اللاجئون ودورهم في نهوض الاقتصاد السوري
مقدمة:
يلعب اللاجئون السوريون دورًا مهمًا في النهوض الاقتصادي لسورية بعد انتهاء الصراع، ولكن ماذا قبل انتهاء الصراع؟
هناك بعض بعض النقاط الرئيسية التي يملكها اللاجئون لمساندة الاقتصاد السوري، منها:
- المهارات والخبرات: فالعديد من اللاجئين السوريين اكتسبوا مهارات وخبرات جديدة خلال فترة نزوحهم، سواء في البلدان المضيفة أو من خلال برامج التدريب والمشاريع الصغيرة التي يديرونها، هذه المهارات يمكن أن تكون مفيدة في إعادة بناء الاقتصاد السوري.
- الاستثمار في إعادة الإعمار: إذ بعض اللاجئين قد يكون لديهم القدرة على جذب الاستثمارات أو حتى الاستثمار بأنفسهم في مشاريع إعادة الإعمار، مما يساهم في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.
- اللاجئون: يمكن أن يساهموا في سد الفجوات في سوق العمل السوري، خاصة في القطاعات التي تحتاج إلى عمالة ماهرة وغير ماهرة، هذا يمكن أن يساعد في تسريع عملية إعادة البناء وتحسين الإنتاجية.
- التجارة والأعمال: إذ اللاجئون الذين يديرون أعمالًا صغيرة في البلدان المضيفة يمكن أن ينقلوا هذه الأعمال إلى سورية، مما يعزز النشاط التجاري ويساهم في تنويع الاقتصاد.
- برامج التعليم والتدريب: التي تلقاها اللاجئون يمكن أن تكون مفيدة في تحسين مستوى التعليم والتدريب المهني في سورية، مما يعزز من قدرة القوى العاملة على تلبية احتياجات السوق المتغيرة.
ولتحقيق هذه الفوائد، يجب أن تكون هناك سياسات داعمة من الحكومة السورية والمجتمع الدولي لتسهيل عودة اللاجئين وتوفير بيئة مستقرة وآمنة لهم.
تحديات وصعوبات:
إن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم وتأثيرهم الإيجابي في الاقتصاد يواجه العديد من الصعوبات والتحديات، منها:
- الأمان والسلامة: العديد من اللاجئين يخشون العودة بسبب المخاوف الأمنية، مثل الاعتقال التعسفي، التعذيب، والاختفاء القسري. حيث ذكرت تقارير حقوقية إلى أن العائدين يواجهون مخاطر كبيرة على حياتهم وسلامتهم.
- الوضع الاقتصادي: الاقتصاد السوري يعاني من تدهور شديد، مما يجعل من الصعب على العائدين تأمين احتياجاتهم الأساسية مثل السكن، الغذاء، والعمل.
- البنية التحتية المدمرة: الحرب دمرت الكثير من البنية التحتية في سورية بما في ذلك المنازل، المدارس، والمستشفيات، مما يجعل من الصعب على العائدين إعادة بناء حياتهم.
- نقص حاد في الخدمات الأساسية: مثل الكهرباء، المياه، والرعاية الصحية، مما يزيد من صعوبة الحياة اليومية للعائدين.
- الضغوط النفسية والاجتماعية: العائدون يواجهون تحديات نفسية واجتماعية كبيرة، بما في ذلك التكيف مع الحياة في بيئة مدمرة واستعادة الروابط الاجتماعية التي قد تكون تضررت بسبب النزاع.
- القيود القانونية والإدارية: بعض اللاجئين يواجهون صعوبات في استعادة وثائقهم الرسمية أو تسجيل ممتلكاتهم، مما يعقد عملية العودة والاستقرار.
إن هذه التحديات وغيرها تجعل من عودة اللاجئين إلى سورية عملية معقدة وصعبة، وتتطلب جهودًا كبيرة من المجتمع الدولي والنظام السوري بالخصوص لتوفير بيئة آمنة ومستقرة للعائدين.
المساهمة من الخارج:
اللاجئون السوريون يمكنهم المساهمة في الاقتصاد دون الحاجة إلى العودة إلى سورية من خلال عدة طرق:
- العمل في البلدان المضيفة: العديد من اللاجئين يعملون في قطاعات مثل البناء، الزراعة، والطبابة وغيرها في البلدان المضيفة. هذا إذا جُير بشكل وطني مدروس يمكن أن يساهم في الاقتصاد المحلي عبر شراكات من خلال زيادة الإنتاجية وتلبية احتياجات سوق العمل.
- إدارة الأعمال الصغيرة: بعض اللاجئين يديرون مشاريع صغيرة مثل المتاجر والمصانع عبر شركاء بالداخل، إضافة لمشاريعهم بدول اللجوء، مما يساهم في خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النشاط الاقتصادي في المجتمعات المضيفة، وبالتالي يمكن الاستفادة من هذه التجربة وتسليط الضوء عليه.
- التعليم والتدريب: اللاجئون الذين يحصلون على تعليم وتدريب في البلدان المضيفة يمكنهم نقل هذه المهارات إلى مجتمعاتهم، مما يعزز من قدراتهم ويساهم في التنمية الاقتصادية على المدى الطويل.
- التحويلات المالية: اللاجئون الذين يعملون في الخارج يرسلون تحويلات مالية إلى أسرهم في سورية، مما يساعد في دعم الاقتصاد المحلي وتلبية احتياجات الأسر الأساسية.
- المشاركة في التجارة: بعض اللاجئين يشاركون في التجارة بين البلدان المضيفة وسورية، مما يعزز العلاقات التجارية ويساهم في تنمية الاقتصادين معًا.
هذه الجهود يمكن أن تكون لها تأثيرات إيجابية كبيرة على الاقتصاد، سواء في البلدان المضيفة أو في سورية على المدى الطويل. كما هناك عدة طرق إضافية يمكن للاجئين السوريين من خلالها المساهمة في الاقتصاد السوري دون الحاجة إلى العودة الفورية:
- العمل عن بُعد: يمكن للاجئين الذين يمتلكون مهارات في مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات، التصميم، والكتابة العمل عن بُعد لصالح شركات سورية أو مشاريع تنموية، مما يساهم في الاقتصاد المحلي دون الحاجة إلى التواجد الفعلي في سوريا.
- التعليم والتدريب عبر الإنترنت: أيضا يمكن للاجئين تقديم دورات تدريبية وتعليمية عبر الإنترنت للسوريين داخل البلاد، مما يساعد في رفع مستوى المهارات والمعرفة لدى القوى العاملة المحلية.
- الاستثمار في المشاريع الصغيرة: وهو ماننصح به كثيرا، إذ يمكن للاجئين الذين لديهم القدرة المالية الاستثمار في مشاريع صغيرة داخل سورية، سواء بشكل مباشر أو من خلال شراكات مع رواد أعمال محليين، مما يساهم في خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي.
- التواصل والشبكات: يمكن للاجئين استخدام شبكاتهم الدولية لجذب الاستثمارات والمساعدات إلى سورية، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات التجارية بين سورية والدول المضيفة.
- المشاركة في المنظمات غير الحكومية: يمكن للاجئين العمل مع المنظمات غير الحكومية التي تركز على إعادة الإعمار والتنمية في سورية، مما يساهم في تحسين الظروف المعيشية والاقتصادية للسوريين داخل البلاد.
هذه الجهود يمكن أن تكون لها تأثيرات إيجابية كبيرة على الاقتصاد السوري، حتى في ظل الظروف الصعبة الحالية، وبالتالي فإننا في المكتب الاقتصادي لـ تيار المستقبل السوري نحاول تسليط الضوء على هذا الجانب المهم.
سلطات الأمر الواقع ودورها:
من المهم أيضا الاهتمام بدور سلطات الأمر الواقع في سورية بعيدا عن أي استغلال سياسي في تمكين اللاجئين للمساهمة في النهوض الاقتصادي يتطلب عدة خطوات وإجراءات:
- توفير الأمان: إذ يجب على السلطات ضمان بيئة آمنة ومستقرة للعائدين، حيث أن الأمان هو العامل الأساسي الذي يشجع اللاجئين على العودة والمساهمة في إعادة بناء الاقتصاد.
- الاستثمار في إعادة بناء البنية التحتية الأساسية: مثل الطرق، المدارس، والمستشفيات، مما يسهل على العائدين بدء حياتهم من جديد والمساهمة في الاقتصاد المحلي.
- تبسيط الإجراءات القانونية والإدارية: لاستعادة الوثائق الرسمية وتسجيل الممتلكات، مما يساعد اللاجئين على استعادة حقوقهم وممتلكاتهم بسرعة.
- تقديم الدعم المالي والتقني: للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يديرها اللاجئون، مما يعزز من قدرتهم على خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي، وقد قدمنا دراسة سابقة في مكتبنا يجدر الاطلاع عليها للمهتمين، بعنوان: (المشاريع الصغيرة حاجةٌ متروكة).
- توفير برامج تعليمية وتدريبية: لتأهيل اللاجئين بالمهارات اللازمة لسوق العمل، مما يزيد من فرصهم في الحصول على وظائف ويساهم في تحسين الإنتاجية.
- العمل مع المنظمات الدولية: لتوفير الدعم المالي والتقني اللازم لبرامج إعادة الإعمار والتنمية، مما يضمن استدامة الجهود المبذولة في هذا المجال.
إن هذه الإجراءات ضرورة، ويمكن أن تسهم بشكل كبير في تمكين اللاجئين من لعب دور فعال في النهوض بالاقتصاد السوري.
خاتمة:
شكلت الأزمة السورية تحدياً كبيراً على جميع المستويات، بما في ذلك الاقتصاد. ومع ذلك، يحمل عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم إمكانيات كبيرة لإعادة إحياء الاقتصاد وتنشيطه.
إن عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم تمثل فرصة حقيقية لإعادة بناء سورية وتطوير اقتصادها. ومع ذلك، فإن هذه العملية تتطلب تضافر الجهود وتعاون جميع الأطراف المعنية، سواء كانت حكومية أو دولية أو مجتمع مدني.
كما من الضروري أن يتم إيلاء إفادة اللاجئين في الوقت الراهن أولوية هامة ناحية إشراكهم في تسيير العجلة الاقتصادية في سورية، والتي يمكن إن قُيض لها اهتمام حكومي لدى سلطات الأمر الواقع أن يُرفع كثير من الحيف الاقتصادي على شعبنا السوري بالداخل.
المكتب الاقتصادي
فريق البحث
قسم البحوث والدراسات
دراسات
تيار المستقبل السوري
المراجع:
- التمكين الاقتصادي للاجئين السوريين – مركز حرمون للدراسات المعاصرة.
- قدرة اللاجئين السوريين على العودة الى ديارهم: تحليل اقتصادي واجتماعي.
- World Economic Forum.
- How refugees can contribute to Syria’s future | World Economic Forum.
- Economic Burden or Opportunity? How Syrian Refugees Can Contribute to ….
- The economic impacts of the Syrian refugee migration on Jordan: A trade ….
- حياة أشبه الموت”: عودة اللاجئين السوريين من لبنان والأردن | HRW.
- ما الذي يعيق عودة اللاجئين السوريين من لبنان لبلدهم؟.
- عالقون بين حربين… الخطر المحدق بعودة اللاجئين السوريين من لبنان.
- بعد تصاعد الحديث عن إعادتهم.. هل يرجع اللاجئون السوريون إلى بلدهم ….
- اللاجئون السوريون: هل باتت الظروف مواتية لعودتهم من لبنان إلى بلادهم ….
- المشاريع الصغيرة حاجةٌ متروكة” في: