ….