الاعتراف بالسرطان الاقتصادي بداية العلاج
تتفق الدراسات الاقتصادية حول سورية باستمرار الوضع الاقتصادي في التدهور، إذ المتوقع أن يستمر الاقتصاد السوري في الانكماش، مع تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تقارب 1.5% في عام 2024، بعدما وصل للحضيض في تدهور سابق تجاوز ٣٪، ومما يزيد السوء أنه يعيش أكثر من ٩٠٪ من السوريين في فقر مدقع، مع توقع استمرار تدهور الأوضاع المعيشية. مع ما يعانيه الاستثمار الخاص من ركود بسبب عدم الاستقرار الأمني والضبابية في المشهد الاقتصادي.
كما تستمر الأسعار في الارتفاع، مما يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للمواطنين, وتعاني سورية من أزمة طاقة حادة، مما يؤثر سلبًا على جميع القطاعات الاقتصادية، في حالة من التشاؤم التي تصيب المواطن السوري من إمكانية النهضة الاقتصادية بسبب هذا الواقع الصعب والسيء.
أسباب ومآلات:
أدى النزاع الدائر في سورية إلى تدمير البنية التحتية وتشريد الملايين، مما أثر بشكل كبير على الاقتصاد، كما فرضت عقوبات اقتصادية على سورية، مما حد من قدرتها على الحصول على المساعدات الدولية، إضافة إلى سياسة النظام السوري في العديد من القرارات الاقتصادية غير المدروسة التي اتخذها، مما أدى إلى تفاقم الأزمة.
كل هذه الأسباب وغيرها تجعلنا ننظر لمآلات تشاؤمية للوضع الاقتصادي السوري، ولعل أبرز هذه المآلات:
- استمرار التحديات، فمن المتوقع أن تستمر التحديات الاقتصادية في سورية في ظل غياب حل سياسي للأزمة.
- يتطلب تحسين الوضع الاقتصادي في سورية إجراء إصلاحات جذرية في القطاعات المختلفة، وهذا يحتاج جهودا ودراسات كبيرة.
- تحتاج سورية إلى دعم المجتمع الدولي لإعادة إعمار البلاد ومساعدتها على التعافي، وهذا يعني سياسة تصفير المشاكل، ولكن مع تناقض التدخل الدولي وارتهان النظام السوري لمحور المقاومة، ووجود قوى أخرى تُشكل مشكلة بين سورية وبعض الدول الكبرى أو الاقليمية، ممايعني صعوبة في الاستفادة من هذا الدعم.
خاتمة:
من خلال ما سبق يظهر أن الواقع السوري الاقتصادي في درك التقييمات العالمية، إضافة لمشاكل أحاطت بالواقع الاقتصادي لتزيده انحداراً وتدهوراً، مثل تأثير الحرب وعدم الوصول لحل سياسي على الاقتصاد السوري. ومثل تأثير العقوبات على المواطنين السوريين قبل النظام السوري، وكذا فشل كل جهود إعادة الإعمار في سورية، وأخيرا وليس آخرا توقعات صندوق النقد الدولي للاقتصاد السوري المفزعة.
كل ذلك يجعلنا نوصي في المكتب الاقتصادي لِـ تيار المستقبل السوري بما يلي:
- الاعتراف بالواقع الاقتصادي المتدهور وعدم المكابرة بأن سورية ليست من الدول الفقيرة.
- العمل ضمن خطط مدروسة بالتعاون مع المجتمع الدولي ضمن منظور انهيار الاقتصاد السوري، للقيام بمشاريع تنموية وليس مشاريع خدمية مكلفة يمكن تجاوزها.
- العمل على الحل السياسي الشامل واعتباره منطلق الاصلاح الاقتصادي.
إن الواقع الاقتصادي في سورية يحتاج علاجا طويل الأمد، والاعتراف بالمرض الخطير والسرطاني هو الخطوة الأولى نحو العلاج طويل الأجل، وإلا فسنبقى في المراهنة على حلول ترقيعية تزيد التدهور تعمقا، وتبتعد بنا عن العلاج الحقيقي.
جاكلين ك الشامي
المكتب الاقتصادي
قسم البحوث والدراسات
مقالات
تيار المستقبل السوري