التفكك الأسري وأثره السلبي على الأسرة السورية
مقدمة:
التفكك الأسري مصطلح يشير إلى انهيار الوحدة الأسرية وتفكك الروابط العائلية القوية، وهو ظاهرة معقدة تتأثر بعوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية ونفسية متعددة.
كما تتنوع أسباب التفكك الأسري، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- الطلاق: يعد الطلاق أحد الأسباب الرئيسية للتفكك الأسري، وقد ينتج عن العديد من العوامل مثل الخلافات الزوجية المستمرة، الخيانة الزوجية، العنف الأسري، الاختلافات الثقافية، أو المشاكل المالية.
- العنف الأسري: يشمل العنف الأسري جميع أشكال الإيذاء الجسدي والنفسي والجنسي الذي يتعرض له فرد من أفراد الأسرة على يد آخر.
- الإدمان: إدمان أحد الزوجين على المخدرات أو الكحول يمكن أن يؤدي إلى تدمير الأسرة وتفككها.
- الفقر: يؤثر الفقر سلبًا على استقرار الأسرة ويزيد من احتمالية حدوث مشاكل اجتماعية ونفسية تؤدي إلى التفكك.
- غياب التواصل: عدم وجود حوار صريح وفعال بين أفراد الأسرة يؤدي إلى تراكم المشاكل وعدم القدرة على حلها.
- تدخل الأهل والأصدقاء: تدخل الأهل والأصدقاء في شؤون الأسرة بشكل مفرط قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل وزيادة الخلافات.
- الضغوط النفسية: يعاني العديد من الأفراد من ضغوط نفسية كبيرة في حياتهم اليومية، مما قد يؤثر على علاقاتهم الأسرية.
آثار ووقاية:
للتفكك الأسري آثار سلبية عميقة على الأفراد والمجتمع، من أهمها:
- تأثير على الأطفال: يعاني الأطفال من آثار نفسية واجتماعية شديدة نتيجة للتفكك الأسري، مثل الاكتئاب، القلق، صعوبات في التعلم، وسلوكيات عدوانية.
- مشاكل صحية: يرتبط التفكك الأسري بزيادة خطر الإصابة بالعديد من الأمراض النفسية والجسدية.
- مشاكل اجتماعية: يؤدي التفكك الأسري إلى زيادة معدلات الجريمة والإدمان والعنف في المجتمع.
- ضعف العلاقات الأسرية: يؤدي التفكك الأسري إلى تضعيف الروابط الأسرية وتقليل الشعور بالانتماء.
يمكن الوقاية من التفكك الأسري من خلال اتباع العديد من الاستراتيجيات، مثل:
- تعزيز التواصل: يجب على أفراد الأسرة التواصل بصفة مستمرة وبشكل صريح وفعال لحل المشاكل والتفاهم على الأمور.
- البحث عن الدعم: يمكن للأسر التي تواجه مشاكل اللجوء إلى المستشارين الأسريين أو المختصين النفسيين للحصول على الدعم والمساعدة.
- تعزيز الروابط الأسرية: يمكن تعزيز الروابط الأسرية من خلال قضاء وقت ممتع معًا وممارسة الأنشطة المشتركة.
- التعامل مع المشاكل بشكل بناء: يجب على أفراد الأسرة التعامل مع المشاكل بشكل بناء والبحث عن حلول مشتركة.
- توفير الدعم المادي والمعنوي: يجب توفير الدعم المادي والمعنوي للأسر التي تواجه صعوبات.
يعتبر التفكك الأسري مشكلة اجتماعية خطيرة تتطلب جهودًا كبيرة من قبل الأفراد والمؤسسات الحكومية والمنظمات الأهلية للحد منها والوقاية منها. لهذا يجب على الجميع العمل معًا لتعزيز قيم الأسرة والتسامح والحوار، وبناء مجتمعات أكثر استقرارًا وسعادة.
عن التفكك السوري:
شهدت سورية منذ اندلاع النزاع المسلح عام 2011، تحولات اجتماعية عميقة أثرت بشكل كبير على بنية المجتمع السوري، ولا سيما الأسرة. فقد أدت الحرب إلى نزوح وتشريد الملايين، وتعرض الكثيرين للعنف والاضطهاد، مما أدى إلى تفكك العديد من الأسر وتشتت أفرادها.
وتظهر أسباب التفكك الأسري في سورية بـ:
- النزوح واللجوء: أدى النزوح واللجوء القسري إلى فصل أفراد الأسرة عن بعضهم البعض، وتعرضهم لظروف معيشية صعبة في دول اللجوء، مما زاد من الضغوط على العلاقات الأسرية.
- العنف والقتل: تسبب العنف المسلح في مقتل عدد كبير من المدنيين، وتعرض العديد للاختطاف والتعذيب، مما أدى إلى تدمير العديد من الأسر.
- الفقر والبطالة: أدت الحرب إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، مما زاد من الضغوط على الأسر وزاد من احتمالية حدوث خلافات وخلافات.
- الزواج المبكر: لجأت بعض العائلات إلى تزويج بناتهن في سن مبكرة، بهدف حمايتهن من الأخطار أو لتحسين الوضع الاقتصادي للأسرة، مما أدى إلى تفكك العديد من هذه الزيجات.
- العنف الأسري: زادت معدلات العنف الأسري بشكل كبير خلال الحرب، بسبب الضغوط النفسية والاجتماعية التي يتعرض لها الأفراد.
هذا ولقد خلف النزاع الدائر في سورية جروحًا عميقة في النسيج الاجتماعي، وكان للتفكك الأسري أثر بالغ في تفاقم هذه الجروح. بعض السلبيات التي رصدناها والتي ترتبت على تفكك الأسر السورية:
- زيادة معدلات الجريمة: أدى فقدان الرعاية الأسرية وتعرض الأطفال والشباب لصدمات نفسية إلى زيادة معدلات الجريمة والانحراف.
- انتشار الأمراض النفسية: يعاني الكثير من النازحين واللاجئين من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق، نتيجة لما تعرضوا له من صدمات وفقدان للأمان.
- تدهور التعليم: تأثر التعليم بشكل كبير بسبب النزاع، حيث اضطر العديد من الأطفال إلى ترك مدارسهم للعمل أو للفرار من مناطق القتال، مما أدى إلى جيل غير متعلم وأقل قدرة على المساهمة في إعادة بناء البلاد.
- ضعف التماسك الاجتماعي: أدى تفكك الأسر إلى ضعف الروابط الاجتماعية وتآكل القيم والمبادئ التي كانت تربط أفراد المجتمع.
- تزايد الفقر والبطالة: ساهم تفكك الأسر في زيادة معدلات الفقر والبطالة، حيث فقد الكثير من الأسر معيلها الرئيسي، مما أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية.
- تأثير على الهوية الوطنية: أدى النزاع والتفكك الأسري إلى فقدان الكثير من السوريين لهويتهم الوطنية وشعورهم بالانتماء إلى بلد واحد.
- تزايد العنف ضد المرأة والأطفال: عانت النساء والأطفال بشكل خاص من آثار الحرب والتفكك الأسري، حيث تعرضوا للعنف والاستغلال.
كما أن هناك آثارا بعيدة المدى تتمثل بـ:
- جيل ضائع: قد يؤدي تفكك الأسر إلى ظهور جيل ضائع، يعاني من صعوبات في التأقلم مع الحياة ويعاني من مشاكل نفسية واجتماعية.
- تحديات في إعادة الإعمار: قد يصعب إعادة بناء المجتمع السوري بعد الحرب في ظل وجود جيل يعاني من آثار نفسية واجتماعية عميقة.
إن تفكك الأسرة في سورية هو أحد أكبر التحديات التي تواجه المجتمع السوري. وللتغلب على هذه المشكلة، يجب العمل على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأسر المتضررة، وتوفير فرص العمل والتعليم، وتعزيز التماسك الاجتماعي. كما يجب على المجتمع الدولي مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري، والعمل على إيجاد حل سياسي للأزمة السورية. حيث يقدر عدد السوريين النازحين واللاجئين بأكثر من 13 مليون شخص. كما يقدر عدد الأطفال الذين فقدوا أحد والديهما أو كليهما بأكثر من مليون طفل. حيث ارتفعت معدلات الزواج المبكر بشكل كبير بين الفتيات السوريات، خاصة في مخيمات اللجوء.
على أنه من الصعب الحصول على إحصائيات دقيقة حول التفكك الأسري في سورية، نظراً لطبيعة النزاع والصعوبات في جمع البيانات، لكن ممايظهر فإن الفقر في سورية يبلغ حوالي 93% من السوريين حيث يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من 70% منهم تحت خط الفقر المدقع،
خاتمة:
بهذا المقال حاولنا تقديم صورة مجملة عن التفكك الأسري وخطورته على الأسر السورية، وعليه فإننا نقترح في مكتب شؤون الأسرة لـ تيار المستقبل السوري جملة من التوصيات التي نراها مفيدة لحماية الأسر السورية من التفكك:
- حماية حقوق الطفل:
- أ. ضمان حق الطفل في العيش مع أسرته قدر الإمكان، وتوفير الرعاية البديلة المناسبة في حالة عدم القدرة على ذلك.
- ب. حماية الأطفال من جميع أشكال العنف والاستغلال والإهمال.
- جـ. ضمان حق الطفل في التعليم والصحة والرعاية الصحية.
- حماية حقوق المرأة:
- أ. مكافحة العنف ضد المرأة، بما في ذلك العنف الأسري.
- ب. تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً.
- جـ. ضمان المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات.
- الحق في الإسكان والخدمات الأساسية:
- أ. توفير الإسكان الملائم للأسر المتضررة من النزاع.
- ب. ضمان الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي والرعاية الصحية.
- الحق في العمل والاجتماع:
- أ. دعم سبل العيش المستدامة للأسر.
- ب. توفير فرص العمل وتدريب المهارات.
- جـ. الحماية من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية:
- د. حماية جميع أفراد الأسرة من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة.
- الحق في لم شمل الأسرة:
- عبر تسهيل إجراءات لم شمل الأسر التي تفرقت بسبب النزاع.
- التعاون الدولي:
- أ. تعزيز التعاون بين الدول لتقديم المساعدات الإنسانية والقانونية للأسر السورية.
- ب. دعم جهود إعادة الإعمار وتوفير فرص العمل.
تبدو أهمية هذه التوصيات بحسب رؤية تيار المستقبل السوري بالحفاظ على تماسك المجتمع، فالأسر هي حجر الزاوية في المجتمع، وحمايتها تساهم في استقرار المجتمع ككل.
كما أن الأطفال هم الأكثر تضرراً من النزاعات، وحمايتهم تضمن لهم مستقبلاً أفضل.
وأيضا تطبيق هذه التوصيات يساهم في تعزيز احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي.
حماية الأسر السورية من التفكك تتطلب جهوداً مشتركة من قبل المجتمع الدولي وسلطات الأمر الواقع والمنظمات الإنسانية. من خلال تطبيق هذه التوصيات، يمكن المساهمة في بناء مستقبل أفضل للأسر السورية.
مكتب شؤون الأسرة
وهيبة المصري
مقالات
تيار المستقبل السوري